بعينين بنيتين وملامح طفولية ونظرة هادئة حالمة، تحول الفتي صلاح عبد السلام البالغ من العمر ستة و عشرين عاما الي المطلوب رقم واحد لدي أجهزة الأمن والاستخبارات بدول الاتحاد الاوروبى الثمانية والعشرين بعدما أكدت التحقيقات تورطه كأحد العقول المدبرة لهجمات باريس الإرهابية . الشاب صاحب العود النحيل الذي تحول الي أسوأ كابوس تطارده أجهزة الأمن بعد صدور مذكرة اعتقال أوروبية بحقه كان السبب المباشر في تحول العاصمة البلجيكية بروكسل مؤخرا الي مدينة أشباح بعد تبين أنه لم يغادر - علي الأرجح - بلجيكا عموما وبروكسل بشكل خاص كما أنه يحتفظ بعدد من الأحزمة الناسفة بعد نجاحه في العودة من باريس الي بلجيكا بمعاونة اثنين من أصدقائه هما " محمد العمري " و" حمزة عطو " اللذين تم اعتقالهما وأرشدا عن تفاصيل عملية انتقامية يسعي " صلاح " لتنفيذها تستهدف أحد التجمعات الكبري للمدنيين "الأبرياء" في قلب المملكة البلجيكية . الاجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات الفيدرالية غير مسبوقة وأصبحت حديث العالم : نزول الجيش الي الشوارع، اغلاق جميع محطات المترو والمراكز التجارية الكبري بالعاصمة، رفع درجة التأهب الي المستوي الرابع ، تعليق مؤقت للدراسة والمباريات الكروية والأنشطة ذات التجمعات الكبري ، مناشدة المواطنين البقاء بمنازلهم و عدم الاستماع الي الشائعات و أخذ معلوماتهم من المصادر الرسمية فقط ! السؤال : من هو صلاح هذا الذي جعل الاستخبارات الاوروبية لا تنام ما دام هو طليق السراح كما جعل بلجيكا تتوقع " مصيبة " علي غرار مذبحة باريس بأي وقت أو علي حد تعبير الهيئة الوطنية لتنسيق مستوي التهديدات " خطر وشيك وتهديد جدي للغاية " ؟ ينحدر صلاح من أصول مغربية حيث حصل علي الجنسية الفرنسية نتيجة الميلاد بفرنسا هو و شقيقاه محمد و ابراهيم علما بأن الأخير هو ضمن أحد المشاركين في تنفيذ هجمات باريس وقام بتفجير نفسه عند بوابة استاد " دو فرانس " . ومثل كثير من " الفرنسيين - المغاربة "، جاء الاشقاء الثلاثة الي حي مولنبييك الشعبي بوسط بروكسل - لا يبعد سوي ساعة بالقطار عن باريس - والذي تقطنه أعلبية ساحفة من المهاجرين العرب والمغاربة تحديدا حتي ليبدو لك حيا اسلاميا تماما من حيث انتشار اللغة العربية و الحجاب و المساجد . المدهش أنه و طبقا لتأكيدات جيران عرب لصلاح و ابراهيم أنهما لم يبد عليهما أي مؤشرات تدل علي تبنيهما الفكر المتشدد سواء في مظهرهما أو سلوكهما وانما العكس تماما هو ما كان يحدث ! امتلك الثلاثة حانة تسمي " لي بيغنر " و لم تكن ستارا فقد اعتاد الناس رؤية صلاح و ابراهيم و هما يتعاطيان المخدرات " القنب الهندي بالذات " و يفرطان في تناول المشروبات الكحولية و العودة من السهرات الطويلة في عطلة نهاية الاسبوع بصحبة فتيات ! عمدة حي مولنبيك السيدة فرانسواز شيمانس تواجه - بسبب الاشقاء عبد السلام - اتهامات قوية بالفشل في سياسة ادماج المهاجرين في المجتمع البلجيكي و عدم السيطرة علي خطاب الكراهية و التطرف لدي العرب الوافدين لا سيما الشباب الغاضب بسبب عدم وجود فرصة عمل في حي فقير شعبي يتسم بالكثافة السكانية العالية. و اضطرت المسئولة التي تنتمي الي حزب اصلاحي لا يعادي المهاجرين و الاجانب الي الدفاع عن نفسها قائلة : صلاح و ابراهيم عبد السلام ليسا من متسكعي الشوارع و لا العاطلين عن العمل و منحت أسراتهما مسكنا لائقا و يعيشان في مستوي اجتماعي جيد و مع ذلك انخرطا في الانشطة الراديكالية و الارهابية " . الأخ الأوسط محمد عبدالسلام الذي لم يتورط كشقيقه الاكبر ابراهيم أو الاصغر صلاح في أنشطة ارهابية ظهر علي احدي شاشات التلفزة المحلية قائلا: أنا متأكد أن أخي حسن النية وشخص جيد . لكن ربما يكون هناك من قام بعملية غسيل مخ له . أود أن أناشده بتسليم نفسه ومكنه التعاون مع السلطات . نريد أن نراه في السجن فهذا افضل من أن نراه في المقبرة ! " . وتشن السلطات في العاصمة البلجيكية حملة مداهمات غير مسبوقة بهدف اصطياد صلاح، غير أن خروج النائب العام البلجيكي أثناء ما وصف ب " مؤتمر منتصف الليل الصحفي " مؤخرا ليؤكد عدم العثور عليه في عدة عمليات منسقة بأكثر من حي أصابت الرأي العام بالاحباط، حيث أدرك سكان العاصمة أن عليهم التعايش ولو الي حين مع حلقة جديدة من كابوس مرعب عنوانه : صلاح !