يبدو أن يد الإرهاب تنتقل سريعًا من فرنسا إلى بلجيكا، وهو ما دفع السلطات البلجيكية إلى رفع مستوى الإنذار الإرهابي إلى أقصى درجة في بروكسل، خاصة بعد ورود أنباء شبه مؤكدة عن تنفيذ هجمات إرهابية تشبه تلك التي وقعت في باريس منذ أسابيع قليلة. شلل كبير في مرافق البلاد ورعب وخوف وبلبلة، دفعت الكثير من الشعب البلجيكي إلى التزام منازله، حيث رفعت السلطات البلجيكية مستوى الإنذار الإرهابي إلى أقصى درجة في بروكسل، وعمدت السلطات في خطوة غير مسبوقه وبعد رفع مستوى الإنذار، إلى إغلاق كل محطات المترو وسط انتشار لجنود الحراسة في معظم مناطق العاصمة بروكسل، التي يقطنها نحو 1.2مليون نسمة، وتضم مقرات الاتحاد الأوروبي ومقر الناتو، ونصح مركز الأزمات المواطنين بتجنب الأماكن المزدحمة مثل مراكز التسوق والأحداث الرياضية أو محطات المواصلات العامة، كما أغلقت المتاجر ومتاحف المدينة والكثير من دور السينما والمراكز الرياضية أبوابها وتم إلغاء فعاليات فنية. إغلاق محطات مترو الأنفاق وإن كانت خطوة أحبطت آمال الكثير من الشعب البلجيكي وأحدثت إرباكًا كبيرًا لكثير من المسافرين، إلا أنها تأتي في الوقت الذي تبحث فيه الشرطة عن "صلاح عبد السلام" الذي يتصدر قائمة المطلوبين لدى السلطات البلجيكية، والذي يعد شقيقا ل"إبراهيم عبد السلام"، أحد منفذي التفجيرات الانتحارية في باريس، ونشرت أجهزة الأمن معلومات عن شخصية "صلاح عبد السلام" تبين منها أنه كان يشتغل فنيًا داخل مترو الأنفاق في بروكسل بين العامين 2009 و2011، الأمر الذي يدل على معرفته جيدًا بخطوط ومسارات المترو بمختلف أنواعها، وهو ما يجعل التهديد الإرهابي يتجه إلى مترو الأنفاق أولًا. من جانبها، سارعت القيادة الأمريكية في أوروبا إلى فرض قيود لمدة 72 ساعة على السفر إلى بروكسل لجميع العسكريين الأمريكيين وموظفي وزارة الدفاع "البنتاجون" المدنيين والمتعاقدين، وأفراد عائلات العاملين بالقيادة ومن يعولونهم، كما حثت الأمريكيين المتواجدين هناك، على البقاء في المنازل. بررت الحكومة البلجيكية إجراءاتها الغير مسبوقة والتي أدت إلى ما يشبه حظر تام في البلاد، إلى وجود دليل قوي على هجوم إرهابي محتمل يتم خلال استخدام أسلحة ومتفجرات، حيث تحدث رئيس الوزراء البلجيكي "شارل ميشيل"، عن أن الحكومة لديها دليلًا قويًا على هجوم إرهابي محتمل، وهو ما دفعها إلى رفع مستوى التهديد من الأعمال الإرهابية إلى المستوى الرابع، وهو أعلى مستوى في بروكسل، وحسب رئيس الوزراء فإن الحكومة ستعيد تقييم الوضع بعد ظهر اليوم الأحد، مع العلم بأن توصيات مركز الأزمات التابعة لمجلس الوزراء ستبقى شبكة قطارات الأنفاق مغلقة حتى ذلك الحين، الأمر الذي يشير إلى خطورة التهديدات. وقال وزير الخارجية البلجيكى "ديدييه ريندرز"، "لدينا معلومات كافية للحكم بان الخطر واضح ووشيك"، ومن جانبه، قال وزير الداخلية "جان جامبون"، "إن التهديد كاف إلى الدرجة التي تم معها رفع مستوى الاستعداد لعمل إرهابي إلى المستوى الرابع"، وعقد مجلس الأمن القومي اجتماعًا طارئًا صباح السبت الماضي في بروكسل، بحضور مسئولين بالحكومة البلجيكية وقادة الشرطة وقوات الأمن لبحث امكانية اتخاذ خطوات أخرى. في إطار الرعب والفزع الذي اجتاح السلطات البلجيكية، بدأت عمليات مداهمة الشرطة لبعض الأحياء وعلى رأسها حي "مولنبيك"، حيث كشف وزير الداخلية "جان جامبون"، أن وزارة الداخلية تنوي تفتيش جميع الشقق في منطقة مولنبيك في بروكسل، التي يقطنها العديد من المهاجرين، حيث يعيش 85 شخصًا من المقاتلين الأجانب العائدين من سوريا، كما أن "مولنبيك" كان يقطنها أحد الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في باريس في 13 نوفمبر الجاري، وهو "إبراهيم عبد السلام". بالفعل بدأت الشرطة البلجيكية مداهماتها في الحي المشتبه به، حيث كشفت وسائل إعلام أن الشرطة عثرت في بروكسل على ورشة سرية لتصنيع المتفجرات ومخبأ ضخم للأسلحة والذخيرة، وأوضحت القناة البلجيكية أن اكتشاف المخبأ حصل أثناء عملية المداهمة التي أجرتها الشرطة الجمعة الماضية في حي "مولنبيك" في بروكسل، مضيفة أن عبوات ناسفة جاهزة تم ضبطها في المخبأ. الهجمات الإرهابية التي وقعت في باريس لم تكن بلجيكا بمنأى عنها، خاصة بعد أن كشفت التحقيقات أن اثنين من الانتحاريين الذين نفذوا الهجمات الباريسية كانوا يعيشون في بروكسيل، فالسلطات الفرنسية قالت إن الهجمات خطط لها في بروكسل البلجيكي "عبد الحميد أبا عود"، كما كشفت اعترافات الموقوف في الهجمات الإرهابية في باريس "حمزة عتو" الذي عبر مع "صلاح" حدود فرنسا إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، أن "صلاح" اتصل بزميليه "حمزة عتو" و"محمد عمري" وطلب منهما الحضور من بروكسل في سيارة، لكي يساعداه على مغادرة العاصمة الفرنسية باريس، كما قال "حمزة" إن سلوك "صلاح" وهو في السيارة أثناء رحلة العبور يدل على توتر أعصابه، ويحتمل أن يكون مرتديًا حزامًا ناسفًا.