إن لم تكن هذه اللحظات المصيرية هي الأدعي للالتفاف حول حماية هذا الوطن، فمتي تكون؟ إن لم تكن هذه اللحظات المصيرية التي تستدعي أن يقدم كل واحد منا الأقصي والأفضل فيما يستطيعه فمتي تكون؟ إن لم تكن المخاطر التي تهدد بلدنا هي التي تستدعي فداءه بأي ثمن فمتي تكون؟ الذين أعطاهم هذا الوطن خيراته بلا حدود، وبلا دفع استحقاقاتها الحقيقية أو بدفعها، أليس أوان رد الفضل والجميل والتكاتف لدفع الخطر، وتخفيف الخطر والتحديات.. لا أصدق أن من ينتمي انتماء حقيقيا لهذا الوطن، ومهما اختلف يستطيع أن يتنادي ويدعو لشق الصف، ويدعو لمظاهرات واعتصامات، أو يمد يده ليشعل نارا، أو يثير فوضي واضطرابا، أو إيقاف سعي جاد ومخلص لحماية أمنه واستقراره، وإيقاف استكمال المخطط الشيطاني الذي يمثل كسر مصر وإرادة وثورة شعبها قلبه وضمان إنفاذه أو جائزته الكبري كما عرفت خطة إسقاط مصر في مخطط الفوضي أو العنف الخلاق. إنها رسالة أرجو أن يحملها بقوة إعلام وطني جاد، موضحا أكثر، وكاشفا وثائق الخطر الدامغة، وحيث أصبحت المعادلة واضحة منذ 30/6 و3/7؟ إما إيقاف مصر وكسر إرادة شعبها وثورته، أو فشل كل ما رتبوا ودبروا وخططوا وأنفقوا وصنعوا واستخدموا من تطرف وإرهاب، وجماعات فاشية وإرهابية تعمل بالوكالة لتنفيذ مخططهم الشيطاني للمنطقة. إنهم علانية وبتبجح نادر يعطون أنفسهم حق إعلان أن الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهي إلي الأبد، وأن دولا مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن لن تعود أبدا إلي الحدود التي كانت عليها، وأن الشرق الأوسط لن يستقر إلا علي تقسيمات وحدود جديدة لا علاقة لها بما شهدته المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، وعادت تتكرر مطالبات العدو الصهيوني المحرك الأصلي والأخطر لتقوم الإدارة الأمريكية بإنجاز مشروع الأوطان البديلة وسيناء قبل تجاوز عام 2016، ما يجب ألا ينساه جميع شركاء مخطط العنف الخلاق أن مصر لم تكن أبدا وليدة تقسيمات استعمارية، أو صنيعة صراعات دولية أو إقليمية، أو زراعة من لا يملك لكيان شيطاني في أرض ووجود شعب مستقر!!. لا أريد أن أعيد ما نعيشه ونشهده من أخطار وتهديدات، وما يتواصل تكشفه من ترتيبات شيطانية لإنفاذ واستكمال ما أعدوه للمنطقة، وما أوقفه المصريون بما فعلوه بدعم من جيشهم الوطني في 30/6 و3/7، ومع ذلك لم يتوقفوا.. كان الحدث الذي أنذر بنهاية فعلية تدعم وتحمي وتستكمل ما فعله المصريون هو ظهور روسيا في المنطقة والجسور القوية التي امتدت بينها وبين مصر، وكل ما تعنيه من تجديد للروابط التاريخية، وتمثله من مخاطر علي الكيان الصهيوني، وعلي المخطط الاستعماري الأمريكي الغربي الصهيوني، ومن دعم لقوة مصر ولدولة 30/6 واندفاعها لبناء مصر الجديدة،. واستنهاض قواها الذاتية، وجمع شمل الصف العربي، وإحياء مشروعها النووي السلمي، وحربها علي الإرهاب وجماعته، وسائر أدوات تنفيذ مخطط العنف الخلاق، وكسر احتكار السلاح، واستقلال وسيادة القرار المصري. لقد تحول قدوم روسيا ومد الجسور مع مصر إلي كابوس ثقيل يضع كلمة النهاية لكل أحلامهم وأوهامهم ومخططاتهم الشيطانية، فمن الذي لا يتوقع ترصد واستهداف هذا الوجود، وهذه الجسور؟! ما كان وما حدث.. وكيف دبر وأدير حادث الطائرة الروسية وراح ضحيته هذا العدد الضخم من أبناء شعب صديق، وما ستكشف عنه التحقيقات، وكما أعلن الرئيس سيلعن بكل مصداقية وشفافية ولن ينجو مخطئ، أو يفلت مقصر من عقاب، وما حدث في باريس يثبت إمكان استغلال ثغرات في نظم التأمين مهما بلغت دقتها، وإن كان هذا لا يمنع المحاسبة علي عدم توفير أعلي درجات التحوط، ومعدلات الأمان، وللأسف أن عدم وجود أجنحة إعلامية قوية لمصر في الخارج لم يتح تعريف الشعب الروسي بقدر مشاعر الحزن التي حدثت في مصر. كما كتبت الأسبوع الماضي في مثل هذه الأيام من شهري نوفمبر وديسمبر، اللذين دارت فيهما وقائع العدوان الثلاثي علي مدينتي بورسعيد عام 1956، والذي بدأ بالقصف الجوي علي المدينة الاثنين 29 أكتوبر، أستعيد مع كثير من أبناء المدينة، وفي مقدمتهم واحد من أعظم رموز المقاومة والنصر.. البطل محمد مهران، الكثير من مدهشات المقاومة علي ما ارتكب بحق المدينة وأبنائها من أحداث تجسد خسة ونذالة المعتدين، واحدة منها ما قامت به قوات الغزو البريطانية من مساومة ابن بورسعيد وبطلها علي بصره مقابل إدلائه بكل ما لديه من معلومات عن الفدائيين وفرق المقاومة الشعبية، وعندما رفض نقلوه إلي قبرص حيث أجروا الجراحة التي أفقدته البصر إلي الأبد، في الأطلس التاريخي لبطولات شعب بورسعيد الذي أعده ابن بورسعيد ومؤرخها الكبير أ. ضياء القاضي، وراجعه أ. سامي هويدي يظهر حدثا وسط وقائع العدوان يحمل دلالات مهمة علي عمق العلاقات المصرية الروسية، وكيف رفعت الدبابات البريطانية أعلام مصر وروسيا لتستطيع أن تخدع المقاومة، وتخترق قلب المدينة التي استعصت علي الغزو، في تسجيل يوميات المعركة يقول الأطلس التاريخي لمعركة بورسعيد: في يوم الشهداء.. الثلاثاء السادس من نوفمبر 56 أنه عند مطلع الفجر بدأ السلاح الجوي البريطاني والفرنسي في قصف المدينة بطريقة مركزة، وبعدها قام الأسطول بقصف المدينة، فتم تدمير حي المناخ بالكامل، وأحرقت ودمرت منازل حي العرب علي امتداد شوارع توفيق وعبادي وعباس فشبت الحرائق، وانهارت المباني علي سكانها، واختلطت جثث الشهداء بأنقاض المباني، وفي تمام الساعة الحادية عشرة صباحا بدأ إنزال القطع البرمائية لاحتلال الشاطئ حاملة »الكوماندوز« البحريين، وتبعتها السفن المحملة بالدبابات تحت كثافة سحب الدخان الأسود التي غطت الشاطئ، واستغلها العدو في إنزال كتيبة من القوات البحرية الإنجليزية ودباباتها، وصعب صد هذا الهجوم الهائل بسبب تدمير بطاريات المدفعية الساحلية، واقترب الأسطولان البريطاني والفرنسي من رصيف ديليسبس، وأنزلت السفن البحرية الدبابات السنتريون الضخمة، والمصفحات إلي المدينة، وتخفي رجال المقاومة في زي رجال الإسعاف وأمطروهم بوابل من الرصاص، واحتل الإنجليز جميع عمارات طرح البحر بعد طرد سكانها، كما استولوا علي المدارس والفنادق داخل المدينة، وشوهد اشتراك قطع حلف الأطلنطي في هذا الهجوم البحري، وتقدمت قوات المظلات التي هبطت في مطار الجميل علي الساحل، والتقت القوتان تتقدمهما الدبابات، ورفعت علي أبراجها العلمين المصري والروسي لخديعة الشعب البورسعيدي، فالتف حولها المواطنون مرحبين ومهللين، وفجأة أطلقت مدافع هذه الدبابات النار عليهم، واستطاعت احتلال بعض الشوارع والميادين، واتجه بعضهم إلي كوبري الرسوة، وتقدموا إلي شارع محمد علي وكان ينتظرهم فوق أشجار حديقة الباشا أفراد المجموعة الثانية من الفدائيين التي قامت بفتح نيرانها فقضت تماما علي تلك القوات الغازية التي أرادت أن تتقدم من خلال خديعة رفع الأعلام المصرية والروسية علي دباباتها!!. سأعود مرة أخري بمشيئة الله لاقتطاف روائع المقاومة من صفحات الأطلس التاريخي لبطولات أبناء بورسعيد، لكن ما تبقي من مساحة يقتضي أن أتناول في ذكري انتصارات عظيمة حادثة مؤسفة ينشغل بها أبناء بورسعيد هذه الأيام، وهي هزيمة أستاذة محترمة، ومربية فاضلة وصدور أمر من مديرية التعليم بالمدينة بإخلاء منصبها كمديرة لمدرسة بورسعيد الثانوية للبنات، لأن المكان أصبح من حق مديرة أخري!! وبينما تُضرب ويشج رءوس معلمين وموجهين من أجيال منحرفة من الطلبة، تتمسك طالبات بورسعيد وأولياء أمورهن ببقاء أ. هدي صالح مديرة للمدرسة، وهو ما ترفضه مديرية التعليم متهمة الأستاذة المحترمة بأنها لم تتقدم لمسابقة أعلنت عنها المديرية لشغل مناصب مديري المدارس الخالية، وأن أ. هدي كانت تشغل منصبها بالندب وليس بالتعيين، بينما أ. هدي وهي ترقد مضربة عن الطعام بمستشفي المبرة ببورسعيد، تقدم من الأوراق ما يثبت صحة موقفها، وأن قرار المديرية تشوبه مغالطات قانونية، وفساد إداري في إدارة المسابقة!! ويحكي لي بعض أبناء بورسعيد أن أ. هدي كانت مدير عام لإدارة تعليم شمال بورسعيد، وأنها وقفت في وجه مجموعة من حيتان المال الذين أرادوا الاستيلاء علي أراضي تتبع التربية والتعليم ببورسعيد، فنقلها أو انتدبها المحافظ السابق اللواء سماح قنديل مديرة لمدرسة بورسعيد الثانوية للبنات، وأنهم من حوار مع وزير التعليم أ.د. الهلالي الشربيني أن مديريات التعليم بالمحافظات تتبع الوزارة، أما مدارس المحافظات فهي اختصاص المحافظين!! وأن محافظ بورسعيد اللواء مجدي نصر أرسل إلي المدرسة لجنة تحقيق انتهت بأحقية أ. هدي وسلامة أوراقها، ثم عاد المحافظ وأحال الأمر ثانية إلي تحقيق جديد انتهي إلي عدم أحقيتها، وأن إدارة المدرسة أصبحت من حق مديرة أخري!! وأن عمليات عنف صاحبت عملية إخلاء المدرسة واحتجاز للأستاذة آمال الشربيني وكيل شئون العاملين، وشج رأس أستاذ أول الرياضيات سيد عويضة، الذي حاول إيقاف المهزلة التي كانت تحدث داخل المدرسة لإخلاء أو إجلاء أستاذة محترمة لها من العمر في التعليم أربعة وثلاثون عاما، وإعادتها إلي وظيفة إدارية شغلتها قبل 21 عاما بإدارة شمال التي كانت مديرة لها قبل نقلها مديرة لبورسعيد الثانوية للبنات. أرجو من وزير التعليم أن يحيل الأمر كله إلي لجنة تحقيق محايدة ومستقلة عن جميع الأطراف التي تداخلت وشاركت الوقائع المؤسفة، سواء في المحافظة أو في مديرية التعليم. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد