المخاوف الأمنية التى قالت السفارة البريطانية إنها السبب فى تعليق أعمالها لماذا لم يحسوا بها فى ذروة الانفلات الأمني، وحرق أقسام الشرطة وإطلاق عشرات الآلاف من السجون قبل أن يسقط رأس النظام الأسبق ثم فى أثناء الاعتصامات والمظاهرات المسلحة لأعضاء جماعة الإخوان والجرائم الإرهابية التى ارتكبوها فى أغلب المحافظات وحرق المساجد والكنائس وتدمير الفنادق الكبري، وترويع المرضى والمستشفيات، والنسف المتكرر لخط الغاز والمذابح الجماعية للجنود والضباط فى سيناء وحرق أبراج الكهرباء وإلقاء القنابل على الكبارى والقطارات والأتوبيسات؟!! وإذا كانوا فى بلادهم يحترمون حقوق الإنسان أليس من حق مصر أن تستجيب لنداءات ومطالب سكان المناطق المحيطة بالسفارات وتخفف الاختناق الأمنى الذى يعيشون داخله دون أن يكون هناك تناقض بين هذا الحق وتوفير أعلى درجات التأمين للسفارات. ومهما تكن الأسباب والرسائل وراء الموقف فمفارقة مدهشة تفرض نفسها، ففى مثل هذه الأيام ولكن من ديسمبر 1956 كانت مصر تشهد العدوان الثلاثى الذى كانت قلبه ورأس حربته ومقاومته الضاربة ابناء مدينة بورسعيد والتى توجوها بالنصر بانسحاب آخر القوات المعتدية من سيناء فى الخامسة إلا الربع مساء الأحد 23 ديسمبر 1956. نعرف أن المشروع الاستعمارى لم يتوقف، وإذا كانت انتصارات 56 تتجدد فى ديسمبر 2014 فيجب أن تضاف إليها انتصارات جديدة لا تقل عظمة وأهمية بكسر واسقاط الحلقة الجديدة من المشروع الذى ورثه الاستعمار الأمريكى والصهيونى وتوابعه الدوليون والاقليميون وأصحاب أوهام العودة من القوى الاستعمارية القديمة.. ابناء وأحفاد من اسقطوا مؤامرة 1956 بجيوشهم الثلاثية البرية والبحرية والجوية اسقطوا بثورتهم فى 25 يناير 2011 وإعادة استردادها فى 30 يونيو 2013 من مختطفيها من شركاء والعاملين بالوكالة لسادتهم من أصحاب الطبعة المحدثة والمطورة والشيطانية التى تحمل اسم الشرق الأوسط الجديد. وأعود بكم كما اعتدت كل عام مع ذكريات وأحداث وأساطير وابداعات المقاومة فى الخامس عشر من ديسمبر بالتحديد عملية تمثل ذروة لعمليات المقاومة والتحام فرق المقاومة الشعبية بعض من تسللوا وشاركوا من افراد الصاعقة والشرطة عندما خطط الفدائيون لضرب مركز تجمع الدبابات البريطانية، وفى فترة حظر التجوال نفذت العملية وفجروا الدبابات وصنعت المقاومة جحيما جديدا للقوات الغازية وهددت اعلانها لهم «وجودكم على أرضنا مستحيل» وأطلق مع هذا اليوم المشهود من أيام المقاومة يوم الدبابات، وبدأت قوات الاعداء تجمع جنودها وتحتمى فى مناطق معزولة ومحصنة من المقاومة بجبال من الأسلاك الشائكة.. ولم يترك البورسعيدية لهم إلا الفرار إلى البحر حيث غادر جنود آخر فرقة بريطانية فرقة يورك شاير الأحد 23 ديسمبر 1956 الثلاثاء بعد المقبل ملاحظة مهمة يسجلها الأطلس التاريخى لبطولات ابناء بورسعيد ان القوات المنسحبة احتمت بمئات من قناصاتهم ووضعوهم فوق أسطح المنازل المطلة على مناطق الانسحاب خوفا من بطش الفدائيين. أغلب بيانات المقاومة التى كتبها أعضاء لجنة المقاومة الشعبية وطبعتها المطابع الأهلية الوطنية وملأت بها المدينة سامحونى فى عدم ذكر اسماء حتى لا يفوتنى اسم واحد فكل من شارك كان بطلا عزيزا وعظيما والبلاغ رقم 40 نموذج للتحدى والصلابة لا تقهر ولا تكسر ومقاومة قادرة على تحدى وهزيمة القوات البرية والبحرية والجوية لثلاثة جيوش البلاغ بعنوان «عين جالوت بورسعيد» واقتطف منه كلمات تمتليء بالنار والنور والثقة فى النفس والنصر الذى تحقق وسيواصل المصريون تحقيقه بإذن الله. أيها الأحرار: لم تكن معركة عين جالوت نصرا لمصر والعرب والإسلام ولكنها كانت نصرا للإنسانية، وقضاء على البربرية وكانت نقطة تحول فى التاريخ البشري، فقد افتدت مصر أمن العالم وسلامه بدماء ابنائها وأرواح شهدائها، وانقذت أوروبا وآسيا من طغيان المغول وويلاتهم. أيها الأحرار ان التاريخ يعيد نفسه بعد سبعمائة عام... ان إنجلترا وفرنسا خطر داهم على الإنسانية وأشد خسة ودناءة واجراما من امبراطورية التتار وهما تدعيان انهما تتزعمان العالم الحر. ألم تقم إنجلترا وفرنسا بإرسال إنذار إلى مصر بتسليم قناة السويس فى ظرف 12 ساعة فرفضت مصر بقيادة جمال عبدالناصر كما رفضت مصر من قبل إنذار المغول. أيها الأحرار إن معركة بورسعيد نقطة تحول فى تاريخ البشرية الحديث، فهى معركة حاسمة يتحول عندها مجرى التاريخ نحو القضاء على الأطماع الاستعمارية والجرائم الوحشية وبداية عهد جديد من السلام العالمي، الذى ترتكز دعائمه على حقوق الإنسان المقدسة وحرية الشعوب المستضعفة. فهذه بداية النهاية لإنجلترا وفرنسا اعداء الإنسانية والأمم المتحررة. ان مصر بقيادة جمال عبدالناصر قد وهبت العالم أمنا وسلاما وجنبته آلاما وأهوالا وكما وقفت حصنا منيعا ضد اطماع المغول 1260 فانها تقف اليوم حصنا منيعا ضد مغول 1956. وصدقت المقاومة فى عظمة مقاومتها التى كانت أول وأقوى أسباب إجبار جيوش الغزو على الانسحاب.. وصدقت فى كل ما جاء فى بلاغها ماعدا ما جاء فى سطوره الأخيرة فالاطماع تضاعفت ولم يبدأ عهد جديد من السلام العالمى بل بدأت مرحلة جديدة من المخططات والمؤامرات الاستعمارية تختلف فقط فى انه بدلا من الدفع بجيوشهم وقواتهم للغزو يستخدمون قواعد متقدمة ومتوافرة فى مناطق اطماعهم تتمثل فى التظيمات والجماعات التى تعمل لهم بالوكالة تحت أوهام تحقيق أهدافها، بينما هى لا تزيد عن أدوات رخيصة تستخدم لتفجير أوطانها من الداخل، وتحقق الأهداف التى فشل الاستعمار القديم بجيوشه فى تحقيقها وبعد أن توهموا أنهم على وشك تحقيق ما فشل فى تحقيقه تتار 1260 وتتار 1956 وبدا لهم ان المنطقة على وشك أن يكتمل سقوطها بسقوط مصر الجائزة الكبرى لمشروعهم الشيطانى للشرق الأوسط، إذا بالمصريين يعودون لإفشاله وإيقاف تقدمه واسقاطه وإسقاط جماعاته وأدواته بثورتهم فى 25 يناير 2011 ومدها العظيم فى 30 يونيو 2013. فلندرك جيدا أننا فى ذكرى نصر 23 ديسمبر 1956 وفى ديسمبر 2014 يجدد المصريون ما فعلوه فى عين جلوت وفى 1956 واننا نخوض الآن معركة من أخطر ما واجهت مصر معركة تبدل فيها اللاعبون والمتآمرون والأدوات وتعاظم المخطط والاطماع وعادت قوى الاستعمار القديم تتحالف مع قواه الجديدة بأوهام ان تحقق اليوم ما فشلت فيه بالأمس مستخدمين خدامهم ووكلاءهم واتباعهم المحليين والإقليميين. وأثق أن المصريين وقد عادت صلابتهم وقواهم الكامنة تتفجر فى ثورتهم فى 25 يناير 2011 ومدها العظيم فى 30 يونيو 2013 وكما كانوا لها دائما عبر تاريخهم الطويل والعميق سيكونون اليوم وغدا ودائما بإذن الله. ويتبقى نداء وبرجاء على الإعلام الوطنى الأمين فى تعظيم وعى المصريين بقيمة وأهمية ما أنجزوا بثورتهم وأبعاد التحديات والمخاطر التى مازالوا داخلها ودون تهويل أو تهوين وصناعة وعى بتاريخ وحلقات انتصاراتهم يعمق الثقة ويسقط الفتن والمؤامرات ودواعى اليأس والإحباط، ودواعى الصراع والانشغال بمعارك جانبية تبدد الطاقات ومسئوليات استنهاض قوى بلدهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وإنسانيا والدفع بأكبر دعم لإقامة العدالة الاجتماعية لتخفيف الآلام والأعباء التى يعيش تحتها الملايين وباعتبارهم من معدات النصر الأساسية القادم بإذن الله ووعده، وكما تجليات دعمه عز وجل فى جميع الحلقات المعجزة عبر التاريخ لمقاومة ونصر المصريين. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد