رئيس جامعة بنها يبحث توسيع قاعدة المشاركة في الأنشطة الطلابية    عاجل- رئيس الوزراء خلال اجتماع مع المستثمرين: القطاع الخاص قادر على تحقيق النجاح والتوسع    مدبولي: إطلاق حزمة استثمارية متكاملة لدفع القطاعات الواعدة في الاقتصاد المصري    توقيع بروتوكول تعاون بين جهاز تنمية التجارة الداخلية والبنك التجاري الدولي    عاجل- رؤساء المجالس التصديرية خلال اجتماع مع رئيس الوزراء: توطين الصناعة وخفض الواردات لتعزيز الصادرات المصرية    آليات الاحتلال تطلق النار بكثافة على شرق مدينة خان يونس    ولي العهد السعودي والبرهان يناقشان جهود تحقيق الاستقرار بالسودان    استعدادا لأمم أفريقيا 2025| موعد المباراة الودية بين مصر ونيجيريا والقنوات الناقلة    انفراجة في مفاوضات الأهلي مع أليو ديانج    الزمالك: مستعدون للمحاسبة.. ويجب الحفاظ على الكيان    محمد صلاح يحتفي بإنجازه التاريخي مع ليفربول    تقرير حقوقي: ملايين المسلمين في بريطانيا عرضة لخطر سحب الجنسية    طقس مضطرب وأمطار متفاوتة الشدة.. الأرصاد تكشف تفاصيل الساعات المقبلة    ضبط تجار عملة خارج السوق المصرفية.. الداخلية تُشدد قبضتها على المضاربين    الدليل الكامل لامتحان اللغة العربية نصف العام 2025–2026 للمرحلة الابتدائية    الداخلية تكشف تفاصيل مشاجرة في البحيرة    مكتبة الإسكندرية تشهد حفل توزيع جوائز الدورة الأولي من مسابقة "عالم خيال" (صور)    أمين مكتب الإفتاء بسلطنة عمان: الفتوى ليست منتجا آليا وأحكام الدين لا يجوز أن تكون رهينة للذكاء الاصطناعي    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد جاهزية مستشفى طب الأسنان للحصول على الاعتماد    «الصحة» تتفق مع «إيني» على إدارة وتشغيل مستشفيتين في مصر    فوائد تمارين الكارديو، تشد الجسم وتقوى عضلة القلب    استمرار توافد الناخبين المصريين بالسعودية على لجان الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس النواب    حبس لص الحقائب والهواتف المحمولة من المواطنين فى المطرية 4 أيام    الداخلية تضبط أكثر من 120 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    وزير التعليم: إطلاق أول بنية وطنية موحدة لبيانات التعليم قبل الجامعي    شيخ الأزهر ينعَى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    نجوم الصف الأول والبطولة الشبابية يشعلون منافسة دراما رمضان 2026    في ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. مسيرة فنان جسد التاريخ والوجدان    وزيرى الثقافة والأوقاف يفتتحان متحف القراء بالعاصمة الإدارية    مجند ب داعش.. تفاصيل جديدة حول منفذ هجوم سوريا ضد الجيش الأمريكي    "صحة الشيوخ" تُسرّع دراسة إنشاء مستشفى جديد بحلوان بعد توقف القرار 3 سنوات    مدير تعليم القاهرة في زيارة ميدانية لمتابعة سير العملية التعليمية بمدارس حلوان    عصام الحضري يحيي الذكرى الأولى لوفاة والدته    «المشاط»: منفتحون على تبادل الخبرات ونقل التجربة المصرية في مجال التخطيط والتنمية الاقتصادية    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    ضبط مخزنين بقويسنا والباجور فى المنوفية لحيازتهما مواد غذائية مجهولة المصدر    أخبار مصر.. استبدال ضريبة الأرباح الرأسمالية بضريبة دمغة نسبية على تعاملات البورصة    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه بمنتصف تعاملات اليوم    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    «الأوقاف»: التثبت من الأخبار فريضة دينية وضرورة مجتمعية    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    أسعار البيض اليوم الإثنين 15 ديسمبر    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تذكرة رايح وصندوق راجع
«الجبالى» ضحية «لقمة العيش» فى تفجيرات باريس
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 11 - 2015

شد الرحال منذ 20 يوما مودعا أسرته، بحثا عن لقمة العيش في "عاصمة النور" باريس، كغيره من الشباب الذين لم يجدوا ضالتهم سوى السفر، هجر الأهل والأحباب والزوجة كى يشق الدروب لجمع الأموال كى يحيا حياة كريمة، ترك الأحضان الدافئة كى يرتمى في أحضان الغربة والوحدة والمصير المجهول.
ألقي سنوات صباه وسنواته المقبلة التى لم يعلم أنه سيمضى فيها أياما معدودات، على أعتاب "عاصمة النور" ظنا منه أن فيها العوض عن الأحباب والأهل. كان صالح الجبالى، ذا ال (28 عاما) ابن قرية بني نصير بمحافظة الغربية، مثل غيره من الشباب رسم سنوات عمره بالطموح والأمل ظل يعمل فى باريس "عامل معماري" قرابة 8 سنوات، وعاد عقب انتهاء إجازته فى باريس كى يتزوج من الفتاة التى أختاره قلبه وتزوج منذ حوالى 3 أشهر ماضية، وسافر بعد ذلك ليستأنف عمله مرة أخرى بباريس.
وها هو يريد أن يسدى الصنيع لأهله ولكنه لا يجد مخرجا سوى الغربة، وما أدراكم ما الغربة ، صالح كان يعمل في فرنسا ولديه عقد عمل وإقامة، وأتى منذ شهور قليلة ليتزوج، ثم عاد منذ حوالي 20 يومًا إلى عمله عقب انتهاء إجازته، التى أمضاها مع والده والدته وأشقائه الثلاثة وهم ( محمد، وهبة، وبسمة)، وكذلك عروسه التى تزوجها منذ 3 أشهر. أجهش الحاج عماد الجبالي، والد الفقيد المصري في باريس، بالبكاء وقال بكلمات تملؤها الحسرة، ونبرات يكسوها الألم:"عرفنا أن صالح توفى البقاء لله"، وأن أحد جيرانه طلب منه الاتصال للاطمئنان على ابنه بعدما علم من وسائل الإعلام بوفاته ولكنه لم يجرؤ على إبلاغه الخبر، وأنه عندما اتصل الوالد بابنه صالح فأخبره صديقه بنبأ وفاته فأغلق الهاتف دون أن ينطق لسانه بأي كلمة، و كانت بجواره فى تلك اللحظة زوجة ابنه التي لم يمض على زواجهما سوى ثلاثة أشهر، ولم يقوى على النطق سوى كلمة "البقاء لله".. وحينها علت صرخاتها أرجاء المكان.
"صالح كان ابن موت".. تلك العبارة نطق بها والد الشهيد صالح وهو يجهش بالبكاء والحسرة على فراق ابنه.. قائلا:"صالح كان ابن موت والله، كان حنين جدًا جدًا عليا وعلى أمه وأخوته".. حسبي الله ونعم الوكيل، في إللى قتلوه.
بينما قال ابن عمه محمد الجبالى، أنه أثناء تناول الفقيد الطعام فى مطعم بباريس ترجل عدد من الإرهابيين يحملون الأسلحة النارية وأطلقوا الأعيرة النارية على المتواجدين بالمطعم، ليلفظ أنفاسه الأخيرة فى الحال. بينما قالت زوجة ضحية الارهاب :" أنا مش قادرة أتكلم ومش هقول غير حسبنا الله ونعم الوكيل".. ورددتها عدة مرات وهى منهمرة فى البكاء.
وعاد إلى أرض الوطن أمس جثمان صالح الجبالى بعد أن أبلغت الشرطة الفرنسية، القنصلية المصرية في باريس بالعثور على جثمان العامل المصري ، وأعلن صالح فرهود، رئيس الجالية المصرية في فرنسا، ان الشرطة الفرنسية أبلغت سريناد جميل القنصل العام في باريس، بوفاة شاب مصري في الهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم "داعش" على العاصمة يوم الجمعة الماضي.
الناس تحسدك دائماً على شئ لا يستحق الحسد، لأن متاعهم هو سقوط متاعك، حتى على الغربة يحسدونك، كأنما الغربة والبعد عن الأهل والوطن مكسب وعليك أن تدفع ضريبته إما نقدا أو حقداً.. لا يدرون أن الغربة فاجعة يتم إدراكها على مراحل, ولا يستكمل الوعي بها إلا بانغلاق ذلك التابوت على أسئلة بقيت مفتوحةً عمراً بأكمله، ولم يعرفون كم كان الشاب المغترب غريباً قبل ذلك ولا كم سيصبح منفيّاً بعد الآن أم مفقودا إلى الأبد؟.
صالح الجبالى لم يكن يعلم المصير المشئوم الذي ينتظره، حيث استشهد بصحبة زميلين له من تونس والمغرب وقت وقوع الاعتداءات الإرهابية المتزامنة وغير المسبوقة، التى نفذها انتحاريون مدججون بالسلاح فى أماكن متفرقة بالعاصمة الفرنسية، ما أسفر عن وقوع 129 قتيلا و352 جريحًا ، إضافة إلى إعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، حالة الطوارئ وإغلاق الحدود حتى إشعار آخر، فضلا عن الحداد الوطني 3 أيام بكل أنحاء البلاد.
وشهد منزل عائلة الشهيد صالح عماد الجبالي، حسرات الألم من والدة الشهيد وزوجته وأشقائه وأفراد عائلته حزنا على فراق صالح بعد شيوع خبر استشهاده، وتحولت شوارع القرية إلى سرادقات عزاء انتظارا للجثمان وشيعت الجنازة ودفن بمقابر الأسرة بالغربية.. لنجد أنفسنا أمام مشهد مأساوى ربما تكرر مع اختلاف التفاصيل والأحداث.. فقد سافر صالح لباريس "عاصمة النور" من أجل العمل وتوفير حياة كريمة لأسرته، إلا أنه سرعان ما خرج منها موضوعا داخل صندوق خشبى مكفنا بقطعة قماش بيضاء، حاملا معه أقسى أنواع الحزن والألم لأهله وأحبابه وزوجته، لن ينسى أبد الدهر. فعندما يغادر الإنسان أهله وأصدقاءه ومحبيه إلى بلد آخر يكون شعوره بالألم حاداً يوخز القلب خاصة يوم الوداع يوم يودع أصدقاؤه مروراً بمحبيه وقوفاً في محطة الأهل التي يكون فيها الألم ما أقساه، متجها إلى المحطة الأخيرة التي يودع فيها بلاده فما أشد الألم عندما ينظر إلى أهله وأرضه وهو مغادر الأرض الطيبة ولا يدرى هل سيعود إلى أحضان كل هؤلاء أم سيعود جثة هامدة فى صندوق خشبى كى لا يحتضنه أهله بل يحتضنه تراب الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.