سواء كان قرار مصر بإلغاء عقد تصدير الغاز لإسرائيل تجاريا أو قانونيا أو سياسيا, فقد أثلج القرار صدور ملايين المصريين بنفس القدر الذي ألهب به مشاعر الغضب والهلع والاستياء لدي الإسرائيليين الذين انتابتهم في البداية حالة هستيرية جعلتهم يفقدون صوابهم ويصدرون تصريحات صاخبة يطالبون فيها واشنطن بالتدخل تارة ويؤكدون في أخري أن إلغاء الاتفاق يشكل انتهاكا سافرا لمعاهدة السلام بين البلدين! بيد أنه لم تمض بضع ساعات حتي استرد القادة الإسرائيليون وعيهم وخبثهم, وسعوا للتقليل من أهمية القرار وتبني لغة مغايرة تؤكد أن إلغاء الاتفاق يأتي في إطار نزاع تجاري وليس سياسيا! ولاشك أن هذا التضارب إنما يعكس حالة ارتباك حقيقي أصابت القيادة في تل أبيب من ضربة موجعة ربما كانوا ينتظرونها من مصر الثورة, ولكنهم لم يكونوا يعلمون من أين ستأتيهم؟ والأخطر والأهم أن إسرائيل تدرك جيدا أن هذه لن تكون الضربة الأخيرة وإنما هناك ضربات أخري عديدة متوقعة ولكنها لا تعرف من أين ولا متي ولا كيف ستأتيها! وربما كان هذا هو سبب الفزع الذي عبر عنه وزير خارجيتهم المتطرف أفيجدور ليبرمان عندما أعلن أن مصر أشد خطرا علي بلاده من إيران التي يتحفزن لها ويسعون لحشد القوي العالمية لضربها! وعلي الرغم من ذلك فإن رد الفعل الإسرائيلي لا يعنينا هنا كثيرا لما يكتنفه من خبث ومكر ومناورة, ولكن ما يهمنا هو أن نحيي القيادة المصرية الوطنية التي اتخذت هذا القرار في هذا التوقيت الصعب بحنكة ودبلوماسية وشجاعة لكي تعلن للجميع أنها قوية وقادرة علي اتخاذ أدق وأصعب القرارات حتي في ظل مرحلة التحول التاريخي التي نمر بها الآن.. وتؤكد أن مصر المقبلة أكبر وأقوي كثيرا مما يتوقعون!