خلال اجتماع لوزراء دفاع أوروبا فى بروكسل، تقدمت فرنسا أمس للمرة الأولى بطلب المساعدة من دول الاتحاد الأوروبى لتفعيل بند المساعدة المشتركة فى معاهدة الاتحاد، وذلك للحصول على مساعدة عسكرية وغيرها من أشكال المعونة فى مهامها بالشرق الأوسط وإفريقيا وذلك بعد هجمات باريس الدامية التى وقعت الجمعة الماضي. وقال جان إيف لو دريان وزير الدفاع الفرنسى إن فرنسا طلبت رسميا من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي، وعددها 28 دولة، تقديم «المعونة والمساعدة»، وتوقع أن يقدم الجميع المساعدة بسرعة فى مناطق مختلفة. وقال لو دريان »هذا عمل سياسى فى المقام الأول« فى إشارة إلى قرار تفعيل المادة 42 الفقرة رقم 7 من معاهدة لشبونة. وتابع الوزير الفرنسي، خلال مؤتمر صحفي، أنه «فوق كل هذا كيف سيعمل ذلك؟ ربما سيكون من خلال التعاون مع التدخلات الفرنسية فى سوريا وفى العراق وربما يكون دعما لفرنسا فى عمليات أخرى». وأضاف أن «معايشة مواقف استثنائية يستلزم ردودا استثنائية أيضا». من جانبها، أعلنت فيديريكا موجيرينى المفوضة العليا لشئون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى أن الاتحاد يؤيد »بالإجماع« طلب فرنسا. وقالت موجيريني، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع وزير الدفاع الفرنسي، إن «اليوم أعرب الاتحاد الأوروبى بالإجماع على لسان جميع دوله الأعضاء عن دعمه واستعداده لتقديم المساعدة المطلوبة» لفرنسا. وأضافت أن المادة التى طلبت باريس تعديلها لم تستخدم من قبل فى تاريخ اتحادنا. ولم يتخذ وزراء الدفاع الأوروبيون الذين يعقدون فى بروكسل اجتماعا أى قرار رسمي. فى الوقت ذاته، أعلنت أورزولا فون دير لاين وزيرة الدفاع الألمانية أن بلادها تعتزم تقديم مساعدات شاملة لفرنسا فى مكافحة الإرهاب، قائلة: «سوف ننصت بشكل دقيق للغاية لما تقوله فرنسا لنا ونحلل بعناية أيضا ما تطلبه منا». وأكدت قائلة: «بالطبع سوف نبذل كل ما فى وسعنا من أجل تقديم المساعدة والدعم». وفى هذه الأثناء، أشار مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسى إلى أن عدد الأشخاص الضالعين فى هجمات باريس لا يزال مجهولا، طارحا فرضية وجود شركاء فى فرنسا وبلجيكا. وقال فالس: »علينا اليوم بالتالى التركيز على التحقيق، لا نملك بعد الحقيقة كاملة، الرؤية كاملة للواقع، وعلى الأخص عدد الضالعين فى اعتداءات مساء الجمعة الماضي«. وتساءل: »هل هناك فرقتان أو ثلاثة فرق، كيف تحركت، وما الذى جرى تحديدا فى ستاد دو فرانس«، مؤكدا أن »التحقيق مستمر ولكن وسط التكتم الضروري«. وأوضح أن »الهدف لا يقتصر على تدمير تنظيم داعش الإرهابي، بل يشمل كذلك التوقيف والاعتقال وفهم ما حصل فعلا«. كما أكد فالس أن الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند سيلتقى خلال أيام نظيره الأمريكى باراك أوباما فى واشنطن ونظيره الروسى فلاديمير بوتين فى موسكو سعيا لتشكيل ائتلاف موحد ضد «داعش» فى سوريا. وفى إطار متصل، أكد فالس أن بلاده لن تحقق هدف الاتحاد الأوروبى لعجز الميزانية بسبب تعزيز الإنفاق الأمنى عقب هجمات 13 نوفمبر الحالي. وأشار إلى أن هدف العجز »لن يتحقق بالضرورة« مع قيام فرنسا بتعديل خطط الميزانية لتعيين عشرة آلاف رجل شرطة وأمن إضافيين وتعزيز مواردهم. وقال إن »على المفوضية الأوروبية أن تفهم أن الحرب ضد تنظيم داعش لا تخص فرنسا وحدها بل أوروبا أيضا. وعلى الصعيد الأمنى، نفذت قوات الأمن الفرنسية 128 عملية مداهمة، وذلك فى إطار حالة الطوارئ التى أعلنت فى البلاد. كانت قوات الأمن أجرت حملة فى وقت سابق شملت 168 عملية مداهمة إدارية فى 19 مقاطعة، وأدت إلى توقيف 23 شخصا وضبط 31 قطعة سلاح. وفى هذه الأثناء، أعلن مصدر حكومى فرنسى أن الحكومة الفرنسية تريد أن تفرض على رعاياها العائدين من سورياوالعراق «شروط مراقبة قاسية عند عودتهم« مثل »الإقامة الجبرية». وأوضح المصدر أن الحكومة تريد أن يخضع هؤلاء الفرنسيون الضالعون فى «شبكات إرهابية سورية وعراقية» مسبقا «لتأشيرة عودة» كى يعودوا إلى فرنسا. وأوضح أن «هذا الإجراء وهذه الشروط تفرض بالمقابل مراجعة الدستور». وقال المصدر إن هذه المراجعة الدستورية «سوف تخلق نظام أزمة يتيح تطبيق اجراءات استثنائية وهو لا يؤثر على ممارسة الحريات العامة إلا فى قيود محددة من أجل ضمان الأمن القومى». وعلى صعيد العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» الإرهابى فى سوريا، نفذت القوات الفرنسية هجمات جوية للمرة الثانية استهدفت التنظيم الإرهابى فى مدينة الرقة السورية. وقالت وزارة الدفاع الفرنسية فى بيان لها إن 10 طائرات أقلعت من قواعد فى الأردن والخليج وأسقطت 16 قنبلة على مركز قيادة وساحة تدريب تابعين لداعش. وتابع البيان أن «الغارة التى نفذت بالتنسيق مع القوات الأمريكية استهدفت مواقع تم تحديدها خلال مهمات استطلاع أجرتها فرنسا مسبقا». كانت القوات الفرنسية أسقطت 20 قنبلة فى الهجمات الأولى، ودمرت موقعا للقوات الخاصة، حيث يتم تخزين ذخائر، بالاضافة إلى معسكر تدريب أخر خاص بالإرهابيين. وفى الوقت ذاته، أعلن مصدر عسكرى أن حاملة الطائرات الفرنسية »شارل ديجول« سوف تنتشر فى شرق البحر الأبيض المتوسط وليس فى الخليج كى تتحرك بشكل أسرع فى المنطقة، وذلك بعد أن أعلن الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند عن إبحارها للقيام بعمليات فى سوريا. ولا يستغرق ابحار حاملة الطائرات سوى عدة أيام للوصول إلى شرق البحر المتوسط قبالة سواحل سوريا أو لبنان. وكان وصولها قد استغرق حوالى الشهر إلى الخليج فى الشتاء.