"نريد أن نستقبلكم محررين لا زائرين" قولا فصلا ردده الفلسطينيون منذ أن أحتل العدو الصهيوني مدينة القدس عام 1967، ورغم أن زيارة القدس أمل كل مسلم ومسيحي مصري عربي والقلوب تتحرق شوقا ولهفة للصلاة فيه ولكن نآتيها فاتحين فرحين بنصر الله وعودة الحق وإزهاق الباطل، لا وألف لا وهي تئن تحت أغلال الاحتلال وحراسة مدرعات كارهي الحضارات مكرسين وضعها في الأسر، فأن عدونا وعدو البشرية يتمني أن تصبح القدس مدينة مفتوحة تستقبل الزائرين ويمارسون عباداتهم وطقوسهم فتسقط مقولات تحرير القدس أو أنها عاصمة فلسطينية، ويتمني الكيان السرطاني الإسرائيلي أن تكون الزيارات مدخلا لكسر عزلتها التي فرضتها المقاطعة العربية عليها منذ احتلال الأراضي العربية، وهذه المقاطعة ليست وجهة نظر ولكن موقف وطني وشعبي بعيدا عن المناورات الفكرية والحذلقة حول مفهوم التطبيع الذي ينادي به بعضهم منذ فترة حول تعديل صياغة التطبيع لمواجهة مخططات الهدم والتهويد للقدس مما يطرح سؤالا لماذا التوقيت الآن مع تزامن الجدل حول زيارة الحبيب بن علي الجفري وغضب المقديسين من هذه الزيارة، ثم قيام مئات من الأقباط المسيحيين المصريين بالزيارة لأداء المناسك والاحتفالات الدينية ورفض كاهن الكنيسة القبطية بالقدس استقبالهم، وغضبت أيضا الكنيسة المصرية وأعلنت تمسكها بقرارات البابا شنودة منذ أربعين سنة "لا تطبيع ولا دخول للقدس إلا أيدينا في أيد أخوانا المسلمين"، وأخيرا يزور مفتي الديار المصرية تحت حراسة أمنية بتنسيق أردني مع وزارة الدفاع الإسرائيلية وليست الخارجية وما حققته للقدس ونجدته ولم يدخله أهلها بصحبة المفتي والدعاء خلفه بنصرته ؟! إلا نتذكر قبل الثورة في ظل حكم المخلوع ما حدث للراحلين احمد ماهر وزير الخارجية الأسبق حين زار المسجد الأقصى للصلاة وضرب حينها من أهلها بالأحذية، أو ما تعرض له الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر لإستقابله الحاخام الإسرائيلي في مقره بالأزهر ومشاركته الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في مؤتمر حوار الأديان من هجوم الرأي العام بجميع نخبه ومفكريه مستهينا بقرار الأزهر بعدم التطبيع مع العدو الصهيوني وعدم السماح لرجاله بزيارة القدس تحت الاحتلال، واليوم ونحن نستعد لبناء الجمهورية الثانية لمصر الرائدة الحديثة القوية ونستعد لاسترجاع دورنا العربي المفقود من نظام بائد للمخلوع المسجي علي سريره خائفا من مواجهة ظلمه وطغيانه الذي كانت تعتبره إسرائيل كنزا استراتيجيا لها ومثل المسجي في غيبوبة مميتة لطغيانه شارون الذي لا ميت ولا حي منذ سنوات، يقدم مفتي مصر بالزيارة في وقت المنطقة العربية يجري إعادة رسم خرائطها وإسرائيل تكيل الدسائس والمكائد والمؤامرات في دول الربيع العربي لتكون هي الرابح الوحيد وتضيف نصرا طالما تمنته عقودا بزيارة المسلمون والمسيحيون للقدس وتسقط العزلة الإسرائيلية ويضيع حلم تحرير القدس أو تكون عاصمة الدولة الفلسطينية، عفوا لا يمكن أن تنزع عقولنا في دفاعك عن الزيارة بأنها شخصية وليست رسمية أو بدعوة أردنية ومع أمير ومسئولين أردنيون وليست بتأشيرة وختم إسرائيلي وبمعزل عن جيشها وأمنها فهذا حديث إفك من رجل ذو منصب ديني رفيع لدولة إسلامية كبيرة وتابع مؤسسة الأزهر يدعوه لان تكون اختياراته ورغباته ليست شخصية وإنما عامة ويتأثر بسلوكه وآرائه ومواقفه ملايين المصريين والعرب، ومن سمح له بهذه الزيارة وكيف لم يستشير حتى أقرب مستشاريه كما علمت، وهل يرفض "الطيب" تصرف "جمعة" ويؤكد علي أن الأزهر مازال متمسكا بموقفه المقاوم لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، وأن القدس في القلب ولابد من حشد كل الجهود لاستعادتها. وأخيرا أرجو إلا تكون هذه الزيارة مدخلا للتطبيع بشكل جديد باسم التطبيع الديني، وألا يعتبر المفتي الهجوم عليه شخصيا وإنما لكونه قيمة دينية مؤثرة في المسلمين في كل مكان وقد يتخذ بعضهم زيارته ذريعة وقدوة لمخالفة الضمير الوطني في المقاطعة لأنهم لا يحظون بالحظوة الأردنية أو بالدخول دون الختم الإسرائيلي وحراسته، بل ساعتها تنزع إسرائيل الشوكة من اقتصادها الذي يفقد من المقاطعة العربية نحو 95 مليار دولار منذ بدء المقاطعة وسنويا 3 مليارات دولار، وتنكسر عزلتها وتصبح زيارة تل أبيب مثل شرم والغردقة ويصلوا إلي ما فشلوا فيه من معاهدات وهو عقل ووجدان المصريين والعرب.. ولن أكيل لك التهم مثل البعض بالخيانة والعمالة فأنت عالم جليل تتميز بالوسطية والتجديد ووظفت علمك وجهدك في تحويل دار الإفتاء إلي مؤسسة كبري قائمة علي العلم والاجتهاد، ولكن أدعوك لإعادة التفكير في نتائج خطوتك التي ربما تكون هزة وتذكير بالقضية وتمنع العدو الصهيوني من تنفيذ مشاريعه في الهدم والتهويد، أو تكون أول من ألقي حجر في مفهوم التطبيع الراكد، أو تكون حزاما ناسفا لتاريخك ومكانتك، أو تتأكد أن أهلنا في القدس يريدون محررين لا زائرين، فيكون الاعتذار وطلب السماح في تحقيق حلم الزيارة والصلاة بمسجد البراق بالحرم القدسي في آخر العمر!! المزيد من مقالات محمد مصطفى