بقراءة سريعة للمشهد الكارثى فى الاسكندرية نجد الحقائق التالية أولا: ان ما حدث هو تراكم للفساد والاهمال على مدى سنوات طويلة وبرغم التصريحات التى أدلى بها المسئولون بالمحافظة قبل بدء الموسم الشتوى بنواته المعروف توقيتاتها وقولهم إنه تم تنظيف الشنايش المسئولة عن استيعاب مياه الأمطار والبالوعات، فقد جاءت هذه الأزمة لتكشف وبعنف عدم مصداقية هذه التصريحات غير المسئولة التى أطلقها المسئولون. ثانيا : توكد هذه الأزمة أو الكارثة للمرة الألف أن مسئولينا فى كل المواقع مازالوا أسرى ثقافة «الادارة بالأزمات» أى انتظار الأزمة أو الكارثة الى ان تقع ثم يبدأون فى البحث لها عن حل، على عكس ماتنتهجه الدول المتقدمة من سياسة (ادارة الأزمات) وفحواها وضع كل السيناريوهات لأزمة محتمل حدوثها والتعامل معها كأنها حدثت لتقويم طرق مواجهتها، ومن ثم التعامل معها بكفاءة عند حدوثها. ثالثا: حذرت وزارة الرى من غرق الاسكندرية منذ ستة أشهر بسبب حدوث تراكم وتعديات على مصرف القلعة مما أدى الى ارتفاع منسوب المياه به وهو مايمكن أن يؤدى بالتبعية الى ارتداد مياه الصرف الصحى على المدينة، الا أن المسئولين بالاسكندرية لم يحركوا ساكنا ازاء هذا التحذير. رابعا: يؤكد خبراء المياه امكانية الاستفادة من الأمطار المستمرة فى زيادة رصيد مصر من المياه بطرق علمية معروفة ومطبقة فى دول أخرى وبحيث تكون الأمطار الغزيرة بل والسيول نفسها نعمة لانقمة، وحسبنا فى هذا السياق أن نذكر أن كمية المياه التى هطلت على الاسكندرية وقتها تكفى لرى 680 فدانا. لقد أصبح التحكم فى جريان السيول التى تدمر مظاهر الحياة فى مناطق سقوطها أمرا جد مطلوب لأن السيول بوضعها الحالى تمثل حجر عثرة أمام فرص التنمية. خامسا: مع أن الجميع قد اتفقوا على أن ماشهدته الاسكندرية يمثل تراكما للفساد والاهمال فقد تباينت الآراء حول مسئولية المحافظ السابق هانى المسيرى (وكانت عليه علامات استفهام كثيرة) فالبعض يراه كبش فداء لمسئولين فى هيئة الصرف الصحى وشركة الكهرباء والهيئة العامة لنقل الركاب ورؤساء الأحياء، بينما يطالب آخرون بمحاكمة المحافظ بتهمة الاهمال وحسنا أن تم حسم الأمر وبدأت النيابة العامة بالاسكندرية تحقيقاتها وتشكيل لجان فنية لتحديد المسئولية الجنائية لتقديم المسئولين للمحاكمة. د . محمد محمود يوسف أستاذ بجامعة الإسكندرية