عندما يحل الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى ضيفا على رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون اليوم فى داوننج ستريت فإن العلاقات الاقتصادية والأوضاع الإقليمية وملف التطرف والأرهاب الدولى ستكون على رأس القضايا. وقال مسئول فى دواننج ستريت ل"الأهرام" إن كاميرون سيجرى صباح اليوم مباحثات مع الرئيس السيسى حول العلاقات الثنائية وقضايا الشرق الأوسط ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها التطرف والأزمة السورية والوضع فى ليبيا على أن يعقب ذلك حفل غداء. وقال مسئولون بريطانيون ل"الأهرام" إن الزيارة "تؤكد الأهمية البالغة لمصر وأستقرارها" فى إستراتيجية كاميرون فى الشرق الأوسط بسبب الروابط الإستراتيجية والعلاقات الاقتصادية والتجارية. من ناحيته، قال وزير الدولة البريطانى لشئون الشرق الأوسط توبياس إلوود إن المباحثات بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء كاميرون ستركز على عدد كبير من القضايا ذات الأهتمام المشترك من بينها القضايا الأمنية والتجارية حيث سيوقع الجانبان عددا من الاتفاقيات التجارية خلال الزيارة التى تستمر ثلاثة أيام. وفى هذا الصدد قال رئيس "مجلس التفاهم العربى -البريطاني" كريس دويل ل"الأهرام" إن الزيارة توضح الأهمية التى توليها لندن للعلاقات مع مصر. و"مجلس التفاهم العربى -البريطاني" تأسس منذ عام 1967 بهدف تعزيز العلاقات بين العرب وبريطانيا وتوضيح القضايا العربية لدى الطبقة السياسية والرأى العام البريطاني. وقال دويل إن الزيارة تركز على العلاقات الثنائية المصرية -البريطانية وعلى الوضع الإقليمى وما يشهده من أزمات غير مسبوقة، موضحا أن ملف التطرف والراديكالية الإسلامية التى تهدد حدود مصر الغربية بسبب حالة الانفلات فى ليبيا ستكون على رأس القضايا إلى جانب سوريا وأزمة اللاجئين. وإلى نص الحوار: كيف ترى زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى إلى لندن من ناحية توقيتها ورسالتها؟ مصر دولة محورية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبريطانيا أكبر مستثمر أجنبى مباشر فيها، ومن الحيوى لبريطانيا أن تحافظ على علاقات وثيقة وفعالة مع مصر. فمن مصلحة الجميع أن تتقدم مصر للأمام وأن يكون هناك علاقات عمل قوية مع الحكومة المصرية. زيارة الرئيس السيسى توضح الأهمية التى توليها بريطانيا لمصر وقضايا المنطقة وحرصها على الاستقرار فى مصر خاصة وسط محيط ملىء بدول تعانى حروبا وأزمات مثل سورياوالعراق وليبيا واليمن. أما فيما يتعلق ببريطانيا فإن من مصلحة الأمن القومى البريطانى ومصالح بريطانيا فى الشرق الأوسط والاستقرار فى المنطقة الحفاظ على علاقات وثيقة مع مصر، والحفاظ على مصر مستقرة من الاضطرابات السياسية التى تعصف بالمنطقة. هناك الكثير من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. فما هى القضايا التى ستحتل رأس الأولويات فى المباحثات بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء كاميرون؟ من المهم للطرفين الانخراط فى حوار حول كل تحديات المنطقة، وسوريا على رأس القائمة. فالأزمة السورية أدت إلى معاناة غير مسبوقة للسوريين وتهدد أمن الشرق الأوسط والعالم عبر صعود المتطرفين. كما أن الجميع يدفع ثمنا للعدد الكبير من اللاجئين، خاصة دول الجوار. مصر يمكن أن تلعب دورا إيجابيا فى الأزمة السورية، وتبادل وجهات النظر مع الحكومة البريطانية سيكون ذا فائدة للجميع. الرئيس السيسى له موقف واضح فى الملف السورى وهو رفض تقسيم الدولة السورية وضرورة الحفاظ على وحدتها فى أى تسوية.. الموقف البريطانى ليس واضحا جدا، أليس كذلك؟ ليس من الواضح بشكل تام رأى ديفيد كاميرون فى مسألة تقسيم سوريا. هناك تباين ووجهات نظر مختلفة فى بريطانيا حيال هذه القضية. سوريا متعددة الأعراق والديانات والطوائف وتقسيمها على هذه الأسس سيكون أشكاليا جدا. الاستثناء الوحيد فى هذا هو المسألة الكردية. فالطريقة التى تسير بها الأمور الآن لا أعتقد أن الأكراد سيقبلون العودة للأوضاع السابقة. لكن فى نفس الوقت هناك معارضة قوية خاصة من الأتراك لكى يحصل أكراد سوريا على دولة مستقلة، وأعتقد أن هذا سيكون من التحديات الكبيرة التى تواجهنا كى نحافظ على وحدة الأراضى السورية. ومن هنا أهمية المباحثات بين المسئولين المصريين والبريطانيين فى الملف السورى إلى جانب الملفات الإقليمية الأخري. وماذا عن التحديات الأمنية؟ مصر تواجه تحديات أمنية كبيرة. فالتطورات فى ليبيا تؤثر على الأوضاع الأمنية فى مصر. لكن لا يمكن معالجة التحديات الأمنية بالقبضة الأمنية فقط. ولهذا فإن الحل فى ليبيا يجب بأن يكون سياسيا، فبدون عودة مؤسسات الدولة الليبية والاستقرار لها لن يتم القضاء على المتطرفين فى ليبيا. علينا أن نعترف أن التدخل العسكرى البريطانى فى ليبيا أدى إلى وضع شديد الخطورة، وأستقطاب وتوتر فى كل المنطقة والملف الليبى سيكون من القضايا المطروحة للنقاش بين المصريين والبريطانيين. كثير من البريطانيين لديهم تحفظات على السياسة البريطانية فى الشرق الأوسط. كيف تقيم السياسة الخارجية البريطانية فى المنطقة؟ بصراحة، السياسة الخارجية البريطانية مشتتة فى كل الاتجاهات، خاصة فيما يتعلق بسوريا. لقد فشلنا فى تحديد سياسية فعالة حيال الأزمة السورية، وفى نواح أخرى كانت سياساتنا متناقضة. نتحدث كثيرا عن الحل السياسى فى سوريا، لكن لدينا فكرة محدودة جدا عن معنى هذا وكيف نحقق هذا. مجرد حقيقة أن أخر مؤتمر سلام حول سوريا عقد فى يناير 2013، ولم تعقبه أى أجتماعات أخرى قبل عقد اجتماع فيينا هذا الشهر، أى نحو 600 يوم الفارق بين الاجتماعين، يعكس حجم المشكلة وحجم غياب الرؤية. فى هذه اللحظة تدخل بريطانيا فى أزمات المنطقة غير فعال، فنحن مثقلون بتاريخنا. خاصة تاريخنا الحديث فيما يتعلق بغزو العراق وتاريخنا الاستعمارى عموما فى المنطقة. على بريطانيا أن تطور خطة بعيدة المدى لسياساتها فى الشرق الأوسط، لكن هذا يعتمد كثيرا على الطريقة التى تريد بريطانيا بها أن تتحرك نحو المستقبل، هل تريد مثلا البقاء فى الأتحاد الأوروبى أو مغادرته؟. هل تريد أن تعتمد على دبلوماسية المساعدات، بريطانيا قدمت مثلا مساعدات للسوريين تقدر بمليار جنيه إسترليني، أم تريد الاعتماد على وتطوير قدراتها العسكرية؟ عندما تأسس "مجلس التفاهم العربى -البريطاني" كان الهدف منه توضيح صورة العالم العربى لدى الرأى العام البريطانى بسبب التباس تلك الصورة وعدم دقتها فى كثير من الحالات. مع كل الحروب والأزمات القائمة فى المنطقة اليوم، كيف ترون صورة العرب؟ صورة مؤلمة جدا. كل ما يحدث فى العالم العربي مؤلم، من سوريا إلى العراق إلى ليبيا إلى اليمن. فكل قضية من هذه القضايا تحتاج بحد ذاتها إلى تركيز واهتمام دولى كبير. فليبيا وحدها تحتاج إلى تركيز كبير، لكن المشكلة أن لديك أيضا سوريا واليمن وأوكرانيا. وبالتالى هذه المشاكل لم تأخذ الأهتمام الكافى لحلها ما يجعل الأمور أكثر صعوبة. لكن من ناحية أخرى هناك فهم أكبر فى بريطانيا للمنطقة وتعقيداتها. ففى البرلمان البريطانى مثلا يسأل النواب أسئلة أكثر ويحاولون فهم التداعيات التى يمكن أن تترتب على قرارات معينة فى المنطقة، وهذا شىء ايجابي. والمجلس لعب دورا فى هذا، لعب دورا فى تعميق النقاش حول الشرق الأوسط. ففى عام 2003 عند التحضير لغزو العراق لم يحدث نقاش حول الحرب وما هى خطط ما بعد الحرب والإستراتيجية البريطانية. الجميع تعلم من هذا. ففى الأزمة السورية تجد مقاربة مختلفة، فالسياسيون والرأى العام يسأل هل هذا القرار صحيح، هل هو مناسب، ما الذى سيترتب؟. كذلك عندما تأسس المجلس العربى -البريطانى كان التركيز على صورة العرب، اليوم التركيز على المسلمين اجمالا و"الاسلاموفوبيا" وهذا تحد كبير أمام المجلس.
مجلس التفاهم العربى البريطانى فى سطور - تأسس مجلس التفاهم العربى -البريطانى عام 1967 وأسس المجلس مجموعة من البرلمانيين البريطانيين والسياسيين وأعضاء من الجالية العربية فى بريطانيا من أجل الدفاع عن قضايا العرب وتقديم وجهة نظر موضوعية حيالها ومن أجل تحسين العلاقات العربية البريطانية. - كان الدافع وراء تأسيس المجلس هو استطلاع للرأى أجرته صحيفة "صنداى تايمز" عام 1967 قال خلاله 98% من العينة التى تم استطلاع رأيها إنها لا تعرف سوى القليل عن العالم العربي. -يقول المجلس إن دوره هو تعريف الطبقة السياسية فى بريطانيا والبريطانيين عموما بالعرب وقضاياهم بصورة أوضح، محذرا من أنه "يبقى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير مفهومين على نحو كبير فى بريطانيا". - مجلس التفاهم العربى -البريطانى مؤسسة غير ربحية وغير حزبية وتضم كل أشكال الطيف السياسى والحزبي. وتمويل المجلس يتم عبر الاشتراكات والتبرعات.