بينما نحتفل هذا الأسبوع بذكرى مرور 70 عاما على إنشاء الأممالمتحدة، ينبغى أن نغتنم هذه الفرصة لكى نشيد بالإنجازات الكثيرة التى حققها التعاون متعدد الأطراف ونبحث التحديات الكثيرة التى تواجهنا، ونرى كيف يمكننا العمل سويا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التى تم الاتفاق عليها أخيرا. خامس أهداف التنمية المستدامة هو تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات. والمساواة بين الجنسين ليست حقاً إنسانياً أساسياً فحسب، بل أساس ضرورى لقيام عالم مستدام يعمه السلام والرخاء. وإتاحة تكافؤ الفرص للنساء والفتيات فى التعليم والرعاية الصحية والعمل الكريم والتمثيل فى عمليات اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية ستساعد على خلق اقتصادات مستدامة وتعود بالنفع على المجتمعات والعالم أجمع. وقد أحرز العالم، على مدى العقود الماضية، تقدما كبيرا نحو تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. فكثير من المجتمعات والبلدان مضى قدماً، بما فى ذلك فى مجال التعليم المهم، حيث نجد المزيد من الفتيات ملتحقات بمراحل التعلبم المختلفة. لكن على الصعيد العالمي، ما زالت النساء تواجه العديد من التحديات المتعلقة بقضايا تتراوح بين العنف القائم على النوع ، والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ووراثة الأراضى وملكيتها، والزواج المبكر، وإمكانية العمل خارج البيت. وفى مصر، تعمل السويدوالأممالمتحدة عن كثب مع الشركاء المصريين لتشجيع المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. وتقدم السويد مساهمة كبيرة لبرنامج تابع للأمم المتحدة يهدف إلى تحسين إمكانية حصول المرأة على المساعدة القانونية والخدمات العامة والتمويل، وعلى فرص إقامة المشاريع والحصول على الوظائف. ينفَّذ هذا البرنامج بمعرفة برنامج الأممالمتحدة الإنمائى وهيئة الأممالمتحدة للمرأة وصندوق الأممالمتحدة للسكان، وبالشراكة مع الحكومة المصرية والمؤسسات الوطنية والمجتمع المدني، حيث يعمل الشركاء من أجل فرص أفضل وعلى درجة أعلى من التكافؤ، ولمساندة النساء فى صياغة حياتهن والمساهمة فى تنمية مجتمعاتهن. يسهم هذا البرنامج فى جهود مصر لمكافحة ختان الإناث والتحرش الجنسى والعنف ضد المرأة. وبفضل هذه المساندة، انخفضت النسبة المئوية للفتيات المختونات بين سن 15 و17 سنة بنسبة 13 فى المائة على مدى السنوات الست الماضية. ولتقديم الإرشادات فى كل دعاوى الأسرة وتقديم المساعدة القانونية فى الدعاوى التى لاتشترط توقيع محام خاصة لمن لا يقدرون على تكاليفها، أنشئ 32 مكتبا للمساعدة القانونية داخل مقار محاكم الأسرة فى 20 محافظة، حيث شكلت النساء نحو 74 فى المائة ممن طلبوا المساندة القانونية. وفى 2014، مولت السويد إقامة 5 مكاتب إضافية للمساعدة القانونية. كما ساندت حكومة السويد أيضاً مشاريع درّبت رائدات الأعمال من خلال التدريب المهني. فعلى سبيل المثال، حصلت النساء على 687 فى المائة من فرص العمل التى وفرتها مبادرة شبكة مصر للتنمية المتكاملة الجارى تنفيذها فى 21 قرية فى محافظة قنا. إننا نرى قادة العالم يقررون، وبصورة متزايدة، بأن المساواة بين الجنسين شرط مسبق للتنمية. فهناك قضايا معقدة ربما كان يصعب التصدى لها منذ 10 سنوات أو عشرين صارت الآن على جدول أعمال الاتفاقات الدولية، كالقضايا المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات ودور المرأة فى منع الصراع وبناء السلام. إذن ماذا نفعل مع إدراك العالم قيمة المساواة بين الجنسين؟ تتحقق المساواة بين الجنسين عندما تتمتع النساء والرجال والفتيات والصبيان بالمساواة فى الحقوق والفرص والقدرة على صياغة حياتهم وترك أثر على المجتمع. ولكى يحدث هذا، نحتاج من ضمن ما نحتاج إلى العمل على إنهاء جميع صور التمييز ضد النساء والفتيات فى كل مكان، والقضاء على جميع صور العنف ضد النساء والفتيات فى الأماكن العامة والخاصة، والقضاء على جميع الممارسات الضارة كزواج الأطفال والزواج القسرى والزواج المبكر وختان الإناث، وضمان تمتع الجميع بالصحة الجنسية والإنجابية، وضمان مشاركة المرأة الكاملة والفعالة وتكافؤ فرصها فى القيادة على جميع مستويات اتخاذ القرار فى الحياة السياسية والاقتصادية والعامة، وتنفيذ إصلاحات تعطى المرأة حقوقاً متساوية فى الموارد الاقتصادية، وتبنّى وتعزيز سياسات سليمة وتشريعات واجبة التطبيق لتشجيع المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات على جميع الأصعدة. إننا ندرك ضرورة المزيد من المبادرات والأنشطة والاستثمارات لتحقيق أثر مستدام، ومن المشجع بالتالى أن نرى استمرار مصر والمجتمع العالمى فى التعامل مع التحديات، وازدياد انخراط الرجال فى تشجيع المساواة بين الجنسين وتعاون المزيد من الأشخاص والمؤسسات سويا فى العمل على هذه القضية المهمة. التغيير ممكن، والتعاون ينجح، وعندما تزداد المساواة بين الجنسين ينخفض الفقر، ويومئذ سنفوز جميعاً!. *سفيرة السويد لدى القاهرة لمزيد من مقالات شارلوتا سبار