استقرار الريال السعودي أمام الجنيه المصري وسط زيادة الطلب خلال موسم العمرة    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 14 نوفمبر    45 دقيقة متوسط التأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 14 نوفمبر 2025    الدفاع الروسية: إسقاط 216 مسيرة أوكرانية خلال الليل    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة منتخب مصر الثاني ضد الجزائر.. والموعد    مصرع محمد صبري لاعب نادي الزمالك السابق في حادث مروع بالتجمع الخامس    حكام مباراتي مصر أمام الجزائر وديا ضمن استعدادات كأس العرب    «مفيش إدارة بتدير ولا تخطيط».. نجم الزمالك السابق يفتح النار على مجلس لبيب    وليد صلاح الدين يكشف سبب غضبه قبل السوبر (فيديو)    داخل مقبرة، الأمن الفيدرالي الروسي يحبط محاولة اغتيال أحد كبار المسؤولين الروس    بإطلالة جريئة.. مي القاضي تثير الجدل في أحدث ظهور    قطع الكهرباء لمدة 5 ساعات غدًا السبت عن عدة مناطق في 3 محافظات    محافظ الإسكندرية يكلف التنفيذيين ب «التواجد الميداني» لمواجهة تقلبات الطقس    المالية: هدفنا الالتزام الطوعي بالضرائب وأوقفنا مؤقتًا حملات التهرب مع علمنا بالمخالفين    نانسي عجرم عن أغنية أنا مصري وأبويا مصري: استقبلوني كنجمة كبيرة ورصيدي أغنيتان فقررت رد التحية    رئيس مؤتمر «تبرع حياة مصر»: نُنظم حملات توعية لتثقيف المواطنين بالتبرع بالأعضاء    رئيس كوريا الجنوبية: اتفقنا مع الولايات المتحدة على بناء غواصة نووية    كمال الدين رضا يكتب: حق مصر    حماية المستهلك: ضبط 11.5 طن لحوم فاسدة يُعاد تصنيعها قبل وصولها للمواطن منذ بداية نوفمبر    الجزائر.. اندلاع 17 حريقا في عدة ولايات    برشلونة ينهي آخر تدريباته بغياب 17 لاعبًا!    الدبلوماسي والسياسي مروان طوباس: «قوة الاستقرار الدولية» وصاية جديدة على فلسطين    تامر عبدالحميد: الأهلي كان الأفضل في السوبر.. وبيزيرا وإسماعيل وربيع أفضل صفقات الزمالك    حجر رشيد.. رمز الهوية المصرية المسلوب في المتحف البريطاني    ميسي يحمل قميص "إلتشي".. ما علاقته بمالك النادي؟    خبر حقيقي.. مؤلف «كارثة طبيعية» يكشف سبب فكرة العمل    بعد حلقة أمنية حجازي .. ياسمين الخطيب تعتذر ل عبدالله رشدي    السيطرة على حريق شب داخل سيارة ملاكي أعلى كورنيش المعادي    طوارئ بالبحيرة لمواجهة سوء حالة الطقس وسقوط الأمطار الغزيرة.. فيديو وصور    كلماتها مؤثرة، محمد رمضان يحول نصائح والده إلى أغنية بمشاركة المطرب إليا (فيديو)    وداع موجع في شبين القناطر.. جنازة فني كهرباء رحل في لحظة مأساوية أمام ابنته    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    شاب ينهي حياته غرقاً بمياه ترعة العلمين الجديدة بكفر الدوار بالبحيرة    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سرّ الصلاة على النبي يوم الجمعة    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    جامعة المنيا تنظم ورشة عمل لأعضاء هيئة التدريس حول طرق التدريس الدامجة    ابتلاع طفل لخاتم معدنى بالبحيرة يثير الجدل على مواقع التواصل.. اعرف التفاصيل    أمراض بكتيرية حولت مسار التاريخ الأوروبي: تحليل الحمض النووي يكشف أسباب كارثة جيش نابليون في روسيا    المركز الأفريقى لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي ل«مرض السكر»    محافظ بورسعيد يبحث استعدادات إجراء انتخابات مجلس النواب 2025    أول تعليق من «الأطباء» على واقعة إصابة طبيب بطلق ناري خلال مشاركته في قافلة طبية بقنا    نتنياهو يربط التعامل مع أحمد الشرع بهذا الشرط    إيران تطالب الأمم المتحدة بمحاسبة واشنطن وتل أبيب على ضرباتها النووية في يونيو    جيش الاحتلال يستهدف جنوب شرقي دير البلح بإطلاق نيران كثيف وسط غزة    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    تفاصيل محاكمة المتهمين بالتنمر على الطفل جان رامز على مواقع التواصل    التفاصيل الكاملة لمشروع جنة مصر وسكن مصر.. فيديو    الإمارات تعلن نتائج تحقيقات تهريب العتاد العسكري إلى السودان    أذكار المساء يوم الجمعة – حصنك من الشر والهم والضيق    اليوم.. أوقاف الفيوم تفتتح مسجد"الرحمة"بمركز سنورس    مصرع 3 أشخاص وإصابة 4 في حادث تصادم سيارتين بالكيلو 17 غرب العريش    «اقفلوا الشبابيك» .. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار رعدية ورياح هابطة    القانون يحدد شروطا للتدريس بالمدارس الفنية.. تعرف عليها    4 أبراج «بيجيلهم اكتئاب الشتاء».. حسّاسون يتأثرون بشدة من البرد ويحتاجون للدفء العاطفي    "الصحة" تنظم جلسة لمناقشة تطبيق التحول الأخضر في المستشفيات وإدارة المخلفات الطبية    الشيخ خالد الجندي: كل لحظة انتظار للصلاة تُكتب في ميزانك وتجعلك من القانتين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارك تحرير النساء اللانهائية
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 10 - 2015

إنه السبت 24 أكتوبر 2015 الساعة الرابعة مساء، وأنا أسير تحت المطر فى شارع ادجوير فى لندن، فى طريقى لألقى كلمتى فى مؤتمر نظمته الحركة
النسائية الإنجليزية الشبابية الجديدة، لاستعادة حركة الأمهات الثوريات، التى ازدهرت فى ستينات ادجوير، الذى أصبح شارع العرب والمسلمين، يكتظ بالمطاعم والمقاهى العربية والإيرانية والتركية والباكستانية وغيرها، تتصاعد روائح الشيش كباب مع أغنيات أم كلثوم وفيروز، تلتقط أذناى اللهجات الفارسية والتركية والإندونيسية والنيجيرية.
وبالطبع اللهجات العربية، من مصر والسودان واليمن الى سوريا ولبنان والعراق والمغرب والجزائر وتونس وليبيا، أصبحت أمة العرب جماعات مشتتة من المهاجرين فى جميع بقاع العالم، طبقا لفكرة «فرق تسد» للاستعمار البريطانى القديم «الأب الشرعي» للاستعمار الأمريكى الجديد ودولة اسرائيل والسوق الرأسمالية الحرة فى نهب الأموال.
أكاد أنسى أننى فى لندن لولا ملامح وملابس رجال البوليس الانجليزى الذين ظهروا فجأة فى الشارع الذى امتلأ بآلاف الآلاف لمظاهرة ضخمة للشيعة بملابسهم المميزة وأعلامهم الحمراء تحمل اسم الحسين بن علي، يسيرون فى صفوف لا نهائية، رافعين اللافتات، نقش عليها بحروف عربية وفارسية ولاتينية، النداء لإحياء ذكرى الحسين بن علي، العاشر من شهر محرم (يوافق 24 أكتوبر) ولافتات تحمل «تسقط داعش» والهتافات ودقات الطبول تتصاعد للسماء بأصوات الرجال والنساء والأطفال داخل عرباتهم الصغيرة تجرها الأمهات، وآلاف النساء بملابسهن السوداء من الرأس للقدمين، لكن الوجه مكشوف، لا يغطيه النقاب كما يفعل السلفيون بنسائهم.
أقبل نحوى شباب وشابات يتكلمون العربية، هاجروا بسبب الحروب المشتعلة فى بلادهم، يدرسون بالجامعات الإنجليزية أو يشتغلون بمختلف المهن، من أساتذة بالجامعات الى ماسحى الأحذية، تتألق عيونهم بالأمل رغم كل الصعاب، قرأوا كتبى بالعربية أو الإنجليزية، أخذوا يلتقطون الصور معي، لكل منهم محمول بحجم كف اليد، يقوم بالاتصالات والتواصل العالمى والمحلي، والتصوير والتويتر والايميل والفيسبوك وغيرها.. سألت أحدهم عن اسمه، قال أنا «علاء الخطيب» من قرائك يا دكتورة الذين يتابعون كتبك ومقالاتك، أعمل هنا فى لندن فى مجال الصحافة والإعلام.. وما هذه المظاهرة يا علاء؟
إنها مظاهرة لإعلان التضامن مع الإمام الحسين بن على ابن عم الرسول محمد، وقد تبنى هذه الأهداف: نعم للثورة من أجل الحرية والعدل، لا للاستبداد، لا للعبودية، لا للظلم، لا للفساد، لا لحكم بنى أمية، لا للتوريث. هذه الكلمات نطق بها الحسين وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، ونحن نرفع أيضا شعار «تسقط داعش» التى تقطع الرؤوس، تقليدا لبنى أمية الذين بدأوا قطع الرؤوس فى تاريخ الاسلام، فقطعوا رأس الإمام الحسين، بعد أن رفض بيعة يزيد بن معاوية الذى أخذ الخلافة بالوراثة.
فى هذا اليوم ذاته كانت مظاهرة أخرى فى لندن، تنظمها حركة الحدود المفتوحة، مجموعة من الشباب الراديكالى الرافضين للحدود المغلقة أمام المهاجرين من البلاد الأخري، رافعين شعار: لا للقهر بسبب الجنسية أو الهوية. وفى هذا اليوم ذاته أغلقت شوارع نيويورك مظاهرة ضخمة لمدة ثلاثة أيام، رافعة شعار: انهض فى أكتوبر، ضد العنصرية وإرهاب البوليس الأمريكى الذى يقتل السود وذوى البشرة البنية الداكنة، يقود المظاهرة مجموعة من الثوريين الأمريكيين، منهم نوم تشومسكى وكورنيل ويست وكارل ديكس وجينا بلا فونت وايف انسلر، وجمال جوزيف وارتورو اوفاريل وستيفن فيلبس وغيرهم ممن شاركوا فى مظاهرات نيويورك ضد الرأسمالية الشرسة، فى حركة «احتلوا وول ستريت» عام 2011، وشعارهم 99% لا يملكون شيئا بينما 1% يملكون كل شيء.
أطباء نيويورك بقيادة الطبيب «برنارد لون» يشاركون فى انتفاضة أكتوبر 2015، أعلنوا أن الاطباء فى مواجهة سرطان العنصرية، يرددون كلمات «لوثر كينج» الذى اغتاله البوليس الأمريكى فى ستينيات القرن الماضي: الصمت خيانة وجريمة، منذ نشوء بلدنا وهذا السرطان الخبيث يأكل حريتنا وديمقراطيتنا الزائفة، العنصرية منطق العبودية الباقي، والثقافة الرأسمالية بنظامها الاجتماعى السياسى الاقتصادي، تملك القلة كل شيء وتحرم الأغلبية الساحقة من ضرورات الحياة، أيها الأمريكى انهض وحدد مع أى جانب تقف؟
هذه الانتفاضات ضد القهر العنصرى والطبقى فى كل العالم، أصبحت ظاهرة إيجابية، فشلت الرأسمالية فى تحقيق العدل والحرية للشعوب نساء ورجالا، وسرت فى طريقى ينعشنى المطر الى مؤتمر النساء فى لندن، كانت القاعة مكتظة بآلاف النساء والرجال أغلبهم شباب وشابات، تكلمت عن عودة الحركات النسائية بوعى جديد، يربط بين القهر العنصرى والطبقى والأبوى والدينى والجنسي، لا ينفصل فى التاريخ قهر النساء عن قهر العبيد والأجراء، قضية المرأة مثل قضية العنصرية والاستعمار والرأسمالية الشرسة، تقهرنا جميعا فى الشرق والغرب، النساء والرجال والشباب والأطفال، وقد بدأت الأجيال الجديدة تبحث عن جذور مشكلة النساء، وتربطها بالمشكلات الأخرى فى الدولة والأسرة، وفى العالم أجمع، وبالأمس تظاهرت النساء الإنجليزيات أمام البر لمان للمطالبة بالمساواة فى الأجر مع الرجال، معركة بدأت منذ قرن ولم يتم الفوز بها بعد.
لمزيد من مقالات د.نوال السعداوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.