تفاؤل كبير سيطر على الاسواق بعد اعلان تعيين طارق عامر محافظا للبنك المركزى ،واكبر شاهد على ذلك هو تراجع الدولار بالسوق الموازية بنحو 20 قرشا ،كما ان الاوساط الاقتصادية والمالية والتجارية استقبلت الخبر بالتعبير عن التفاؤل. التفاؤل مبعثه خبرة وكفاءة عامر خلال سنوات عمله بالقطاع المصرفى سواء على المستوى الدولى حيث تولى مناصب عديدة فى سيتى بنك ، وكذا بنك اوف امريكا ، قبل أن يتولى نائبا لرئيس بنك مصر ، ثم نائبا اول لمحافظ البنك المركزى الدكتور فاروق العقدة ، وهى الفترة التى شهدت اذهى فترة فى تاريخ السياسة النقدية على مستوى التخطيط والادارة ، تم خلالها تكوين وبناء الاحتياطى الاجنبى من الصفر ليصل الى 36 مليار دولار حتى ان بعض خبراء الاقتصاد كانوا ينتقدون ارتفاع الاحتياطى الاجنبى الى هذا المستوى ، كما تم خفض قيمة الدولار امام الجنيه الى 5.70 جنيه للدولار وهو المستوى الذى استمر 6 سنوات ،وكانت الظروف قبل تولى الدكتور فاروق العقدة وفريق العمل الذى اختاره لمعاونته عام 2004 مشابهة لنفس الظروف الاقتصادية تقريبا ، حيث كانت السوق تعانى ندرة العملة الاجنبية ، والمضاربات على العملة تسيطر على السوق ، ووصل الدولار الى 8 جنيهات ، كما كان اصحاب الايرادات السياحية والتصدير ، يمتنعون عن تحويلها والتنازل عنها بالبنوك ، ولكن نجحت السياسة النقدية الرشيدة التى انتهجها البنك المركزى – وقتها – فى تصحيح الاوضاع ، لينخفض سعر الدولار امام الجنيه . واثبت طارق عامر نجاحه عندما اختاره الدكتور فاروق العقدة لرئاسة البنك الاهلى المصرى عام 2008 ، وقفزت ارباح البنك من نحو 360 مليون جنيه الى نحو 3 مليارات جنيه عام 2011 – اكثر من 7 اضعاف .. كما شهدت محفظته السوقية نموا ليستحوذ على نحو 28 % من السوق المصرفية المصرية ، وهذا فى حد ذاته انجاز كبير فى ظل المنافسة الشديدة مع البنوك الاجنبية والخاصة التى كانت تسعى بدأب لنمو حصتها بالسوق على حساب البنوك العامة . كنت احد الشهود على الحزن الشديد الذى انتاب العاملين بالبنك الاهلى عندما اعلن طارق عامر استقالته من رئاسة البنك الاهلى ، حيث اتصل بى كثير ممن اعرفهم بالبنك ، متسائلين .. ازاى طارق عامر يترك البنك الاهلى ؟ دى خسارة كبيرة .. السؤال ماذا يملك عامر ، ليحقق هذا النجاح فى كل المواقع والمناصب التى اسندت اليه ؟ خبرة عامر وكفاءته لاشك من العناصر الاساسية ، ولكن عامر يتميز ايضا بانه يعمل بروح الفريق - وهو سر نجاح الدكتور فاروق العقدة ايضا حيث يجتذب الى جواره فريقا من الكفاءات وذوى الخبرات، ويطلقل العنان والافاق لهم للابداع والابتكار ، وثبات الذات ، عندما ترك منصبه فى البنك الاهلى كان هناك صف ثان من القيادات المصرفية رفيعة المستوى حيث خلفه فى رئاسة البنك النائب الاول له هشام عكاشة ومعه فريق كبير من قيادات الصف الثانى ، وهو ما قاد البنك للحفاظ على ادائه المتميز ونمو مستمر فى ارباحه ، ليحافظ على حصته السوقية . من هنا يمكن تفسير التفاؤل بتعيين طارق عامر محافظا للبنك المركزى ، فهو يمتلك الحس السياسى ، الى جانب خبراته المصرفية ، كما يتمتع بقدرة عالية على التواصل مع كافة الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة ، والقدرة على استكشاف المستقبل ، وبعث رسائل للتفاؤل بالمستقبل ترتكز على شواهد ، حيث برهن على قراءته للمستقبل والاستعداد له عندما طرح البنك الاهلى سندات دولارية فى الاسواق العالمية قبل ثورة 25 يناير بشهور بتكلفة متميزة ، ورغم انتقاد البعض وقتها ، الا ان هذه الاموال ساعدت البنك الاهلى فى توفير العملة الاجنبية للحكومة لتمويل استيراد السلع الاساسية والسلع الوسيطة بعد الثورة . طارق عامر لايمتلك عصا سحرية ، وثمة صعوبات وتحديات ليست بالبسيطة تنتظره ، ولكن – نجاحاته السابقة وكفاءته وخبراته تبرر التفاؤل فى تعيينه محافظا للبنك المركزى .. ولكن يجب ان نعطيه فرصة كافية لاعادة رسم ووضع استراتيجيته واختيار فريق العمل المعاون ، حتى يحقق النجاح المأمول .