هاجس الطاقة ....أمر بدا جليا خلال جولة شاركت فيها مع عدد من الصحفيين الأوروبيين فى ولاية بادن فورتمبيرج جنوبالمانيا والتى تعد مركز البحوث والتطوير للعديد من الشركات الألمانية الكبرى فى الصناعات الهندسية والطاقة وكذلك صناعة السيارات. فعلى مدار 4 أيام من الجولات والزيارات للمراكز البحثية والشركات بمدن تلك الولاية الحدودية مع فرنسا وسويسرا بدا واضحا انتشار الخلايا الشمسية على أسقف المنازل بالقرى والمدن حيث تعد الولاية الجنوبية الأكثر حظا لارتفاع معدلات سطوع الشمس بها مقارنة بولايات الشمال كما ساهمت القوانين الفيدرالية لتعريفة التغذية للطاقة المتجددة والتى تم تفعيلها من سنوات طويلة فى تحمس سكان المدن والقرى لتركيب الخلايا الشمسية على أسقف منازلهم وتأجير الأراضى لإقامة محطات طاقة الرياح. وكما توضح المحامية راينبولد مينش عمدة قرية فرايمات الواقعة جنوبالمانيا قرب الحدود الفرنسية فإن سكان القرية البالغ عددهم 4 آلاف نسمة كانوا الأكثر تحمسا لتبنى تقنيات الطاقة المتجددة لإدراكهم حجم الفوائد الاقتصادية التى ستعود عليهم من إدارة وترشيد الطاقة ذاتيا وكذلك من بيع الفائض لشبكات الكهرباء وبالفعل فإن هناك تنوعا كبيرا فى مصادر الطاقة بالقرية مابين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حتى الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية يتم الاستفادة به لتدفئة المنازل وتوفير المياه الساخنة للمنازل والأماكن العامة حيث تعد القرية نموذجا لقرى الجنوب المنتجة للطاقة النظيفة. من أهم المراكز البحثية فى المانيا مراكز فراونهوفر للبحوث والتى تبلغ ميزانيتها السنوية 2 مليار يورو لإدارة وإنتاج البحوث فى أكثر من 66 مركزا بحثيا يحملون الإسم نفسه فى المانيا والعالم وكما أوضحت كارين شنايدر المسئولة الإعلامية فإن مراكز فراونهوفر تحتل المرتبة الخامسة عشرة على مستوى الهيئات البحثية والشركات الألمانية فى تسجيل براءات الاختراع حيث تسجل 430 براءة اختراع سنويا فى حين أن المراكز الأربع الأولى هى للشركات الألمانية الكبرى فى مجال الصناعات الهندسة والسيارات والأجهزة الكهربائية هذه الشركات الأربع تسجل مجتمعة 10 آلاف براءة اختراع سنويا. ومن هذه المراكز كانت الزيارة لمركز فراونهوفر لأبحاث الطاقة الشمسية والذى تبلغ ميزانيته السنوية 86 مليون يورو موجهة لأربعة مجالات هى رفع كفاءة الخلايا الشمسية واستحداث نظم أفضل لحفظ وتخزين الطاقة وتوزيعها وتمول الحكومة الفيدرالية 40% من هذه البحوث و25% من القطاع الخاص والصناعة والنسب الباقية من مشاريع التعاون المشترك مع الجامعات المراكز البحثية المحلية والأوروبية ومن عوائد براءات الاختراع والاستشارات الفنية والخدمية. وتضيف كارين شنايدر المسؤولة الإعلامية أنه فى ظل الاهتمام العالمى بالوصول لخلايا شمسية عالية الكفاءة فى إنتاج الكهرباء ومع دخول الصين منذ عام 2006 كمنافس عالمى قوى فى إنتاج خلايا شمسية زهيدة الثمن نتيجة لنقل التكنولوجيا وشرائهم لخطوط الإنتاج من ألمانيا فلقد شهدت السنوات الأخيرة تراجعا على المستوى المحلى والأوروبى فى تحويل البحوث التطبيقية إلى مشروعات صناعية كما أغلقت عدة شركات ألمانية تعمل فى الطاقة الشمسية لعدم قدرتها على منافسة المارد الأسيوي. ورغم ذلك تشير كارين شنايدر إلى أنهم يعملون بصورة مكثفة لتحقيق قفزات علمية وتقنية فى صناعة الخلايا الشمسية والتى لا تتعدى كفاءتها فى إنتاج الكهرباء أكثر من 16 -20% كحد أقصى. ومن الدراسات التى تتم حاليا ما يعرف بالخلايا الكهروضوئية المركزة تلك التقنية والتى تم التوصل لها وتصنيعها فى تسعينيات القرن الماضى بالتعاون مع مركز بحوث الفضاء الأوروبى وإضافتها بمحطات الفضاء والأقمار الصناعية لرفع كفاءة توليد الطاقة هى عبارة على ألواح من العدسات والمركزات الضوئية التى تكثف أشعة الشمس وتسقطه على لوح آخر من أشباه الموصلات بما يسهم فى مضاعفة إنتاج الكهرباء بكفاءة 46-50% وحاليا يسعى العلماء لخفض تكلفة التصنيع والإنتاج وتطبيقها على الأرض لتكون بمثابة ثورة جديدة فى محطات الطاقة الشمسية. وبسؤال للأهرام عن إمكانية شراء شركات الطاقة الدولية غير الألمانية لهذه التقنية الحديثة أوضحت المتحدثة الإعلامية أن هذا الأمر من الصعب حدوثه حيث إن البحوث التى يجرونها ممولة من الدولة ودافعى الضرائب ويجب أن يكون المستفيد الأساسى من تلك التقنيات حال تصنيعها وتطبيقها هى الشركات الألمانية. إضافة لذلك تم عرض نماذج متنوعة من الخلايا الشمسية منها ما يتم تثبيته لاستثمار الحوائط و الأسقف الزجاجية للمبانى فى إنتاج الكهرباء دون الحاجة للأراضى لإقامة المحطات الشمسية. من القفزات التكنولوجية الهامة التى تم إلقاء الضوء عليها خلال الزيارة نماذج للمحطات المنزلية الصغيرة للتدفئة وإنتاج الكهرباء، حيث تتكبد الأسر فى أوروبا مبالغ كبيرة لتدفئة المنازل خاصة خلال شهور الشتاء لذلك سعت إحدى المراكز البحثية الألمانية لتصميم نموذج متطور من خلايا الوقود وطبقا للنموذج الأولى الذى تم تركيبه بمنزل إحدى الأسر بمدينة رويتشايم فإن الجهاز يعمل بالغاز الطبيعى لإنتاج عدة مهام هى تدفئة المنزل وتوفير المياه الساخنة وأيضا إنتاج الكهرباء وبالتالى يمكن للأسر خفض فواتير الكهرباء وأيضا تصدير الفائض من الطاقة للشبكة. وفى ذات السياق أتيح للوفد الصحفى زيارة معهد كارلسروهر للتكنولوجيا KIT والذى يعد أول جامعة تقنية فى المانيا ومن أهم المراكز البحثية التى تركز على بحوث النانوتكنولوجى والطاقة المتجددة وكما أوضح العالم المصرى محمد ممدوح الخضرجى الباحث فى تقنيات تخزين الطاقة فإن ما يميز الجامعات التطبيقية فى المانيا هو أنها توجه البحوث وتولى الاهتمام الأكبر لحل مشكلات الصناعة وتطوير المنتجات إضافة إلى دراسة وتقييم المنتجات المنافسة لذلك فإن التسابق بين العلماء فى مثل هذه الجامعات التقنية هو فى تسجيل براءات الاختراع وخدمة الصناعة وليس النشر العلمى. وعن مجال بحثه أوضح د. الخضرجى أنه يعمل مع عدد من العلماء على تطوير صناعة بطاريات التخزين مثل بطاريات الليثيوم وطرح حلول جديدة لبطاريات التخزين المنزلية للخلايا الشمسية بحيث تكون أعلى كفاءة وأقل تكلفة فى التصنيع وذلك هو التحدى الذى تتبارى فيه المراكز البحثية المعنية بمستقبل الطاقة.