طالب الدكتور نصر فريد واصل مفتى الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، بإصدار قانون يمنع الحج أكثر من مرة وجعله مرة واحدة فقط فى العمر منعا للضرر وحفظا للنفس البشرية التى هى مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، وتقليلا للزحام الذى تشهده المناسك. واوضح فى حوار مع ا «الأهرام» أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يحج إلا مرة واحدة، مؤكدا أن التصدق بنفقات حج النافلة على الفقراء والمحتاجين أولى من تكرار الحج. وقال فضيلة المفتى السابق إن مشروعات التوسعة وتحويل مخيمات منى الى مبان وفنادق لن يحل الأزمة، وان الأمية الدينية والتشدد يدفعان الحجاج نحو مزيد من التدافع والتزاحم والحوادث التى تؤدى إلى ازهاق الأرواح. وإلى نص الحوار. ما تعليقكم على ما حدث فى مشعر منى هذا العام؟ السلطات السعودية هى التى تعرف الأسباب التى أدت إلى هذه الكارثة فهم المسئولون ومن يعرفون هل هذا طبيعى نتيجة التدافع أم هو خطأ ارتكب وارى أن الحقيقة ستظهر فى التقرير النهائى الذى ستعلنه المملكة العربية السعودية وهى أمينة على ذلك، كما أن الزحام الشديد الذى فوق طاقة الجهات المسئولة يؤدى الى مثل هذه الحوادث، فى حين أن العبادات كلها شرعت من أجل إحياء النفس البشرية والحفاظ عليها، ولذلك أجد أن السبب فى كارثة الحج هذا العام هو الزحام المبالغ فيه نحو 3 ملايين حاج بالإضافة إلى الأعداد غير المسجلة، وهذا عدد ضخم فى مكان لا يتسع لهذا العدد، وهم شهداء ولكل اجل كتاب ولكن يجب ان نوضح للجميع أن الإسلام شرع فريضة الحج من أجل إحياء النفس وليشهد الناس منافع لهم، وقد ذكر ذلك القرآن الكريم، فقال تعالى: (رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ). وقال تعالى أيضا (وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ). ولم يشرع الحج إلا مرة واحدة فى العمر بخلاف العبادات الأخرى كالصلاة والزكاة والصيام وغيرها، وعندما نرى هؤلاء الذين يتزاحمون ويتنافسون ويسافرون لأداء الحج أكثر من مرة فى العمر فيجب ان نذكر هؤلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يحج إلا مرة واحدة، ومن ادى الفريضة مرة فمن الأولى أن يتصدق بنفقات حجة على الجوعى والفقراء والمرضى والأيتام والمحتاجين بدلا من الحج أكثر من مرة فنفسه كنفس غيره فعليه قبل أن يذهب للحج مرة ثانية او ثالثة ألا يترك من فى حاجة إلى طعام أو شراب أو كساء أو دواء، سواء كان من أهله أو من غيرهم. كما أنه يوجد رحلات الحج المبالغ فيها وتصل لمبالغ ضخمة وهناك من يموت جوعا وهذا لا يصح ويجب أن يضع المال فى محله والإنفاق فى محله ولابد أن تعى الناس وتفهم ذلك بدلا من السفر إلى الحج عدة مرات فهذا سببه الأمية الدينية التى نعانيها حيث إننا لم نتفقه فى الدين. وماذا عن فتاوى رمى الجمرات ووقته والتى يثار حولها خلاف يتجدد كل عام وتكون سببا فى الكثير من حوادث التدافع بسبب حرص الحجيج على الرمى قبل الزوال؟ صدرت عدة فتاوى من دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية تؤكد جواز الرمى فى كل أوقات الليلة بعد المجيء إلى المزدلفة وعرفات وان رمى جمرة العقبة الكبرى أو الجمرات الثلاث فى أيام التشريق طوال ال 24 ساعة، ولكن بعض من يتشدد يترك هذه التيسيرات ورأى المجامع الفقهية ويتمسكون برأى المتشددين وهم لا يفقهون الدين الصحيح الذى يحقق السلام والأمان بعيدا عن الأمية الثقافية والجهل. وكيف ترى ضرورة تحويل مخيمات منى إلى مبان سكنية لحفظ الأنفس واستيعاب أعداد الحجيج التى تتزايد عاما بعد عام؟ هناك قاعدة فقهية تقول إذا ضاق الأمر اتسع، والعبادات شرعت رحمة للعباد وإذا كان لا مجال ولا مفر لهذا فما المانع فى ذلك من الناحية الشرعية فهذا جائز ولكن بضوابط حتى لا تتحول تلك المبانى الى تجارة، وإذا أخذنا بالتيسير فى رمى الجمرات فهذا أيضا حل أمثل لمشكلة التزاحم. وكذلك ايضا عدم تكرار الحج يقلل بشكل كبير من اعداد الحجاج وخاصة اذا علمنا ان أكثر من 75 فى المائة من الأشخاص لن يذهبوا إلى الحج. وحلول التوسعة واضافة المبانى وحدها لن تحل مشكلة تزايد اعداد الحجيج عاما بعد عام لان المكان محدود ومحصور فالأمر يحتاج إلى عملية تنظيمية والتوسعة على الفقراء والمساكين والمحتاجين واخذ ثواب التبرع والتصدق على الفقراء أولى من التكرار ويحقق مقصد التكافل الذى حثت عليه الشريعة الإسلامية. وهل تؤيد إصدار قانون لتنظيم عملية الحج وجعلها مرة واحدة فى العمر؟ نعم أؤيد إصدار قانون بمنع الحج أكثر من مرة وجعله مرة واحدة فقط لأنه يجب علينا أن ننظم أمورنا بطريقة ليس فيها تساهل منعا للضرر وحفظا للنفس البشرية واكرر أن التشدد مرفوض وخطأ فى تحديد مواقيت الرمى حيث إنها محددة كما جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذى لم يسأل عن أمر من أمور الحج إلا وقال صلى الله عليه وسلم: «إفعل ولاحرج» والابتعاد عن التشدد فى المواعيد ومخالفة الفتاوى واجماع المجامع الفقهية ودار الافتاء من قبل المتشددين يؤدى إلى التدافع الشديد وتكرار مثل هذه الحوادث التى ينتج عنها قتل أعداد كثيرة .