تتعدد مظاهر التفريط في "جنب الله تعالى"، ومنها ارتكاب المعاصي، والإصرار على الصغائر، والتكاسل عن أعمال الخير، خاصة الفرائض والعبادات والطاعات، والغفلة عن ذكر الله، والشعور بقسوة القلب، وغيرها من مظاهر، الأمر الذي يقتضي سرعة التداوي منها. لقد حذّر الله تعالى من ارتكاب المعصية، والإصرار على الصغيرة.. فقال: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير".(الشورى :30).
جاء عن الحسن البصري: "لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده، ما من خدش عود، ولا اختلاج عرق، ولا نكبة حجر، ولا عثرة قدم إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر". (مرسل بهذا اللفظ).
وهذا أبو سليمان الدراني يقول: "لا تفوت أحدا صلاة الجماعة إلا بذنب". (إحياء علوم الدين).
وهذا عابد يقول: "كم من أكلة منعت قيام ليلة، وكم من نظرة منعت قراءة سورة، وإن العبد ليأكل الأكلة، أو يفعل الفعلة، فيُحرم بها قيام سنة، وكما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ كذلك الفحشاء تنهى عن الصلاة، وسائر الخيرات".
ومن مظاهر التفريط أيضا: التكاسل عن أعمال الخير، والطاعات.. يقول ابن القيم: "من آثار المعاصي حرمان الطاعة". (الداء والدواء).
وقد يتمثل هذا التكاسل في التكاسل عن أداء العبادات، وعدم الاهتمام بها، فيؤدي المرء الصلاة؛ حركات وقراءة وقياما وقعودا؛ لا أثر فيها، بل يضيق بها، كأنه في سجن، يريد الانصراف منه سريعا!
هنا قد ينطبق عليه وصف المنافقين في القرآن: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً". (النساء:142)، وقوله تعالى: "وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ". (البقرة: 45).
مع أنه يُستراح بالصلاة من متاعب الحياة. ترى ذلك في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يا بلال: أرحنا بالصلاة". وقوله: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ الصالحة". (مسلم). وكونه "كان إذا حزبه أمر (أهمَّه) فزع (لجأ) إلى الصلاة". (حسنه الألباني).
وهناك مظاهر أخرى للتفريط في جنب الله، منها: النوم عن الصلاة المكتوبة، وإهمال النوافل الراتبة، وترك قيام الليل، وصلاة الوتر، وصلاة الضحى، وتضييع الورد القرآني، والأذكار، والدعاء، ومحاسبة النفس والتوبة والاستغفار، والتخلف عن الذهاب إلى المسجد، وعدم حضور الجماعة بغير عذر، ولا مبرر، وعدم فعل بعض الخيرات إجمالا، وإهمال الآداب الاجتماعية، من عيادة مرضى، وتشييع جنائز، والسؤال عما في الناس، ومشاركتهم أحوالهم في السراء، والضراء". (آفات على الطريق، السيد محمد نوح).
ومن المظاهر كذلك: "غفلة هائلة عن ذكر الله، فلا يذكره بلسانه، ويثقل عليه ذلك، وحتى الدعاء، فلا يدعو، أو سرعان ما يقبض يده.
وهذا كله حذر منه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وربما يكون منبعه ما أشار إليه بقوله: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ". (البخاري). [email protected] لمزيد من مقالات عبدالرحمن سعد