16 - في الذكري الثانية لانتصار أكتوبر المجيد نظمت إسرائيل ندوة دولية استمرت لمدة 6 أيام فيما بين 12 و 17 أكتوبر 1975 تحت عنوان: «عناصر التقصير في حرب يوم كيبور» أي يوم «عيد الغفران» وكان واضحا من مناقشات الندوة أن هناك توجها في إسرائيل لوقف مناخ جلد النفس والذات الذي ساد المجتمع الإسرائيلي منذ أن لحقت بهم الهزيمة في جبهة قناة السويس التي أسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر وأسقطت معها كل مظاهر الغطرسة والغرور والثقة الزائدة لدي جنرالات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وفي الكتاب الإسرائيلي الذي لخص مناقشات هذه الندوة تحت عنوان: «وجهات نظر فى الصراع الإسرائيلى» لم يمنع حرص المشاركين فيها علي التخفيف من أحاسيس الفشل ومشاعر المرارة وخيبة الأمل لدى الإسرائيليين من الاعتراف بجسارة قرار العبور وشجاعة المقاتل المصري ودقة التخطيط وبراعة الخداع وهول المفاجأة التي دهمت إسرائيل. لقد اتضح بعد عامين من النكبة التي لحقت بإسرائيل أن دموع جولدامائير رئيسة الوزراء التي انهارت في ثالث أيام الحرب أمام عدسات التليفزيون مازالت - رغم مرور عامين على النكبة - عنوانا للمزاج العام في إسرائيل خصوصا بعد إذاعة أجزاء مؤلمة من تحقيقات لجنة القاضي الإسرائيلي «أجرانات» والتي لم تكن كاشفة فقط لأوجه التقصير في إسرائيل، وإنما كانت تحمل اعترافا صريحا بالمعجزة العسكرية المصرية وإيذانا ببدء مرحلة جديدة لم تعد فيها إسرائيل صاحبة اليد الطولي أو محتكرة لميزة المبادأة والمفاجأة والضربة الوقائية. والأهم من ذلك كله أن الإسرائيليين اعترفوا - ضمنا - في مناقشات هذه الندوة بأن ثقة المصريين بأنفسهم بعد نجاح العبور كان أكبر من كل محاولات تحطيم معنوياتهم بعد ثغرة الدفرسوار لأن المصريين - كما قال موشي ديان - بعد أن عرفوا طريق النصر لن يعودوا إلي مسار الهزائم مرة أخري بسهولة لأنهم أثبتوا قدرة فذة علي استيعاب الأسلحة الحديثة والتكنولوجيا المتطورة مع فهم عميق لاستراتيجيات الحروب الحديثة وهو ما يعد أهم وأكبر مفاجآت وصدمات حرب أكتوبر للدولة العبرية.. وغدا نواصل الحديث.. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله