ليس من قبيل المبالغة أن أقول انه رغم مرور 41 عاما على حرب أكتوبر المجيدة فإننا مازلنا بحاجة إلى مزيد من القراءة ومزيد من التحليل باتجاه المزيد من الفهم لما جرى يوم السادس من أكتوبر عام 1973 من عبور فريد لم يقتصر على عبور القوات المسلحة المصرية لقناة السويس واعتلاء الساتر واقتحام خط بارليف وإنما شمل عبورا أهم للروح والنفسية العربية التى كانت محبوسة فى خنادق اليأس والإحباط إلى شواطيء الأمل والرجاء بينما تغير الحال تماما فى إسرائيل بعد 6 سنوات من الصلف والغرور إلى صيحات استغاثة لتقليل حجم الكارثة التى لحقت بالجيش الذى لا يقهر والبحث عن وسيلة لاستعادة السمعة التى غرقت فى الوحل أمام جحافل العبور... فى هذا اليوم المجيد بدأ الانقسام والتفكيك يسرى فى داخل الحكومة الإسرائيلية واكتشف الوزراء أنهم هم الآخرون - قد خدعوا تماما فقد جاءت الحرب بالنسبة لهم مفاجأة تماما... وسرى اليأس والانقسام من الحكومة إلى الرأى العام الإسرائيلى وبدأت تظهر نغمة جديدة فى الإعلام العبرى اختفت منها تماما كلمات الغطرسة والصلف والغرور وبدأ الناس فى إسرائيل يستمعون من الإذاعة والتليفزيون إلى أغنية جديدة كلماتها تقول: «باسم الجنود الذين احترقوا أحياء فى دباباتهم باسم الطيارين الذين هبطوا والنيران مشتعلة فى صدورهم.. «أعدك ياصغيرتى العزيزة أن هذه الحرب ستكون الأخيرة» وتوقفت الإذاعة عن بث أغانى شرم الشيخ والقدس الذهبية اللتان كانتا من ثمار حرب يونيو 1967. إن ما حدث يوم السادس من أكتوبر كان بمثابة صدمة لم ترد فى حسبان أحد داخل إسرائيل.. ولعلنا نتذكر جيدا أنهم ظلوا طوال الأيام الأولى للحرب يتوهمون إمكانية القدرة على صد الهجوم بمفردهم ولكن عندما اكتشفت رئيسة الوزراء جولدامائير أن موشى ديان وزير الحرب الإسرائيلى قد انهار وأن القادة العسكريين فى جبهة القناة قد فقدوا صوابهم سارعت إلى الاستنجاد بالرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون تطلب منه تدخلا أمريكيا مباشرا وجرى ما جرى بعد ذلك من تدخل أمريكى مباشر منذ يوم 14 أكتوبر...وغدا نواصل الحديث