10 رمضان.. المكالمة الأمريكية(5) عندما وصلت أنباء الحرب إلي واشنطن في ساعة مبكرة من يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973- نتيجة فروق التوقيت- أيقظ الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون كبار مساعديه ومستشاريه من نومهم لإعداد تقرير عاجل حول الموقف في الشرق الأوسط واحتمالاته... وكان الشعور الأمريكي السائد في أروقة الإدارة الأمريكية- حيث لم يكن قد بلغ علمهم أن القوات المصرية تواصل عبورها قناة السويس فوق الجسور المنصوبة- هو الخشية من أن تعبر إسرائيل قناة السويس لكي تصل إلي القاهرة ثم تستدير باتجاه سوريا لكي تحتل دمشق وتدفع الأمور لمواجهة نووية مع الاتحاد السوفيتي. وسارع الدكتور هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية بالاتصال بالدكتور محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر- الذي كان موجودا في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة- طالبا من مصر ضرورة أن يتوقف القتال فورا لأن واشنطن تخشي من الرد الإسرائيلي المنتظر والذي قد يتجاوز حدود قدرة مصر وسوريا علي احتماله. وعندما أبلغه الدكتور الزيات بأن القوات المصرية قد أصبحت علي الضفة الشرقية للقناة بامتداد المواجهة من بورسعيد شمالا وحتي عيون موسي جنوبا كانت نصيحة كيسنجر هي أن علي مصر ألا تضيع الوقت وألا تضيع فرصة القبول باقتراح أمريكي محدد يدعو إلي وقف إطلاق النار وعودة القوات المتحاربة إلي الخطوط التي كانت عليها قبل بدء نشوب القتال. ولعلنا نتذكر جيدا أن إسرائيل ظلت طوال الأيام الأولي من الحرب تتوهم إمكان القدرة علي صد الهجوم المصري بمفردها وعندما اكتشفت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير أن وزير الدفاع موشي ديان قد انهار من الصدمة عقب زيارته لجبهة القتال حيث شاهد بأم عينه القادة العسكريين للجيش الذي لا يقهر وقد فقدوا صوابهم سارعت مائير إلي الاستنجاد بالرئيس الأمريكي نيكسون تطلب منه تدخلا أمريكيا مباشرا لأن التأييد السياسي لم يعد كافيا وأن الجسر الجوي والبحري الأمريكي لإمداد إسرائيل بالسلاح لا يفي باحتياجات المواجهة. ولأن نيكسون كان يعاني من إخفاقه في حرب فيتنام بينما تتصاعد الاتهامات ضده بسبب فضيحة ووترجيت هرول مسرعا إلي الكونجرس يطلب منح إسرائيل سلاحا إضافيا عاجلا قيمته2300 مليون دولار, كما طلب من الكونجرس السماح للطيارين الأمريكيين- تحت مظلة التطوع- بالتوجه للمساهمة في إنقاذ إسرائيل. وجري ما جري من تدخل أمريكي مباشر في مجريات الحرب لصالح إسرائيل لكن الزلزال كان قد وقع ولم يعد بالإمكان العودة إلي ما قبل يوم العاشر من رمضان. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: لا يعرف الحق طريقا إلي قلب الظالم! [email protected]