في مسعي لتخفيف الضغوط الشعبية، أقالت السلطات التركية أمس قادة الشرطة والمخابرات والأمن في العاصمة أنقرة في أعقاب التفجيرين الإرهابيين اللذين أوديا بحياة 97 شخصاً يوم السبت الماضي. وذكر بيان لوزارة الداخلية التركية أنه «في سبيل إجراء تحقيق سليم في الهجوم الإرهابي الشائن .. وتماشياً مع طلبات كبار مفتشي الشرطة والمفتشين المدنيين تم وقف قائد الشرطة الإقليمية في أنقرة وقائد إدارة المخابرات وقائد إدارة الأمن». وجاءت إقالة المسئولين الأمنيين بعد ساعات من اعتراف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بوجود تقصير و»ثغرات» أمنية في العاصمة. وهي التصريحات التي اعتبرها مراقبون محاولة لمغازلة الرأي العام التركي الذي صب غضبه علي حكومة «العدالة والتنمية» عقب الهجوم الإرهابي، مما قد يضعف فرص الحزب الحاكم في انتخابات نوفمبر المقبل البرلمانية خاصة في ظل اتهامات التقصير في منع وقوع الهجوم الأسوأ في تاريخ تركيا. وعلي مسار محاولات تجميل صورته بعد الاتهامات القاسية التي وجهها إليه رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش بالإهمال المتعمد لسلامة أنصار القضية الكردية الذين لقوا مصرعهم في مسيرة «السلام» السبت الماضي، بل والتشجيع علي القتل، زار إردوغان أمس موقع التفجيرين الإرهابيين، ووضع الورود في باحة محطة القطارات الرئيسية في المدينة برفقة نظيره الفنلندي ساولي نينيستو الذي يزور تركيا حالياً. إلي ذلك، أعلنت السلطات التركية اعتقال شخصين يعتقد بأنهما علي علاقة بحزب العمال الكردستاني، وذلك للاشتباه في أنهما كانا علي علم مسبق بتفجيري أنقرة. وقال مسئول في وزارة الداخلية التركية إن الرجلين تبادلا عبر تويتر معلومات بخصوص الهجوم قبل تسع ساعات من الهجوم. وجاء إعلان الداخلية بعد ساعات من توجيه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أصابع الاتهام في الهجوم الإرهابي إلي تنظيم «داعش» الإرهابي وتأكيده ضرورة عدم استبعاد تورط حزب «العمال الكردستاني». وفي دلالة علي توسع حجم المعارضة لإردوغان، حمل الروائي التركي أورهان باموك الكاتب الحاصل علي نوبل للآداب الرئيس التركي مسئولية انعدام الاستقرار وزيادة الحوادث الأمنية في تركيا عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وأشار باموك إلي أن الصراع بين الجيش والمسلحين الأكراد يعود لنفس السبب، لأن إردوغان أخفق في إقناع الأكراد للتصويت لصالح حزبه لتحقيق حلمه بتحويل النظام البرلماني إلي رئاسي، وأعرب باموك عن مخاوفه من إنزلاق تركيا إلي حرب أهلية، أو أن تعود إلي حقبة السبعينيات والصراع بين اليمينيين واليساريين الذي أفضي في النهاية إلي الانقلاب العسكري بقيادة كنعان إفرين عام 1980. وأكد باموك أن ظروف المعيشة في تركيا أصبحت شبه مستحيلة، والناس باتوا يخافون من الذهاب إلي الأماكن المزدحمة، فضلاً عن أن متلازمة القنبلة عمت الحياة بجميع نواحيها علي حد تعبيره، مضيفاً أن أردوغان يرغب في حكم وإدارة تركيا بمفرده.