حارب الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان عشر سنوات ولم ينتصر، وكان سببا فى ظهور القاعدة وكل حشود الإرهاب التى ملأت العالم كله.. وحارب الروس فى الشيشان سنوات طويلة ثم كانت مأساة البوسنة والهرسك، وكلها حروب سالت فيها دماء كثيرة.. والآن انقسم العالم أمام ما يحدث فى سوريا رغم ان كل المؤشرات كانت تؤكد ان المسلمين أمام محنة خطيرة هى المواجهة بين السنة والشيعة.. بدأت الكارثة فى العراق واستطاعت أمريكا ان تغرس بذور الفتنة وتشعل صراعا قديما بين أبناء العقيدة الواحدة.. كانت الحرب العراقية الإيرانية قد فتحت الجرح ولم يلتئم.. ولم يعد الانقسام الآن بين الغرب والشرق، أو بين العرب والفرس، أو بين السنة والشيعة ولكنه أصبح بين اهالى حلب وسكان حمص وأبناء اللاذقية وحوارى دمشق، حيث وصل الصراع إلى النخاع.. وماذا بعد كل ما حدث وما هى نهاية هذه المأساة كيف يسترد التراب السورى 8 ملايين مهاجر، وكيف يعيد الحياة لمئات الآلاف من القتلى والشهداء، وكيف تستعيد حلب أغانيها وتراثها وأسواقها ومبانيها العتيقة، وكيف تستعيد اللاذقية شواطئها وطيورها الهاربة من النيران.. هل يعقل ان يحدث ذلك كله من اجل حاكم.. من اجل شخص؟!.. ان روسيا أعلنت ان هدفها من الحملة إنقاذ الرئيس بشار الأسد، كان من الممكن ان تحمل الرجل وأسرته احدى طائرات السوخوى إلى موسكو أو أى عاصمة يختارها ويترك الشعب السورى يحدد مصيره، اما ان يدفع الشعب كله هذا الثمن من اجل بقاء حاكم مهما كانت عبقريته وحجم زعامته فهذا نوع من الجنون.. ان روسيا تجرب الآن فى الشعب السورى احدث أنواع الصواريخ العابرة للقارات تطلقها البوارج من بحر قزوين ويصل مداها إلى 1500 ميل وتعبر فوق العراق وإيران لتستقر فى قلب طفل صغير فى حمص أو حلب..كم يساوى هذا الصاروخ وكم هى رخيصة حياة هذا الطفل.. لقد تحولت حياة الشعوب إلى حقول تجارب مثل الفئران تماما، وكان الأولى بالحاكم العربى المسلم ان يأخذ أشياءه من البداية ويرحل حتى لو كان على حق فما بالك اذا كان هو الباطل كله.. صدق من قال ان السياسة أسوأ انواع الجنون.. لمزيد من مقالات فاروق جويدة