يبدو السؤال من فرط بساطته ساذجا هل نحن لدينا صناعة سينما بالمعنى المتعارف عليه عالميا؟ لماذا نقيم مهرجانات؟.. لماذا لا يقدر الفنانون مهرجانهم القومى؟.. تلك الأسئلة لابد وأن نطرحها على أنفسنا وعلى القائمين على فن السينما خصوصا فى ظل الغياب المقصود والمتعمد من قبل النجوم عن المشاركة فى فعاليات الدورة ال19 للمهرجان القومى للسينما حيث لم تشهد نجما يحضر عرض فيلمه مع الجمهور أو يشارك فى ندوة عن العمل وأحداثه ومستواه الفنى، لذلك كيف لنا أن نتخيل أن بعضا من هؤلاء النجوم قد يذهب الى دار الأوبرا للمشاركة فى ندوة تكريم فنان آخر رحل هذا أمر يبدو أقرب الى درب من دروب الخيال وما يؤكد ذلك ندوات الكبار الراحلين عمر الشريف وفاتن حمامة والمخرجة التسجيلية نبية لطفى (التى شهدت غيابا من الجمهور والنجوم على حد السواء وتشهد على ذلك كراسى القاعات الخاوية) والسؤال هنا هل تتحمل إدارة المهرجان بمفردها تلك الحالة هل على رئيس المهرجان الدكتور والسينمائى المخضرم سمير سيف أن يعيد التفكير فى آليات عمل المهرجان ووسائل الدعاية والترويج للحدث؟ انتمى للجيل الذى شهد دورات مهمة للمهرجان القومى للسينما كانت القاعات تضج من الزحام سواء من قبل النجوم أو الجمهور على حد سواء الحفلات الصباحية والمسائية.. وعاما بعد عام صار هناك عزوفا كليا عن المشاركة فى المهرجان القومى، تجسد هذا العام بشكل كبير _(والذى يعد حدثا فى كل الدول التى تقدر فنها وصناعتها ويتسابق نجوم أى بلد فى العالم فى المشاركة والتفاعل مع مهرجان سينماتهم المحلية)_ولكن فى مصر لا نملك تلك الثقافة ولا يهتم أحد بالترويج لها ورفع زيادة الوعي. وشهدت فعاليات الدورة ال19 للمهرجان القومى للسينما_( والتى تعقد فى الفترة من 11إلى 16 أكتوبر الحالى غياباً تاماً لفعاليات المهرجان، سواء من الجمهور أو فريق عمل الأفلام المشاركة فى المسابقات الروائية او التسجيلية أو التحريك رغم حضورهم مع أفلامهم فى المهرجانات الدولية والعربية، وغاب أيضاً أعضاء لجنة التحكيم التى تقتضى وظيفتهم حضور عرض الأفلام ومشاهدتها لتقييم الأفلام فى نهاية الدورة، بدعوى أن الأفلام عرضت وسبق وشاهدناها مما جعل البعض يطالب بإلغاء المهرجان وتوفير النفقات، وهى ليست المرة الاولى التى تصدر فيها هذه النوعية من الدعوات حيث سبق وتوقف المهرجان فى عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى وقتها أقام الفنانون الدنيا ولم يقعدوها مطالبين بعودة المهرجان .. ولكن ريما عادت لعادتها القديمة .. حيث يواصل السينمائيون الانصراف عن المهرجان عاما بعد عام . بدأ الغياب بحفل الافتتاح الذى لم يحضر فيه سوى المكرمين وأعضاء لجنة التحكيم، ورغم اهتمام المهرجان بإقامة ندوات للفنانين الراحلين هذا العام تحت عنوان «لن ننساهم».. ولكن ما اكده الواقع اننا نسيناهم أسرع مما كنا أنفسنا نتوقع ..وهى الندوات التى عزف عنها الجميع . لا نستطيع أن نلقى باللوم كله على كاهل رئيس المهرجان والذى أكد أنه أرسل دعوات لجميع نجوم وفنانى مصر لحضور المهرجان وفاعلياته ولكن للأسف لم يلب أحداً النداء وتغيبوا عن الحضور متسائلا: هل المفروض أن أجبر أحد على الحضور لحدث فنى يحتفى بهم وبإنتاجهم ويكرم بعضهم؟ ويجب أن يكون حرص الفنانين على دعم مهرجان بلدهم وحضور ندوات كبار النجوم الراحلين نابعا من داخلهم. المشهد الذى يعكسه انصراف النجوم عن حضور المهرجان القومى للسينما يؤكد أن هناك خلل تام فى منظومة صناعة السينما بكل أطرافها ويجب أن يعاد النظر فى آلية الانتاج وعلاقة النجوم بالمهرجان أو ان يتحول المهرجان الى احتفالية ليوم واحد مثل الأوسكار المسابقة المحلية للسينما الأمريكية والتى صارت الأشهرعالميا وهى مطالبات ليست بجديدة..خصوصا وان المهرجان بشكله الحالى يحتاج الى وقفة حقيقية وإعادة هيكلة.