دعا مصرفيون واقتصاديون الي ضرورة تشكيل لجنة وزارية مصغرة برئاسة رئيس مجلس الوزراء وتضم محافظ البنك المركزي ووزراء المجموعة الاقتصادية, لوضع خطة اقتصادية شاملة تتناغم فيها السياسات المالية والتجارية مع السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي للتعامل مع مشكلة نقص العملات الاجنبية, والتي ستزيد تداعياتها وضغوطها علي السوق خلال المرحلة المقبلة ويتوقع ان تستمر علي المدي القصير, وذلك بعد تراجع الاحتياطي الاجنبي لدي البنك المركزي الي نحو16.3 مليار دولار, ليسجل ادني مستوي له منذ6 اشهر بعد تلقي الحكومة, حيث تراجع الاحتياطي الاجنبي بنحو4.8 مليار دولار خلال العام الحالي2015, بسبب سداد الالتزامات الخارجية علي مصر,اقساط الدين الخارجي لنادي باريس في يناير ويوليو الماضيين, الي جانب سداد1.25 مليار دولار قيمة السندات التي اقترضتها الحكومة عام2005 والتي حل اجلها سبتمبر الماضي, والتي ادت اليا تراجع الاحتياطي الاجنبي بشكل لافت بنحو1.76 مليار خلال الشهر الماضي, الي جانب تمويل استيراد السلع التموينية والأساسية وغيرها من مستلزمات الصناعة. واقترح المصرفيون والاقتصاديون عددا من الأدوات والآليات المهمة التي تساعد علي تنشيط مصادر النقد الأجنبي بشكل اساسي, وفي مقدمتها تنمية الصادرات, الي جانب استعادة السياحة عافيتها, خاصة مع عودة الأمن بشكل واضح ومستقر, اضافة الي اتخاذ اجراءات تقشفية فيما يتعلق بالحد من استيراد السلع غير الضرورية, علي المستويين القرارات الادارية ورفع الرسوم, لافتين الي ان رفع الرسوم الجمركية لوحدها علي هذه السلع لان تحد بشكل جيد من استيرادها, نظرا للارباح الباهظة التي يحققها المستوردون منها مما يدفعهم الي شراء الدولار باي سعر من السوق الموازية والتحايل علي القرارات والاجراءات لاستيرادها, كما دعا الخبراء الي اهمية تشديد الرقابة الجمركية ومحاسبة المخالفين الذين يسمحون بضرب الفواتير ودخول كثير من السلع غير الضرورية تحت اسماء سلع اخري, الي جانب التحايل من جانب المستوردين علي الفواتير وقيمة السلع والحاويات, ونموذج4 الذي يتم استخراجه من البنوك لتقديمه الي الجمارك عند استيراد السلع ودخولها الي السوق. وقال محمد عباس فايد الرئيس التنفيذي لبنك عودة, ان تراجع الاحتياطي الاجنبي الي هذا المستوي امر يستدعي خطة شاملة للتعامل مع نقص العملات الاجنبية بالسوق, في ظل تزايد الطلب عليها خاصة مع زيادة فاتورة الاستيراد بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة لترتفع بنحو25% ويزيد حجم الفجوة في الميزان التجاري لتصل الي نحو38 مليار دولار, خاصة مع تراجع قيمة الصادرات بنحو22% خلال الاشهر الماضية, اضافة الي استمرار تراجع مصادر النقد الأجنبي من السياحة, والمساعدات الخارجية ولاسيما الخليجية, وتزامن ذلك مع حلول آجال سداد بعض الالتزامات الحكومية من اقساد الدين الخارجي وسداد قيمة السندات التي تم إصدارها في سنوات سابقة, اضافة الي تمويل استيراد السلع الأساسية من الغذاء والبترول والغاز الطبيعي. السياسة النقديةوالعزف المنفرد وانتقد فايد تحميل البعض السياسة النقدية المسئولية, لافتا الي إحدي وظائف الاحتياطي الاجنبي هي استخدامه في سداد الالتزامات الخارجية للدولة, وتمويل استيراد السلع الاساسية والتموينية, كما ان السياسة النقدية تدير الاحتياطي والعملات الاجنبية وسوق الصرف واستقراره وليست معنية, او من وظائفها تنشيط مصادر النقد الاجنبي حيث إنها مسئولية مجمل السياسات الاقتصادية للحكومة من تشجيع الاستثمار الي السياسة المالية وتحفيز الصناعة والحد من استيراد السلع غير الضرورية, الي جانب السياسات التجارية التي تعمل علي تنمية التصدير وتعميق الصناعة المحلية, ورفع القيمة المضافة. ورصد الرئيس التنفيذي لبنك عودة, عددا من محاور الخطة العاجلة لتنشيط مصادر النقد الاجنبي, وفي مقدمتها معالجة اسباب تراجع الصادرات خلال الفترة الأخيرة, مع دعم ومساندة الصادرات ذات القيمة المضافة, اضافة الي تنشيط حركة السياحة واستعادة عافيتها سريعا من خلال خطة تسويقية لوزارة السياحة, خاصة مع عودة الامن بشكل واضح في الوقت الحالي, لافتا الي انه من غير المقبول ان يصل عدد السائحين لتركيا50 مليون سنويا مقابل اقل من9 ملايين لدينا, مشيرا الي ان ايرادات السياحة في ظل توافر الامكانات والمقومات يجب ألا تقل عن16 الي20 مليار دولار سنويا. ونوه فايد الي ان المحور الثالث في الخطة العاجلة التعامل مع مشكلة نقص موارد النقد الأجنبي, يجب ان تتركز في تنمية وتنشيط الاستثمار الاجنبي من خلال تفعيل الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال مؤتمر شرم الشيخ والتي تتطلب, تفعيل قانون الاستثمار الموحد ولائحته التنفيذية, الي جانب اتخاذ خطوات فيما يتعلق بفض المنازعات مع المستثمرين, وسرعة طرح مشروع محور تنمية قناة السويس. ويشير فايد الي اهمية اتخاذ اجراءات تقشفية, مع تشديد الرقابة علي المنافذ الجمركية, لمنع التلاعب في الفواتير, ودخول بعض السلع علي غير المثبوت في نموذج4 الصادر من البنوك من جانب المستوردين, حيث يتم استخراجه بقيمة معينة في حين ان السلع التي يتم دخولها من الجمارك بأضعاف الكمية المدونة بالنموذج وهو ما يمثل تهريبا, واضرارا بالاقتصاد والصناعة ويسهم في تهريب العملات الاجنبية, من خلال شرائها من المصريين بالخارج في دول الخليج بدلا من تحويلها عبر البنوك, والمضاربة عليها وبيعها بأسعار مرتفعة للمستوردين للسلع غير الضرورية. خطة عاجلة وسياسة اقتصادية متكاملة وفي هذا الاطار تري سهر الدماطي نائب العضو المنتدب لبنك الاماراتدبي الوطني, ان هناك بالفعل مشكلة في نقص الدولار بالسوق وفجوة بين العرض والطلب بسبب نقص مصادر النقد الأجنبي المسئولة عن توليد النقد الأجنبي, وخاصة السياحة والصادرات, وتدفق الاستثمار الاجنبي. وتقترح ضرورة تشكيل لجنة وزارية من المجموعة الاقتصادية ومحافظ البنك المركزي, لوضع خطة عاجلة للتعامل مع مشكلة نقص العملات الاجنبية بشكل شامل علي المدي القصير تستمر سنة ونصف السنة, تضمن هذه الخطة تناغم السياسات المالية والتجارية مع السياسة النقدية, وترشح ان تكون عناصر هذه الخطة تنشيط مصادر النقد الاجنبي بشكل اساسي, علي مستوي السياحة بشكل خاص حيث تعتبر اهم مصدر للنقد الاجنبي الي جانب, اهميتها في خلق الوظائف والقيمة المضافة العالية لهذا القطاع علي الاقتصاد. وترشح اهمية اعطاء اولوية وتركيز لانتعاش الاستثمارات الاجنبية سواء المباشرة او غير المباشرة, من خلال تفعيل قانون الاستثمار الموحد ولائحته التنفيذية, والقضاء علي البروقراطية الحكومية التي تعتبر المعوق الرئيسي لتدفق الاستثمارات المحلية والاجنبية. وفيما يتعلق بالاستثمار الاجنبي غير المباشر تري ضرورة توسيع آلية ضمان خروج الاستثمارات في البورصة سواء في الاسهم او السندات الحكومية من خلال توسيع صندوق ضمان خروج هذه الاستثمارات الموجود بالبنك المركزي, لاعطاء ثقة وطمأنة صناديق الاستثمار العالمية في البورصات الناشئة. وفي نفس الاطار تؤكد سهر الدماطي علي اهمية الإسراع بطرح مشروعات محور قناة السويس, وخاصة اللوجستية وذات القيمة المضافة العالية, بغرض جذب الاستثمارات الاجنبية مع اصدار التشريعات المنظمة للاستثمار بهذه المنطقة, لافتة الي اهمية ذلك في سرعة تشغيل هذه المشروعات لزيادة موارد النقد الأجنبي لأنها تركز علي التصدير السلعي والخدمي. كما تقترح الدماطي امكانية اللجوء الي طرح السندات والصكوك الدولارية في السوق العالمية, خاصة ان مشكلة نقص العملات الاجنبية مقصورة علي المدي القصير. كما تقترح اهمية المفاوضات مع الدول الخليجية الشقيقة لمواجهة هذه المشكلة في الامد القصير, سواء في شكل ودائع بفوائد او غيرها من الآليات المساندة. وتنوه الي ضرورة تفعيل فروع البنوك المصرية بالخارج في الدول العربية والخليجية بشكل اساسي, للقضاء علي شراء تحويلات المصريين بهذه الدول من قبل بعض المضاربين وتحويلها في حسابات بعض المستوردين للسلع غير الضرورية باسعار مضاربة, وحرمان الاقتصاد من تحويل هذه المبالغ الي شرايينه الطبيعية. وتؤيد الدماطي ضرورة فرض قيود استثنائية مؤقتة للحد من استيراد السلع غير الضرورية, سواء بفرض رسوم جمركية, او الحد من استيرادها بقرارات ادارية مؤقتة, لتخفيف الضغوط علي طلب الدولار بالسوق. وحول تخفيض قيمة الجنيه تري انها تخضع لاعتبارات كثيرة في مقدمتها الضغوط التضخمية من خلال رفع الاسعار, لافتة الي ان الاسعار العالمية في الوقت الراهن منخفضة وتراجعت, كما ان معدل التضخم المحلي في مستويات معقولة, بما يساعد علي اتخاذ هذه الخطوة بشكل مدروس, خاصة وان هناك نقصا في المعروض من الدولار أي إن اي اجراءات خفض بدون سياسات اقتصادية متكاملة لن يجدي, حيث ستستمر المضاربات بالسوق الموازية الي ما لا نهاية. إلغاء القيود قال رجل الاعمال المهندس نجيب ساويرس, ان ازمة الدولار تهدد بتوقف كثير من المصانع بالتوقف, لاسيما مصانع الاسمدة, ومصير العاملين فيها مهدد,لافتا الي ان كثيرا من مستلزمات الانتاج أصبحت غير متوفرة بسبب عدم توافر الدولار, الناتج عن نقص العملات الاجنبية, مشيرا الي ان الاستيراد مكمل بالتالي للتصدير, لأن كثيرا منه مستلزمات انتاج وخامات. وقال ساويرس في تصريحات خاصة ل الاهرام ان كثيرا من المستوردين والمستثمرين بدأوا في التحايل علي الاجراءات المقيدة بالسوق ونقص الدولار لاستيراد مستلزماتهم, والخطر ان يتجه البعض للخروج من السوق, وهو ما يستدعي اجراءات سريعة لحل المشكلة, مع تنشيط وتشجيع تدفق الاستثمار المحلي والاجنبي. واضاف: من وجهة نظري ان الحل يتمثل في إلغاء كل الإجراءات المقيدة بسوق الصرف, وكذا اجراءات المنع لانها لم تنجح في اي تجربة او دولة اتخذتها وآثارها السلبية تفوق ايجابياتها علي السوق, لافتا الي اهمية ترك السوق للعرض والطلب. وحل الاثار السلبية لتعويم العملة المحلية, من خلال ترك السوق للعرض والطلب في ظل نقص موارد النقد الاجنبي في الوقت الحالي, والاحتمالات القوية للمضاربة علي الجنيه, ووجود طلب غير فعلي, يري ساويرس ان خفض قيمة الجنيه, ليس فريدا او استثناء علي العملة المصرية, حيث انخفضت معظم العملات الاخري امام الدولار وفي مقدمتها الريال البرازيلي الذي فقد نحو70% من قيمته امام الدولار الامريكي, الي جانب اليورو الذي انخفض بنسبة30%, ويتساءل هل الجنيه المصري اقوي من اليورو ؟ ويضيف ان تخفيض العملة المحلية له ايجابيات كثيرة حيث سيسهم في تنشيط ايرادات السياحة, وهو احد القطاعات الاقتصادية التي تتمتع بمزايا تنافسية كبيرة بالاقتصاد المصري, وتسهم بشكل كبير في التوظيف وتحريك كثير من القطاعات الاقتصادية, كما انها مورد رئيسي للنقد الاجنبي, اضافة الي ان خفض الجنيه سيسهم في زيادة وتنمية التصدير, وبالتالي خلق وظائف. ضغوط المضاربات ومن جانبه قال الدكتور فخري الفقي الخبير السابق بصندوق النقد الدولي واستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن استمرار تراجع احتياطي النقد الأجنبي علي مدار الشهور الستة الماضية أمر مقلق, لاسيما أنه يعبر عن أن السحب من الاحتياطي أكبر من موارد النقد الاجنبي الداخلة الي البلاد, مشيرا الي ان تراجع الاحتياطي سيفرض تحديات كبيرة علي البنك المركزي صانع السياسة النقدية, ويصبح بين ضغوط السوق الموازية في ظل الفجوة بين الطلب المتزايد, والعرض المحدود, خاصة في ظل زيادة المضاربات علي الدولار التي تخلق طلبا غير فعلي, للرهان علي تحقيق ارباح من جانب المضاربين. وتوقع الفقي عدم انصياع محافظ البنك المركزي لضغوط المضاربين, ولكن ادواته ستظل محدودة, وليس في امكانه مواصلة توجيه ضربات موجعة لهم, بدون مساندة قوية من السياسة الاقتصادية, اي بالتنسيق والتعاون الكامل من جانب السياسة المالية والتجارية بفرض قيود علي استيراد السلع غير الضرورية, وتنشيط الاستثمارات الاجنبية وهي التحدي الذي لم تستكمل الحكومة الاجراءات الكفيلة بدفعه وتنشيطه حتي الآن منذ مؤتمر شرم الشيخ في مارس الماضي. الي جانب تنشيط السياحة, خاصة مع دخول موسم الشتاء, التي تمثل فرصة قوية لزيادة عدد السائحين لمصر, لافتا الي اهمية تدارك اسباب تراجع الصادرات خلال الفترة الاخيرة, حيث تراجعت قيمتها من نحو27 مليار دولار الي23 مليار دولار. 75% من فاتورة الاستيراد سلع اساسية ويؤيد الفقي اتخاذ اجراءات استثنائية لتقييد استيراد السلع غير الضرورية, مؤكدا اهمية اتخاذ عدة إجراءات للحد من نزيف الاحتياطي, و مقدمتها اتخاذ إجراءات تقشفية تدريجية علي العمليات الاستيرادية, مشيرا إلي أهمية تقنين استيراد السلع غير الأساسية مع إشارته إلي ضرورة مراعاة عدم غلق الباب تماما علي أي سلعة حفاظا علي مصالح العاملين في القطاعات المختلفة. وأضاف أن اتخاذ إجراءات تعسفية ومنع الاستيراد بالكامل قد يخلق حالة من الفزع بالسوق, لاسيما مع تضرر بعض أصحاب المصالح, ولجوء البعض الآخر للتحايل علي القرار, الأمر الذي يتطلب دراسته بدقة., لافتا الي ان رفع الرسوم الجمركية وحدها لن يحل المشكلة حيث يلجأ المستوردون للسلع غير الضرورية, وينوه الي انه بدون تقييد الاستيراد الحكومي فإن الامر يظل مجدودا خاصة ان كثير من السلع نحو75% من فاتورة الاستيراد تمثل سلعا اساسية من القمح والغذاء والسلع التموينية, والبترول والغاز الطبيعي, وهي ما تصل قيمتها نحو45 مليار دولار من فاتورة الاستيراد.