ان التدخل العسكري الروسي المباشر إلى سوريا، بدا وكأنه قد تسبب في خلط أوراق كثيرة لدى القوى الغربية في التحالف الذي تقوده واشنطن في سورياوالعراق، كما أشاع حالة من الفوضى في صفوف حلفاء واشنطن العرب. فلقد وضعت روسيا هدفين أساسيين بشكل مبدئي لتدخلها العسكري المباشر في سوريا لدعم القوات السورية التابعة لنظام الأسد, اولها منع العصابات الأرهابية المسلحة من التكتل في بعض المناطق وشن هجمات برية تحت غطاء جوي لقوات التحالف. والثاني، رغبة الكرملين في دعم النظام الشرعي في مكافحة الإرهاب، والدفع في الوقت نفسه لتسوية سياسية، وهو الأمر الذي يسمح لروسيا بالحفاظ على مصالحها، على عكس ما حدث لها في العراق وليبيا. فقد قامت روسيا بالإعلان عن تحالف أمني لوجستي لتبادل المعلومات الأمنية بينها وبين إيرانوالعراقوسوريا، ومواصلة العمل إلى جانب القوات السورية، والقوات الكردية "البيشمركة". يأتي هذا متزامنا مع التقارير التي تتحدث عن نية النظام السوري بالقيام بعملية برية واسعة بمساعدة حلفائه في المنطقة، ومنهم إيران و حزب الله اللبناني، للانضمام إلى هجوم بري كبير لدعم نظام بشار الأسد وللقضاء علي مواقع الارهاب المسلح الذي يتقدم باتجاه الساحل ليشكلوا بذلك خطرا على المنطقة التي تعد معقلا رئيسيا للأسد وطائفته العلوية، وتشكل أيضا خطرا على القاعدة البحرية الروسية في طرطوس. إن التراجع الأميركي بعد ما حدث في افغانستانوالعراق شكَّل فرصة سانحة لاستعادة جزء من دور روسيا المفقود على الساحة الدولية، لا سيما أن الأزمة السورية دخلت عامها الخامس من دون حل، كما لم تستطع واشنطن وحلفاؤها الغربيون أو الإقليميون نزع فتيل الأزمة وأصبحت المحاولات السياسية تدور في حلقة مفرغة. بصورة عامة ان الإعلان عن تعاون رباعي بين موسكو وطهران وبغداد ودمشق مؤشر واضح إلى أن الأمر له أبعاد استراتيجية ولا يتوقف عند تمدد داعش. فالامر هنا يتعلق برغبة موسكو في أن تصبح لاعباً مؤثراً في مستقبل سورية، سواء في ظل بقاء الأسد أو عدمه، وهذا لا يمكن أن يحصل من دون دور روسي فاعل في تطورات الأزمة السورية . ولكن التطور الأخطر في التدخل الروسي يتمثل في استباحة المنطقة العربية من جديد من جانب القوى العظمى، فلا نعلم حتى هذه اللحظة ما ستكون عليه حسابات واشنطن المستقبلية، ويبقي السوءال هل ستقف واشنطن موقف المتفرج من بعث الدور الروسي في المنطقة، أم ستتقاسم النفوذ معها، أو تترك موسكو تدخل في مستنقع أزمات الشرق الأوسط لإنهاكها. وما دور القوى الإقليمية العربية والغير عربية في حسابات القوى العظمى تجاه المنطقة العربية ككل ؟. [email protected] لمزيد من مقالات رانيا حفنى