كتاب الاحتلال المدني.. أسرار25 يناير والمارينز الأمريكي للكاتب والباحث الاستراتيجي عمرو عمار, يضم عشرين فصلا, تتناول خريطة تقسيم عالمنا العربي من المحيط الي الخليج وملامح الخارطة العربية الجديدة التي سعت الي تنفيذها قوي الظلام بالإضافة الي دور مؤسسات المجتمع المدني وعلاقتها بالشباب وحركاتهم الثورية, وحقيقة الطرف الثالث والأسلحة المبتكرة التي تم استخدامها خلال السنوات الثلاث الماضية في مصر منذ اندلاع ثورة25 يناير وحتي الآن. الكتاب في طبعته الرابعة أثار ضجة إعلامية في دهاليز المشهد السياسي المصري, ليكشف العديد من شبكات الخيانة والعمالة المستترة. لذا كان لنا هذا الحوار مع الكاتب والباحث الاستراتيجي العقيد عمرو عمار. اتتفق معي في ان أحداث11 سبتمبر كانت بمثابة الحدث الأعظم الذي تحولت عنده البوصلة الأمريكية صوب العالم الإسلامي فكانت الحرب علي أفغانستان عام2001 ثم العراق في2003 وبدا واضحا معالم التقسيم الجغرافي علي الأرض لمشروع الشرق الأوسط الجديد؟ لقد اقر البيت الأبيض إستراتيجية سرية اسماها توعية العالم الإسلامي تنص علي الولاياتالمتحدةالأمريكية مهتمة من باب أمنها القومي علي ان توثر علي ما يحدث داخل الإسلام نفسه. وفي أخر فقرة لتقرير ديفيد كابلان المحلل والسياسي الأمريكي أشار فيه الي وضعية الإخوان المسلمين في المعادلة كجزء من الحل وطالبت القاهرة في2005 بالاعتراف رسميا بجماعة الإخوان المسلمين وإشراكهم في الحياة السياسية. مما يعني إننا أمام فكرة تصعيد جماعة الأخوان الي سدة الحكم في مناطق قوس الأزمات وقد تحقق بالفعل في مناطق ثورات الربيع العربي كما أطلق عليها ولذا وصلوا الي سدة الحكم في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن والسودان. في كتابك الاحتلال المدني..أسرار25 يناير والمارينز الأمريكي ذكرت أنه إذا أردنا ان ننظر الي العدوان علينا في مساره التاريخي.. فعلينا ان نراه علي حقيقته كمخطط موحد متسلسل وممتد. فهل تقدم لنا خلفية تاريخية لما حدث؟ بريجينسكي هو واحد من قدامي عرابي السياسة الخارجية الأكثر تأثيرا في واشنطن وكان مستشار الأمن القومي في عهد جيمي كارتر. والحقيقة هي ان هذا الرجل هو كلمة السر في جميع الأحداث التي تجري اليوم وكل اراءة في سبعينات القرن الماضي, جسدت الموامرة الصهيو أمريكية لخلق شرق أوسط جديد. فقد كان أول من دعا الي تفكيك النظام الإقليمي العربي وطمس عروبته وإعادة تشكيلة علي أسس عرقية وطائفية, وقد تناول ذلك في كتابة بين جيلين. الصهيونية لتفتيت الوطن العربي وتقسيم مصر تفاصيل الوثيقة العبرية التي نشرت في مجلة كيفونيم عام1982 وهي التي استشهدت بها في كتابي. فقد احتوت هذه الوثيقة علي الخطة الكاملة لتفكيك وتقسيم الوطن العربي الي دويلات. وقد جاء في الوثيقة تفاصيل مخطط تقسيم كل من العراق والسودان ولبنان وليبيا وسوريا بالإضافة الي مصر ودول الخليج العربي. ففي عام1982 نشرت مجلة كيفونيم التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية, وثيقة بعنوان استراتيجية إسرائيلية للثمانينات. ولقد نشرت الوثيقة باللغة العبرية, وتم ترجمتها إلي اللغة العربية, وقدمها الدكتور عصمت سيف الدولة كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين في قضية تنظيم ثورة مصر عام.1988 ونص الوثيقة يشير الي تقسيم لبنان إلي خمسة أقاليم, سيكون مقدمة لما سيحدث في مختلف أرجاء العالم العربي وتفتيت سورياوالعراق إلي مناطق محددة علي أسس المعايير العرقية أو الدينية, يجب أن يكون- علي المدعي البعيد- هدفا أولويا, علما بان المرحلة الأولي منه تتمثل في تحطيم القوة العسكرية لدي هاتين الدولتين. اما بالنسبة لمصر فقد ذكرت الوثيقة ان استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطي يجب ان يكون هدف أساسيا من الدرجة الأولي. صرح برنارد لويس في مقالة المخطط الإسرائيلي لتقسيم السودان والدول الإسلامية والذي نشر بصحيفة الأنتباهة السودانية عام2013 ان العرب والمسلمين قوم فاسدون ومفسدون وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات إرهابية تدمر الحضارات والحل هو إعادة احتلالهم واستعمارهم من خلال تقسيم الأقطار العربية والإسلامية الي وحدات عشائرية وطائفية...فما تعليقك؟ في عام1983 تم إدراج مشروع برنارد لويس في خطة السياسات المستقبلية للولايات المتحدة بالمنطقة. وهو ما كشف عنة الجنرال الأمريكي المتقاعد رالف بيترز في مجلة ارمد فورسس عام2006 في بحث جاء باسم حدود الدم.. حيث قدم رالف حلول لمشكلة الأقليات بالمنطقة علي أساسين عرقي وديني. وإذا أردنا وضع قائمة من البلدان التي تشهد احتجاجات منذ أحداث تونس ومصر..مرورا باليمن وليبيا وانتهاء بسوريا سنجد تشابها كبيرا مع الخريطة الجديدة لمشروع الشرق الأوسط الكبير والذي تم الكشف عنة لأول مرة خلال رئاسة جورج بوش في عام.2001 وماذا عن حروب الجيل الرابع لتغيير العقول في سبيل الوصول الي الاحتلال المدني بدلا من الاحتلال العسكري في الدول المستهدفة؟ هنا تختلف طبيعة الأسلحة المستخدمة لطبيعة الحرب الفكرية طبقا لآليات ممنهجة لزعزعة الاستقرار ثم الفوضي المنظمة ومن ثم إفشال الدولة. وتستخدم هذه الآليات شعارات رنانة كالحرية والعدالة ومبادئ حقوق الإنسان لترسم خارطة لغزو العقول. وكان علينا ان ندرك ان كل الشعارات التي أدت الي إعلان دولة فلسطين كوطن بديل لليهود هي ذاتها الشعارات التي صدرتها أكاديمية التغيير الي الشعوب العربية مجددا. اغلب نشطاء الثورات العربية اقروا أمام الفضائيات أنهم تلقوا تدريبات في الغرب حتي ان الصحفي البريطاني روبرت فيسك وجة عبارة استهجان شهيرة لمن يظهرون عدائهم للغرب ثم يهرولون إليها في الظل طلبا للديمقراطية...ونحن نأتي إليهم بجنودنا ولا نمنحهم الديمقراطية بل نقوم بتقسيم أوطانهم... فما الضمير الوطني الذي يحكم هولاء؟ روبرت فيسك قام بفتح الجرح وجعلنا نتساءل أي ديمقراطية يريدونها من الغرب وهل هي علي غرار النموذج العراقي أم الأفغاني..وهل هولاء النشطاء وهم ذاهبون لتلقي تدريبات طلبا للديمقراطية لم يعلموا شيئا عن قانون باتريوت أكت أي قانون الطوارئ والم يسمعوا عن انتهاكات حقوق الإنسان في السجون. وان كانوا يتحدثون عن الحريات الشخصية وحرية التعبير فلا يوجد ابلغ من الفضيحة المدوية التي فجرها تقرير نشرته مجلة بيزنيس انسيدر في2013 عن برنامج يدعي بريزم اعترفت فيه الحكومة الأمريكية وقامت بتنفيذه بالفعل منذ2007 من خلال كل من فيس بوك, جوجل, يوتيوب, سكايب..الخ بغرض التجسس والقيام بعمليات مخابراتية أجنبية. وقد كشفت صحيفة الجارديان البريطانية من خلال هذا التقرير ان مصر من أكثر دول العالم التي تخضع للتجسس. وماذا عن دور منظمات المجتمع المدني ؟ وجد الأمريكان في شعار الديمقراطية البديل الذي يمكن ان يقدم به نفسه للمجتمع الدولي ومن ثم اتجهت الولاياتالمتحدة الي إنشاء موسسات واقواها نفوذا هي موسسة فريدم هاوس التي قدمت نفسها للعالم علي أنها مع الديمقراطية وحرية التعبير وأصبح لها ذراع داخل بلدان العالم من خلال عناصرها الموجودة بداخلها أو ما أطلق علية منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان ورفقائهم من النوشطاء والذين تم تدريبهم جيدا داخل أروقة هذه المنظمة وتم دعمهم ماديا ولوجيستيا, وهم من الشباب حديثي السن وعديمي الخبرة ومحدودي الدخل وبالتالي يتضح مدي انتقائهم بعناية فائقة. فبسوءال قائدهم بيتر اكرمان عن شخصية هولاء أو جنسياتهم أجاب فكر في اكبر عشرين متسكع في العالم ويمكنك ان تخمن. ذكرت في كتابك ان25 يناير لم تكن ثورة عفوية كما ادعوا ولذا لم تتفاجأ الولاياتالمتحدة بما حدث.. لأن كل هذا تطابق مع مقولة جيمس وولزي لرئيس المخابرات المركزية الأمريكية في2006 أننا سوف نصنع إسلاما مناسبا لنا ثم ندعهم يصنعون ثوراتهم بالفعل فحروب الجيل الرابع ضد مصر كانت لتفريغ ما بحوزة الدولة من نفوذ علي أراضيها نحو الاحتلال المدني كبديل للتدخل العسكري لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد. تلك الحرب اسماها ديفيد كابلن في2005 عقول وقلوب ودولارات وقد تمت بناء شبكة من التيار الإسلامي المعتدل وهي الأخوان المسلمين وقد تم تدريبهم في أكاديمية التغيير بلندن والدوحة منذ عام2006 علي مشروع النهضة وعلوم التغيير بالإضافة الي دعم الصحف والقنوات الإعلامية والإعلاميين بالمال لخدمة ذات الهدف. وأصبح الأعلام المصري والعربي رهينة في قبضة أمريكا وتم ضمان ولاءات العديد من الكتاب والأدباء بأموال حاييم سابان من خلال شركاته ومراكز أبحاثة أوعية الفكر العابرة للقارات. ووفقا لتصريحات اللواء عاموس يادلين الرئيس السابق للاستخبارات الحربية الإسرائيلية ان العمل في مصر تطور حسب الخطة المرسومة منذ1979 فلقد أحدثنا اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية وعسكرية لتوليد بيئة متصارعة في سبيل تعميق حالة الأهتراء داخل البنية والمجتمع المصري لكي يعجز أي نظام بعد مبارك في معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في مصر. أتتفق معي ان مجريات الإحداث في فترة حكم الإخوان تجاه غزة هي نفسها الإستراتيجية المتبعة لدي تلك الجماعة المبنية علي عقيدة ارض بلا وطن؟ عقيدة الجماعة مبنية علي مبدأ وطن بلا حدود ويعتبرون مصر سكن يعيشون فيه وليس وطن ينتمون إلية. ومن خلال هذه العقيدة يمكننا ان نتفهم سر دعم الولاياتالمتحدة لتنظيم جماعة الإخوان في البلدان التي طالتها ما يسمي بثورات الربيع العربي لطمس الهوية القومية وتقسيم البلاد العربية والإسلامية لضمان امن واستقرار دولة الكيان الصهيوني. قلت ان عملية تغيير العقول في منظومة حرب الأفكار كانت تسعي لتنصيب الأسلام المحدث الديمقراطي ليعيد هيكلة المجتمع العربي وثوابتة...هل يمكن ان تشرح لنا؟ هي لعبة قديمة منذ قديم الأزل حيث تسعي القوي العظمي الي السيطرة اقتصاديا وسياسيا وحضاريا علي الدول الأضعف. هذه السيطرة تتم من خلال احتلال عسكري واحيانا دون تدخل الجيوش عن طريق احداث تغيير اجتماعي وسياسي عنيف في الدول الأضعف وبحيث تستطيع ان تطبق سياسة فرق تسد. كيف يتم نسج خيوط العنكبوت في اروقة الصحافة والأعلام؟ الكل يعرف قيمة وسائل الأعلام كسلاح فتاك, فقد اسقط تبة الأتحاد السوفيتي السابق واوروبا الشرقية. وقد كشفت الكاتبة البريطانية فرانسيس سوندرز في كتابها من يدفع للزمار- الحرب الباردة الثقافية- دور المخابرات البريطانية في تجنيد الفنانيين والكتاب والذي ترجم الي العربية كيف استطاعت المخابرات الأمريكية ان تشتري كتابا وصحفيين وفنانيين ومنشقين لأسقاط الشيوعيين نهائيا فيما اطلقت علية ربيع اوروبا الشرقية او ربيع براغ. ولقد رأينا بأعيننا الأنتقاد الشرس في جميع وسائل الأعلام خلال الفترة الماضية للأنظمة الحاكمة, ولقد بحثت شخصيا في مبادرة كولين باول في الواقع الأعلامي المصري ووجدت انة في2003 قامت الغرفة التجارية الأمريكية بتدريب500 شخصية سياسية واعلامية واقتصادية مصرية وهو امر تزامن مع برنامج تطوير الديمقراطية الذي اعلنت عنة ليزا تشيني ابنة نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني, وهو البرنامج الذي وضعت له امريكا ما يقرب من نصف مليار دولار بعد احتلال العراق لعدة اهداف منها تجميل صورتها امام الرأي العام العربي بالاضافة الي دعم بعض الصحف التي كانت علي وشك الصدور. وبالقطع كان هناك هولاء المتدربون في مقدمة حشود المتظاهرين في احداث يناير.2011 ولقد رصدنا الدعم الخاص ببعض الصحف بالأضافة الي بعض القنوات الخاصة وبعض البرامج.
بث جهاز المخابرات العامة المصرية الفيلم التسجيلي كلمة وطن في يوليو2012 ليذكر شعب مصر ببطولات ودور الجهاز في السلم والحرب...فما سر هذا التوقيت تحديدا؟ لم يكن الفيلم التسجيلي العبقري سوي جهاز إرسال لرسائل ضمنية لمن يهمة الأمر علي رقعة الشطرنج ولم يكن لاستعراض بطولات بقدر البعث علي الأمل في بناء الجسر ما بين اليأس والرجاء للشعب المصري العظيم الذي التقط منة الكلمة والمضمون. ان هذا الشعب الأبي أدرك بعد مرور عام واحد فقط علي حكم جماعة الإخوان أنة أمام حكم فاشي ومجرد أداة من أدوات المخطط الصهيو أمريكي نحو شرق أوسط جديد. وقد تجلت عظمة المصريين في أعظم صورها في30 يونيو بعد ان اخذوا الدولة وردوا إليهم دينهم ليظل المصريين علي دين أبائهم الذي تربوا علي تعاليمه الإسلامية الصحيحة رافضين ان يختلط الدين بالسياسة وليكتب يوميات أعظم ثورة في تاريخ الإنسانية علي جدران الزمن.