وسقط فارسا الكرة المصرية في أول اختبار بقبل نهائي الكونفيدرالية ، السبت، والأحد الماضيين ، فقد تلقى الأهلي نادي القرن أولًا هزيمة بهدف بلا مقابل أمام أورلاندو بيريتس الجنوب إفريقي .. على ملعب الأخير . وقدم أداء باهتًا .. والنتيجة كانت متوقعة .. لانخفاض الروح المعنوية للاعبين إلى أدنى مستوى .. بعد هزيمة الزمالك القاسية في نهائي الكأس .. وخروج الأحمر خالي الوفاض من الموسم الماضي .. وأقصي توقع لنتيجة إيجابية كان من الممكن أن يحققها الأهلي في هذا اللقاء .. هو التعادل السلبي .. أو الإيجابي .. وقد شعر بعدها عشاق الأحمر أن الفريق في طريقه لدوامة الانهيار الفعلي .. لأن الفريق تشكيلة .. وأداء .. وروحًا .. ظل على نفس الترمومتر .. من السوء .. ومع ذلك ظل الأمل يحدو جماهير الأهلى في تخطي تلك الكبوة .. بالفوز في مباراة العودة بأكثر من هدفين .. والوصول إلى المباراة النهائية .. إلى هنا والأمور تبدو منطقية . حتى جاءت مباراة الأحد على ملعب سوسة في تونس .. لتخالف المنطق .. وكل التوقعات .. حاملة معها صدمة مروعة لاتصدق.. نزلت كالصاعقة على كل المصريين .. باختلاف انتماءاتهم الرياضية .. لم يتوقعها أكثر المتفائلين .. بسقوط الفارس الأبيض عن فرس النصر .. أمام النجم الساحلي .. بهزيمة مذلة بخمسة أهداف لهدف .. وهو في عز مجده .. وقمة نشوته بجمعه بين بطولتي الدوري والكأس في مصر .. قاهرًا منافسه وأخاه الأهلي .. في مباراة رائعة .. قدم فيها الزمالك كل فنون الكرة .. من ضغط .. وتضييق مساحات .. واستغلال أنصاف الفرص .. وروح قتالية .. ومهارات عالية .. أذهل فيها كل المتابعين .. من جماهيره .. وحتى الجماهير الأهلوية .. أكدت جدارته بالفوز بالمباراة والكأس .. وهي مصدومة في فريقها .. الذي لم تتخيل أبدًا أن يقدم هذا الأداء الهزيل .. وهو الذي قدم مباراتين ناريتين .. في نصف النهائي أمام الشرطة .. واكتسحها بخمسة أهداف عالمية .. وربع النهائي .. حيث عاد سريعًا للمباراة .. وعوض تأخره بهدف مبكر مفاجئ لبتروجيت .. إلى فوز ثلاثي .. بأهداف ولا أروع .. طغت فيها روح الفانلة الحمراء المعتادة .. التي سقط أمامها الخصم بالقاضية .. في الوقت الذي قدم فيه الزمالك أداء هزيلًا للغاية .. وصعد على حساب الاتحاد السكندري .. ومن بعده سموحة .. بضربات الحظ الترجيحية .. ليأتي النهائي .. والتوقعات كلها تصب في مصلحة الأهلي منطقيًا .. الذي بدا الأعلى جاهزية .. فنيًا وبدنيًّا .. لتقع المفاجأة .. ويفوز الزمالك .. ويضرب 5 عصافير بحجر : احتفظ بالكأس للمرة الثالثة على التوالي .. وجمع بين الدوري والكأس بعد غياب 27 عامًا .. وانتصر على الأهلي لعبًا ونتيجة .. وكسر العقدة الأهلوية بعد غياب طويل .. وضمن اللعب في أي بطولة إفريقية العام القادم . كل ماسبق .. إنما هي شواهد قوية تدل على شيء واحد فقط .. هو ما أكدته من قبل - مرارًا وتكرارًا - وهو اهتزاز الكرة المصرية .. ومستوى جميع فرقها .. ومنها فارسا القمة الأهلي والزمالك .. في السنوات القليلة الماضية .. وحتى الآن .. بل إن اهتزاز المستوى يزداد بشكل غريب .. من مباراة لأخرى تالية مباشرة .. ليضرب كل التوقعات المنطقية .. التي تقوم على مجموع مايقدمه كل فريق .. من أداء .. في آخر مبارياته .. لكن الحاصل أن الفريق الواحد يقدم أداءين متباينين للغاية .. في وقت قصير .. بشكل يدهشك .. وظهر هذا جليًّا .. ومازال .. في الأحمر والأبيض .. باعتبارهما فرسا رهان الكرة المصرية .. وقد نبهت لهذا قبل نهائي الكأس .. ومباريات قبلها كثيرة للفارسين .. وقلت لاتتوقعوا شيئًا في مباريات الكرة المصرية .. لأن مستوى اللاعبين مهتز .. وبالتالي الأداء متذبذب .. ولما فاز الزمالك بجدارة حذرت أحبائي وإخوتي الزمالكاوية من المبالغة في الفرح .. وكذلك بالمقابل في الحزن .. بالنسبة للأهلوية .. وللأسف .. تلك العجائب في الأداء .. والنتيجة .. التي يقدمها الأهلي والزمالك لجماهيرهما الطاغية .. لها عدة أسباب .. منها انعدام وعي اللاعبين بالاحتراف الصحيح .. فيصيبهم الغرور .. والنشوة العارمة بما يحققونه من انتصارات مدوية .. اللذان يفقدانهم التركيز في الملعب .. لتحدث الكوارث والصواعق الكروية .. والضحية في النهاية هو الجمهور .. ومن الأسباب أيضًا عدم نضوج عقليات اللاعبين .. بما يتيح لهم استخلاص الدروس والعبر مما يحدث للفرق الأخرى .. وهذا ما وقع فيه الزمالك اليوم الأحد .. عندما لم يقرأ عظة الأهلي في نهائي الكأس .. التي ختمها الغرور بهزيمة قاسية .. ووقع في نفس الحفرة .. وتجرع من نفس الكأس .. ليعود من تونس بهزيمة مذلة .. أحيت في نفوس جماهيره الصابرة .. المحتسبة .. ذكرى أليمة .. حينما وقع بذات النتيجة في بطولة إفريقيا لأبطال الدوري .. أمام كوتوكو الغاني .. الفريق الرهيب .. وقتها .. بمعقله .. مدينة كوماسي .. في الثمانينيات من القرن الماضي .. فضلًا عن التعصب .. وسطحية التشجيع .. والمهاترات التي تنجم عنهما من الشماتة .. والمعارك الكلامية .. الحافلة بما لذ وطاب .. من السخرية الممجوجة .. والسباب .. والبذاءات .. والمعايرة بشتى صنوفها .. رغم إن أجدادنا قالوا قديمًا : "لا تعيرني ولا أعيرك .. الهم طايلني وطايلك" . المطلوب في الختام أن نرتقي بتشجيعنا ..فنشجع اللعبة الحلوة .. ونغلِّب الروح الرياضية .. ونفهم أن الرياضة للمتعة .. والترويح عن النفس .. فيها الفائز والمهزوم ..فتكون أفراحنا وأحزاننا .. للنصر والهزيمة عاقلة .. لاتخرج عن الأدب .. والاحترام .. و لا نحولها إلى معارك .. ومعايرات .. وعكننة على الطرف الآخر .. فما أجمل أن تكون إنسانًا قبل أن تكون لاعبًا .. أو مشجِعًا وأقولها .. ولاأزال أقولها : " الغاية من أي شيء هي مصلحة الوطن .. والوطن فقط" .. فالتشفي في أخيك عار عليكَ .. لأن النصر لمصر .. والخسارة لمصر أيضًا .. وثبات مستوى الأندية يعود في النهاية بالإيجاب على الكرة المصرية .. والمنتخب القومي .. الذي ننتظر منه عودة الأمجاد .. على يد الأرجنتيني كوبر .. بإذن الله تعالى .. ولنتذكر دائمًا عند النصر والهزيمة أنه "يومٌ لكَ .. ويومٌ عليكَ" .. وليس بعيدًا بالارادة الصلبة .. والعزيمة التي لاتلين عند المصريين .. أن يفوز الأهلي على أورلاندو بهدفين .. والزمالك على النجم بأربعة .. في مباراتي العودة .. ليلتقي الشقيقان في نهائي الكونفيدرالية .. ويكون مصريًّا خالصًا .. علينا فقط أن نأخذ الكرة علمًا .. وليست حظًّا .."وياخابت .. ياطابت " كما نفعل الآن !! [email protected] لمزيد من مقالات ياسر بهيج