الحديث موصول حول الثورة التي نريدها, والذكري باقية من صلاح عبد الصبور في رائعته عن الحجاج بن يوسف الثقفي الشهير بالقول أنه يري رؤوسا قد حان قطافها. ولكن الشارع وضعها بطريقة أخري عندما وصف حال الجماهير التي صفوها صفا صفا, الأطول منها وضعوه في الصف الأول, أما الاقصر والمتواني فقد وضعوه في الصف الثاني, بعدها قالوا زنديق كافر, فقالت الجماهير المرصوصة, زنديق كافر!!.. جاءت المسرحية بذهني وأنا أمر علي مجلس الدولة الذي كان محاطا بجماهير مسلحة بلافتات وأبواق, وتنطق بالوعيد والتهديد والشرر الذي يطير من العيون بعد الإشارة من القادة أن حكما ما لن يمر إلا فوق أجساد بعدها تنادي الجمع الي مليونية لإنقاذ الثورة. المسألة بدا لها وجهان: الأول كيف يمكن لقاض مهما كانت عدالته أن يصدر حكما في قضية بينما السيف واقع علي رقبته, شجاعة وعدالة القضاء المصري مشهود لها, ولكن الأمر لم يعد أمر قضاء ومنصة ودفاع, وإنما جابت السياسة الأرجاء بعد أن وقف الناس صفوفا يطلبون حكما أو أنها القارعة, الثاني أن الثورة التي كانت بطريقها الي الوقوع ضمن صفوف الثورات الديمقراطية بدعوتها الي السلم وسيادة القانون, إذ بها فجأة تتحول الي وسائل الاستئصال والاستبعاد وعدم إعطاء الشعب الفرصة أن يقرر من خلال صناديق الانتخابات. المسألة ببساطة هي أن تاريخ المجتمعات لا يتوقف أثناء الثورة, وقد زاد عدد سكان مصر بأكثر من مليونين بعد عام, ومع مولدهم تدهورت كل المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية المصرية حتي تراجعت الي مستوياتها المتدنية أصلا ومن خبرة الثورة الإيرانية فإن متوسط دخل الفرد الحقيقي الآن بعد الثورة المستمرة لأكثر من ثلاثة عقود بات أقل مما كان عليه عام.1979 فهل هذا هو ما يريده الثوار لثورتهم, وهل ذلك ما يريده الإخوان لمشروع نهضتهم, وهل ذلك هو ما يريده السلفيون لسلامة بلادهم. بالله عليكم عودوا الي قاعة البرلمان واصنعوا دستورا جديدا يليق بالبلاد, وخوضوا انتخابات رئاسية يقرر المصريون فيها ما يريدرون. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد