لقد فضل الله بعض الأيام والشهور على بعض، فكان خير الأيام عند اللّه يومُ النحر، وهو يومُ الحج الأكبر كما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (أَفْضَلُ الأيَّامِ عِنْدَ اللَهِ يَوْمُ النَّحْرِ) ومَا مِنْ يَوْمٍ يَعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ الرِّقابَ أَكثَرَ مِنهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، ولأنه - سبحانه وتعالى - يَدْنُو فِيهِ مِنْ عِبَادِه، ثُمَّ يُبَاهِي مَلاَئِكَتَه بِأَهْلِ الموقف . هنيئا للحجاج في ذلك اليوم، وهنيئا لكل من نال دعوة من الحجاج أيضا، وعلينا أن نصل أرحامنا وأن نعطيهم من الأضحية، وأن نوسع على البيت والأهل والأقارب فإنه يوم فرح وسرور. ويؤكد علماء الدين أن يوم عرفة مقدمة ليوم النحر، إذ فيه يكون الوقوف والتضرع والتوبة والابتهال، ثم يوم النحر، وتكون فيه الزيارة، والصدقة، ولهذا سمي طوافه طواف الزيارة، لأنهم طهروا من ذنوبهم يوم عرفة، ثم أذن لهم ربُّهم يوم النَّحر في زيارته، والدخولِ عليه إلى بيته, ولهذا كان فيه ذبحُ القرابين، وحلقُ الرءوس، ورميُ الجمار، ومعظمُ أفعال الحج وعملُ يوم عرفة كالطهور والاغتسال بين يدي هذا اليوم. ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، من الأيام التي عظمها الله عز وجل، بعد يوم التاسع وهو يوم عرفات، عظم الله عز وجل يوم عيد الأضحى، وقد أقسم الله تعالى في القرآن الكريم بهذين اليومين، في الآيات التي يحفظها كثير من الناس وقوله تعالى (والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر، هل في ذلك قسم لذي حجر) وهذا يوم النحر أو يوم عيد الأضحى، يكون فيه معظم أعمال الحج التي تكون في هذا اليوم من رمي الجمرة ومن الطواف بالبيت .. الخ، أما المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها فإن من السنة أن يتقربوا من الله في هذا اليوم العظيم بالأضحية، حتى يشاركوا المسلمين وهم يحجون بيت الله الحرام، وهذا العمل العظيم بقلوبهم وبأموالهم وبأرواحهم، ولابد هنا أن نتذكر ما سنه لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم العظيم وهي: المحافظة على صلاة العيد، وكثيرا من الناس عندهم عادة سيئة وهي أنهم لا يحافظون على صلاة العيد، مع أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يحافظ على صلاة العيدين، وكان يأمر المسلمين أن يخرجوا جميعا حتى النساء التي عليها الدورة الشهرية، تخرج فتشهد دعوة المسلمين، ولكنها تعتزل المصلى، أرأيتم كيف كان النبي، صلى الله عليه وسلم يحث المسلمين جميعا على هذا العمل، الذي تركه طائفة كثيرة من الناس، هذا بالإضافة إلى سماع خطبة العيد، لما فيها من تذكير بالآخرة وتذكير بنعم الله عز وجل على الإنسان، ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس، أن بعضهم يصلي العيد ولا يحضر الخطبة، ونقول لهم اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأصحابه، فعليكم بالصلاة وسماع الخطبة. كما أن الله تعالى جعل أيام العيد أيام فرح وسرور، فعلى كل مسلم ألا يجعل هذا اليوم لزيارة المقابر كما هي عادة الناس في القرى، فإن الله عز وجل، جعل هذا اليوم للأحياء وليس للأموات، ومن سننه أن يصل الناس أرحامهم، وأن يسأل الناس عن إخوانهم، وأن يفرح الشباب باللعب واللهو المباح، ولا حرج في ذلك. إتمام النعمة وفي سياق متصل يقول الدكتور أحمد حسين، وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر، إن وجوه تفضيل يوم عرفة - خاصة للحجاج - كثيرة منها: أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، أخرج البخاري عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرأونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِيناً} قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه، على النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم جمعة. وأضاف: إنه عيد للمسلمين عامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، (يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)، كما أنه يوم أقسم به الله عز وجل فقال صلى الله عليه وسلم (اليَوْمُ المَوْعُودُ: يَوْمُ القِيَامَةِ، والْيَوْمُ المَشْهود: هو يَومُ عَرَفَة، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ، وَلاَ غَرَبَتْ عَلَى أَفْضَلَ مِن يَومِ الجُمُعَةِ، فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنِّ يَدْعُو اللَّهَ فيهَا بخَير إلاَّ اسْتَجَابَ لَهُ، أَوْ يَسْتَعِيذُهُ منْ شَرٍّ إِلاَّ أعَاذَه مِنْهُ)، ويوم يغفر فيه الذنوب لكل من شهد الأضحية من الأهل والأقارب الذين قدموا الأضحية في ذلك اليوم، بالإضافة إلى أنه يوم الحج الأكبر بمعنى أن أكثر أفعال الحج من الرمي والحلق والطواف فيه)، وينبغي علينا أن نجمع في هذا الموقف العظيم، وهذا اليوم المبارك بين الأمرين: الخوف والرجاء , فتخاف من عقاب الله وعذابه، وترجو مغفرته وثوابه, وتؤمل فى فيض رحماته أن يكون لك منها وفيها أكبر نصيب، وألا تكون من المحرومين - والعياذ بالله تعالى -، فهنيئاً لمن وقف بعرفة فغفر له وعفي عنه. تبادل التهاني من جانبه أوضح الشيخ إبراهيم حافظ من علماء الأزهر، أن عيد الأضحى يأتي بعد يوم عرفة في اليوم العاشر من الشهر الثاني عشر للتقويم الهجري.ويعتبر عيد الأضحى العيد الثاني للمسلمين بعد عيد الفطر. يبدأ المسلمون هذه المناسبة بصلاة العيد - كما هو الحال في عيد الفطر - حيث تقام الصلاة في مكان متسع، ويحضرها الآلاف من المسلمين.,وبعد الصلاة يتبادل المسلمون التهنئة بهذه المناسبة الكريمة، ويأتي عيد الأضحى بعد يوم عرفة ليمثل تعبيراً لمشاركة المسلمين في جميع أنحاء العالم لإخوانهم الحجيج في مكة الفرحة والسرور بهذا التجمع الإسلامي العظيم، ومن أعظم الأعمال في عيد الأضحى ذبح الأضحية، حيث يستشعر المسلمون من خلالها تضحية أبيهم إبراهيم عليه السلام بابنه إسماعيل استجابة لأمر ربه، ففداه الله بذبح عظيم. وبقي عمل إبراهيم عليه السلام نموذجاً للمسلمين في كمال الطاعة والامتثال لأوامر الله. وأضاف، أن وقت الأضحية من بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق، حيث يقوم المسلمون بذبح أضاحيهم وتوزيع جزء من لحومها للفقراء والمساكين، وإهداء بعض اللحم للأقارب والأصدقاء، ويحتفظون بالباقي ليستمتعون بأكله في أيام العيد، التي هي أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى.