امتلأت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى بأخبار الفساد فى وزارة الزراعة، ولا شك أنها نقلة قوية فى ضبط واقعة تجاه مسئول كبير وشركائه وهم فى مواقعهم ، ورادع لمن تسول له نفسه الانحراف، ما يساعد على محاربة فساد توزيع الأراضي، وهو أشهر وأكبر مجال للفساد والتربح السائد فى مصر. وأسلوب ضبط هذه الواقعة تركز على الإبلاغ وتخطيط الكمين الذى أثبت الواقعة. وهناك سبل ومحاور مانعة كثيرة. فالمحور الأول أشمل وأكثر فاعلية ويتلخص فى استخدام وسائل منع الفساد قبل وقوعه وبحث وتحليل القوانين والأساليب التى سمحت لمسئول كبير ومنحته سلطة فردية ليمنح أراضى أو مميزات لمن لا يستحقها، ،سواء كان ذلك فى مقابل رشاوى نقدية أو عينية أو تبادل مصالح أو مجاملة لمنتفعين من الأهل والأقارب والمحاسيب، وما هى ثغرات القانون والنظم التى سمحت بذلك لفرد واحد مهما ارتفع مركزه أن يفعل ذلك. والحل فى هذه الأحوال ينحصر فى تغيير فورى وواضح وحازم لهذه القوانين والقرارات والنظم لتحاشى الفساد مستقبلا وتنظيم ومراقبة استخدام هذه السلطة بعد تحديدها. أما المحور الثانى فهو يعتمد على حقيقة أن صدور قرار فردى من مسئول يتضمن مخالفة أو فسادا واضحا هو عديم الجدوى إذا لم يتم تنفيذه بواسطة المسئولين فى الوزارة أو الجهة الحكومية، فإذا تم تنفيذ القرار المعيب يصبح المرءوس أو المعاونون لصاحب القرار مشاركين فى الجريمة لصاحب القرار ولا يجوز أن يعفيهم من مسئولياتهم، إذ كان ينبغى عليهم الاعتراض رسميا أو الإبلاغ عن المخالفة بصفه فورية، فمثلا وكيل الوزارة ومدير توزيع وتسجيل الأراضى وكل من نفذ - هو مسئول ينبغى محاسبته، سواء كان مستفيدا من عدمه، أى أن كل موظفى فى موقعه يجب أن يحمى القانون وأملاك الشعب، وإذا وجد مخالفة للقانون أو ثغرات فيه تسمح بالفساد أن يبلغ فورا وإن لم يعترض أو يبلغ فهو شريك كما يجب أن تحميه الدولة والقانون وتشجعه عندما يعترض أو يبلغ. أما المحور الثالث يتضمن وضع حوافز مغرية لمن يبلغ عن فساد ويحميه، ففى الولاياتالمتحدة مثلا هناك قانون يسمى »كيتام« يمنح كل من يبلغ سرا عن فساد فى أموال الدولة مكافآت تصل من 10-20% من قيمه المبلغ عنه والذى يعاد للخزانة، وهذا يعطى حافزا واضحا ومغريا ويؤدى إلى كشف عديد من قضايا الفساد. الخلاصة أن الفساد أصبح مستشريا دون شك ويمثل ثقوبا واسعة فى إناء الاقتصاد المصرى وهو سيلتهم، أى زيادة محتملة تنتج عن مشروعات للتنمية، ومحاربة هذا الفساد، ويجب أن يكثف ويفعل بأساليب أقوى وأكثر فاعلية من كمائن تضبط بعض المتخالفين. لمزيد من مقالات د.سمير بانوب