تصاعدت أزمة اللاجئين القادمين من إقليم الشرق الأوسط إلى دول الاتحاد الأوروبي، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدرجة لافتة للانتباه، لدرجة أنها صارت الموضوع الرئيسي في أجندة اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. ويرجع ذلك إلى الأفواج الهائلة من اللاجئين الذين تجاوزوا 366402 فرد خلال العام الجاري. وفقا لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة، للفرار من الموت في البؤر الصراعية الداخلية المسلحة للبحث عن نوافذ للحياة، ويأتي في مقدمة هؤلاء اللاجئون السوريون، الذين تجاوز عددهم أربعة ملايين على مدى ما يقرب من أربعة أعوام ونصف، الأمر الذي يشير إلى أن أزمة الهجرة غير الشرعية لم تعد ذات أبعاد إقليمية وإنما بدأت تحمل توجهات دولية، بحكم ما ينتج عنها من تأثيرات مضغوطة، تمس هياكل الدول وديموغرافيا المجتمعات وهوية الثقافات، بحيث تشبه «كرة الثلج» المتدحرجة بسرعة، لدرجة أن هناك أدبيات غربية تعتبرها أكبر أزمة يواجهها المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي يتطلب التفكير في بلورة حلول وطرح تصورات واتخاذ سياسات تأخذ في اعتبارها ما نعيشه من تعقيدات وتدخلات في عصر «وحدة المصائر». وفي هذا السياق، يخصص مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية صفحة عن تصاعد أزمة اللاجئين الشرق أوسطيين إلى دول الاتحاد الأوروبي، إذ يشير المقال الأول للأستاذة صافيناز أحمد إلى البيئة القاعدية التي مثلت الأثر الانتشاري لتدفق اللاجئين من نطاق جغرافي لآخر, نظرا لأن الصراعات الداخلية المسلحة العربية صارت ممتدة لاسيما مع غياب الأفق السياسية لحلها وصعود التنظيمات الإرهابية والجماعات الجهادية كخيارات بديلة لنظم الحكم السلطوية وأدوار القوى الإقليمية الداعمة للحركات المتطرفة داخل الدول وسياسات القوى الأوروبية التي أسهمت في إذكاء وتعميق الصراعات، على نحو يحمل احتمالا بأن تكون أزمة اللاجئين مرشحة مستقبلا لتكون طويلة الأمد، ويشير المقال الثاني للأستاذة أمل مختار إلى التباينات الحادة داخل القارة الأوروبية إزاء التعامل مع أزمة المهاجرين غير الشرعيين ما بين داعم لإدماجهم (ألمانيا) ورافض لاستقبالهم (المجر والدنمارك).. فأزمة الهجرة غير الشرعية تشير إلى أن دول أوروبا تمر باختبار صعب لمدى صلابة اتحادها وقدرة مؤسساتها على العمل المشترك فى حل الأزمات الممتدة.