2 - بعيدا عن الحيرة التى تواجهنا عشية أى تشكيل وزارى أو عند البحث عن مسئولين أكفاء للمواقع المهمة فى مؤسسات الدولة ينبغى أن نتذكر ما هو مفيد وضرورى من دروس التاريخ بأن أغلب رجال الدولة الناجحين هم الذين سبق لهم أن تمرسوا فن القيادة فى مستويات عديدة متدرجة قبل أن يضطلعوا بالمهام الكبرى ولعل هذا هو سر نجاح نسبة كبيرة من أهل الخبرة بأكثر مما يقدر على تحقيقه أهل الثقة! إن صاحب الخبرة الذى قضى سنوات طويلة يواجه أعقد المشكلات والتحديات ويجهد ذهنه فى تبديل وتغيير الخطط بما يلائم ما يحدث تباعا من متغيرات على أرض الواقع لا يجد صعوبة فى التعامل مع أغلب المشاكل التى تواجهه فى موقعه خصوصا إذا كان قد أضاف لرصيد خبرته القيادية رصيدا وافرا من الثقافة والإلمام بقضايا العمل العام فضلا عن تمتعه بالقدرة على التعامل مع الزمن فلا يستعجل شيئا لا يستحق الاستعجال ولا يتباطأ فى شيء يتحتم التعجيل به! والحقيقة أن القدرة على التعامل مع الزمن لا تتوافر إلا للمسئول الذى صقلته التجارب بحيث يعى قبل غيره متى يسرع الخطى فى أمر ما ومتى يؤجل التحرك فى أمر آخر لكى يتجنب أى مخاطر تترتب على غياب الحساب الدقيق لعنصر الزمن.. ومن هنا تبرز قيمة الوزير الذى يملك موهبة التفكير بسرعة والقدرة على نقل هذا التفكير بنفس السرعة إلى أرض الواقع من خلال معاونيه الذين أحسن اختيارهم ممن يفهمون بسرعة ولماحية شديدة ما يدور فى رأسه وما يتوجب عمله فى التو واللحظة دون إبطاء! ومع أن من أهم متطلبات الوزير الناجح أن يكون عمليا وواقعيا إلا أن ذلك لا يتعارض مع ضرورة توافر شيء من قوة الخيال لأن ذلك الخيال هو الذى يساعد على مد الفكر والبصر نحو المستقبل وعدم الشعور بالعجز والحيرة أمام أى مصاعب مهما تكن حدتها! وظنى أن المناصب الرفيعة ليست حقول تجارب ومن ثم يتحتم أن تخلو موائد الترشيح لها من كل أشكال المغامرة أو المقامرة كما يحدث فى أوراق اليانصيب وأن تكون الأولوية للكفاءة وحدها! خير الكلام : شيئان يعيبان الكبار... كثرة الحديث عن النفس وكثرة الحديث فى حق الآخرين ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله