رغم أن عددا من المفكرين الأوروبيين تصدوا علي مدي عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي بشجاعة لإثبات عدم صحة نبوءة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون بأن سقوط الشيوعية يحتم تأهب الغرب لمواجهة خطر جديد هو الإسلام... ورغم انحسار التأييد الشعبي في أمريكا وأوروبا لفكرة صدام الحضارات التي طرحها ويليام هنتنجتون إلا أن الحملة المعادية للعرب والمسلمين اكتسبت بعدا جديدا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام2001 ثم اشتدت من جديد نغمة التحريض ضد العرب والمسلمين لتفرض نفسها علي أسماع أوروبا بعد حادثة مدينة تولوز الفرنسية مؤخرا! والحقيقة أن أكذوبة هنتنجتون هي التي دفعت بالدكتور عبد الرحيم لمشيش الأستاذ في جامعة بيكاردي بشمال فرنسا- وهو من أصل مغربي- إلي إصدار كتاب بالغ الأهمية- قبل عدة سنوات- تحت عنوان صدام الحضارات... أم تعايش الثقافات؟. ويعترف المؤلف في بداية كتابه بأن المتشددين الإسلاميين رسموا صورة خاطئة عن الإسلام عندما زعموا أن الإسلام يرفض تعددية مرجعيات الهويات وأنه أيضا يرفض حق التعبير عن التنوع الاجتماعي رغم أن التاريخ الصحيح للإسلام يشهد له بأنه كان علي عكس ذلك تماما. ثم يعرج المؤلف علي منهج الانتقائية الذي يكشف خبث الأغراض المعادية لمن يقودون حملة التحريض ضد الإسلام ويشير إلي أن من يروجون لصدام الحضارات في أوروبا يغمضون أعينهم عن كل شيء إيجابي في الدول الإسلامية ولا يرون سوي ما يجري من مجازر في الجزائر أو تورط مسلمين في انفجار مركز التجارة العالمي بنيويورك عام1993 بينما واقع الحال يؤكد وجود تيارات فكرية قوية ومؤثرة داخل العالم الإسلامي تقاوم الأصولية وتؤمن بالديمقراطية والتعددية تحت مظلة الاحترام الكامل للإرث التاريخي والحضاري الذي لا يتعارض بأي شكل من الأشكال من الانفتاح علي العالم الخارجي بكل ثقافاته ودياناته وحضاراته المتعددة والمتنوعة. ويشير المؤلف في كتابه إلي مجموعة من الأدلة والشواهد التي تدحض نبوءة ريتشارد نيكسون عن خطر الإسلام وتكشف زيف وبطلان تحليلات وليام هنتنجتون حول صدام الحضارات! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: التعايش الدائم يلزمه التكافؤ الكامل! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله