تقوم السياسة الخارجية المصرية فى المرحلة الحالية على رؤية واضحة بضرورة الاستفادة من كافة الأطراف الدولية التى يمكن لمصر أن تتواصل معها ،من خلال الإطلاع على التجارب الناجحه لهذه الدول فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ونحن نهتم بالبرازيل وغيرها من الدول التى حققت إنجازات اقتصادية أو علمية أوصناعية،و تنطلق البرازيل في سياساتها الخارجية من ان التنمية تحتاج لبناء مناخ سلمي في العمل ولذا فهي تراهن على عالم متعدد الأقطاب وقادر على تطوير أدوات الحوار الدولي وتسوية المنازعات وادراة اختلافاته بمعرفة ومنهجية وحكمة. تعد البرازيل أكبر دولة فى قارة أمريكا الجنوبية من حيث الجغرافيا والتأثير السياسى والاقتصادى، ولها تأثير كبير فى محيطها الإقليمى من خلال تجمع الميركسور، وهو من أهم التكتلات الاقتصادية فى العالم واتحاد دول أمريكا الجنوبية «الاوناسور» والذى يعتبر نموذجا للتكامل الإقليمى وايضاً عضويتها الفاعلة فى مجموعة العشرين ، G20 زد على ذلك مجموعة البريكس والتى تعتبر تاريخا اقتصاديا جديدا فى مواجهة الرأسمالية المتوحشة ،وتتمتع بعلاقات طيبة مع مصر والدول العربية على مدار العلاقات الدبلوماسية وزادت وتيرة هذه العلاقات تميزاً على كافة المستويات بعد إنشاء آلية القمة العربية الجنوب أمريكية والتى بدأت أولى قممها فى برازيليا 2005، حيث تضاعف حجم التبادل التجاري أضعاف ما كان عليه قبل 10 سنوات.وتأتى أهمية العلاقات مع البرازيل الان نظراً لما حققته من طفرة فى أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية جعلتها سابع اقتصاد فى العالم ومن أعلى معدلات النمو الاقتصادي طوال العقد الماضى ، وبالفعل استطاعت أن تنتشل قطاعات كبيرة من المجتمع البرازيلى من الفقر المدقع إلى مستويات أفضل من خلال عدة استراتيجيات اجتماعية تم تنفيذها على مدار العقد الماضي منها بولسا فاميليا «الدعم العائلى» والفقر زيرو وبنك الطعام وبرنامج بيتى هو حياتى وبرامج الأمن الغذائي ورعاية كبار السن وأطفال الشوارع، فضلاً عن ان البرازيل دولة ذات موارد ضخمة ولديها إمكانات عالية جداً فى الاستفادة من مواردها الطبيعية جدير بالذكر هنا أن لولا دا سيلفا اعترف أن مشروعه السياسي كان بمثابة استكمال «لثورة 1930» التي قادها الجنرال جيتوليو فارجاس لبناء دولة تقوم على حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال والفلاحين والمرأة في البرازيل، كما كان نجاح لولا يكمن في حفاظه على شعبيته من خلال قدرته على التقدم في تحقيق قدر من تطلعات الحركات الاجتماعية والعمال والفلاحين والمرأة ...وغيرها من الفئات الاجتماعية المهمشة من خلال التخطيط الاستراتيجي والميزانيات التشاركية حيث التقشف سياسة اعتمدتها الحكومة ووافق عليها الشعب ، ورئيس الدولة ذاته فى سياساته الشفافة التى اعتمدت الصراحة والمكاشفة. وأضاف أن البرازيل ومصر متشابهتان في التفاوتات الاقتصادية الحادة والتهميش الاجتماعي والآمال العريضة للشعبين في تجاوزات الأزمات التي خلفها الاستعمار بأشكالها التقليدية والجديدة.ولا شك ان الادارة المصرية تسعى الآن لتلبية الاحتياجات الاقتصادية من خلال توفير فرص للاستثمار الخارجى ودعم التعاون الاقتصادى والفنى مع الدول صاحبة التجارب المهمة والاقتصاديات الناشئة والتى كانت الى فترة قريبة تتشابه مع مصر فى كثير من ظروفها الداخلية والخارجية. على المستوى اللوجستي لابد من الاستفادة من هذه التجربة وعلى مستوى التعاون الاقتصادى الحالى لا يزال لا يرقى لمستوى التطلعات إذ تؤكد الإحصائيات الرسمية أن حجم التبادل التجارى بلغ نحو ثلاثة مليارات دولار. والميزان التجارى يميل لمصلحة البرازيل حيث تستورد مصر من البرازيل بما قيمته نحو 2.7 مليار دولار فى حين تستورد البرازيل من مصر ما قيمته 300 مليون دولار. وهنا لابد من تفعيل دور اللجان الوزارية المشتركة ،وتذليل عقبات التعاون التجارى والاستثمار من خلال تدشين خطوط طيران مباشرة بين البلدين لتسهيل الحركة على رجال الأعمال، وإزالة المعوقات أمام حركة التجارة والاستثمار، بالإضافة إلى بحث التعاون من خلال الموانئ والنقل البحري، وأيضا لابد من التحرك على المستوى الثقافي والتعليمي على إبراز التعددية المدنية العصرية للتاريخ المصري ودور الجامعات المصرية والمثقفين المصريين في خدمة الشعوب، ومد دوائر التعاون الثقافي والأكاديمي لباقي الجامعات المصرية والمؤسسات الثقافية المصرية العصرية مع الجامعات البرازيلية، وزيادة التعاون الفنى من خلال الفنون الجماهيرية كالسينما والمسرح والأدب وتعليم الكبار والجماعات المهمشة . والتعاون فى مجال تبادل الخبرات في مجال الدراسات اللغوية بين اللغة العربية واللغة البرتغالية والتى حتى الآن لا يوجد قسم لتعليم آدابها فى جامعة القاهرة.