«ياريت الجواز كله خطوبة».. كم من المطلقات والمطلقين وحتى المتزوجين والمتزوجات يرددون هذه الجملة فى أسى، لكن للأسف بعد أن تكون الفأس وقعت فى الرأس، وانتهت الخطوبة الجميلة ومن بعدها شهر العسل ليواجه كل طرف مصيره فيكتشف أنه تزوج بشخص لا يعرفه. ................................................................................. سمر» مطلقة لم تجاوز الخامسة والعشرين من عمرها بعد زفافها فى أكبر الفنادق وتكلفها مئات آلالاف من الجنيهات.. لم يكمل الزواج عامه الأول تقول: خطبت لمدة تزيد قليلا عن عام.. تعرفنا عن طريق أصدقاء مشتركين.. وكان اللقاء الأول فى أحد النوادى وجدته شابا مناسبا لى حيث يعمل فى وظيفة مرموقة.. وبعد القبول والارتياح كان اللقاء الثانى فى صالون منزلنا لقراءة الفاتحة، بعدها شغلتنا ترتيبات حفل الخطبة، وكان يتصرف خلال تلك الأيام بكل لياقة، ولم يعترض على أية طلبات أو شروط وضعها أهلى.. كانت خروجاتنا قليلة ولا نتحدث عن شئ غير الزفاف المرتقب.. وكان كل شئ على ما يرام.. تزوجنا.. وبعد انتهاء شهر العسل اكتشفت أننى أنشغلت بكل شى إلا التعرف على خطيبى، لم يكن لطيفا ولا مؤدبا كما اعتقدت بل كان يرتدى قناع «ابن الناس الشيك» فى حين أنه شخص عنيف متسلط يتدخل فى كل كبيرة وصغيرة فى حياتى، غيور وشكاك.. يكاد يراقبنى وأتفاجأ به فى مقر عملى دون سابق إنذار، تحولت حياتى إلى جحيم وانتهت بالطلاق.. كل هذا لم يظهر فى الخطوبة فقد كان عريسا مناسبا فى كل شئ لكنه لم يكن زوجا مناسبا. ليست حالة «سمر» هى الوحيدة بل هى القصة الأكثر شيوعا وإن اختلفت التفاصيل.. فكم من الأقنعة (البراءة الأدب اللياقة التدين الطاعة الرومانسية الاهتمام) قد سقطت.. والرجل يؤمن أن داخل كل امرأة ممثلة موهوبة من النوع النادر، ويعلل اتهاماته لها باعتباره هو الطرف الأقوى فى معادلة الزواج، وأنه يشعر بقوته والتمثيل ليس جديرا به فهو واضح وتغلبه صراحته ويفشل فى إخفاء مشاعره. أما هى فتشعر أنها الطرف الضعيف، وأنها لابد أن تحتفظ بخطيبها لاعتبارات اجتماعية، وأحيانا لأسباب نفسية، لذلك تلجأ إلى محاولة الظهور على غير حقيقتها، فهى أمام خطيبها ملائكية الوجه ومنشرحة وحالمة رائعة.. وبرغم الاتهامات المتبادلة بين الرجال والنساء إلا أن الطب النفسى يراهما متساويين فى الجرم.. الدكتور عادل المدنى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر يقول: أن مسألة الأقنعة كثيرا ما تضرب الرجال والنساء على حد سواء فى فترة ما قبل الزواج لا شعوريا لما لطبيعة مرحلة الخطوبة الوردية الحالمة الخالية من المسؤليات، ولأن عمر هذه الفترة مؤقت وقصير جدا، فمن البديهى أن تسود مشاعر الافتتان والحماس، بشكل يضيع على الأطراف فرص كشف ما تخفيه الصدور من سلبيات بسبب أقنعة الخطوبة. صحيح أن لكل منا إيجابياته وسلبياته غير أن طبيعتنا البشرية تفرض علينا إخفاء عيوبنا والاحتفاظ بها لأنفسنا حتى لا نفقد علاقاتنا الإنسانية خصوصا إن تعلق الأمر بما هو عاطفى كالخطوبة مثلا. والأكيد أن مرحلة الخطوبة مهمة للتعارف الحقيقى، إلا أن العكس هو الذى يحدث حيث يعمد كل واحد إلى إخفاء معدنه الحقيقى وراء أقنعة مزيفة مخافة عدم نيل إعجاب ورضى الطرف الآخر. وعندما تتوج العلاقة بالزواج طبيعى أن يتضح مع العشرة أن وجوها أخرى توارت خلف الأقنعة طوال فترة الخطوبة، لتطفو على السطح عيوب وسلبيات تتضاءل معها فرص التأقلم والتعود... والمشكلة الأكبر من وجهه نظر د.مدنى هى أن فترة الخطبة نفسها لا تعطى الفرصة للطرفين للتعارف الجيد والإقتراب الحقيقى بل يكون التفكير فقط فى إتمام مشروع الزواج دون النظر لكيمياء التوافق والتفاهم، وكثير من الأسر ترفض طول فترة الخطبة خشية كلام الناس، وما قد ينتج عن طول الخطبة لكن ما يحدث أن ارتفاع معدلات الطلاق تؤكد أن لدينا مشكلة كبرى فى التواصل بين الطرفين يفترض أن يتم خلال الخطبة لكن ما يحدث أنه حتى لو البنت أشتكت فتكون الإجابة «الحب يأتى بالعشرة»، ولكن بعد الزواج تتساقط الأقنعة واحدا وراء الآخر وكلما زاد عدد الأقنعة زادت احتمالات الفشل.. وحتى نتفادى كل ذلك لابد من إعطاء فرصة حقيقة للتعارف خلال فترة الخطوبة فالحب وحده لا يكفى.ونظرية الحب يأتى بعد الزواج تحتاج لظروف كثيرة كى تتحقق.. ففى فترة الارتباط والخطوبة يكون هناك قناع أخطر من جميع الأقنعة وهو يشبه الوهم.. فيعتقد الشاب أنه يعيش قصة حب كبيرة، وهى تعتقد أنه سيكون دائما مهتما بها ومستعدا لتلبية طلباتها، لكن بعد الزواج تنكشف الحقائق التى حاولا تجاهلها خلال فترة ما قبل الزواج.. الحل المثالى هو إعطاء الفرصة لتعارف حقيقى وواقعى والاستغناء عن فكرة «حيتغير أو حتتغير بعد الجواز»..