في الحلقة الثانية و نحن نبحث عن مكانهم و هناك الأقمار الصناعية التى تصور باطن الأرض و لكن بفرض صحة ما تقول فكل الناس تعلم أن درجة الحرارة فى باطن الأرص تصهر الحديد فلو كانوا بشر فكيف يعيشون و يسكنون و يأكلون و ما هى مبانيهم و مستشفياتهم و كيف يتكاثرون ؟ وهذا السؤال مهم من ناحية البيئة التي يعيش فيها يأجوج ومأجوج، فحينما يرجع السائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته وقرأ "وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا" فأنشأ الله سدا حقيقيا يعزل الرؤية عن النبي، ولكنه كان سدا غير ملموساً، وهي "معجزة"، وأيضا حينما بنى ذي القرنين الردم وحجز يأجوج ومأجوج، فإنهم يرزقون طعامهم داخل هذا الردم، وأيضا يعيشوا في بيئة هيأها الله لهم لا يستطيع أحد غيرهم تحملها، وأصبحوا قادرين عليها، وهي معجزة كونية أيضا، ولكن العقل لايستوعب كيف يعيش هؤلاء في هذه البيئة الحارة التي ذكرها السائل لكونها معجزة من الخالق. وأشار الكاتب حمدي بن حمزة أبوزيد في كتابه عن أسرار ذي القرنين بأنه "اخناتون" الملك الفرعوني أو "الإسكندر" ولكنه ليس كذلك لأن الأدلة والشواهد تدل على أنه عاش في فترة ما قبل ولادة المسيح، واليونان ومقدونيا بلد الإسكندر لم تكن تعرف أية ديانة سماوية آنذاك، كما أنه طاف الكعبة مع سيدنا إبراهيم عليه السلام، كما أنه لم ترد في سيرة الإسكندر أية إشارة إلى أنه بنى سدا أو ردما، وهذا يعطي برهانا بأن ذا القرنين شخصية أخرى متميزة عن الإسكندر، الذي قام بغزو بلاد فارس والبنجاب وباكستان وأفغانستان ونصب نفسه ملكا عليها وكان هدفه الانتقام من العدو التقليدي لليونان والمتمثل في الإمبراطورية الفارسية... وقد صاحبت غزواته الكثير من المآسي والنكبات التي حلت بتلك الشعوب. أما هدف ذي القرنين فكان، كما جاء في القرآن، نشر العدل ورفع الظلم وإرشاد الناس لعبادة الله والتزام شرائعه، إذن هو الملك الفارسي كورش، كما ذكرت الكتب اليونانية القديمة. كما أن هناك دراسة أثبتت أنن ذي القرنين هو كورش الأخميني الذي بدأ رحلته بنص القرآن من الغرب أي من العالم الجديد وهو أمريكا الشمالية والجنوبية متجها إلى الشرق القديم وهو آسيا وأفريقيا وأوروبا ورجحت الدراسة أن رحلة ذي القرنين كانت بالبر عن طريق مضيق برنج الذي يفصل بين شمال غرب أمريكا الشمالية وشمال شرق آسيا وهذا المضيق يكون يابسا في الفترات الجليدية لان مستوى سطح البحر يكون منخفضا ومتجمدا ، وتعتقد الدراسة أن ذي القرنين وصل إلى سيبيريا لأنها تتميز بشروق الشمس الدائم وفقا للآية الكريمة "حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا" أي ليس بينهم وبين الشمس سترا ، "ليس لهم منازل يحتموا بها" والتقى بقبائل سيبيريا الخالية من السكان ماعدا قبائل الاسكيمو وتعتقد الدراسة أنه واصل سيره حتى وصل إلى جبال القوقاز التابعة إلى روسيا حاليا والتقى قوم يعيشون في شمال جبال القوقاز قوم بين السدين وإن يأجوج ومأجوج كانوا يغيرون عليهم من جنوبها والمعروف أن البشر الأكثر تحضرا وقوة يغيرون على القوم الأضعف والأقل حضارة وهذا يعني أن يأجوج ومأجوج كانوا من البشر الأكثر قوة، والمدهش أن جميع الحضارات التي جاءت بعد بناء الردم كانت تتوقف توسعاتها عند الجانب الجنوبي لجبال القوقاز، وحينما بدأ ذي القرنين العمل في الردم قطع الحجر الذي يحتوي على الحديد ثم أشعل فيه النار ليذوب هذا الحديد، ثم أضاف عليه بعد ذلك القطران وهو ذائب ولو أنه وضع القطران مع الحديد وأشعل النار لذهبت فائدة القطران، لأن القطران كان سيحترق، لكن وجوده كسائل فوق سائل الحديد المذاب يقوي من خصائصه، وهذا ما يتم حاليا في صناعة الحديد الفولاذ، وهي نظرية حديثة جدا، مما يدل على أن ذي القرنين كان رجلا بارعا في علم الهندسة ، بخلاف أنه أجاد لغات عديدة خاطب بها كل من قابله، والآية تقول "حتى إذا ساوى بين الصدفين" أي أن الردم تساوى بالجبلين المتباعدين وملئ الفراغ ، وهكذا عجز قوم يأجوج و ومأجوج اعتلاء الردم بسبب ارتفاعه الشاهق ولاستواء جوانبه "ناعمة الملمس" كما أنهم لم يستطيعوا له نقبا لصلابة الحديد غير القابل للصدأ من الفولاذ ، أردت أيضا أن أشير إلى عزة النفس لدى ذي القرنين حينما عرضوا عليه أموالا، رفضها، وكانت هذه العفة لدى الملك سليمان أيضا حينما عرضت عليه بلقيس أموالا وقالت: "وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون"، قال سليمان أتمدونني بمال؟ فما أتاني الله خير مما أتاكم، ما أنتم بهديتكم تفرحون" فهذا القول، مع أن هناك فرق بين الموقفين فكان المال لسليمان على سبيل الرشوة بأن يترك مملكة بلقيس دون تدخل في شئون عبادتهم، ولكن المال كان لذي القرنين على سبيل الأجر عن الردم، إلا أنه رفض هذا المال. والذي يدل على إيمان ذي القرنين قال : "إذا جاء وعد ربي جعله دكاء"، أي أنه عندما يأذن ربي بهدم هذا السد، سيخرج يأجوج ومأجوج قبل قيام الساعة، يعيثون في الأرض فسادا، يأكلون أخضرها، ويعتدون على أهلها، عندما يعجل بموت الصالحين ويأخذهم إليه، "حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون" أي يسرعون، واقترب الوعد الحق" القوي الصالح يسخر قوته لنصرة الضعيف حتى يحميه من أهل الظلم، وقال محمد صلى الله عليه وسلم"من حمى مؤمنا من منافق حمى الله لحمه من النار يوم القيامة" ، والحلقة القادمة ستكون مع خروج يأجوج ومأجوج وأشكالهم كما وصفها النبي ونهايتهم المفزعة. [email protected] المزيد من مقالات حسنى كمال