مكانة الأم ليست محل نقاش عند أى إنسان على وجه الأرض، ومنزلة الأم التى ربت وترفقت وعطفت وفرحت بنجاح أبنائها لا تضاهيها منزلة. بالأمس، كان الرئيس عبد الفتاح السيسى على موعد مع حزن خاص ولحظة صعبة ربما هى أصعب بكثير من كل ما مر به فى العامين الماضيين، وهو يحمل عبء المخاطرة الأكبر فى حياة أى قائد عسكرى ويختار الوطن قبل أى حسابات أخرى. ودع الرئيس السيسى يوم أمس والدته إلى مثواها الأخير، ورأيناه يغالب مشاعره الفياضة فى حضرة السيدة التى كانت لها منزلة خاصة فى حياته.. يحمل نعشها فى مسجد المشير وفى المدفن الخاص بالعائلة مثل أى مواطن عادى ودون تقيد ببروتوكول أو مراسم فى أجل احترام للأم التى وقفت إلى جانب ابنها فى الأيام الحرجة التى مرت بها مصر، تقوى من عزيمته وإيمانه. ومثلما قال عنها يوماً فى لقاء تليفزيونى: «.. كنت محظوظا بأمى، لأنها كانت شديدة الحكمة شديدة الإيمان بالله، هى علمتنى التجرد، أول ما اتعلمت التجرد فى أحكامى .. التجرد هو القدرة على أن تحكم بدون هوى، فلما أمى علمتنى بدأت أحكم عليها هى وعلى ممارستها بتجرد، فزاد حبى واحترامى ليها وتقديرى العظيم لها». بالأمس أيضا، أظهر المصريون على اختلاف انتماءاتهم مشاعر فياضة لرئيس يحملون له تقديرا خاصا وكثيرون حاولوا بسبل عديدة مشاركة الرجل فى حزنه الكبير من أجل أن يقولوا له: «نحن معك.. نتشارك فى الأفراح والأحزان ونشعر بما تشعر»، وكانت كلمات البسطاء على مواقع التواصل الاجتماعى فياضة وشجية فى تقدير الرجل ومصابه. وفى المقابل لم يكن السيسى بعيدا عن تلك المشاعر فسارع أول ما سارع بطلب إلى أبناء شعبه أن من يريد أن يشاطره أحزانه أن يتبرع بها لأوجه الخير وذلك بعد أن بدأت الصحف فى تلقى مشاطرات باسمه وباسم العائلة من أفراد وهيئات تريد تقديم العزاء. كانت مشاعر المصريين بالأمس طبيعية للغاية ومؤثرة فى رسالتها إلى رئيس اكتسى وجهه بالحزن فى لحظة خاصة جداً فيما كان أبناء شعبه يشدون على يده أن يلهمه الله الصبر والسلون على فقدان أعز الناس وأكثرهم قربا إلى قلبه وعقله. تلك المشاعر وصلت إلى الرجل فى الساعات الأخيرة جلية واضحة بلا تكلف ممن حوله أو من معزيه عن بعد. وقد لمست كم هونت تلك المشاعر النبيلة من لحظة فقدان الأم العظيمة أمس، فقد كان جل إهتمام السيسى وسط تلك اللحظة الشخصية الحزينة ألا يثقل على أبناء شعبه رغم شعوره أن هناك الملايين التى تريد مشاطرته فى تلك المناسبة. سمعنا دعوات المصريين للأم الراحلة بالرحمة والمغفرة وسمعنا دعوات الملايين للابن أن يمنحه الله الصبر والجلد فى تحمل فقدان أغلى الناس فى حياته.. خالص العزاء للرئيس السيسى الابن البار بأمه ووطنه .. ورحم الله سيدة عظيمة قدمت لمصر ابنا صالحاً محباً لأسرته وأمته إلى أبعد الحدود. لمزيد من مقالات محمد عبد الهادى علام