دفع حادث إحراق منزل فلسطينى ووفاة طفل ووالده اثر الاعتداء مستوطنين يهود الى ردود فعل واسعة حول العالم، جعلت إسرائيل تعترف بأن الحادث نتج عن إرهاب دينى جاء من صفوف اليهود المتشددين واتسعت دائرة الحديث عن الاعتداءات المتكرر على المساجد والكنائس من غلاة اليهود ودور الدولة فى غض الطرف حتى اتسعت دائرة العنف اليهودى لتطال الدولة والمجتمع الإسرائيلى، ولكن لم يسجل التطرف اليهودى اعتداءات على مجتمعهم عدا بعض المتدينين الذين يمارسون العنف يوم السبت على من يعمل لمخالفته الشريعة اليهودية، وتظاهرات طائفية اعتراضا على تجنيد طلبة اللاهوت الدينى فى صفوف الجيش، ولم يكن العنف اليهودى جديدا حتى يلقبه الساسة الإسرائيليون بداعش اليهود فمنذ فجر التاريخ وعنف اليهود والصهاينة ممتد فى مجازر دموية ولكنها كانت لغير اليهود. حتى تم الكشف على تنظيم "الشعلة" اليهودى الإرهابى الذى يدعو إلى الثورة على المؤسسات القائمة وتدمير دولة إسرائيل من أجل إعادة بنائها من جديد على أسس الدين الصحيح. وكان احد المقبوض عليهم فى جريمة حرق الاسرة الفلسطينية شمال رام الله بالضفة الغربية، الشاب اليهودى مائير اتينجر هو أحد أحفاد مائير كاهانا الذي يعتبر الأب الروحي للتنظيمات اليمينية المتطرفة، ومؤسس حركة "كاخ" العنصرية المعادية للعرب عام 1971، وتشير وثيقة عثر عليها جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلى خلال تحقيقاته في أحد المستوطنات إلى أن تنظيم يطلق على نفسه اسم لاهافا "أي الشعلة" يصف إسرائيل ببناء مهتز غير ثابت الأسس وقابل للانهيار، ومهمتهم هي إشعال المتفجرات التي ستكفل تدمير هذا البناء تمهيداً لقيام إسرائيل الجديدة التي يدعون إليها وتعرض الوثيقة المكتوبة بلغة عبرية عامية الأساليب والطرق التي يجب استخدامها لنشر حال الرعب بين الفلسطينيين وكل من يخالفهم الرأي، ولو من اليهود مثل إحراق منازلهم لإرغامهم على المغادرة كما تدعو "الشعلة" إلى محاربة اختلاط اليهود بغيرهم وإلى تحريم الزيجات المختلطة. لم يكن القلق الإسرائيلى بسبب حرص المؤسسة السياسية والأمنية على حياة الفلسطينيين أو على مصير دور العبادة الإسلامية أو المسيحية، بل تخوفها من تمدد الأفكار التي يعتنقها اتباع هذا التنظيم المتطرف الذي تم اعتقال بعض أفراده، وانتشار هذه الافكار في صفوف فئات أوسع من الشباب، إذ يدعو هؤلاء إلى الثورة على المؤسسات القائمة وتدمير دولة إسرائيل من أجل إعادة بنائها من جديد على أسس الدين الصحيح، المستوحى من تعاليم التوراة، ويعتقدون انه لا مكان لغير اليهود في هذه الدولة الجديدة عندما تقوم، ولا حتى لليهود الذين يسمون أنفسهم علمانيين ولا يحترمون الشعائر الدينية. ووصف الإعلام الإسرائيلى الإرهابى اليهودى المتطرف بنتسي جوبشتاين زعيم "الشعلة" بأنه النسخه اليهودية من ابوبكر البغدادى زعيم داعش الذى يمارس القتل والحرق والتخريب باسم الدين، وكلاهما نتائج التزاوج بين الأفكار السلفية المعتمدة على مفاهيم دينية متزمتة وثقافة التكفير التي تعتبر الاختلاف مع الآخر تشريعاً لقتله، وكما يحارب داعش من أجل إحياء الخلافة في دولته المزعومة على أنقاض الكيانات القائمة، تقدم الشعلة الوعود بتدمير إسرائيل والعودة باليهود إلى مملكة في ظل الملك داود، وطرد كل الكفار منها، من مسلمين ومسيحيين، وكل من لا يسير معهم من اليهود على النهج الذي يرون انه الصحيح، نهج التوراة والأنبياء الأوائل. واذا كانت داعش قد أصبحت هي النموذج الوحيد الأكثر شيوعا بالشرق الأوسط لبناء دولة خلافة سنية خالصة في بداية القرن الحادي والعشرين، فقد سبقتها إسرائيل بسنوات فى إقامة دولة يهودية خالصة هي دولة إسرائيل والتى يسعى نتنياهو للحصول على إعتراف فلسطينى بيهوديتها، فلا غرابة في هذا التشابه والتوقيت، تستخدم داعش نفس الأساليب والتكتيكات التي استخدمها اليهود وهي العنف والإرهاب، جنبا إلى جنب مع التطهير العرقي للسكان الأصليين والمذابح التي راح ضحيتها مئات المدنيين من العرب. وإذا كان ما يجمع داعش وإسرائيل هو الأصولية الدينية، فإن المنهج والإسلوب فى الهيمنة وفرض الثقافة تكاد تكون من عقيدة واحده استعمارية تتخاصم واى عقيدة سماوية او فكر انسانى واخلاقى، فتسعى داعش لإقامة دولة دينية للخلافة الإسلامية لتوحيد المسلمين، وتلعب على الحنين إلى العصر الذهبي للإسلام، تماما مثلما فعل الصهاينة في فلسطين بالعودة إلى ممالك اليهود في التوراة، ودعوة اليهود في جميع أنحاء العالم للعودة إلى إسرائيل لبناء دولتهم اوإقامة هيكل سليمان في القدس، وكما اعتمدت داعش على سلاح الخوف كأداة فعالة في ترهيب المعارضين لها وتسريع التطهير العرقي، كان هذا هو أسلوب المقاتلين اليهود في فلسطين في نهاية الأربعينات من القرن العشرين، ومثلما قال حكماء صهيون فى دستورهم عندما تصبح السلطة في أيدينا لن نسمح بوجود دين غير ديننا على الأرض، يقولها إرهابيو داعش ويعدون بعالم موحد على دين الإسلام. والحديث عن العنف اليهودى وخصوصا ضد ما هو عربى وما هو فلسطينى منذ مجازر الأربعينيات التى سبقت قيام إسرائيل والتى راح ضحيتها عشرات الآلاف من القرى والمدن الفلسطينية على ايدى العصابات الصهيونية، يتجسد فى جريمة العنف الدموية التى ارتكبها المجرم جولدشتاين من سكان مستوطنة كريات أربع والذى تتلمذ في مدارس الإرهاب الصهيوني على يدي متخصصين في الإرهاب من حركة كاخ الإرهابية وكان هدفه الوحيد هو اقتلاع الوجود الفلسطيني من البلدة القديمة في الخليل، وقتل 29 مصليا احتشدوا لصلاة الفجر في 25 فبراير عام 1994 ، وتكاثر عليه المصلون المسلمون وقتلوه بعد ان نفدت الذخيرة من سلاحه، ودفن في مكان قريب من مستوطنة كريات أربع ولا يزال يعامله المستوطنون من أحفاد حركة كاخ المتطرفة على أنه قديس قتل العشرات من الفلسطينيين. وايضا العنف اليهودى ودعاوى العنصرية يتجسد فى الإرهابي اليهودي الأسترالي دينيس مايكل الذى اضرم النار فى المسجد الأقصى فى 21/8/1969 وبدعم من العصابات اليهودية المغتصبة للقدس وامتنعت سيارات الإطفاء التابعة للبلدية الإسرائيلية من اخماد الحريق والصدمة التي أعقبت هذا الاعتداء الآثم أن قامت محاكم الكيان الصهيوني بتبرئة ساحة المجرم الأسترالي بحجة أنه مجنون ثم أطلقت سراحه دون أن ينال أي عقوبة أو حتى إدانة.