أخذت موظفة الجوازات بمطار باريس جواز سفر مواطن مصرى لكى تضع ختم الدخول عليه، ثم نظرت إليه وهى تبتسم وسألته: أيهما تحب أكثر مصر أم باريس؟.. فقال لها: الفرق بينهما عندى كالفرق بين الأم والزوجة، فالزوجة أختارها، أحبها، وأعشقها، وتشاركنى الحياة حلوها ومرها، ولكن لا يمكن أن تنسينى أمي، فالأم لا أختارها، ولكن أجد نفسى ملكها، لا أرتاح إلا فى أحضانها، ولا أبكى إلا على صدرها الحنون.. فأغلقت الموظفة جواز السفر، ونظرت إليه باستغراب وقالت له: نسمع عن ضيق العيش فيها، فلماذا تحبها؟.. فقال: قد لا تملك أمى ثمن الدواء ولا أجرة الطبيب، ولكن حنان أحضانها وهى تضمني، ولهفة قلبها حين أكون بين يديها، تشفيني، والتراب الذى تمشى عليه، أغلى عندى من الذهب والفضة.. قالت: صف لى مصر؟.. فقال: هى ليست بالشقراء الجميلة، ولكنك ترتاحين إذا رأيتى وجهها، ليست بذات العيون الزرقاء، ولكنك تشعرين وأنت بجوارها بالطمأنينة، ثيابها بسيطة، لكنها تحمل فى ثناياها، الطيبة والرحمة، ولا تتزين بالذهب والفضة، ولكن فى عنقها عقدا من سنابل القمح والشعير تطعم به كل جائع، وقد حاول الفاسدون تخريبها، ولكنها مازالت تبتسم، فمصر باقية رغم أنف الفاسدين، أما هم فإلى مزبلة التاريخ، فمصر باقية طول الدهر، وستظل قلعة للمصريين وللمخلصين.. فى هذه اللحظة، أعادت الموظفة جواز السفر إليه قائلة: إنى أرى مصر على التليفزيون، ولكنى لا أراها كما وصفتها لي.. فقال لها: الفرق أنك رأيتى مصر التى تقع على الخريطة، أما أنا فإنى أتحدث معك عن مصر التى تقع فى قلبى ووجداني؟ نبيل دبا حدائق الأهرام