«الوطنية للانتخابات» تعلن غداً النتائج الرسمية ل30 دائرة ملغاة لمجلس النواب    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    وزير المالية: الاقتصاد المصرى يوفر فرصا استثمارية متنوعة وجاذبة    مسئول بالجيش الإسرائيلى: نعول على قدرات حكومة لبنان فى حصر السلاح قبل نهاية العام    59 تهمة بينها 15 قتل.. تفاصيل التهم الموجهة لمنفذ هجوم سيدنى الإرهابى    اندلاع حريق بمصفاة روسية بعد هجوم أوكرانى    إصابة 6 في تصادم أتوبيسين وملاكي بطريق الأدبية في السويس    حالة الطقس اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار    الإعدام لسيدة وزوجها لاتهامهما بقتل شخص ونجله بمركز طما    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    صور أثار حريق شقة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية    وأنا أحبك يا سليمة.. أول رواية لشريف سعيد الفائز بجائزة نجيب محفوظ    فيلم الست بطولة منى زكى يحصد 13مليونا و455 ألف جنيه منذ عرضه    رئيس جامعة أسيوط يؤكد على أن الفتوى الرشيدة تمثل دعامة رئيسية للاستقرار ومجابهة التحديات المعاصرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    الأربعاء.. 18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    إيران تدعو الولايات المتحدة الأمريكية إلى دبلوماسية الاحترام المتبادل    بدء مؤتمر الهيئة الوطنية بشأن اليوم الأول لإعادة المرحلة الثانية بانتخابات النواب    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    السجن 5 سنوات للمتهم بإشعال النيران في سيارة نقل ثقيل بقنا    ضبط المتهم باستدراج طفلة يتيمة والتعدي عليها في الشرقية    شيكاغو فاير يتمسك بصفقة ليفاندوفسكي    مجموعة مصر في أمم أفريقيا.. الفراعنة يبدأون مشوارهم أمام زيمبابوي    سطوحي قائمًا بأعمال عميد علوم عين شمس وطنطاوي للآثار    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    معلومات الوزراء: الاقتصاد العالمى يشهد تحولات عميقة تعيد رسم موازين القوى    وزير الرى: إطلاق آلية تمويلية بمخصصات 100 مليون دولار    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    أصول الأكلات التراثية.. من أين جاءت؟    المرأة والشباب.. رواد أعمال    رئيس مجلس الشيوخ يدلى بصوته فى إعادة المرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    أحمد أيمن منصور: الزمالك يتعرض لظلم كبير وأتمنى مساندة نجومه القدامى    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    مصطفى أبو سريع يعلن انفصاله عن زوجته ويعلق: كانت حق الأم المثالية لأولادي    محمد رمضان: "كنت عارف إن مسلسل "موسى" مش لجمهوري"    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام الطرح الخاص للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي لمدينتي القرين والسنبلاوين بمحافظتي الشرقية والدقهلية    رسل الموت تنزل فى سراييفو    الأطباء تحذر| حمية غذائية تتبعها الفتيات قبل الزفاف قد تؤدي إلى مخاطر صحية    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    اليوم انطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في 13 محافظة    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    ياسمينا العبد: ميدتيرم عمل شبابي طالع من شباب.. وكل مشاهده واقعية جدًا    الأزمات تتوالى على القلعة البيضاء، الأوقاف تهدد بسحب جزء من أرض نادي الزمالك بميت عقبة    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف الشرعى
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 08 - 2015

تابعت باهتمام تصاعد المواجهات بين المثقفين ووزير الثقافة وصولا الى اللقاء الأخير الذى جمع بعضهم برئيس الوزراء ، وبدرت الى ذهنى بعض الأسئلة اود دعوتكم للمشاركة فى تأملها وسأبدأ بالسؤال حول حقيقة قوتنا الناعمة،والمبالغة فى تقديرها. أعتقد شخصيا أننا نسرف فى استخدام الكلمة،كما أسرفنا فى الحديث كثيراعن انفسنا كقيادة للأمة العربية، والمنطق يقول اننا لم نضيع ما نسميه الان قوتنا الناعمة فقط وانما اهدرنا كل مصادرالقوة، ولا اعرف كيف يتصور المثقفون اننا سنحافظ ونطور هذه القوة وحدها بينما تتداعى جميع قوانا الأخرى ، وهل يمكن التوصل الى ذلك الهدف عبرنفس الآليات التى كانت سببا فى انحدارنا المخجل هذا ؟
ولماذا يدعم المثقفون الشخصنة، ويهرولون الى المسؤل الكبير؟ هذا هو السؤال الأهم ، اليس هذا المسؤل نفسه جزءا من المشكلة ، فهو من اختار الرجل . أدرك أن لدينا موروثا تاريخيا طويلا فى الشكوى، اعتقدت خاطئا اننا قد تجاوزنا هذه العتبة . ولكن يبدو أن ازمتنا الحقيقية الآن هى أن القوى التى شاركت فى 25 يناير ومن بينها المثقفون، والتى لم تتمكن من صياغة آلية سياسية وسلطة جديدة ، تطالب الان سلطات غير ثورية بالمرة بان تنجز لها اهدافها وطموحاتها، ما يفعله المثقفون هو ترجمة هذا المازق داخل مجال الثقافة، فهم يطالبون أجهزة الدولة بحماية فوتنا الناعمة، بصفتها مصدر قوة وتماسك المجتمع ، بينما ترى السلطة إن فرض الإرادة وتضييق المجال العام، هى الوسيلة للحفاظ على الدولة ، وتعتبر الثقافة مسرات احتفالية دعائية ، ولا تستريح لتعدد الأفكار والرؤى، ورغم ادراك أغلب المثقفين لطبيعة التحالفات التى تصنع السلطات القائمة،إلا أن الكثير منهم ممن شاركوا فى 25 يناير ، قبلوا العمل داخل الدولاب الرسمى القديم بنفس ممارساته مع تعديلات شكلية طفيفة ، كما لم ينسحب أى ممن اختيروا منهم ضمن لجنة الخمسين ، عندما اقرت مادة تبيح محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية ، بعد أن قبلوا بفرح أن تختارهم سلطة من أعلى، وتغاضوا بالتبعية عن ضغوطها وهى تحدد لهم بالتالى مناطق حمراء وتفاجئهم بصياغات وتعديلات ملزمة .
لماذا ضمن المثقفون فى هجومهم هذا ما يشبه الوقيعه: والذى يجعل الوزير «خلية نائمة او موجها من جهات خارجية ، او منفذا لاجندات خارجية ، أوطرفا فى مؤامرة كونية» وليس مجرد اكاديمى ريفى محافظ محدود القدرات مثل الكثير من المسئولين . أغلب الذين يتجمعون كممثلين للثقافة، ملازمون للمؤسسات الرسمية،ويشكلون احيانا جزءا من ادوات الدولة ورجالها. ينالون بالحاحهم ميزة الحضور الأعلامى والوجود والجوائز ويسعون دائما لمناصبها وللاستحواذ على عطاياها، وهنا يأتى الجانب المضحك. فأحد الاعتراضات على وزير الثقافة الحالى كانت تنصب على عدم قيامه بجهود كافية للاحتفال بمشروع قناة السويس الجديدة ، وكأنهم يزايدون لرفع حالة التعبئة التى طالما أفقرت حالنا الثقافى ووصمته بالتخلف.
هل طالب المثقفون رئيس الوزراء بأن يحدد موقفه هو نفسه ، تجاه تنامى التسلط والرقابة ومحاصرة الحريات، والإصرار على اخضاع المنتج الثقافى الى أولويات أداء سياسى تجاوزه الزمن ، وهل قدم لهم اجابات مقنعة عن اسئلة مثل : لماذا تتسع الرقابة ، وتتقلص مساحات الاختلاف ، ويتم عزل المعارضين والكفاءات لدعم أنصاف الموهوبين ، و ولم تغلق المواقع ،وتسند المسئوليات والمهام الثقافية الكبرى لأصحاب العقول الضيقة ، اليس الرجل مسئولا عن هذا الأداء ، وله سوابق فى ذلك .
الدولة هى الدولة ، كما عودتنا ، تحدد وحدها صورتها وصورة معارضيها أيضا، داخل مشهد اعتادت تقديمه للناس كصورة تجميعية للعائلة الكبيرة ، تحدد داخلها موقع كل عنصر : شيخ الأزهر هنا ، ورأس الكنيسة هناك، ثم كبار قادة الجيش والشرطة ، والوزراء، ورموز رجال القضاء، رجال النظام القديم . ثم بعض رجال الأعمال والشخصيات العامة . ولا مانع من بعض الوجوه الشابة اوالنسائية أو أحد أصحاب الجلاليب أو الحطة البدوية وربما واحد من ذوى الاحتياجات الخاصة كى تكتمل الصورة .انها صورة كيان متماسك ظاهريا. تحدد الدولة بدقة مكوناته ،ولا تكتفى بهذا فهى تختاربالمثل معارضيها، هذا الكاتب وهذا الفنان وهذه الممثلة وهذا المخرج...الخ ، يتم صفهم داخل المشهد عند عمل صورة للنظام وهو يحاورالمثقفين.
ويبقى الغائب الدائم هو السياسة،لا سياسة لدينا ولذا يصعب الحديث عن الحرية، فالحرية هى جوهر الفعل السياسي، وهى ضرورة للوعى ولنمو العمل الثقافى والابداعى لأى جماعة انسانية ، ويبدو أن المثقفين يتنازلون طواعيةعن المطالبة بها تقديرا للظروف كما فهمت. وسيلة الانظمة الاستبداية لإلغاء السياسة هى تسييس الحياة بأكملها ،وهكذا يصبح لدينا واقع مسيس بأكمله ،وهذا لا علاقه له بالتعددية أو بتداول السلطة وانما بالحشد والتعبئة ، حيث يستبدل الخطاب السياسى بدعاية تترد بلا توقف، ويتنفسها المواطن كل صباح ومساء .وهكذا تصبح الثقافة والفعل والحياة اليومية نفسها مسيسة، فكل كيان وكل موقف وكل فكرة تطرح هى مع أو ضد كما قال بوش الابن مختصرا المسألة بوقاحة بالغة من »«ليس معنا فهو ضدنا» . لا يمكن ياسادة فصل أداء الدولة فى مجال الثقافة عن منهجها العام وانحيازاتها. فى النهاية، لابد أن نتذكر جميعا إن الدفاع عن حرية الابداع الآن،بعد أن اختارالنظام لنا هذا الوزير، اصبح محكا حقيقيا للجماعة الثقافية بأكملها، وهو رافد من حركة الدفاع الواسع عن الحرية، وأتعجب كيف لا يقف المثقفون إحتجاجا على مواصلة احتجاز مظاليم داخل السجون باعتراف رئيس الجمهورية نفسه. هل يغمض المثقف عينه عن هذه المظالم السوداء ، ثم يفتحها بحماس ليصبح ثوريا فقط عند المطالبة بإقالة الوزير.
لمزيد من مقالات عادل السيوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.