لم تكن قناة السويس الجديدة، التى افتتحت أمس الأول، مجرد مجرى مائي، أو شريان حياة للتنمية بمحور هيئة القناة، وإنما عكست طوال فترة حفرها، المحددة بعام واحد، عبقرية فريدة تميزت بها. من سمات تلك العبقرية، فكما يقول خبراء المشروعات، إن 80% من معظم الإنجازات لا تأتى فى موعدها المحدد سلفا، لأنه من الصعب الالتزام بالموعد المحدد بالضبط، ولكن هذه القناة تفردت بإتمامها فى توقيتها المقرر من قبل، الأمر الذى أكد قدرة المصريين على الإنجاز، فى رسالة للعالم أجمع بأن مصر تستطيع أن تفعل إذا أرادت. وتنعكس السمة الثانية، فى أن تمويلها، وتخطيطها وحفرها تم بأياد مصرية، وتمويل شعبي، تحقيقا للأمن القومى المصري، الذى رفض أى تمويل من جهة أجنبية، وذلك يحسب للشعب المصرى الذى تبرع من ماله المحدد فى ظل إرادة سياسية يثق بها. وتأتى السمة الثالثة، فى التزام العاملين بالمشروع ببذل الجهد والعرق، وتقديم 15 شهيدا من عناء العمل والإجهاد، ومع ذلك واصلوا العطاء لإحساسهم بأن القناة مشروعهم، وأنها فاتحة خير على مصر والعالم، كما شهد بذلك غير المغرضين عند توصيفهم للمشروع. أما السمة الأخيرة، وهذه هى الأهم، فإن القائمين على المشروع ومنفذيه من عمال ومهندسين وإداريين وغيرهم، لم يلتفتوا إلى حملة التشكيك الضخمة التى انطلقت لإحباط المشروع من البداية، ولم يضعوا أمام أعينهم سوى هدف واحد ووحيد وهو افتتاح القناة فى موعدها، باعتبارها الخطوة الأولى على طريق الخير لمصر. وبعيدا عن فوائد الإنجاز وأرقامه المؤكدة، فإن ما حدث عمل كبير، وصفحة جديدة فى تاريخ مصر الحديثة، سطرت تحت عنوان «عبقرية القناة الجديدة», إضافة إلى عبقرية مكانها التى تنبأ بها الراحل جمال حمدان. http://[email protected] لمزيد من مقالات عبد العظيم الباسل