هنا على ضفاف قناة السويس رفعوا شعار "يد تبنى ويد تحمل السلاح".. وفى المواقع والأكمنة التى انتشرت على مرمى البصر وقفوا حراساً للوطن ولقناته الجديدة. يحافظون على أرواح العاملين والعابرين ويؤمنون مستقبل شعب فى انتظار مشروعه القومى. التقينا بضابط التأمين الملثم المرابط مستنفرا فى أحد الأكمنة، وبدأنا بسؤاله عن سبب اخفائه لوجهه، هو والجنود فشرح أنها ضرورة حتى لا تعرف شخصياتهم ويتم استهدافهم فى أثناء تجولهم أو خلال عطلاتهم. تابعنا كيف يصر هو وطاقمه الأمنى على تشديد إجراءات التأمين والتفتيش الدقيق وعدم السماح للعبور إلا لمن يحمل تصاريح رسمية..فالأعصاب مشدودة..وموعد الفرحة يقترب..وما أكثر المتربصين. وفى كلمات قليلة وسريعة أكد لنا الضابط القاهرى أنه فخور بعمله فى هذا الموقع ولا يستطيع وصف فرحته بعبور أولى السفن من خلال قناة السويس الجديدة أمام عينيه. فهذه ثمرة كفاح الآلاف الذين ضحوا فى سبيل تحقيق الحلم ومن وقفوا فى حرارة الصيف وثلج شتاء الصحراء وسهروا لحماية الوطن. ورغم أنه حديث الزواج وفى انتظار طفله الأول إلا أنه يأبى أن يترك مكانه حارسا على الوطن ومشروعه القومى. قائلا : كلما اقترب موعد الافتتاح زادت أخطار المتربصين بمصر وبحلم شعبها ..لكننا نقف لهم بالمرصاد..وفكرة توجدنا هنا بكثافة وفى وضع استعداد دائم يجعل أى " مجرم" يفكر مليون مرة قبل أن يقترب.." مضيفا أن " قناة السويس الجديدة هى مشروعنا القومى والعالم كلة ينظر الينا ولن نسمح لأى شخص بالمساس بنا" .. ويصف أفراد التأمين العاملين معه بأنهم وحوش تم تدريبها على أعلى مستوى، مستعدين للفتك بمن تسول له نفسه التفكير فى أى اعتداء . وعن مدى تأثرهم بالتفجيرات والتهديدات التى تحدث بالقرب منهم على أرض سيناء الغالية أكد أنهم لا يخشون شيئا فى سبيل الدفاع عن تلك الأرض.. بل نقف يوميا مستعدين لمواجهة أى خطر ونعلم أن أرواحنا بين أيدينا لكننا على استعداد لنيل الشهادة فى سبيل الله والوطن.. فهذا واجبنا وهذه هى عقيدتنا. قناة جديدة..وجامعة أيضا على بعد حوالى 30 كيلو متر من قناة السويس الجديدة يجرى العمل على قدم وساق للانتهاء من مبانى فرع جامعة سيناء بالقنطرة شرق والتى من المنتظر أن تفتتح خلال شهر اكتوبر القادم لتكون واحدة من بين مشروعات التنمية بمحور قناة السويس الجديدة، وسوف تبدأ الدراسة هذا العام فى كليتى الصيدلة وطب الأسنان. أما العام القادم فلأول مرة سوف تفتتح كلية متخصصة لدراسة هندسة السفن. داخل المبنى التقينا المهندس أسامة عبد المحسن مدير المشروع الذى أكد أنه تم بالفعل الانتهاء من كافة المبانى الخاصة بالكليات المنتظر افتتاحها فى بداية العام الدراسى القادم، ويتم الآن العمل على الانتهاء من الطرق و"اللاند سكيب" حيث تمتد الجامعه على مساحة 10 افدنة مشيرا أنها تستهدف ابناء القنطرة شرق والمناطق المحيطة والعاملين فى قناة السويس وأبنائهم. وقال أنه خلال الشهور الماضية راى كيف أثر مشروع القناة الجديدة على كل المنطقة ، من انتعاش تجارى وعقارى وفرص عمل وسبل حياة جديدة تنذر بمستقبل أفضل. وهو ما أكده أكثر من عامل من المشاركين فى أعمال التشطيبات من أهالى القنطرة شرق قائلين أن القناة مدت شرايين جديدة للحياة فى المنطقة.. اما عن جامعة سيناء و فرعها الجديد فأوضح أنه تم الانتهاء بالفعل من تجهيز المدرجات والمعامل الخاصة بالطلبه وسوف يتم انشاء مدينة جامعية للطلبة المغتربين وكذلك للأساتذة بالاضافة لانشاء كافتريا وملاعب. وبحسب المهندس اسامة فإن هذا المشروع لايهدف لخدمة التعليم فقط ولكنه سوف يسهم فى اعمار المنطقة المحيطه بالكامل ويقول:" كما ساهمت جامعه سيناء فى العريش فى تطوير واعمار المنطقة المحيطة بها سوف يسهم فرع شرق القنطرة فى اعمار هذه المدينة"حيث يتم مد خطوط للمواصلات وإنشاء محلات وكافتريات في المنطقة المحيطة بالموقع، واشار إلى أن الاولويه للحصول على فرص العمل المختلفة داخل الجامعه سوف تكون لابناء القنطره شرق. ومن المتوقع أن يلقى طلاب منطقة القناة وبخاصة شرق القنطرة منح دراسيه وتخفيضات خاصة بالمصروفات داخل جامعة سيناء وهو المنهج الذى طبقته الجامعه بفرعها فى العريش. استراحة محارب بعد يوم عمل طويل وشاق يحتاج "المحارب" إلى "استراحة" .. لكنها هنا مختلفة لأنها على ضفاف القناة التى فجر بأيديه ينابيعها وحفرها بجهده وعرقه وكفاحه. فهنا وعلى بعد أمتارً قليلة من موقع معدية الفردان الجديدة جلسنا بين صناع الإنجازعلى " كافتريا القناة "، كما يطلقون عليها مجازا رغم بساطتها. وسط الرمال يبدو هذا "الكرافان" متفردا وبجواره مولد صغير للكهرباء .. يعلم جميع عمال الموقع القريب والمناطق المجاورة أنه يمكنهم أن يجدوا فيه احتياجاتهم من المياه و العصائر و بعض المأكولات السريعة. فى الوقت الذى يقف داخله ثلاثة شباب : محمد خليفة من القاهرة وأحمد يحيى من المنصورة وأسامة مصطفى من الاسماعيلية، بينهم من يؤدى خدمته العسكرية ومن يعمل بشركة خدمات تابعة لقوات المسلحة . محمد خليفة هو المسئول عن الكافتيريا التى تضم ثلاجتين للمشروبات ومطبخ صغير و"فرشه" ينام عليها ليلاً. يستقبل نهارا العمال أثناء فترات الراحة لاحتساء كوب من من الشاى أو الحصول على زجاجة مياه.. ويقول : اعمل فى هذا الموقع من قبل حفر القناة وقت أن كان صحراء جرداء خالية من أى خدمات على الاطلاق لكنه تحول الآن إلى مشروع حقيقي. تحمل محمد وزملاؤه ظروفا حياتية صعبة خاصة فى بداية المشروع ولكنهم لم يفقدوا حماسهم له يوما وهم يشاهدون بأنفسهم تطوره يوما بعد الأخر ويستمعون بجلسات وحكايات العمال الساهرين فى الكافتريا ليلا. . وهى الفترة التى تزداد فيها ضغوط العمل ، فيبدأ محمد فى "رص" المقاعد والمناضد البلاستيكية ويفرج عن جهاز التلفزيون الصغير الذى أتى به من منزله ليضعه فوق خزان مياه قديم أمام الكافتريا. ضرورة لا غنى عنها فى ليالى السمر بالصحراء خاصة فى أيام مباريات كرة القدم المهمة. يقوم بضبط قنواته بعد أن يثبت طبق استقبال صغيرعلى الكرافان، منتظرا قدوم زبائنه من العمال والمهندسين واصحاب العمل والجنود لتبدأ قعدة خاصة تتخلها صيحات التهليل وتبادل القفشات حول الفريقين خاصة اذا كانت المنافسة بين الأهلى والزمالك. سهرات تتخللها العاب الطاولة والدومينو والكوتشينة وسائل التسلية الوحيدة فى ليالى الصحراء..وقد تنتقل الجلسة إلى شاطىء القناة الجديدة ، يتبادلون الحكايات و النكات ويسمعون الأغانى كل حسب ذوقه..ما بين قديم وحديث..مصرى أوخليجى. اوقات للعمل وأخرى للسمر لكنها جمعت طوال شهور طويلة الآلاف من صناع النجاح من المحافظات المختلفة. المستشفى الميدانى..حكايات وراء الكواليس على مدار عام انتشر الآلاف من العمال فى المواقع المختلفة حتى ينجزوا الوعد ويحققوا الحلم وكان على كل الجهات المسئولة تسهيل عملهم، كل فى مجاله. قامت وزارة الصحة بإقامة عدد من المستشفيات الميدانية تزامناً مع بداية المشروع فى أغسطس الماضى لتوفير الخدمة الطبية للعاملين بالحفر والمنطقة المحيطة به. وحدات على امتداد المجرى الملاحى للقناة، قدمت الخدمة الطبية إلى 16 ألف حالة. دكتورماجد، الطبيب المسئول عن المستشفى الميدانى بمنطقة الفردان قال أن سيارات المستشفى مجهزة لاستقبال حالات الجروح والكسور والتى يتم التعامل الفورى معها بالخياطة وتضميد الجروح وتقديم الاسعافات الأولية أما الحالات الأصعب والتى تحتاج إلى رعاية أكبر أوإجراء اشاعات محدده فيتم نقلها إلى أقرب مستشفى لتلقى العلاج وذلك عن طريق سيارات الاسعاف الموجودة بجوار المستشفى الميداني. ويضيف :"يستمر العمل بالمستشفى 24 ساعة حيث يتم تبادل الورديات وأيام العمل بين عدد من الأطباء والمسعفين وتضم المستشفيات تخصصات الجراحة والباطنة والطورائ. أما أكثر الإصابات التى تم التعامل معها فكانت الجروح بدرجاتها المختلفة نتيجة استخدام العمال لأدوات حادة وكذلك بعض الكسور البسيطة والحالات الطبية العادية مثل الاصابة بأدوار البرد أو آلام المعدة. بينما أشار بيان وزارة الصحة أنه تم علاج 103 حالة اصابة بضربة شمس و 6 حالات لدغ عقرب. . من جانبه أعرب جمال عبد الفتاح ابراهيم من الإسماعيلية مسعف عن فخره بالمشاركة فى هذا المشروع عن طريق عمله كمسعف وتوفير الخدمة الطبية والإسعافات الأولية للعاملين بالقناة وهذا على الرغم من كل الصعوبات التى واجهها فى العمل فورديته تستمر لمدة 12 ساعة وأحيانأ اكثر اذا لم يصل له زملاؤه فى موعدهم بسبب صعوبة المواصلات وزحام المعديات، بشائر حياة جديدة قناة جديدة .. وأيضا حياة جديدة بدأت بشائرها تمتد فى كل المناطق المحيطة بمشروع مصر. هنا فى القنطرة شرق توضع اللمسات النهائية لمجمع سكنى تابع لمشروع المليون وحدة والذى تشرف عليه القوات المسلحة. يمتد على مساحة 15 فدانا ويضم جميع الخدمات، محلات تجارية ومسجد ومدرسة ودار حضانة للاطفال وحدات صحية ومساحات خضراء ويضم المشروع 640 وحدة سكنية بمساحة 90 مترا لكل منها تٌسلم كاملة التشطيب. وفى موقع البناء ووسط الجرافات التى تعمل على تسوية الأرض ورفع الرمال التقينا المهندس عصام توفيق والمهندس طارق فوزى المسئولين عن المشروع اللذان أوضحا أن المشروع تم الانتهاء منه تحت اشراف الهيئة الهندسية وجارالانتهاء من ادخال المرافق الخاصة بالمشروع كالمياه والصرف الصحى والكهرباء وتجهيز الطرق ومن المنتظر أن يتم افتتاحه قريبا. وحدات سوف تطرح للشباب بالشروط التى أعلنت عنها وزارة الاسكان والخاصة بمشروع الاسكان الاجتماعى الجديد وسوف تكون الاولوية لأبناء القنطرة شرق. العبور إلى المستقبل عمال يسابقون الزمن للإنتهاء من التشطيبات النهائية لمعدية «الفردان»، حتى يتم تشغيلها قريبا لتصبح ثانى معدية جديدة بعد «نمرة 6» على شاطئ القناة الجديدة