فى الوقت الذى يواصل فيه الإرهاب الأسود ضرباته فى إفريقيا، وصل الرئيس الأمريكى باراك أوباما مساء أمس إلى أثيوبيا، المحطة الثانية والأخيرة فى إطار جولة إفريقية، وذلك فى زيارة تستغرق يومين لبحث ملفات الإرهاب والإصلاح الاقتصادى وحقوق الإنسان. ففى ياوندي، أعلنت مصادر عسكرية فى الكاميرون أمس مقتل 20 شخصا وإصابة 79 آخرين فى هجوم انتحارى نفذته فتاة فى حوالى الثانية عشرة من العمر استهدف حانة فى مدينة ماروا التجارية الواقعة أقصى شمال العاصمة الكاميرونية. يأتى ذلك بعد ثلاثة أيام فقط من هجوم انتحارى مزدوج نفذه شخصان يشتبه أنهما من أعضاء جماعة بوكوحرام الإرهابية فى المدينة نفسها. وقال أحد سكان المدينة إنه سمع دوى انفجار قوى وعلمنا أنه وقع فى حانة بوكان التى عادة ما تكون مكتظة فى الليل. وذكر التليفزيون الكاميروني، أن قوات الأمن أغلقت منطقة الهجوم واعتقلت عددا كبيرا من الاشخاص، مشيرا إلى أن منفذة الهجوم من بين القتلي. ولم تعلن أى جهة مسئوليتها عن الهجوم إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى جماعة بوكوحرام الإرهابية. ووسط حالة الهلع والفوضى اللذين نجما عن الهجوم تحدثت مصادر عسكرية عن قنبلة ألقاها رجل فى حى بونريه. وفى نيجيريا، قال شهود عيان ومصادر طبية أمس إن ما لايقل عن 15 شخصا لقوا مصرعهم وأصيب 47 آخرون فى هجوم انتحارى استهدف سوقا مزدحما فى مدينة داماتورو بشمال شرق البلاد. وأوضحوا أن منفذة الهجوم من بين القتلي. وترجح السلطات المحلية أن الاعتداء يحمل بصمات جماعة بوكو حرام. وعلى صعيد جولة أوباما الأفريقية، رحب تيولدى مولوجيتا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأثيوبية بزيارة الرئيس الأمريكى قائلا إنها «المرة الأولى التى يزور فيها رئيس أمريكى البلاد وهذا يرفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى أعلي. وأوضح مولوجيتا أن المحادثات ستشمل الأمن الأقليمى والتنمية الاقتصادية والحوكمة. ومن وراء الزجاج الداكن لسيارة الليموزين الرئاسية المصفحة، من المتوقع أن يلمح أوباما الورشة الكبيرة ل«الترام»الذى لا يزال قيد الإنشاء فى أديس أبابا وهو الأول فى أفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة إلى العديد من المبانى قيد البناء والتى تشهد النمو السريع فى البلاد. ومن المقرر أن يكون النزاع فى جنوب أفريقيا على رأس جدول أعمال أوباما خلال زيارته إلى أديس أبابا ، كما من المتوقع أن يؤيد الرئيس الأمريكى جهود إقرار السلام فى السودان التى بدأتها منظمة إيجاد وانضم إليها وسطاء دوليون وفشلت حتى الآن بعد سبعة اتفاقات لوقف إطلاق النار حتى ظلت حبرا على ورق. من أبرز محطات الزيارة كلمة سيلقيها أوباما فى مقر الاتحاد الأفريقى غدا الثلاثاء، كما سيلقى كلمة فى قاعة نيلسون مانديلا يوجهها للقارة. وقال جاكوب إينوه إيبن المتحدث باسم رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي: «نتوقع تنفيذ عدة مبادرات فى مجال بناء بنى تحتية للاتصالات والنقل». وأضاف قائلا:«أوباما سيأتى مع ممثلين عن شركات أمريكية كبرى وزيارته دليل على أهمية القدوم إلى أفريقيا فهى بمثابة تشجيع للقطاع الخاص. يجب ألا تفوت الولاياتالمتحدة هذه الفرصة بينما أفريقيا فى مرحلة حاسمة من النمو». وتأتى زيارة أوباما لأثيوبيا بعد زيارة قام بها إلى كينيا الجمعة الماضية وأجرى خلالها محادثات مع نظيره الكينى أوهورو كينياتا كان محورها التعاون الأمنى ومكافحة الإرهاب فى المنطقة. وأشار أوباما فى محادثات مغلقة مع كينياتا إلى إن واشنطن تتوقع أن تري» نتائج جيدة»فى مكافحة الإرهاب، موضحا أن ما يحدث فى أفريقيا يؤثر فى العالم أجمع. وبعد المحادثات، قال أوباما فى مؤتمر صحفى مشترك مع كينياتا:«أدرك مع ذلك جيدا أن الحماس الذى نشهده اليوم من زيارتى هو انعكاس لشيء أكبر وهو رغبة لدى الشعب الكينى لشراكة أعمق مع أمريكا وهذا هو السبب فى وجودى هنا. عملى مع الرئيس كينياتا اليوم مترسخ فى اعترافنا المشترك بأن من الممكن الدفع قدما بمصلحة بلدينا وحياة شعبينا إذا عمق بلدانا تعاونهما ووسعا نطاقه وهذا ما اتفقنا عليه اليوم». وأكد أوباما فى كلمته أن واشنطن ونيروبى تقفان صفا واحدا فى مواجهة الإرهاب، مشيرا إلى تراجع قوة حركة الشباب الصومالية المتمردة فى شرق أفريقيا. وتابع قائلا:«لقد خفضنا بشكل منهجى حجم الأراضى التى يسيطر عليها المتمردون، لقد نجحنا فى الحد من سيطرتهم الفعلية فى داخل الصومال وأضعفنا هذه الشبكات الناشطة هنا فى شرق أفريقيا». وأقر أوباما بأن هذا لا يعنى أن المشكلة تمت معالجتها، داعيا إلى ضرورة إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ نهاية عام 2013 فى جنوب السودان. وطالب طرفى النزاع إلى «وضع مصلحة بلادهما أولا». وأشاد أوباما بكينيا لتخطيها مرحلة التوترات العرقية وسعيها نحو«الوحدة الوطنية»، فى إشارة إلى أحداث العنف التى وقعت عقب الانتخابات عامى 2007 و 2008 والتى أودت بحياة أكثر من ألف شخص. ونوه أوباما فى كلمته أيضا إلى الانتخابات الرئاسية البوروندية التى فاز فيها الرئيس بيير نكورونزيزا بولاية ثالثة، مشيرا إلى أنها «لا تتمتع بالمصداقية»، داعيا الحكومة والمعارضة إلى فتح حوار يؤدى إلى حل سياسى للأزمة ويحول دون سقوط مزيد من الأرواح البشرية. وردا على سؤال من صحفى حول قضية «المساواة لمثليى الجنس»التى تثير جدلا فى أفريقيا ،تطرق أوباما إلى هذه المسألة ،منتهزا الفرصة لتوجيه نقد واضح للرئيس الكينى المعروف بموقفه المعارض لهذه القضية قائلا:«كان موقفى ثابتا حول هذا الموضوع فى أفريقيا كلها، وأؤمن بالمبدأ القائل بضرورة التعامل مع كل شخص بطريقة متساوية أمام القانون..وبأن على الدولة ألا تميز أحدا على قاعدة ميوله الجنسية».