فى عاصمة الطب المصرية، كما يصفون المنصورة، لا يوجد سوى مستشفى واحد حكومى للطب النفسى يخدم 7 ملايين نسمة، بخلاف المحافظات المجاورة ولا مجال فيه لعلاج حالات الإدمان المتزايدة، فى الوقت الذى تكشف المراكز الخاصة لعلاج الإدمان عن قصص ومآس إنسانية نتيجة الأسعار الخرافية التى تكوى ظهور الفقراء والمعدمين وتعيد المتعاطين إلى الشارع مرة أخرى فى رحلة ضياع لا تنتهي. وفى جولة ميدانية ل «الأهرام» فى بعض مراكز العلاج بالمنصورةوطلخا والتى يتجاوز عددها 10 مراكز، يحرص المسئولون على التكتم على البيانات، لكننا علمنا من بعض المتعاملين أن كلفة إخراج السموم من دم المريض تتجاوز 3 آلاف جنيه على الأقل خلال أسبوع كحد أدنى، وتتراوح تكلفة الإنفاق فى اليوم الواحد من بين 250 إلى 350 جنيها، وأحيانا تتجاوز الفترة المحددة للعلاج شهرا كاملا وأحيانا 6 أشهر. ويقول ماهر أحمد ان ابنه ابتلى بتعاطى الحبوب والمخدرات من أصدقائه سائقى «التوك توك» فطاف به المستشفيات الحكومية، التى رفضت استقباله، فذهب به إلى أحد مراكز الإدمان المعروفة واضطر إلى أن يقترض خمسة آلاف جنيه لعلاج ابنه لكن بعد خروجه من المصحة عاد مرة أخرى إلى المخدرات نتيجة عدم متابعة المركز. وفى أحد المراكز قرب مجمع المحاكم بالمنصورة أفاد سالم على بأن الممرضين يقومون بربط المرضى وضربهم وإعطاء دواء لهم بدون وجود طبيب متخصص، متسائلا: أين الرقابة عليها؟. وفى قرية «دميرة» التابعة لمركز طلخا يوجد مستشفى الصحة النفسية الوحيد على مستوى الدقهلية كان فى الأساس مستشفى تكامليا قبل حوالى 8 سنوات ويتبع حاليا الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة ويعمل به 219 فردا منهم 70 طبيبا و65 ممرضا وممرضة، لكن السعة الاستيعابية بالمستشفى لاتتجاوز 85 سريرا فقط.وخلال جولة فى المستشفى، قال محمد إبراهيم أحد أهالى المرضى ان ابنه تحسنت حالته النفسية بعد العلاج وان التذكرة لا تكلف أكثر من جنيه، فى حين التكلفة أكثر من ألف جنيه خارجها وتوفره المستشفى للمرضى بالمجان. ويعترف الدكتور عماد مشالى مدير المستشفى بأن الأهالى يعانون من التكلفة الباهظة لعلاج أولادهم بالمراكز الخاصة والتى تتراوح بين 350 إلى 450 جنيها يوميا، مشيرا إلى أن المستشفى يستقبل 130 حالة يوميا من محافظاتالدقهلية ودمياط وكفر الشيخ. وطالب مدير المستشفى بدعم وزارة الصحة لخطة طموحة للتطوير والتوسع من خلال بناء دورين يخصصان لحجز مرضى الإدمان والمسنين ورعاية الأطفال والمعاقين وزيادة عدد الأسرة إلى 200 سرير. ومن جانبه، يحذر الدكتور محمد أبو حجازى أستاذ المخ والأعصاب بجامعة المنصورة من غياب مراكز متخصصة فى علاج المدمنين، حيث تعيش العديد من الأسر فى منطقة الدقهلية معاناة حقيقية بسبب عجزها عن التصرف مع أفرادها المدمنين. وكان حسام الدين إمام محافظ الدقهلية قد تحدث عن أهمية إنشاء مركز لعلاج الإدمان بالمحافظة لمساعدة الراغبين، ووجه إدارة التنمية البشرية بديوان عام المحافظة بالتنسيق مع الصحة وجهاز مكافحة الإدمان والتربية والتعليم والوحدات الصحية ومراكز الشباب ومنظمات المجتمع المدنى بوضع تصور لذلك. ويعبر محمد شافعى منسق عام برامج صندوق مكافحة الإدمان بالدقهلية عن أسفه لعدم وجود مستشفى أو قسم خاص بعلاج الإدمان بالمحافظة، كاشفا عن توجه لفتح خط ساخن بالمنصورة لخدمة الدقهليةوالمحافظات المجاورة قريبا، حيث يتم حاليا اتخاذ الإجراءات وتأمين المستشفى والأطباء والممرضين، وتقديم كل خدمات الكشف والعلاج والمتابعة. وأكد هذا الأمر الدكتور سعد مكى وكيل وزارة الصحة بالدقهلية ل «الأهرام»، مشيرا إلى أن الموافقات المختلفة يتم الحصول عليها حاليا من الجهات المعنية تمهيدا لاختيار مستشفى نفسى جديد ربما يكون فى محلة دمنة أو أويش الحجر أو ميت على أو غيرها.