قبل ثلاثة أعوام تقريبا أرسلت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو ) خطابا رسميا لوزارة الخارجية المصرية تهددها فيه بأن المنظمة سوف تخرج منطقتى القاهرة التاريخية والأقصر من المناطق المسجلة لديها ضمن قائمة مناطق التراث العالمي. كان المطلوب وقتها حسب خطاب اليونسكو ان تتقدم الجهات المسئولة بملف تحدد فيه بشكل واضح آليات وضوابط العمل مع هاتين المنطقتين وكيفية التعامل معهما قانونيا بعد أن زادت التعديات عليهما وخرجت أصوات كثيرة تطالب بحماية المنطقتين من التعديات. لكن ما لاتعرفه اليونسكو أو تعرفه ربما ونرغب فى توضيح موقفنا منه فهو أن القاهرة التاريخية والأقصر ايضا يخضعان لعدة قوانين وقرارات متشابكة لا يوجد ادنى تناسق بينها فبين قانون آثار يحمل رقم 113 لسنة 1983 وقانون للتنسيق الحضارى يحمل رقم 114 لسنة 2006 وأخيرا قانون ثالث جاء ليكون هو الأكثر فاعلية وهو القانون 119 لسنة 2008 أو قانون البناء الموحد. بين ثلاثة قوانين تتوه المسئولية وتسقط وسط تفاصيلها بيوت وقصور وحوانيت كانت يوما جزءا من تراث الحضارة الذى لا يعوض. وبين ثلاث جهات وزارة الآثار وجهاز التنسيق الحضارى ووزارة الإسكان ومحلياتها تتفرق دماء التاريخ وعلاماته بل إن مادة صادمة قفزت من قانون البناء الموحد والذى يتعامل مع المبانى كلها بنفس المنطق والمعيار لتكون مفتتحا لقانون الطراز جعلت تسجيل المبانى المميزة مشروطا بكونها فى حالة جيدة وغير آيلة للسقوط وهى المادة التى وضعت عشرات البيوت الأثرية المهمة تحت مقصلة الهدم والإزالة لمجرد أن قالب طوب قد سقط من جدار كما حدث فى بيت المهندس الذى تم هدمه تحت سمع وبصر مسئولى حى الدرب الأحمر وعجز رجال الآثار والتنسيق الحضارى عن أن يحموه. بينما يصارحنا مسئولو الآثار بأنهم بالفعل اعجز حتى من أن يفعلوا الضبطية القضائية التى يعطيها لهم القانون ولا يملكون إلا اللجوء للشكوى لأقسام الشرطة كأى مواطن ليشتكوا من أن أثرا قد تم هدمة أو بيتا تراثيا قد تم تسويته بالأرض ,, وانه خلال اقل من ثلاث سنوات تم الاعتداء بالهدم والتشويه والسرقة على نحو 44 أثرا مسجلا وتم تسجيل عشرات المخالفات فى مبان شوهت وجه المدينة وانتهكت كل قواعد البناء بها . ولا يملك ايضا مسئولو جهاز التنسيق الحضارى أن يتحركوا على الأرض ليسجلوا ويوثقوا ما نملكه من ثروات تراثية عظيمة إلا بعد موافقة السادة المحافظين الذين لا يرحبون كثيرا بفكرة أن للبيوت والقصور مكانتها حتى أن 7 محافظات فقط هى التى تم تسجيل الطراز المعمارى بها بينما باقى محافظات مصر خارج منظومة التسجيل وبالتالى خارج منظومة الحماية للتراث ومنها مدينة الأقصر نفسها والتى تضم ثلث آثار العالم ! ومنذ بدأ الأهرام حملته حول القاهرة التاريخية وتتكشف لنا كل يوم حجم الأزمة التى تعيشها المدينة القديمة والتى كانت يوما درة المدن والتى يشهد كل بيت وسبيل ومسجد ووكالة جزءا من تاريخ امتد لأكثر من 400 عام من البناء بداية من العصر الفاطمى مرورا بالعصر الأيوبى والعثمانى والمملوكى وهو نسيج عمرانى شديد الحيوية يحكى تفاصيل الحياة اليومية لمدينة كانت تموج يوما بالحياة ونسيج متجانس اصبح الان مجرد خرق متناثرة بفعل عمليات الهدم الجائرة التى شهدتها المدينة بلا أى ضوابط او رقابة بينما يرتع مقاولو الهدم بلا مساءلة يهدمون التاريخ ويزرعون بدلا منها مبان شديدة القبح والخطورة ولا يجرؤ احد على مساءلتهم ويظل بيت مدكور الذى كان بداية حملة الأهرام يظل نموذجا حيا على تفرق دم القاهرة التاريخية بين الهيئات والوزارات ورغم نجاحنا فى حملة الدفاع عنه ضد الهدم إلا ان الاوراق الرسمية تقول انه فعلا قد تم وضعه على المقصلة التى قد تسقط فوقه فى أى لحظة مادام ملاكه يملكون قرارا بالهدم وسددوا للمحافظة كل التكاليف المادية المطلوبة بينما لم يتحرك السادة المسئولون إلا عندما تحرك رئيس مجلس الوزراء شخصيا وطالب بإعادة دراسة حالة البيت وكيفية إعادة توظيفه واستخدامه وهى التوصية التى ربما يتغاضى عنها السادة المسئولون ويدخلونها فى ثلاجة اللجان الرسمية والتقارير الفنية .وبينما ننتظر نتائج عمل اللجان ومحاولات جهاز التنسيق الحضارى لاستعادة البيت فى قوائمه الرسمية بعد أن خرج منها بالتحايل تبقى المدينة فى معاناتها اليومية وتهديد اليونسكو الذى مازال قائما بأنها ربما تودع قوائمه قريبا وكيف لا وكارثة جديدة باتت تهدد سور المدينة وقلعتها التاريخية التى نجح مقاولو العشوائيات فى الاعتداء على حرمه والتصقوا به فى تحد صارخ لكل مواثيق حماية التراث وتجاهل دائم من المسئولين لما يمكن أن يسببه هذا من انهيار قريب فى السور الذى يحدد حرم المدينة وكأننا لم نكتف بتدمير المدينة من الداخل بل امتلكنا حتى جرأة أن ندمر حدود تاريخها. القاهرة التاريخية وبكل معايير الخوف والقلق باتت تحت تهديد أن تضيع بكل تاريخها ونسيجها المعمارى كمدينة تنبض بالتاريخ والبشر وربما نستيقظ يوما لنجدها وقد اكتفت بقائمة التسجيل الأثرى التى يعرف الجميع أنها تأبى أن تضم كل ما يستحق الحماية لسبب بسيط جدا وهو أن وزارة الآثار لا تملك كما يقول المسئولون بها رفاهية حماية المزيد من الآثار وترميمها بعد أن باتت ميزانية الوزارة لا تكفى حتى لتغطية الجيش الجرار من الموظفين .. فى ندوة نقاشية ضمت 16 خبيرا من كل التخصصات الأثرية والمعمارية والتاريخية امتدت أربع ساعات من النقاشات العميقة والمحاولات الحثيثة للوصول لما يمكن البناء عليه ومكاشفة لم نتوقعها من مسئولين وتحذيرات كان يجب أن يطلقها المختصون .. بعد أن باتت حقيقة أن خروج القاهرة التاريخية من قائمة التراث العالمى واقعا اقرب لحدوثه مما نتخيل بينما كبار المسئولين يمتنعون حتى عن الرغبة فى الكلام ويفضلون تصريحات الانجازات والافتتاحات . ما الذى يهدد القاهرة التاريخية الآن؟ وما الذى فقدنا منها ؟ وكيف يمكن التعامل مع تلك التهديدات؟ وما هو حجم « الكارثة» ؟ -كما وصفها الحضور- وكيف عجزت القوانين عن حماية هذا التراث ؟ولماذا عجزت تلك الترسانة من القوانين عن الحماية أصلا ؟ كان هذا موضوع نقاشنا ومصارحتنا فى الجزء الأول من الندوة وبقدر ما كانت الأسئلة واضحة كانت الإجابات صريحة وصادمة أيضا .
ما الذى يهدد القاهرة التاريخية الآن؟ وما الذى فقدناه منها ؟ وكيف يمكن التعامل مع تلك التهديدات؟ وما هو حجم " الكارثة" ؟ -كما وصفها الحضور- وكيف عجزت القوانين عن حماية هذا التراث ؟ولماذا عجزت تلك الترسانة من القوانين عن الحماية أصلا ؟..كان هذا موضوع نقاشنا ومصارحتنا فى الجزء الأول من الندوة وبقدر ما كانت الأسئلة واضحة كانت الإجابات صريحة وصادمة ايضا حسب الإحصائيات التى يعلنها جهاز التنسيق الحضارى هناك أكثر من 6 آلاف مبنى مسجل كطراز معمارى فى مصر الكلام الآن عن أن تلك الأماكن دخلت نفق الضياع وأشهرها بيت مدكور الذى أصبح علامة على ما يحدث من تخريب عشوائى للقاهرة التاريخية. ما هو حجم هذا التخريب كان هذا محورنا الأول والذى تحدثت عنه بداية دكتورة جليلة القاضى مدير أبحاث المعهد الفرنسى للأبحاث من اجل التنمية IRD «بدأنا حملة إنقاذ القاهرة منذ عام تقريبا كمهتمين بالحفاظ على التراث وكانت قد سبقتنا حملات أخرى فى الإسكندرية والإسماعيلية ومصر الجديدة . خلقت هذه الحملات حالة من الوعى الحقيقى كانت قد بدأت بالفعل بعد الثورة تلك المجموعات أيقظت الوعى بمخاطر هدم التراث خاصة بعد الثورة ونتيجة للفراغ الأمنى حدثت حالات تعدعلى التراث غير مسبوقة ومنذ سنة فكرنا فى خطوة ابعد بين الحملة ومكتبة القاهرة ثم الأخبار وأخيرا جريدة الأهرام وفكرة الحملة أخذناها من فكرة حملات سابقة قبل سنوات من اجل إيقاف هدم القصور التاريخية لعدم هدم القصور ربما لم نتلق دعما سياسيا كما حدث لحملة القصور ولكن الإعلام ساعد على نشرها وبدأ المسئولون يدعوننا ليستمعوا لنا ولكن على الأرض لم يحدث شيء ولو ما حدث فى الثلاث سنوات الماضية سار بنفس الوتيرة فسوف نفقد المدينة القديمة تماما ولن يظل منها سوى بعض المساجد المسجلة أو الأماكن الموزعة وسوف تفقد نسقها التاريخى تماما ولن يبقى منها شىء سوى لقطات لابد للبحث عنها لكى نجدها بعد أن كنا نراها من حديقة الأزهر تحدد خط السماء وتكمل حدود المدينة القديمة بينما تبدو المبانى الخرسانية القبيحة بكل فجاجتها « ينتقل الكلام للدكتور هابى حسنى مدير المكتب الفنى لجهاز التنسيق الحضارى الذى يقول :» بيت مدكور باعتباره عنوانا صارخا للقضية يبدو ظاهريا مبنيا فى وقت واحد ولكنه تاريخيا كمعظم بيوت القاهرة الإسلامية معظمها بنى على مراحل تاريخية قد يكون قد بدأ بناؤه قبل 400 سنة مثلا وتبدو اقرب لتكون فى عداد الآثار بينما هناك أجزاء أخرى مازالت حديثة نسبيا وأجزاء أخرى مخالفة أصلا للنسق المعمارى للبيت ويجب التعامل معها بالهدم وهنا نعود للقانون الخاص بالتعامل مع المبنى وهو القانون 114 والذى يحمل اسم (قانون المبانى غير الآيلة للسقوط والحفاظ على الطراز المعماري) وبالتالى فالشرط الأول أن يكون المبنى غير آيل للسقوط,وهذه نقطة مهمة جدا لأن من يتعامل مع البيوت ليس نحن لأن دورنا كجهاز تنسيق حضارى أن نسجل طبقا للقانون 144 ولكن المنطقة أو الحى تتعامل مع القانون 119. وهو القانون الذى أسجل عليه منطقة بعينها أو مكانا بعينه والذى يكون شرطه الأول ألا يكون المبنى آيلا للسقوط بينما انأ كجهاز يتيح لى القانون 144 أن أضع اشتراطات بعينها فى البناء سواء من حيث الارتفاع او غيره هذه الاشتراطات تحد من هدم البيوت لأنه بحسبة بسيطة البيوت نفسها دوران وثلاثة والارتفاع الجديد لن يزيد على هذا وبالتالى فإن تجديد البيت أو ترميمه اقتصاديا سيكون أوفر للمالك ما دمنا قادرين على الحفاظ عليه بعدم الهدم وبالتالى فمنظومة الهدم والحفاظ لا نتحكم فيها بمفردنا وهو أمر يتيح مساحة واسعة للتلاعب بالقانون مع شبهات فساد نعلمها جميعا فى الأحياء .كما أن هناك إجراءات أخرى لا يعلمها عادة السكان مثل اشتراط القانون وجود اتحاد للشاغرين والذى يمثل احدى آليات حماية المكان من تلاعب الملاك بالتخريب وهو أول ما سألت عنه سكان بيت مدكور وجدت أنهم لم يؤسسوا اتحاد شاغرين هذا الاتحاد يتيح للسكان أن يتعاملوا مع تلك البيوت بالترميم لو قرروا أن يتشاركوا فيه ولا يستطيع المالك أن يتكلم أو يعترض فى هذه الحالة «ويضيف :» لعبة ترك تلك البيوت بدون صيانة هى أهم ألاعيب تخريب تلك البيوت تمهيدا لتوصيفها باعتبارها آيلة للسقوط وتمثل خطورة داهمة حدث هذا مع بيت المهندس ثم بيت مدكور, بيت مدكور من 2005 الناس بتقدم طلبات للهدم ونحن نعجز تماما أن نوقف قرار هدم لبيت يمكن أن يسقط منه حجر واحد لانه سيتسبب فى ضرر لأحد وتلك لعبة تستغل الإطار القانونى وأحاول أن أقف أمامها بإطار قانونى ولكن يصعب تماما أن أسجل بيتا أو ادخله سجلات الحصر بعد صدور قرار هدم. كما أن القانون تم التلاعب فيه وبدلا من كلمة أو عند تحديد الشروط الخمسة للتسجيل استبدلت بكلمة( و ) وبالتالى كان لابد من توافر الشروط الخمسة وهو أمر شديد الصعوبة ,, ولن اخفى سرا أن اللجان التى تشكل من المحافظات والأحياء للتسجيل لا دراية لأى من أعضائها أصلا بقيمة الطراز المعمارى ويعتبرونها مجرد بيوت قديمة من الطبيعى أن تهدم , وربما أذيع مفاجأة لا يعرفها احد وهو انه رغم أن لدينا ما يزيد على 6300 مبنى مسجل كطراز معمارى مميز إلا أن هذا العدد تم تسجيله فى سبع محافظات فقط بينما باقى محافظات مصر لم يتم التعامل معها بالتسجيل والمدهش أن محافظة كالأقصر والتى تضم ثلث آثار العالم وتمثل احدى المناطق السبع المسجلة كمنطقة تراث حضارى فى مصر أحاول شخصيا منذ ثلاث سنوات تشكيل لجنة لحصر الطراز المعمارى بها تمهيدا لمراجعة مبانيها التراثية ولا يستجيب لى المحافظ حيث انه المنوط به تبعا للقانون تشكيل اللجنة بينما رئاستها يختارها وزير الثقافة . كل هذا فى الوقت الذى تهدد اليونسكو منذ عام 2012 برفعها من التراث العالمى ما لم يتم تحديد إطار رسمى للتسجيل والتعامل مع النسيج الحضارى بها «!!!! ويكمل دكتور هابى قصة التهديد قائلا :» فى 2011 و2012 جاء خطاب من اليونسكو للخارجية يخبرهم انه سيخرجون القاهرة التاريخية والأقصر من قائمة مناطق التراث الحضارى العالمى وستعيد تقييم وضعهم وأنكم مهددون وأمامكم سنة واحدة لتخبرونا ماذا حدث ,وفهمنا من وزارة الخارجية أنهم يسألون عن ملف واحد يتعلق بإدارة المنطقة وبالتالى كان لابد من إطار تشريعى نسميه إدارة العمران بخلاف القوانين السائدة وبالتالى لابد من التعامل مع تلك المناطق باعتبارها مناطق متميزة ويخرج خارج قواعد قانون البناء الموحد رقم 119». وعن كيفية خروج البيوت من قائمة الطراز المعمارى المميز يشرح :» ما نسجل طبقا له هو القانون 144 لسنة 2006 وهو قانون أكثر مرونة من القانون 117 الخاص بتسجيل الآثار أكثر مرونة فى التعامل ونسمح للمالك بالتصرف وقد يصل إلى الحفاظ على الواجهة فقط مثلا لو لزم الأمر ولكن ما يحدث عادة أن المكان يخرج ويهدم بالكامل ويخرج العقار من السجل عندما يقدم المالك طلبا بالتظلم من قرار حظر الهدم ولدينا لجنة مركزية للتظلمات وهناك دائما شك أن بعض المبانى تخرج بسهولة ولكن ما يخرج لا يزيد على 10% من قرارات التظلم التى تقدم , والطريقة الثانية أن يكون البيت آيلا للسقوط فيخرج تلقائيا عن إطار القانون 144 ويحدد هذا إدارات الإسكان بالإحياء الذين يتعاملون طبقا للقانون 119 والذى يقول فى بنده الأول المبانى غير الآيلة للسقوط ويحدد هذا لجنة الأيل للسقوط بالمحافظة من خلال تقرير مهندس إنشائى باللجنة الذى قد يرى أن المبنى غير آيل للسقوط ويرفض الطلب او يوافق عليه وفى بعض المنازل قد يرفع صاحب البيت قضية يطالب بحقه فى الإزالة كما حدث فى فيلا اجريوم فى الإسكندرية . والمشكلة فى قرار الآيل للسقوط والحكم القضائى أنى كجهاز تنسيق حضارى لا ابلغ لان القانون يقول أن رئيس الوزراء هو الذى يعتمد السجل ويعتمد الحذف». وتكمل أمنية عبد البر منسق صفحة أنقذوا القاهرة التاريخية كلام الدكتور هابى من ارض الواقع وتقول « الصور التى نوثق بها ما يحدث توضح حجم المأساة فى المدينة القديمة وعندما ذهبنا لتفتيش جنوب التابع له منطقة الدرب الأحمر على سبيل المثال وجدنا كما ضخما من المخالفات تم رصدها بالفعل ولم يكن من الممكن أن نفعل شيئا مادامت المحافظة لا تتابع ولا تقوم بدورها والآثار ليس بيدها شيء كما فهمنا والتقارير الأمنية لا تقدم بشكل مناسب أولا تقدم أصلا. ما حدث فى المدينة التاريخية وفى الدرب الأحمر بالتحديد بدأ من سنين المقاولون كانوا يستولون على الأراضى الفضاء ويبنون عليها ولو ظهر لها أصحاب يدفعون لهم ولو لم يظهر يكملون لان اغلب هذه الأراضى هى أراضى أوقاف والدولة غائبة والأوقاف عجزت عن إيقاف التعديات وبدأنا نستخدم السوشيال ميديا لكى يشعر الناس بحجم المأساة وهناك ملايين دفعت فى الدرب الأحمر لترميمه ولكن للأسف كل هذا لم يمنع التدمير الذى يحدث بدأنا نكتب للآثار أرسلنا لهم وللمحافظة الآن النسيج العمرانى للمدينة . وفى ديسمبر حاولنا وقف هدم بيت المهندس والذى كان غير مسجل وبدأنا من 2010 محاولات مع المسئولين لتسجيل البيت وأن نخبرهم أن البيت هو من القرن ال 19 ولكنه مبنى على أساسات من العصر المملوكى وانه يستحق أن نحافظ عليه وهو شاهد على حقبة مهمة بينما صاحبة البيت كانت ترفض أن ندخل البيت حتى لا نرى مدى جماله. ونجح احد المقاولين كالمعتاد أن يشتريه منها وبدأ السكان يحكون عن أصوات يسمعونها ليلا وكلها فى إطار محاولات تخريب البيت وهو ما لحق ايضا بزاوية عارف المواجهة له حتى جاء شهر ديسمبر واستيقظنا على المحافظة وهى تهدم البيت وهى كارثة حقيقية لان الأفراد ليسوا هم من يهدمون فقط ولكن الدولة ايضا هى ايضا وتلك قصة جعلتنا نعرف ما معنى قرارات الهدم الرسمية والمصحوبة بكلمة خطورة داهمة وأصبح مطلوبا منا أن نلاحق ايضا تحركات الأحياء فى عمليات الهدم « نملك ضبطية بلا قيمة . السعيد حلمى مدير عام آثار القاهرة الإسلامية والقبطية : يقول» بداية ما يحدث فى منطقة الدرب الأحمر كارثة بكل المقاييس فهى من أهم مناطق التراث العالمى كله لأنها تمثل مدينة متكاملة تعكس الروح الشعبية المصرية فى حقبة زمنية هامة ففيها المساجد والأسبلة والمدارس والكتاتيب والمبانى التجارية والوكالات والدكاكين ومن يسير فى الدرب الأحمر يجد باب زويلة بمثابة بوابة لهذا التاريخ . نجن لا تنقصنا القوانين ولكن تنقصنا القدرة على تفعيل تلك القوانين فنحن مثلا حصرنا فى الدرب الأحمر وخلال 3 سنوات فقط 44 تعديا مباشرا على مناطق أثرية مسجلة وذلك فى منطقة مهمة جدا , واذكر مثالا بسور صلاح الدين سور ممتد على مسافة 1500 متر ممتدة من الدراسة حتى طرباى الشريف حرم السور كان 30 مترا لغوه وأصبح 10 أمتار فقط ونحن نفتح ترميمات السور وجدنا عشرات المبانى قد التصقت به تقريبا .. هذا السور التاريخى الذى انفق عليه عشرات الملايين لترميمه والذى يعود تاريخه لعام 571 هجرية وهو واحد من أهم الأسوار والذى بدا إنشاؤه فى عصر بدر الجمالى 481 وانتهى فى عصر صلاح الدين مهدد بالتهاوى فى أى وقت .. والأجهزة المحلية هى التى تتحمل نتيجة ما سيحدث.... نحن لدينا فى وزارة الآثار 45 ألف موظف الأثريون منهم 5 آلاف فقط والباقى عمالة غير متخصصة أى اثر فى الدنيا يحتاج لرعاية فنية وليس لموظفين الوضع فعلا خطير جدا ولدينا أمور معقدة فمثلا عند البناء أو الهدم لابد أن يكون معى قوة شرطة ورجل من المساحة والأملاك وان تكون لنا قدرة على اتخاذ خطوات فورية ولكن ما يحدث هو أمر آخر تماما فأنا احتاج لإجراءات روتينية معقدة ومنها مثلا أنى لابد أن اذهب لقسم الشرطة لعمل محضر ثم يحال للنيابة وربما فى خلال تلك الفترة يكون قد ارتفع المبنى للدور الرابع أو الخامس لذا نحرص أن يكون فى القرار كلمة وما يستجد من تعديات لأننا نعرف أن القرار لن يصدر بسهولة ويأخذ وقتا لحين صدوره رغم انه من المفترض أن يكون لدينا شرطة آثار ومهندس مساحة ومفتش آثار. والمفارقة ان بحكم عملى معى ضبطية قضائية وعندما اذهب لقسم الشرطة لا يعترفون بها ولا يعرفون قيمة ما لدى من سلطة واذهب لقسم الشرطة كأى مواطن عادى وألف على الضباط ولا اعرف لماذا أعطونا أصلا تلك الضبطية .» شهيرة محرز الباحثة فى مجال العمارة والتراث توضح بعض ملامح الكارثة وتقاطعنا قائلة: القاهرة مدينة قديمة وهى تعتبر جزءا من التراث الإنسانى ومع اختلاف النسيج العمرانى سيتم تصنيفنا باعتبارنا مهملين للآثار ولكن للأسف تعدد المسئوليات هو ما أضاع المحاسبة المسئولية قبل عام 1954كانت فيه اللجنة الدائمة لحماية الآثار وقتها كانت المسئولية واضحة ومحددة ولدينا جهاز يرأسه رئيس وزراء مصر ولا يأخذون حتى مقابلا ويأخذون قرارات نافذة ألان المشكلة هى تضارب المؤسسات بل وتعارض القوانين نفسها .. أنا مختلفة مع سعيد أن التشريعات والقوانين يمكن ان تساعدنا لو تم تفعيلها بل العكس هى تعوق عملنا أحيانا ونحن جميعا نشعر أن المشكلة ليست فقط مشكلة آثار لا تملك سلطات نافذة المشكلة اكبر بكثير, أساس المشكلة هو تعدد الجهات المسئولة .» الدكتور محمد حسام أستاذ الآثار الإسلامية بكلية آداب عين شمس أرخ لنا تاريخ التعديات قائلا ..:»تاريخيا هذا الجزء من القاهرة التاريخية وهى منطقة الدرب الأحمر تمتد فى المسافة بين القاهرة الفاطمية وقلعة صلاح الدين هذه المنطقة عمرت عدة مرات وتسارع العمران فيها فى عهد السلطان الظاهر بيبرس حيث أقام الجزء المحيط بالقلعة وقسمها كمساكن وأماكن لأمرائه وجعل لكل أمير منطقة وكان لكل منهم ألف جندى وفى هذه المنطقة وجد بيت مدكور وبيت الرزاز وغيرها من البيوت . وتنقسم مسئوليتها بين جهتين الأماكن المسجلة كآثار طبقا للقانون 117 الخاص بحماية الآثار أو القانون 144 الخاص بالطراز المعمارى المميز وكل أماكن القاهرة القديمة تأثرت من السبعينيات لعدم تعرضها لأى صيانة بعد أن هجرها أصحابها وأهملها السكان ثم بدأ أصحاب البيوت أنفسهم يفكرون فى التخلص منها لأنهم سيكسبون من ورائها ملايين وكانت الفرصة العظيمة بعد أحداث الثورة حيث لا رقابة ولا امن وظهرت جماعات المقاولين تهدم وتبنى مساكن حديثة وظهرت الأبراج التى تخالف قوانين الآثار والتنسيق الحضارى هذا بخلاف أراضى الأوقاف التى تم البناء عليها دون أن يسألهم احد ,ورغم ان مؤسسة الاغاخان قاموا بعمليات ترميم جيدة إلا أنها تم إفسادها تماما بالعمارات التى بنيت بجوار سور القاهرة او منطقة درب شولان وجامع أصلان وغيرها بخلاف هدم آثار بالكامل ومنها زاوية الشيخ مرشد وهى زاوية مملوكية فوجئنا بأنها هدمت وبنى مكانها جامع غريب الشكل يكسر كل قواعد التناغم الحضاري. شخصيا اذكر عام 1980 اشتغلنا مع اليونسكو و فى التقرير الأول سجلنا بيوت القاهرة القديمة كلها وكان التسجيل يتم على أساس تقسيم المنطقة لمربعات , وكانت منطقة فى الدرب الأحمر ،منطقتين فى الجمالية، منطقة عند باب زويلة ولكن للأسف عندما قامت الأجهزة المصرية الرسمية بالتسجيل وثقوا للمناطق المسجلة كآثار فقط وأهملوا تماما باقى النسيج الحضارى للمنطقة « محمد عبد العزيز مساعد وزير الآثار للآثار الإسلامية يضع لنا رؤية الوزارة لحجم الكارثة ,,,:» لسنا فقط كوزارة المعنيين بالآثار طبقا لقانون الآثار كل الآثار المسجلة هى ملك لكل المصريين . المشكلة الأساسية هى مشكلة الإدارة لابد من إدارة واحدة وآلية واحدة اعترف أن لدينا العديد من المشكلات فى البنية التحتية والتعديات بالهدم والبناء ومشكل المرور والمياه الجوفية والتمويل والوعى الأثرى والثقافى بعد الثورة توحشت عمليات الهدم والبناء ورصدنا أكثر من 300 تعد فى منطقة الدرب الأحمر وحدها والمشكلة أن هذه المنطقة نالت اكبر قسط من الرعاية قبل وبعد الثورة الاغاخان رممت وحافظت على مبان تراثية وتاريخية, وعملت على برامج توعية للناس وفى نفس الوقت أكثر منطقة حدثت بها تعديات وتخريب للآثار. أنا كوزارة غير معنى سوى بالآثار المسجلة نعم إنا مهتم بالنسيج العمرانى ككل ولكن القانون يغل يدى عن التدخل و مثلا لم استطع التدخل فى بيت مدكور لان أول سؤال يسألونه هل هو مسجل كأثر أم لا لو مسجل يبقى مسئوليتى غير مسجل غير إثر ليس مسؤوليتى وسأتهم إنى أتدخل لان لى مصلحة ولا يوجد احد عنده وعى أن هذا نسيج عمرانى متكامل وهو جزء أصيل من المدينة الحية . وعندما شكلنا لجنة مؤخرا (اللجنة الوزارية الخاصة للحفاظ على المبانى الأثرية ) برئاسة رئيس الوزراء وهى لجنة وزارية للحفاظ على القاهرة وبها 9 وزراء ومحافظ القاهرة كانت بداية مبشرة ولكن للأسف لا تزال الفكرة لم تصل وكل وزارة شغالة بمفردها مثلا وزارة التطوير الحضرى اشتغلت مع اليونسكو ولم تعرض علينا ما تفعله وهكذا وبالمناسبة حتى عندما ارصد تعدىا على اثر ينتهى دورى رصد التعدى بإبلاغ قسم الشرطة وعمل محضر وإرساله للسلطة المختصة فيصدر قرار الإزالة وعلى الجهات المختصة تنفيذ قرار الإزالة والمحليات هى من قننت التعدى بتوصيل المرافق إليها كما أن قانون التصالح الذى يتم من المحافظات أصبح مربحا لهم لأنهم يأخذون غرامات أصبحت موردا من موارد المحافظة . فى الجزء الثانى من ندوة الأهرام حول إنقاذ القاهرة التاريخية يبدو الحديث أكثر هدوءا فى محاولة من حضور الندوة لوضع حلول وتصورات تبدو قابلة للتحقق على ارض الواقع بعضها ما هو تشريعى والآخر تنظيمى وحلول فنية وهندسية على ارض الواقع إشكاليات وتصورات وتجارب واقتراحات قدمها حضور ندوة الأهرام حول إنقاذ القاهرة التاريخية نقدمها للسادة المسئولين لعلهم يجدون فيها ما يستحق أن يتبع قبل أن تتحول القاهرة التاريخية»أم مدن العالم»واحد أهم معالم التراث العالمى مجرد ذكرى لمدينة كانت يوما فى البداية تحدث المهندس المعمارى حمدى ألسطوحى عما اسماه وضع استراتيجيات للمعادلة ويقول : «مبدئيا هذه قضية إستراتيجية وليست فقط قضية معمارية أو تاريخية نحن نتكلم عن معادلة ديناميكية فيها أطراف ومشاكل كثيرة ولها أطراف متعددة منها البيت والمالك الذى قد يكون فردا أو الدولة وهو لا يملكه ولكن له الرعاية عليه ثم الطرف الثالث والذى قد يكون مؤسسة حكومية أو غير حكومية ونحتاج أن نأخذ كل طرفين وندرسهم معا . نأخذ مثلا المالك مع البيت لماذا يريد المالك أن يهدم البيت لابد أن نسأل أنفسنا هل الحل الوحيد كما يقول البعض هو شراء البيوت مثلا من قبل أفراد أو مجموعات مهتمة بالتراث لإنقاذها. ثم إن مقولة إن الخائن هو المالك لأنه يرغب فى هدم التراث أمر لا يبدو منطقيا لان صاحب البيت ينظر للأمر من زاوية مختلفة هو يرى نفسه يعاقب لأنه يملك بيتا او مكانا ذو قيمة فهذا أمر لابد أن نفكر فيه نحن نبدو كأننا نحرمه من ميزة يملكها جاره الذى لا يملك بيتا ذا قيمة ويستطيع أن يتعامل معه بحرية وهنا نعود إلى القانون الحالى فليس لدينا تشريعات تعوض المالك لم يقدم له القانون أو التشريعات شيئا كل ما نفكر فيه كيف ننزع ملكية المكان ماذا قدم له القانون أو التشريع ليسانده أو ليقدم له التعويض المناسب إذن لابد أن نضع حلولا لان الجهات الرسمية نفسها لا تستطيع التنسيق فيما بينها الآثار والتنسيق الحضارى والمحافظة لا يستطيعون الجلوس والتنسيق وأيضا العلاقة بين صاحب البيت والمؤسسات رأى أن نشتغل على ثلاثة مستويات مستوى استراتيجى يعنى بوضع رؤية بما نريد المستوى الثانى نرى التشريعات أو المواد الدستورية التى تساند الإستراتيجية التى نهدف لتحقيقها والثالث مستوى تنفيذى مشاكل السلطات التنفيذية المتداخلة لو أردنا أن ندخل المجتمع المدنى ندخله فى المستوى الثانى ليشارك فى وضع التشريعات بما يملكه من خبره فى الشارع لو أردنا أن نساند المالك الفرد فلابد أن له نسهل التعامل مع المستوى الثالث وان يكون لدينا الإرادة أن نقدم له البديل أو التعويض الذى لا يجعله يشعر بالظلم لأنه يمتلك مكانا ذا قيمة وكأنه يعاقب بسبب هذا . وهنا ايضا لابد أن نمتلك إجابة واقعية عن السؤال المهم المعادلة هل أصحاب البيوت يهدمونها لأنهم لا يعرفون قيمة التراث أم لان المجتمع كله لا يعرف قيمة التراث ؟ واذكر انه فى 2012 عندما كان يتم عداد الدستور كنت احد الأعضاء المؤسسين فى حركة اسمها (ميثاق التنمية والعمران) وقدمنا المواد الدستورية المطلوبة كان هدفنا كيف نساند المالك ليعرف انه يملك قيمة تراثية ويشعر بما يملك ويحترمه ويحافظ عليه وارى ان قد جاء الوقت الحقيقى لنمسك بتلك الفرصة لان تلك المبانى التى ندعو للحفاظ عليه فتلك المبانى ليست فى حد ذاتها هى الحضارة بل هى شاهد على تلك الحضارة التى نخشى ان تضيع تحت وطأة الإهمال نقطة أخرى اظن انه من المهم أن ندعو لها وهى ان ندخل أشكالا جديدة من الملكية لتلك المبانى وهى ملكية التعاونيات التى أراها احدى أهم الآليات الحالية لدعم شراء البيوت إنقاذها وهى التى لاحقة لوضع الإستراتيجية ولكنها تصلح لان تكون حالا جيدا للحل. سيف أبو النجا رئيس جمعية المعماريين المصريين التقط خيط الحديث موضوعا بعض ملامح الصورة قائلا : « ما يجب أن نعرفه أننا نتعامل مع منطقة شديدة الأهمية ليس على المستوى الوطنى فقط بل والمستوى العالمى سيف أبو النجا :»فعندما يتحدث المعماريون والأثريون العالميون عن القاهرة يقولون عنها إنها القاهرة أم المدن» لأننا نتكلم عن 1500 سنة عمارة لما بنسافر الخارج نشعر بالإهانة عندما يطلب منا أن نتحدث عما وصلت إليه المدينة والذى أرى ان القانون هو المسئول الأول القانون لا يعرف التراث فمثلا حتى عندما وضعنا قانون 144 لسنة 2006 الخاص بالتراث المعمارى وضعناه تحت مظلة القانون 119 أو قانون البناء الموحد فأضعفه جدا وسار يخضع لشروطه وأهمها أن يكون المنى سليم تماما إنشائيا وان يكون غير مهدم وربما نندهش لو عرفنا أن اقوى قوانين فى مصر هى قوانين البيئة لأنها أكثر تطورا من قوانين هدم لأنه اشتق مواده وعقوباته من مواثيق الأممالمتحدة والارداة القوية للحفاظ على البيئة وهو ما يحدث عكسه تماما فى قوانين المحافظة على التراث والحضارة التى لا تضم كمنظومة عقوبات واضحة لمن يعتدون على التراث ولا تقدم فى نفس الوقت إغراء مناسبا لمن يحافظ وكأنه يفعل ذلك لنفسه انأ شاهدت بيوتا فى أمريكا تم شرائها من أصحابها بأسعار محترمة لمجرد أنها ارتبطت بأحداث تاريخية بعينها رغم بساطتها الشديدة ولكن هنا وكما قال مهندس حمدى ألسطوحى لابد من آلية للتعامل مع الملاك عبر تعويضهم ماديا بعدة طرق كان نعوضهم بثمنها كاملا أو أن تظل تلك البيوت فى ملكيتهم على أن نؤجرها لمستأجرين جدد يدفعون إيجارات مناسبة واذكر مثلا التجربة السورية فلديهم جهاز تشكله الدولة عندما أرادوا إنقاذ مدينة حلب القديمة كان الجهاز يعطيهم الاستشارات ويدفع أقساط الشراء او الترميم وهناك مطلب آخر مهم وهو ما يتعلق بقانون الإيجارات القديم الذى لا يجب ان يطبق بأى شكل على المناطق التراثية والأثرية فقيمة المبانى اعلى بكثير جدا من عائدها وبالتالى فالمالك لا يملك الحافز للحفاظ عليها ونحن نجهز الآن للاحتفال باليوم العالمى للعمارة قررنا ان يكون موضوعه الأساسى هو القاهرة التاريخية لأننا فعلا على حافة كارثة .» Trust هو الحل الدكتورة جليلة القاضى مديرة أبحاث المعهد الفرنسى للأبحاث من اجل التنمية:« لكى نكون صرحاء ومن واقع خبرتنا فى هذا المجال نحن نحتاج لمن يدعمنا رسميا فللأسف الارادة السياسية غائبة الأن ولا يهمها التراث أصلا ولكى ندفعها للاهتمام لابد أن ندفع نحن والإعلام نحو هذا كما يجب ان نستفيد من تجارب الدول الاخرى والنموذج الفرنسى اعتبره رائدا فى هذا فهم لديهم حوالى 500 ألف مكان مسجل كمبان تراثية ولديهم ما يعرف بهيئة مهندسين فرنسا هم من يحددون قيمة المكان بداية ويضعون له التوصيف التراثى الحقيقى مثلا أن يكون علامة مميزة لمكان بنيت بخامات محلية لم تعد مستخدمة.. ويعتمد أسلوب عملهم على توفير الأموال التى تنفق على ترميم والاهتمام بتلك المنازل ودعم أصحابها ويحصلون على تلك الأموال من مؤسسات كبرى وتحفز تلك المؤسسات عبر تمييزهم ضرائبيا وبالتالى عندما يذهبون لرجل أعمال ويقدمون له قائمة بأماكن مطلوب ترميمها أو شراءها ويختار هو ما يريد يكون لديه الحافز للمشاركة وربما لا ترغب الدولة او غير مستعدة لإ يجاد كيان كهذا الآن ولكنها فى الوقت نفسه يمكن أن تدعم من يرغبون فى القيام بهذا الدور ونحن فعلا بدأنا هذا عبر اعتماد (trust) او التمويل عبر مجموعة مساهمين ومتبرعين كوسيلة لتوفير الأموال اللازمة لتعويض ملاك البيوت ليتنازلوا او ان نتشارك معهم فى الترميم وإعادة الاستخدام لتلك البيوت بما يجعلها مجزية اقتصاديا لهم ولكننا نحتاج إلى دعم الدولة لتقديم اعفاءات ضريبية حقيقية لمن سيتبرعون فى هذا التراست أو لا صحاب البيوت برفع الضريبة العقارية عنهم مثلا كوسيلة لتشجيعهم على الاحتفاظ بتلك البيوت والاهتمام بصيانتها بشكل دورى ويمكن ايضا ان تقرضهم اموال الترميم بفوائد مخفضة أو أنترفع عنهم جزءا من ضريبة الدخل .» دكتور هابى مدير المكتب الفنى لرئيس جهاز التنسيق الحضارى يتحدث معلقا على ما قدم من مقترحات فيقول : « من المشاكل المهمة أننا ليست لدينا خطوط تنظيم لكل المناطق التراثية الخطوط المعتمدة لدينا من عام 1938 ولم يتم تعديلها حتى لأن لدينا مقترح بتعديل القانون 144 لسنة 2006 لنعيد تحديث تلك الخطوط حتى لا تسقط مزيد من البيوت بدون أن يشعر به احد هذه جزئية وهناك نقطة أخرى وهى ما يتعلق بالتعديلات المالية لأصحاب العقارات وأظن أن إدخال التعديلات العينية أمر يمكن أن يعوض عجز الدولة على توفير الاعتماد المالية اللازمة عبر تقديم أراضى مثلا كما حدث مع ملاك قصر البارون والية التعويض موجودة ومعترف بها إذن القصة فى تنفيذها بشكل عادل ومرتب فليس من المعقول أن يكون دورى كجهاز أن أتصارع مثلا مع أجهزة أخرى فى الدولة لأحافظ على مبنى استطاع صاحبه ان يستغل ثغرات فى القانون لهدمه وأنا بدورى ابحث عن ثغرات آخرى للإبقاء عليه هذا عبث لابد أن ينتهى وان تكون هناك منظومة قانونية وإدارية واحدة للتعامل مع التراث . وبالنسبة لما يقال عن أزمة التمويل يمكن حلها بشكل جيد عبر اقتطاع جزء من الضريبة العقارية يوجه لترميم تلك الأبنية كما حدث تماما مع العشوائيات حيث تم اقرار هذا كما ان هناك امر اخر هام وهو المتعلق بالدراسات التى تجريها الهيئات والمؤسسات الأجنبية نشترط على تلك الهيئات وكما تفعل بقية الدول ومنها تونس ان يخصص جزء من أموال تلك الدراسات لترميم جزء من المشروع أو المكان الذى يعملون عليه وألا يكتفوا فقط بالدراسات والأوراق التى لا تفيدنا بشكل كبير ». دكتور محمد عبد العزيز مساعد وزير الدولة للآثار أكمل ما يراه حلا رسميا للازمة قائلا :» يجب ان نتعلم أن نتعامل بداية مع البشر لأنهم هم من يحافظون ومن يهدمون ايضا ونحن عندما قلنا لهم لا تلمسوا المبانى لم نقدم لهم البديل فى السكن المناسب أو أماكن العمل والورش كما أننا لم نحفزهم على حماية الأثر فى شارع المعز لدين الله الفاطمى عملوا سيارات كهربائية للسياح ولم اسمح للمواطنين بهذا فى حين ألغيت لسيارات العادية وأصبح كبار السن يعانون من السير فى الشارع وكرهوا السياح كما منعت المواطنين من إقامة الأكشاك وبالتالى أغلقت باب رزق لهم فهل نتوقع بعد ذلك ان يحب المواطنون الآثار ويهتموا بها وهى سبب فى صعوبة حياتهم؟ لابد ان تكون لدينا منظومة متكاملة لحماية التراث لا تستبعد البشر باعتبارهم جزءا منها وحماة لها « التعامل مع المكان التراثى أو الأثرى او بمعنى أدق التعامل مع نسيج المدينة الكاملة هو من الحلول الاخرى التى قدمها لنا ضيوف الندوة من المعماريين مهندس ماجد سامى رئيس شعبة المهندسين المعماريين بنقابة المهندسين علق قائلا : « كل موقع حسب حالة المبنى واستعماله وبشكل عام نحن ضد أن يغلق المكان أو أن يكون مجرد مزار لابد أن يكون به نشاط حى ولكن القضية هنا كيف سيتعامل المسئولون مع هذا للأسف خبرتنا تقول إن العقلية البيروقراطية المصرية تقتل أى محاولة لذلك احد الأصدقاء من المعماريين حاول أن يحيى احد البيوت وبعد أن اشتراه انهالت عليه المخالفات من الحى الذى يتعامل مع المكان باعتباره بيت فقط بيت بلا أى قيمة وهم لا يعرفون فنيا أى شيء عن إعادة الاستخدام او التوظيف أو التسكين أو غيرها من آليات استخدام الأماكن التراثية والتاريخية إلا فقط ما فعله صندوق التنمية باعتباره جهة حكومية أما الجهود الفردية فمطلوب أن تتوقف ». دكتور احمد راشد أستاذ التنمية المستدامة بالجامعة البريطانية يكمل جانب : فى عام 1984 كانت هناك تفاعلات قوية جدا لحماية القاهرة وحالة اهتمام عظيم لكن على المستوى المحلى لم يكن الامر كذلك فنحن نفتقد فى ثقافتنا حتى الرسمية منها تقدير قيمة التراث والحضارة انا عزلت من احدى اللجان عندما رفضت هدم فيلتين تراثيتين اعتبرهما المحافظ بيوتا قديمة لا قيمة لها؟؟!! والآن أنا بشكل شخصى مهتم جدا بموضوع حقوق الملكية الفكرية لكل أثارنا وتراثنا الذى يستخدم فى كل مناطق العالم بدون أى قيود ولا نحصل مقابل هذا عل أى عائد ممكن بدأنا من استنساخ الأهرامات وصولا لعملات لقمار التى تستخدم رسوما واشكالا فرعونية ولو استطعنا أن نتبنى مشروعا ضخما للحصول على عائد الملكية الفكرية لهذه المستنسخات سيصبح لدينا عائد ضخم ينقذ القاهرة التاريخية خلال أعوام قليلة .» دكتورة هناء موسى المدرسة بأكاديمية الشروق الهندسية والتى أعدت رسالة الدكتوراة والماجستير الخاصة بها عن نفس الموضوع تقول : «ِالتوفيق بين قيمة المكان واستخدامه هى سبب الأزمة فبحساب القيمة هذه أماكن لا تقدر بثمن وبحساب الاستخدام لا تبدو لأصحابها أو حتى لمن يملكها من هيئات ذات قيمة سوى أنها مبان متهالكة مثلا وبالتالى يكون التفكير هو كيف يمكن إعادة التوصيف مثلا إعادة الاستخدام طبقا لمعايير اقتصادية وحضارية تتناسب مع قيمة المكان بدلا من أن يتم هدمه كما حدث مع مبنى بلدية القاهرة آو الحزب الوطنى كما نعرفه كان يجب أن نحافظ عليه وأنا شخصيا اعمل على ابحاث عن تطوير الاستخدام مع الحفاظ على المكان فليس من الطبيعى أن تكون الصيغة الأفضل هى الإيجار الدائم بالملاليم او وجود الورش الضارة بقيمة الأثر والتى تهدد وجوده أصلا فى حين يمكن أن نعيد الاستخدام بشكل اقرب لطبيعة المكان وبقيمة ثقافية ومادية تساوى قيمته الحضارية « يضع المهندس محمود رياض تصورا يبدو خطوة أخرى للأمام فيقول :»عندما قدمت تصور لإعادة استخدام مبنى الحزب الوطنى لم ابتعد كثيرا عن وظيفة المكان وطبيعة البناء وهو نفسه ما أظن انه يمكن تطبيقه فى القاهرة التاريخية بل هى أكثر مرونة من المبنى لأن بها كل تفاصيل الحياة من بيوت ومساجد وأسواق واسبلة وعندما أفكر أرى نموذج مدينة مثل روما او فلورانس يستخدم أماكنها شكل جيد جدا ولكنها أصلا تجذب طبقا تركت المنطقة قبل 100 سنة. تجربة بيت المعمار لتى تبناها دكتور عصام صفى الدين وتديرها دكتورة هبة صفى الدين حكت لنا عنها قائلة هبة :» فى الخارج بيوت أقذر كثيرا واصغر من بيوت القاهرة التاريخية ولكنهم حافظوا عليها لتكون فى كامل رونقها وجمالها هناك بعض البيوت التى تهدمت ولم تتبق سوى واجهتها بقيت كما هى مع إعادة استخدام الأجزاء التى تهدمت لتكون مبانى سكنية او فنادق او غيرها ونحن فى تجربة بيت المعمار حافظنا على البيت ليكون متحفا للعمارة به مكتبة بحثية ورقمية متخصصة كإحدى وسائل إعادة التوظيف ويستوعب ايضا أنشطة ثقافية ومتحفية مهمة وهو ما نسعى له مستقبلا ولكن الأهم بالنسبة لى هو النوع الذى يدفع الناس للحفاظ على التراث واحترامه وتلك هى القضية ». مهندس أحمد منصور الاستشارى لمشروعات اليونسكو يرى جانبا آخر فيقول :» القاهرة التاريخية تتميز عن كل المدن التراثية التى حدث لها تطوير ومنها مراكش التى يراها الكثيرون نموذجا مهما فى انها بها حياة متكاملة مختلفة لان عندنا محلات ووش وحرف صعب نطبق عليها النموذج ومن خبرتى فى مشروع الأحياء العمرانى لليونسكو الذى عملنا عليه فى منطقةابن طولون كنا نسكن بيتا كاملا 3 ادوار جوه المدينة القديمة وكل الخدمات لم تكن موجودة كنا مبسوطين ببساطة الحياة ولكنها تجربة كانت مهمة لأنه لم تكن هناك أصلا خدمات وقتها أدركنا أن المدينة رغم زحامها بلا خدمات هذا بخلاف مشكلة أساسية أخرى وهى الوعى ولكن لدينا مشكلة أهم وهى الإطار التشريعى والتخطيطى للدولة ليس له علاقة بالتراث أصلا مثلا فجأة وجدنا أنهم يفكرون فى شوارع أو كبارى ولا يفكرون فى التراث والقيمة التاريخية مثلا كوبرى يربط بين مثلا ما تردد عن كوبرى بين شارع الاوتوستراد وصلاح سالم هل يتخيل احد كم التدمير الذى سيحدث فى المنطقة التى سيمر بها هذا الكوبرى».
نقاط ساخنة مساعد وزير الآثار رصدنا 300 مخالفة وتعدى على اثر خلال أربع سنوات فقط ولا املك التدخل سوى فى حالة التعدى على الآثار المسجلة بعمل محضر بقسم الشرطة . مدير المكتب الفنى لجهاز التنسيق الحضارى لم نسجل مبانى الطراز المعمارى سوى فى سبع محافظات فقط ولا نعلم شيئا عن باقى محافظات مصر التى تهدم مبانيها التراثية كل يوم . الأقصروالقاهرة التاريخية مهددتان منذ عام 2012 بالخروج من مناطق التراث الحضارى العالمى والمحافظ يرفض تشكيل لجنة تسجيل التراث المعمارى بها منذ 3 سنوات . المحليات المستفيد الأول من التعدى على المبانى الأثرية والتراثية بسبب قوانين التصالح والتعويضات التى يدفعها المخالفون والدولة تبحث عن قوانين تصالح جديدة . مدير عام الآثار الإسلامية املك ضبطية قضائية لا يعترف بها جهاز الشرطة واذهب لقسم الشرطة كأى مواطن عادى لعمل محاضر التعدى على الآثار . دكتور محمد حسام: الدولة تقنن للتعدى وسور القاهرة مهدد بالانهيار بسبب تقليص حرمه من 30 إلى 10 أمتار فقط والنسيج العمرانى للمدينة تآكل بشكل كبير .
قائمة المشاركين فى ندوة الأهرام د. محمد عبد العزيز مساعد وزير الآثار لقطاع الآثار الإسلامية مهندس سيف أبو النجا رئيس مجلس إدارة جمعية المعماريين المصرية مهندس ماجد سامى رئيس شعبة المعماريين بنقابة المهندسين المعمارى حمدى السطوحى الاستشارى فى المشاريع التراثية والمتاحف مهندس استشارى محمد محمود رياض مكتب محمود رياض الهندسى دكتورة هناء موسى مدرس العمارة بالمعهد العالى للهندسة الأستاذ السعيد حلمى مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية بالقاهرة والجيزة دكتور هابى حسنى مدير المكتب الفنى لرئيس جهاز التنسيق الحضارى دكتور أحمد راشد مدير مركز الاستدامة بالجامعة البريطانية دكتورة جليلة القاضى مدير أبحاث المعهد الفرنسى للأبحاث من اجل التنمية IRD مهندسة أمنية عبد البر عضو حملة أنقذوا القاهرة والمؤسسة المصرية لإنقاذ التراث مهندس أحمد منصور استشارى الترميم والخبير باليونسكو الاستاذة شهيرة محرز الباحثة فى التراث والعمارة د. محمد حسام الدين أستاذ الآثار الإسلامية بكلية أثار دكتورة مهندسة هبة صفى الدين مدير مشروع بيت المعمار المصرى