فى شهر رمضان يفيض الخير وتعم البركات ويبادر الناس جميعا للتبرع وإنفاق الزكاة والصدقات على المحتاجين وخاصة المرضى الضعفاء الذين يعانون الآلام وكثير منهم غير قادرين على تكاليف العلاج ولاتوجد لهم تغطية تأمينية كافية. وهناك مستشفيات كثيرة تقدم خدماتها الطبية والعلاجية بالمجان أو بأسعار رمزية وتقوم على تمويل هذه الخدمات من تبرعات أهل الخير ، وفى هذه السطور نقدم نموذجين من المستشفيات أحدهما معهد الكبد بشبين الكوم والثانى مستشفى أبو الريش للأطفال ليتعرف المتبرعون والراغبون فى التبرع على ما يقدمانه من خدمات وما يحتاجانه للتطوير. ينتشر القاتل الصامت بين ابناء مصر بنسبة كبيرة، وللأسف لا يفرق فيروس سى والفيروسات الكبدية الأخرى ومضاعفاتها بين فقير وغني، ولكنها تصيب الانسان وتستقر بجسده اعواما عديدة، يتمكن فيها المرض منه بهدوء، وبلا اعراض تذكر، وقد لا يكتشف المصاب مرضه الا بعد تحوله إلى حالة مزمنة تستحق علاجا شديد التأثير. ولان مصر هى الاعلى بين الدول فى معدلات الاصابة وبخاصة فى منطقة الدلتا والوجه البحري؛ فقد كان إنشاء معهد قومى للكبد بعاصمة الدلتا شبين الكوم خطوة اساسية لعلاج المرض وحصاره والذى أنشئ عام 1985على يد الدكتور ياسين عبد الغفار وبدأ العمل به رسمياً فى مارس عام 1987. ووصل عدد المترددين والحاصلين على الخدمات الطبية بالمعهد العام الماضى لنحو 835 الف حاله بمختلف قطاعات المستشفى بحسب الاستاذ الدكتور احمد الشعراوى عميد معهد الكبد كما انه من المتوقع أن ترتفع لنحو مليون ونصف المليون خلال العام الحالى جميعها يعالج مجاناً. بينما تصل الحالات المقبوله بالطوارئ لنحو 8730 مريضا تكون حالتهم حرجة اما من يتم صرفهم فللأسف يتعدى اربعة اضعاف هذا العدد والسبب هو عدم وجود اسرة كافية داخل المعهد" 120 سريرا وآلاف المرضى فمعهد الكبد بشبين الكوم قوته 120 سريرا فقط ومريض الكبد يعد حالة طبية خاصة فهو يتوجه للطوارئ فى حالات القيئ الدموى أو تحضره اسرته فى حالة دخوله فى غيبوبة كبدية أو اى حاله عاجله اخرى ولايمكن تخديره كأى مريض عادى وبالتالى لابد من توافر اسرة لهؤلاء المرضى ولا يمكن صرفهم من المستشفى قبل التأكد من استقرار حالاتهم. وقد حقق المعهد انجازا حقيقيا خلال السنوات الماضية ببناء وتأسيس مستشفى جديد للكبد مجاور للمعهد تصل سعته ل 350 سريرا وقد بدأ التشغيل التجريبى له. ويضم المستشفى - ولازال الكلام لعميد معهد الكبد بشبين الكوم - 45 سريرا فى الطوارئ تعرف ب(أسرة العناية المتوسطة) والتى ترتبط بها تجهيزات طبيه عاليه جدا تكاد تشابه معدات العناية المركزه من غازات وشفاطات واجهزه لقياس الضغط ولكن من دون الاجراءات الاحترازية الخاصة بالعناية المركزة. وتضم غرف تكييف مركزى وغرفا مزدوجة ذات تجهيزات عالية وهى غرف مجانية اما الغرف بأجر فهى الغرفه المفردة بمرافق ثم الغرف ذات الخدمات الفندقية اى التى تضم غرف استقبال ومرافق ، ويقول:" لا يوجد اى فرق بين الغرف المجانية أو بمقابل فيما يتعلق بالخدمة الطبية من فريق الاطباء أو التمريض بل حرصنا أن يضم الدور الواحد جميع النماذج سواء مجانيا أو بأجر" ويشير الدكتور الشعراوى لأهمية وجود العلاج بأجر فى المستشفى الجديد فهو يمثل دخلا للإنفاق على الأقسام المجانية وهناك خدمة طبية على اعلى مستوى يقدمها المعهد من خلال فريق من كبار الاساتذة فى تخصصات امراض الكبد المختلفة و لكن المريض القادر ماديا يحرم منها بسبب غياب الخدمات الفندقية و يتوجه للمستشفيات الاستثمارية ينفق فيها الالاف فلماذا لا تقدم له غرف بها تلك الخدمات وتوجه تلك الاموال لرعاية المرضى غير القادرين وهناك نموذج لأحد رجال الاعمال الذى تبرع بتأسيس جناح كامل للمرضى القادرين بعد أن اصيب بحالة مرضية نقل على اثرها للمعهد وبعد تلقيه الرعاية الاولية نقله ذووه الى مستشفى استثمارى ولكنه عاد بعد ايام للمعهد ثقة فى اطبائه ثم قرر التبرع بتأسيس هذا الجناح الاقتصادى ليدر دخلا للمعهد للانفاق على غير القادرين. اما الاحلال والتجديد فهو مستمر فى المعهد حتى بعد بناء المستشفى الجديد والذى لن يغنى بأى حال عن المعهد، فمازال قسم زراعة الكبد بالكامل فى داخل المبنى الاساسى للمعهد ولن يتم نقله، وجار الان تجديد دور كامل فى المعهد ليحول إلى غرف مزدوجة فقط بدلاً من الغرفه التى تضم 4 اسرة. ويؤكد ان المستشفى الجديد سوف يقلل الضغط قليلا عن المعهد وإن كان الامر سوف يعود لحالته الحالية خلال عام أو اكثر قليلا نظرا لكثرة المترددين على المعهد من كافة انحاء الجمهورية وكذلك الدول العربية. وعن دور المجتمع المدنى فلا يتوقف على تقديم التبرعات فقط وبحسب عميد معهد الكبد يمكن للمنظمات والافراد القيام بدور فى غاية الاهمية لترفع عن كاهل المعهد العديد من المشكلات ويضيف :" اذا حصلنا على اموال من المجتمع المدنى فانها تودع فى خزانة المعهد وتتحول إلى اموال حكومية تطبق عليها نفس القواعد والروتين، ولكن اذا كان المجتمع المدنى شريكاً أو راعياً أو كفيلا ببعض الاسرة أو العنايات المركزة فيمكنه أن يسهم فى حل مشكلات الصيانة والتطوير من دون روتين لانه سيكون لديه مرونة القطاع الخاص ". ويرى أن على المجتمع المدنى أن يشارك فى رعاية اسر المرضى والانفاق على المرضى فالامر ليس أسرة وأدوية فقط فبعض التدخلات الطبية تحتاج إلى مبالغ كبيرة مثل عملية تحويل مسار الدم التى تتم عن طريق الاشعة والتى تحتاج إلى 25 الف جنيه ، وبعض اورام الكبد يحتاج مريضها إلى احدى الحقن ثمنها 12 الف جنيه. غياب الميزانية أما المفاجأة التى فجرها الدكتور احمد الشعراوى عميد معهد الكبد بالمنوفية أن المعهد لا يحصل على تمويل من الدولة كمقدم للخدمات الطبية أو كمؤسسة طبية اما الميزانيه الرسمية للبحث العلمى والتى يحصل عليها من وزارة التعليم العالى فهى مليون جنية فقط بالاضافة إلى اجور العاملين ومرتباتهم ولذلك طالب بفصل معهد الكبد الذى يقدم الشهادات العلمية عن المعهد المقدمة للخدمات العلاجية وطالب بمبلغ 220 مليون جنيه سنويا للمعهد حيث ينفق نحو 52 مليون جنيه مستهلاكات فقط على 120 سريرا، ويضيف:" إن ما تقدمه الدولة من مصروفات مقابل خدمات المعهد كتكاليف مريض التأمين الصحى ومريض نفقة الدولة يتعرض لخصومات من جانب الدولة بالاضافة إلى أن التأمين الصحى احيانا يشترط علاجات معينة ولكن الطبيب فى معهد الكبد يقدم العلاج المناسب لمصلحة المريض حتى لو كان اغلى لأننا نقدم العلاج كما يجب وليس كم هو ممكن" زراعة الكبد ويقدم المعهد خدمة زراعة الكبد للأطفال مجاناً بالكامل والتى تتكلف فى بعض الأحيان مبالغ اكبر من زراعة الكبد للكبار فمعظم حالات الاطفال تسببها عيوب خلقية، وبالرغم من قلة ميزانية الانفاق على البحث العلمى فقد استطاع المعهد أن يحقق رقما عالميا بإجراء 380 جراحة لاصلاح انسداد القنوات المرارية عند الاطفال، وهذا الرقم العالمى مسجل باسم المعهد عالمياً، وهذه الجراحة التى تتم فى عمر شهرين تسمح للطفل باجراء جراحة زراعة الكبد فى عمر 8 سنوات ولذلك ترتقع تكلفة جراحة الزراعة للطفل لنحو 200 الف جنيه أو اكثر ويضيف:" اما اغرب الصعوبات التى نواجهها فهى غياب ثقافة التبرع عند الاهل وبخاصة الأباء حيث تكون الامهات اكثر استعدادا للتبرع لأبنائها" اما على مستوى الزراعه للكبار فالمعهد يعد الأقل تكلفة على مستوى مصر حيث تكلف 200 الف جنية وعادة يتحمل المريض نصف المبلغ ويتحمل المعهد النصف الآخر وقد تمت 257 عملية زراعة كبد بالمعهد منذ عام 2003 وكان المعهد اول من زرع على مستوى مصر ويضيف عميد المعهد :"بالرغم من كل هذه الخدمات الا اننا بعيدا عن اهتمام الناس لان المعهد ليس فى العاصمة" ويسعى المعهد للانتهاء من إنشاء وحدة ابحاث خلايا جذعية وهى محاولات علاجية لإستخدام هذه الخلايا ومن المنتظر أن ينتهى اعداد بروتوكولات العلاج فى سبتمبر القادم. وليس الجانب العلاجى فقط هو ما يحتاج إلى دعم فى معهد الكبد فهو يقدم ايضاً خدمات تعليمية على اعلى مستوى فيوجد على سبيل المثال جهاز المحاكاه لتعليم الطبيب كيفية اجراء المناظير وهذا الجهاز ثمنه يصل إلى 5 ملايين جنيه. قوانين وبيروقراطية وليس بالتبرعات والميزانيات وحدها يتحسن تقديم الخدمات الطبية - ولازال الكلام لعميد معهد الكبد- فالقانون يقيد الخدمة الطبية وهى خدمة مكلفة ولابد ان تحترم اصولها الطبية والمالية فاذا كان المكان لا يسع الا ل100 مريض فلا يمكن أن يستقبل 110 وهنا نحن لا نظلم 10 ولكن نظلم 110مرضى ولابد أن يكون لدى المؤسسة العلاجية الحرية فى اتخاذ القرار وإلغاء البيروقراطية والتحرر من القوانين . وعن التبرعات يقول الدكتور شعراوى :"نسعى الان لتخصيص خطوط لارسال رسائل التبرع وكذلك الحصول على رقم حساب جديد اسهل على المواطنين بالاضافه ل رقم حساب التبرعات 3 - 1038 بنك ناصر الاجتماعي" ويضيف :"نحن فى حاجة إلى المتبرع الذى يقدم جنيها واحدا فقط لأنه لا يملك سواه ولكنه يؤمن برسالتنا وبالخدمة التى نقدمها" ويؤكد ما سبق الدكتور مجدى خليل العميد السابق لمعهد الكبد القومى بشبين الكوم فالروتين الحكومى يحول المبالغ الكبرى إلى " ملاليم" لبطء الحصول عليها فالمستشفيات العامة والحكومية تعمل 24 ساعة ولا تغلق ابوابها . ويضيف :" حتى الحصول على المبالغ التى تدين بها الحكومة للمستشفيات قد يطول انتظاره من 6 اشهر إلى سنة وقد يتعرض لخصومات.