شيعت مصر بعد ظهر أمس جثمان رئيس الوزراء الأسبق الدكتور محمد عبد القادر حاتم والملقب ب «أبو الإعلام المصري»، حيث تقدم الجنازة المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء يرافقه الفريق أول صدقى صبحى القائد العام وزير الدفاع و الإنتاج الحربي، وذلك من مسجد المشير حسين طنطاوى بمنطقه التجمع الخامس شرقى القاهرة . وكان الدكتور حاتم قد وافته المنية أمس الأول عن عمر يناهز 97 عاما ، و يعد الفقيد واحدا من أبرز رجالات الدولة؛ حيث تدرج فى العديد من المناصب المهمة من بينها تولى رئاسة الوزراء إبان حرب 73 وأشرف على الاستراتيجيه الإعلامية خلال هذه الفترة .كما كان أول من تولى حقيبة الإعلام وقت أن كانت تسمى وزارة « الإرشاد القومى « كما أسس وكالة أنباء الشرق الأوسط ، كما تولى الاشراف على المجالس القومية المتخصصة . زميل عبدالناصر من الابتدائى إلى الكلية الحربية أنشأ «المحطة السرية» التى أجبرت إيدن على إنهاء الاحتلال كتبت - كريمة عبد الغنى: فى لقاء لم ينشر من قبل، روى الدكتورعبد القادر حاتم رئيس مجلس الوزراء الأسبق ل «الأهرام»، ذكريات علاقته مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ، فقد ذكر أنه كان زميلا لعبدالناصر فى مدرسة »العطارين« الابتدائية بالإسكندرية، وفى الكلية الحربية كان عبدالناصر يسبقه فيها بدفعة، حيث تخرج بالدفعة 38 أما حاتم فخرج دفعة 39، وعندما التحق حاتم بكلية أركان حرب كان عبد الناصر عضو تدريس بها. ولم تقتصر زمالة عبدالناصر وحاتم على الدراسة فقط بل كانوا زملاء أيضا فى المشاركة فى المظاهرات ضد الانجليز وصدقى باشا الذى كان يدافع عن الملكية، ويعلق فى ذاكرة عبدالقادر حاتم إحدى المظاهرات والتى شارك فيها مع عبدالناصر، وقبض عليهما مع مجموعة من المتظاهرين وتم إحالتهم لمحكمة المنشية بالإسكندرية وجاء للدفاع عنهم مكرم عبيد باشا سكرتير حزب الوفد والمحامى القدير، إلا أن صدقى باشا كان متربصا بهم وعين أربعة بالنيابة ليعارضوا عبيد باشا والذى بدأ مرافعته بالدفاع عن المتظاهرين ووصفهم بالشباب الوطنى إلا أن أعضاء النيابة عارضته فى هذا الوصف وقامت بالرد عليه بالقول بأن »هذا كذب«، ولم يكن من عبيد باشا إلا أن توقف عن الكلام تماما ثم خلع روب المحاماة، مما جعل الشباب داخل قفص الاتهام يعتقدون أن مكرم عبيد سيرحل ويتخلى عن الدفاع عنهم، إلا إنهم فوجئوا به »يقول يا حضرات المستشارين قلت لكم الصدق بخصوص شباب المستقبل فكذبوني«، مشيرا بيديه إلى النيابة، ثم أردف قائلا أنهم يريدون منى قول الكذب ولكن فليحيا كذبى وليسقط صدقي، يسقط صدقي، ونحن وراءه يسقط صدقي«، و ما كان من هيئة المحكمة الا الحكم لهم بالبراءة. وفى أوائل الثورة عين فى إدارة المخابرات العامة، ويرى حاتم فى عمله بالمخابرات فى تلك الحقبة كان له أهمية بالغة وحقق من خلاله أهم مبادئ ثورة يوليو، والذى كان يشغل جل تفكير عبدالناصر والذى قال له فى إحدى المناقشات سأطرد الانجليز كما طردت الملك، ورد حاتم على عبدالناصر بالقول إن هذا صعب فى حال ما تم استخدام أسلوب الساسة السابقين، وأوضح أن لديه طريقة درسها جيدا لطرد الانجليز من مصر وملخصها فى العمل على إسقاط أنتونى إيدن رئيس الوزراء البريطانى والقوات الإنجليزية فى مصر، من خلال التعاون مع المعارضين لإيدن فى داخل بريطانيا لزيادة المظاهرات المناهضة له والتى تنادى بإسقاطه مما سيؤثر على موقفه بالخارج والداخل. وبالفعل وافق عبدالناصر على هذه الطريقة، وبدأ حاتم فى العمل بإرسال مصور عالمى من شمال أوروبا لتصوير الكنائس والمساجد التى دمرت بواسطة الانجليز فى القتال، ثم أعطى تلك الصور إلى الصحفى الراحل مصطفى أمين وسافر بها إلى إنجلترا وسلمها للمعارضين. وبجانب ذلك قام حاتم بإنشاء محطة سرية عمل بها بنفسه مع ثلاثة أفراد آخرين بينهم سيدة لمخاطبة المعارضة وجنود الاحتلال فى القتال للعمل على هز ثقتهم فى سياسة إيدن وبث روح الصداقة تجاه مصر والإصرار على سحب جنودهم من القناة بدلا من القتال،وبالفعل نجحت طريقة حاتم ومحطته السرية فى تقليب المعارضة على إيدن وخرجت المظاهرات تملأ الشوارع البريطانية ضده لدرجة أن السفير البريطانى فى مصر حاول معرفة مكان المحطة السرية ولم يتمكن من ذلك، وانصاع إيدن لرغبة شعبه ومطالبه بإقامة علاقات صداقة مع مصر وإجلاء قواته عن القناة. وذكر حاتم أن إيدن أقر لعبدالناصر يوم توقيع اتفاقية الجلاء »بأن المتاعب التى واجهها بسبب المحطة السرية، هى التى جعلت الشعب الانجليزى يطالبه بإنهاء الاحتلال وإقامة علاقات صداقة مع مصر وعمل حلف بغداد، فما كان من عبدالناصر إلا أن اتصل بعبدالقادر حاتم يطلب رؤية تلك المحطة، والتى ذهب إليها وتحدث مع العاملين بها وطلب منهم الاطلاع على التسجيلات بها وبالتحديد الخاصة بحاتم نفسه وأخذها واستمع إليها، وهو الأمر الذى أثار دهشة عبدالناصر وإعجابه، ومنحه ترقية استثنائية لم تتكرر مع أحد غيره بأن منحة ترقية من بكباشى إلى قائمقام، ثم طلب منه تحويل المحطة السرية إلى محطة تخصص لإذاعة أغان لأم كلثوم وهو ما اغضبها فى ذلك الوقت. واعتبر حاتم جلاء الاستعمار عن القناة أهم وأعظم إنجاز وعلامة مضيئة فى تاريخ ثورة 23 يوليو وخير رد على الناكرين لإنجازات الثورة، ويشعر بالاستياء الشديد من هجوم البعض على الثورة وعلى عبدالناصر، ويقول إن الانجليز الذين وصفوا ناصر بالديكتاتور لتأميمه قناة السويس هم أنفسهم الذين أقاموا له حفل تأبين بعد وفاته فى مجلس العموم البريطانى والذى شارك فيه هو زوجته أثناء عمله بلندن كأستاذ جامعي، وكانت هذه المرة الأولى التى يخصص فيها مجلس العموم البريطانى جلسة خاصة لتأبين شخصية غير بريطانية. ورأى حاتم أن ذكرى الإنسان وسيرته يجب أن تأخذ بمجملها ونتيجتها »، فعبد الناصر عندما قام باتخاذ إجراءات رأى البعض فيها التشدد مع انها كانت لصالح الفقراء والفلاحين بغية تحقيق العدالة الاجتماعية وعمل تنمية حقيقية فى البلاد والتى لمسنا منها الكثير فى عهد ناصر ومنها إنشاء السد العالى ومصانع الحديد والصلب والغزل والنسيج.
اتحاد الإذاعة والتليفزيون ينعى الفقيد كتبت - فاطمة شعراوى: نعى عصام الأمير رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون والعاملون بالاتحاد بمزيد من الحزن والأسى د.عبد القادر حاتم رئيس وزراء مصر خلال حرب أكتوبر وأول وزير للإعلام وصاحب خطة إنشاء ماسبيرو والذى قدم لمصر والوطن العربى إنجازات لن ينساها التاريخ فكان أحد أبطال حرب أكتوبر وفى أثناء شغله منصب رئيس الوزراء اثناء الحرب كان له دور مؤثر فى خطة الخداع أثناء الحرب