أنه "جوبلز" الشرق والوطن العربي، الذي استطاع تسخير قدرات الألة الإعلامية لخدمة وطنه في أحلك ظروفه وشدائده وعبر بسفينة البلاد إلي بر الأمان، فإذا كان هتلر مات متباهيًا بوزير إعلامه "جوبلز"؛ فمصر لديها د. عبد القادر حاتم ذلك الشخص الي تولي مناصب عديدة علي رأسها؛ المتحدث الرسمي لثورة 1952 ورئيس لجنة العمل العليا لحرب أكتوبر 1973 والمسئول دستوريًا عن رئاسة مجلس الوزراء لإعداد الدولة للحرب ومساعد رئيس الجمهورية للمجالس القومية المتخصصة ووزير الإعلام والثقافة والسياحة الأسبق، وهو في هذا اليوم يتذكر 41 عامًا مرت علي أسمي انتصارته الشخصية قبل أن يكون انتصار وطنًا بأكمله بعد أن استطاع في تحقيق خطة من الخداع والتضليل أركعت أقوي أجهزة المخابرات في العالم وبات جيش العدو الإسرائيلي "لقمة سائغة" في أفواه جنودنا البواسل في حرب العزة والكرامة لتصبح إستراتجيته درسًا يتحاكي به العالم أجمع. أجري الحوار: ماركو عادل منزلٌ عتيقُ بحي الزمالك يفوح منه عبق الماضي ورائحة التاريخ، يسكنه شخصًا غّير مجري التاريخ المصري المعاصر وعاصر أحداثًا شكلت وجدان العالم وأعادت توزيع القوي الإستراتجية علي ظهر البسيطة، لم يكن يعرف د. محمد عبد القادر حاتم ضابط سلاح الحدود – في بداية حياته – أن التاريخ سيهديه قلما ليسجل سطوره بيديه؛ بدءًا من قيام ثورة يوليو 1952 ومرورًا بالجلاء الإنجليزي عن مصر وحتي إعداد الدولة لحرب أكتوبر المجيدة ورئاسة مجلس الوزراء وتولي وزارات الإعلام والثقافة والسياحة في أصعب الأزمنة التي مرت بها البلاد، وها هو اليوم يقبع في هذا المنزل العتيق يعيش علي الصلاة والعبادة منتظرًا قضاء ربه – الذي طالما تمني أن يكون قريبا – ومتنسما خيرًا في دعوات المترددين علي المجمع الخيري الذي أقامه في حي عابدين ويعيش ليراقب أبنائه الأربعة وأحفادهم وهم يترعرعون أمامه، "الأخبار" أنفردت بحوار مع د. عبد القادر حاتم بعد سنوات طويلة قضاها في عزلة ليروي 96 عامًا – هي سنوات عمره – عاصر خلالها رؤساًء وملوكًا تولوا مقاليد الدولة المصرية. في البداية.. كيف كانت مهمة إعداد الدولة للحرب قبل نصر أكتوبر؟ اذكر انه في اوئل عام 1973 دعاني الرئيس انور السادات لمقابلته وقال لي: "انني افكر في اتخاذ قرار الحرب لاسترداد الارض المغتصبة وسيشكك الكثيرون في هذا الامر الا اني جاد فيه وهذا قدري، وانني ساحتاج الي التفرغ التام حتي يتسني لي مباشرة مهام قيادة القوات المسلحة والاعداد العسكري الي جانب مهام السياسة الخارجية".. ثم ابلغني باختياره لي لاكون الي جانب منصبي كوزير للاعلام رئيسا لمجلس الوزراء بالميابة عنه وان اتولي رئاسة الحكومة المكلفة باعداد الدولة للحرب بل وساكون مسئولا دستوريا عن هذه المهمة امامه وامام مجلس الشعب. وهل قبلت تكليف الرئيس دون خوف من المسئولية؟ اعطاني الرئيس السادات مهلة 48 ساعة للتفكير وخرجت عائدا الي منزلي وفكرت في استشارة بعض الاصدقاء واذكر ان اغلب ارائهم ونصائحهم لي بالا اقبل هذا التكليف بل ان البعض شكك في امكانية تحقيق النصر علي اسرائيل التي تعد ولاية من ولايات امريكا، الا ان كبر حجم التحدي وضخامة المسئولية كانا دافعا لقبوله وبالفعل عدت الي السادات واخبرته بموافقتي، ثم اعلن الرئيس تشكيل حكومة جديدة وكلفني بالقاء بيان الحكومة امام مجلس الشعب، وجاء في البيان – الذي كان قصيرا – "ان الرئيس يعتبر ان استرداد الارض المغتصبة قدره وانني اقول معه انه قدرنا جميعا حكومة وشعبا بل وقدر الامة العربية كلها". وكيف تم تنفيذ خطة إعداد الدولة؟ بنيت خطة اعداد الدولة للحرب علي عنصر المفاجاة الاستراتجية بحيث تكون مسالة الاعداد في اطار من السرية الكاملة عن طريق تنفيذ عملية واسعة من الخداع والتضليل المعلوماتي حتي يتم تجهيز القدرات الذاتية في وضع يؤهلنا للحرب وتحقيق النصر، وكنت دائما أضع كلمات النبي عليه الصلاة والسلام "استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان.. والحرب خدعة" – نصب أعينني، وهنا جاءت المفاجاة الاستراتجية وعرضت هذه الفكرة علي الرئيس السادات وكنت اعلم أننا اذا خسرنا حرب 48 و56 و67 فلا يمكن ان يتم اتباع نفس الاسلوب الذي اتبع مع اسرائيل في هذه الحروب ولابد من تغيير الاستراتجية كي نتمكن من هزم اسرائيل. فحينما وقعت هزيمة يونيو 1967 وكنت حينها قد استقلت من وزارة الاعلام، اتصل بي عبد الناصر ليسالني كصديق: "ماذا كان الاعلام يتحدث قبل النكسة؟" فقلت انه كان يسوق ان الجيش المصري لا يقهر ونستطيع رمي اسرائيل في البحر وهذا طبعا لم يحدث ونلنا اشد هزيمة ولهذا قررت تطبيق سياسة جديدة مختلفة بدلا من التباهي وهي خدعة الرضوخ والاستسلام امام اسرائيل. المفاجأة الإستراتجية ما هي عناصر المفاجأة الاستراتجية التي تم تنفيذها؟ تم اعتماد استراتجية التضليل والخداع من خلال تصدير فكرة اننا غير قادرين علي الحرب وقبلنا بالاستسلام مستغلين ما اشيع من معلومات عن خط بارليف الذي لا يقهر والسائل الملتهب الذي يتدفق الي القناة اذا حاول احد المرور منها، كما دعمنا هذه الاستراتجية بانشاء اذاعة سرية تتحدث باللغة العبرية يتم توجيهها الي اليهود لمحاولة التقارب بين العرب وبينهم والتاكيد علي ان هناك قواسم تجمعنا مثلا اجدادنا واننا نريد السلام بحيث نزيل من افكار العدو فكرة اننا اعدائهم، علي ان يتم بالتزامن مع ذلك الاستمرار في التدريب والاعداد للحرب وتدعيم القوات المسلحة المصرية. وكيف أثرت خدع التضليل في إسرائيل؟ لقد تم تكبيد الحكومة الاسرائيلية حوالي 150 مليون دولار خسائر بسبب اساليب الخداع والتمويه التي كنا ننفذها قبل الحرب، فقد كنت اقوم بنشر اخبار تحت مسمي "هام جدا" في احدي الصحف الفرنسية مضمونها ان الجيش المصري اعلن التعبئة العامة استعدادا للحرب، وحينما كان يتطاير الخبر الي جولد مائير رئيس الوزراء الاسرائيلي كانت علي الفور تعلن التعبئة للجنود الاحتياط وكانت هذه التعبئة تكلف اسرائيل حين ذاك حوالي 30 مليون دولار وتستغرق وقت حوالي 72 ساعة والغرض منها تعبئة ما يقرب من 3 ملايين اسرائيلي من المدنيين وارسالهم الي جبهة القتال هذا الي جانب القوة الاساسية لجيشهم والمقدرة ب 3 ملايين ضابط وجندي، وقد قمت بنشر هذا الخبر خمس مرات طوال فترة اعداد الدولة للحرب وبالتالي فقد تكبدت اسرائيل حوالي 150 مليون دولار طوال هذه الفترة، وقد ساعدت هذه الخدعة في اضعاف همم الجيش الاسرائيلي مع استغلال فترة ال 72 ساعة التي تستغرقها التعبئة في عبور القناة يوم 6 اكتوبر. وهل سارت هذه الاستراتجية حسب الخطة؟ بالفعل سارت كما هو متفق عليه مع الرئيس السادات وتاكدت من ذلك حينما ارسلت د. الزيات وزير الخارجية يوم 4 اكتوبر 1973 الي هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي طالبا منه اقناع اسرائيل بعقد معاهدة سلام، فأخبره كيسنجر كيف تطالب بمعاهدة وانتم مهزومين؟ وحينما عاد وزير الخارجية واخبرني بكلام كيسنجر فرحت جدا وكان اسعد يوم في حياتي لان الخطة تسير علي مايرام وانطلت الخدعة علي امريكا صاحبة اقوي اجهزة مخابرات وتحقيقات واقمار الصناعية، وفي يوم 6 اكتوبر وبعد عبور الجيش المصري القناة طلب كيسنجر مقابلة وزير الخارجية المصري مستنكرا منه الخدعة التي سوقوا لها واكد له الزيات انه لم يكن يعرف بموعد الحرب وبالفعل لم يكن يعلم بموعد الحرب الذي كان يعرفه قليلون. وكيف كان رد الفعل العالمي تجاه هذه الخطة وحرب أكتوبر؟ خير من اعترف بذلك اللواء ايلي زعيرا الذي كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية وقت الحرب والذي قال في كتابه (حرب يوم الغفران.. أسطورة في مواجهة واقع): "كانت مفاجاة حرب اكتوبر زلزالا هز اسرائيل هزة نفسية عميقة وادي الي انهيار الدعامات الاساسية لنظرية الامن الاسرائيلي" هذا الي جانب ما كتبه: "لقد تبين لنا فعلا ان كل موضوعات الاعلام المصري كانت حملة خداع من جانب الرئيس المصري او شخص ما بجواره".. كما جاء في تقرير لجنة اجرانات التي تم تشكيلها للتحقيق في اسباب ما حدث في حرب اكتوبر: "ان قيام مصر بشن حرب يوم الغفران فاجا جيش الدفاع الاسرئيلي لانه حتي ساعات الصباح الاولي من ذلك اليوم لم تقدر القيادة العليا لجيش الدفاع والزعامة السياسية ان هناك حربا شاملة علي وشك ان تبدأ".. كما قال موشيه ديان وزير الحربية الاسرائيلي: "لم افكر شخصيا في ان الحرب ستقع ولم اسمع من اي شخص ان الحرب ستقع حقا". وما كان رد الفعل العربي؟ لي صورة احتفظ بها دائنا تجمعني مع الملك فيصل والسادات، وفيها كان الملك قد اخبر الرئيس انه التقي نيسكون وكيسنجر وقالا له ان السادات قام بمفاجاة استراتجية لم تحدث في تاريخ المخابرات الامريكية والاسرائيلية، فابتسم السادات وقال له سوف اعرفك بالشخصية صاحبة الفضل في ذلك وحينها صافحت الملك فيصل بحرارة قائلا: "انك فخر للعرب واستطعت خداع امريكا واسرائيل"، وعندما حضر كيسنجر الي مصر بعد اندلاع الحرب التقي السادات وكنت معه فطلب وزير الخارجية الامريكي من الرئيس صاحب الخدعة التي انطلت عليه رغم حصوله علي جائزة نوبل فاشار اليّ السادات. صدمة في الدماغ كيف بدأت خدمتك في القوات المسلحة؟ بدأت خدمتي كضابط في سلاح الحدود عقب تخرجي من الكلية الحربية، وحدث موقف اثناء فترة الخدمة ان صول في كتيبتي طلب مني احضار طبيب لتوليد زوجته حينما كنت وقتها مقيما بمصر الجديدة وبالفعل ساعدته، وتشاء الاقدار ان في اليوم التالي واثناء حضوري الطابور صدمتني سيارة كان يقودها هذا الصول واصبت بكسور في قدمي وحضر حينها رئيس الاركان بعد ان وصل له ان هناك مجند حاول قتل ضابط وطلب مني رئيس الاركان تحديد عقوبة الصول وخاصة انني سوف اصبح قعيد وسوف اخرج من الخدمة دون معاش لان خدمتي لم تكن قد تجاوزت 15 عاما في الحربية، وكان ردي وقتها ازهل رئيس الاركان فقد طلبت منه ترقية هذا الصول ففوجئ بطلبي وقال لي "من الواضح ان الصدمة اصابت دماغك" فكان ردي عليه ان الصول ظل طوال الليل بجوار زوجته التي كانت تلد وحينما وضعت اطلق علي مولوده اسم "حاتم" علي اسمي كما كان الصول يتمني الحصول علي ترقية، وانا اطلب منك منحه الترقية لانه ليس مذنبا كما انني مخطئ لانني وقفت امام السيارة، وحينها منح رئيس الاركان ترقية للصول وقام بتحيتي علي هذه الرحمة، وبقيت حوالي سنة ونصف في المستشفي وبعد ذلك تم تعيني ضابط في خدمة الجيش. هل أنضممت لتنظيم الضباط الأحرار؟ جمعتني مواقف كثيرة مع تنظيم الضباط الاحرار وخاصة الرئيس عبد الناصر الذي كان زميل مدرسة واحدة في الاسكندريةمسقط راسي قبل ان نكون ضباط في الجيش وقد تشاركنا في المظاهرات ضد الانجليز، واذكر انه في يوم من الايام كان هناك احتفالا سنوي مقام بمدرسة عسكرية كنت اتولي رئاستها وحضره يومها عطالله باشا رئيس اركان الجيش فكانت الموسيقي العسكرية في استقباله وفوجئت باحد الضباط الذي كان يعمل معي يدعي وجدي – وعرفت بعد ذلك انه السكرتير المالي لتنظيم الضباط الاحرار – يستوقف موكب رئيس الاركان ويصرخ بصوت عالي "ازاي تعزف موسيقي واحنا في جيش" فاصيب رئيس الاركان بالزهول من موقف الضابط وقرر محاكمته ومحكامتي باعتباري رئيس المدرسة، وعقب انصراف رئيس الاركان غاضبا دون استكمال الاحتفال عدت الي مكتبي في انتظار المحاكمة الا ان حضر عبد الناصر الذي كان في رئاسة الجيش وقتها واحد تنظيم الضباط الاحرار وقال لي "احمد ربنا علي كده" فاخبرته انه سيتم محاكمتي واقالتي من الخدمة فبادر عبد الناصر قائلا: "يوجد في المدرسة مخزن اسلحة وضعناه امس وكان سيتم استخدامه ضد الانجيليز في القناة واذا اكتشف رئيس الاركان ذلك كان سيتم القبض عليك"، ثم قام بطمأنتي انه لن يتم محاكمتي او اتخاذ اي اجراء ضدي فايقنت وقتها ان وجدي اختلق هذه الازمة لابعاد انظار رئيس الاركان عن هذا المخزن، وعقب ذلك طلب مني عبد الناصر الانضمام للتنظيم ولكني رفضت وطلبت منه اعفائي من ذلك بدعوي اني وحيد ومسئول عن شقيقته الارملة التي تعول خمس بنات فاذا وقع ضرر عليه فسيكون مستقبلهن في مهب الريح. وكيف تم الاعداد لثورة 23 يونيو 1952؟ بعد سنوات من هذه الواقعة كنت ضابط برتبة ملازم وطلب مني رئيس المخابرات وقتها الحضور الي مكتبه واخبرني ان هناك تنظيم من الضباط يسعي لاسقاط الملك وقرر اختياره – نظرا لحب وثقة جميع الضباط فيه – كي اساعده في الارشاد عن هذا التنظيم، فتوجهت الي مكتبي وهاتفت عبد الناصر واخبرته بما حدث ووقتها قرر تبكير موعد الثورة لتتم في 23 يوليو 1952 بعد ان كان مخطط لها وقت لاحق لذلك. وبماذا كافأك عبد الناصر علي هذه الخدمة؟ حينما تولي عبد الناصر رئاسة البلاد اخبرني انه قرر اختياري لاكون مديرا لمكتبه بجانب عملي في المخابرات الذي اسست فيه قسم للصحافة، وقال لي ان النحاس باشا وقع معاهدة مع الانجليز للبقاء في قناة السويس وطلب مني ايجاد طريقة لاجلاء الانجليز فاخبرته انه من الصعب خروجهم من مصر وضباطنا الفدائيين الذين ينفذون عمليات ضد ضباط الاحتلال في القناة ندفعهم بذلك الي الموت، ولكني قدمت له النصيحة للوصول الي المراد لخروج الانجليز من مصر؛ فاخبرته انه يمكن استخدام الالة الاعلامية للتاثير في الراي العام البريطاني، واقترحت عمل محطة اذاعة سرية مستغلا ثقافتي ولغتي الانجيلزية مع عدد من الشباب علي ان يتم توجيه هذه الاذاعة باللغة الانجيليزية لضباط الاحتلال في القناة ويكون اتجاهها العام "ما الفائدة من وجودكم في القناة علي ارض ليست ارضكم ويتم قتلكم علي ايدي الضباط الفدائيين؟؟" مع مطالبتهم بمناشدة رئيس الوزراء الانجيلزي وكان في ذلك الوقت هو ايدن بضرورة تحسين العلاقات مع مصر اقتصاديا وثقافيا والاكتفاء بهذا القدر من الحرب، وكان الهدف من ذلك خلق راي عام في انجلترا وتقوده المعارضة هناك للضغط علي رئيس وزرائهم بالانسحاب من مصر، وبالفعل نجحت الاذاعة في تأليب الراي العام الانجيليزي وحضر ايدن الي مصر وطلب لقاء عبد الناصر واخبره ان مظاهرات عارمة خرجت ضده عارضا عليه الانسحاب من القناة مع الابقاء علي العلاقات بين البلدين وبالفعل وقع ايدن معاهدة الجلاء عن مصر، ثم اتصل بي عبد الناصر بعد منتصف الليل واخبرني ان الاذاعة كان لها صدي كبير ونجحت نجاحا مبهرا وطلب زيارة مقر الاذاعة وبعدها قرر ترقيتي من بكباشي الي قائم مقام. وكيف تعامل عبد الناصر مع العدوان الثلاثي؟ عقب تاميم القناة وبناء السد العالي الذي رفضت امريكا تمويله، شنت اسرائيل وانجلتراوامريكا عدوانا علي مصر والمعروف باسم العدوان الثلاثي وحينها كنت متحدثا رسميا للثورة وطلب مني عبد الناصر انشاء هيئة الاستعلامات وتكوين راي عام عالمي ضد هذا العدوان وبالفعل روجت الي ذلك في الاذاعة والاعلام والصحافة حول العالم وكانت النتيجة انسحاب قوات الدول الثلاثة حتي ان موشي ديان قال: "كيف تم الانسحاب من دون حرب؟؟". أول وزارة للإعلام كان لك الفضل أيضا في إنشاء وزارة للإعلام.. فما قصة تأسيسها؟ كلفني الرئيس عبد الناصر في اوائل الستينات بتأسيس وزارة للارشاد ولكنني طلبت منه تسميتها الاعلام وبالفعل كانت اول وزارة للاعلام في البلاد العربية واخذت الفكرة سوريا والكويت وتونس وساعدتهم في تاسيس وزارات لديهم، وبقيت وزيرا للاعلام حتي 1966 حتي جاءت تجربة 1967 قاسية علي المستويات الاعلامية والسياسية والعسكرية، وعقب انشاء وزارة الاعلام اصابت السيول معبد ابو سمبل وطلب المسئولون في الدولة حين ذاك من اليونسكو تقديم مساعدة الي مصر بقيمة 12 مليون دولار لتمويل عملية انقاذ ابوسمبل الا ان اليونسكو رفض، وفي يوم لاحق لهذه الواقعة كان وزير الخارجية الامريكي في زيارة لوزارة الاعلام وقررت اقامة حفل لاستقباله واخبرته ان روسيا ساعدت مصر في بناء السد العالي فلماذا لا تساعدنا امريكا في انقاذ ابو سمبل؟ وبعد اقناع الوزير تمكن من اقناع الرئيس الامريكي بتقديم 12 مليون دولار لمصر وعقب ذلك كافئني عبد الناصر بتولي منصب وزير الثقافة. وكيف أنشات وزارة السياحة؟ في احد الايام وجدت الرئيس عبد الناصر مهموما فسألته عن السبب فأخبرني ان محصول القطن تضرر بسبب الدودة، فقلت له اذا كان القطن يدر دخلا علي مصر 12 مليون جنيه فهناك فكرة سوف تدر علي مصر اضعاف ذلك، وهذه الفكرة كان قد عرضها عليّ مستر ايلهرت وزير المالية في حكم هتلر والذي كان في زيارة لمصر وقتها وهي "بيع الشمس"، فاستعجب عبد الناصر من ذلك فاخبرته ان مصر لديها هبة من الله وهي الشمس التي تفتقر اليها دول اوربا ومعظمهم مصابين بالروماتزم والروماتويد، وطلب مني ايلهرت تاسيس فنادق وزيادة عدد السياح الوافدين الي مصر وتقديم تذاكر الي الاوربيين للحضور الي مصر بطائرات شارتر كما طالبت الرئيس عبد الناصر بالغاء قرار جامعة الدول العربية بوقف التعامل مع اي دولة اوربية تساعد اسرائيل، وبالفعل اقتنع عبد الناصر بالفكرة وتم تاسيس 45 فندقا في مصر والغاء قرار الجامعة وقال لي: "انت هتبني عمل كبير لامل كبير" ثم طلبت منه اصدار قرار بانشاء وزارة للسياحة. وماذا عن إنشاء إتحاد الإذاعة والتلفزيون؟ طلبت من الرئيس عبد الناصر انشاء مبني للبث التلفزيوني وحينها عارضني الزعيم الراحل وحاولت اقناعه فطلب مني حضور مجلس الوزراء لعرض هذه الفكرة الا انني فوجئت بجميع الوزراء وكان عددهم 20 وزيرا وقد رفضوا الفكرة وقال لي وزير الزراعة ان الفلاحين في القري لا يمكنهم السهر طوال الليل امام التلفزيون ويهملون عملهم الا ان عبد الناصر قال لي "سوف اوفر لك 200 الف جنيه وانشئ التلفزيون". هل مات الرئيس عبد الناصر موتا طبيعيا؟ نعم مات عبد الناصر طبيعيا ولا اعتقد ان هناك شبه جنائية في موته. وكيف بدأت عهدك مع الرئيس السادات؟ عقب وفاة الرئيس عبد الناصر توجهت الي انجلترا وحضرت هناك حفل تابين لعبد الناصر رغم عداوة بريطانيا له، وحينما عدت كان الرئيس السادات قد تولي منصب رئيس الجمهورية واتصل بي وطلب مني الحضور الي مكتبه وقام بادراة تسجيل لمكالمات تتم بين مساعدي عبد الناصر من الناصريين مثل علي صبري وسامي شرف ومحمد فايق والذين كانوا يتأمرون ضده السادات ويحاولون القبض عليه، كما الرئيس السادات انهم قرروا انتظاره اثناء دخوله مبني التليفزيون لالقاء القبض عليه بعد ان ارسل حينها مدير مكتبه الي المبني وقاموا بطرده، فطلب مني السادات التوجه مع ممدوح سالم وزير الداخلية حين ذاك وبقوة من الجيش والقاء القبض عليهم اذا حاولوا منعي واعطاني قرار بالقبض عليهم لاستخدامه اذا عارضوني فرفضت ذلك وقررت التوجه الي التلفزيون بمفردي وتم استقبالي من العاملين هناك بتراحب شديد وهتاف. اغتيال السادات ماذا تذكر عن حادث اغتيال الرئيس السادات؟ يوم اغتيال السادات جمعتني صورة معه قبل الحادث بساعتين وتظهر الصورة قبلة طبعها الرئيس علي جبيني ولكنها لم تكن قبلة بل كانت فضفضة يخبرني بها، وكان قد سبق حادث الاغتيال خلافات نشبت بين الرئيس السادات ونائبه حسني مبارك بعد علم الرئيس ان مبارك يؤلب الجيش ضده ويقربهم منه ومن المشير ابو غزالة وكذلك بعد توجه مبارك الي السعودية واخبر المملكة انه احد رجالها فطلب السادات من مبارك السفر الي الغردقة والبقاء هناك وبالفعل ظل حوالي 15 يوما حتي جاء يوم العرض الذي كان موافقا يوم الخميس وفوجئت بحضور مبارك الاحتفال، كما اذكر ان في ذات يوم الاغتيال قرر السادات منحي بعض سلطات الرئيس لمباشرة اختصاصاته بموجب القرار رقم 220 لسنة 1979. كيف كانت بريطانيا تنظر الي الرئيس عبد الناصر بعد وفاته؟ علي الرغم من أن بريطانيا كانت العدو الأول لعبد الناصر وطالما هاجمت قراراته الثورية ووصفته بالدكتاتور واللص لانه قام بتاميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 – الا انها قامت بتكريمه واقامت حفل كبير لتابينه، وكانت وراء هذا التكريم قصة كنت بطلا فيها. وما هي قصة تأبين عبد الناصر في بريطانيا؟ يرجع تاريخ هذه القصة الي ما بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر وقد كنت حينئذ أعمل استاذ في أحدي الجامعات في انجلترا، وحينما كنت اتحدث عن عبد الناصر لزملائي البريطانيين ودوره في صياغة تاريخ مصر المعاصر الا انهم هاجموني وجاهموا عبد الناصر قائلين انه سرق قناة السويس من بريطانيا ودول اوربا فقمت بالرد عليهم انه لايستحق هذا الهجوم منكم فعبد الناصر رجل شريف وبطل عظيم عاش مهموما بقضايا وطنه وعاش ومات فقيرا لم ياخذ شيئا لنفسه بل عمل علي محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية في مصر ثم انه لم يسرق قناة السويس بل قام بتسديد قيمة اسهمها لمالكيها كما ان القناة هي ملك للمصريين الذين حفروها بعرقهم ودمائهم وكان علي بريطانيا العظمي التي تحترم الحريات ان تنسحب من مصر وتكسب شعبها كصديق. ورغم هذه العداوة الشديدة.. كيف أقام الانجيليز حفل للزعيم بعد وفاته؟ بعد اسبوع من هذا الحوار التقيت مع صديقي مستر ماكملان رئيس وزراء بريطانيا بعد العدوان الثلاثي علي مصر وقال لي: "هل عندك بدلة ورابطة عنق سوداء؟ فاجبت بالنفي!" فباغتني بسؤال اخر "سوف ادلك علي محل يمكنك ان تستاجر منه هذه الاشياء وعليك ان تستاجر رداء اسود لزوجتك ثم تتوجه في الاسبوع المقبل الي مجلس العموم البريطاني لانه سيقام حفلا كبيرا لتابين عبد الناصر".. وبالفعل وفي اليوم المحدد زهبت الي مجلس العموم فوجدت القاعة وقد اتشحت بالسواد وامتلات عن اخرها برجال الدولة والصحفيين ورجال السياسة ثم بدا عدد منهم في القاء كلمات تضمنت اعمال وانجازات الزعيم الراحل وكيف ان الصحافة البرطانية ظلمت عبد الناصر واتهمته اتهامات غير صحيحة، ثم طلب الحضور مني القاء كلمة فدهشت حيث انني لم اكن مستعدا لذلك ثم توجهت الي المنصة وصمت لبضع دقائق حتي ان الحضور ظنوا انني اقف دقيقة حدادا علي روح الزعيم فوقفوا هم جميعا حدادا وبعد ذلك بدات في الحديث ان هذا الموقف ليس بغريب علي دولة عظيمة مثل بريطانيا تحترم العدالة والسلام وتعيد لكل ذي حق حقه ويا ليت روح عبد الناصر ان تكون معنا الان وترفرف في المكان حتي تري اعداء الامس وهم يكرمونه ويقدرونه. أنه "جوبلز" الشرق والوطن العربي، الذي استطاع تسخير قدرات الألة الإعلامية لخدمة وطنه في أحلك ظروفه وشدائده وعبر بسفينة البلاد إلي بر الأمان، فإذا كان هتلر مات متباهيًا بوزير إعلامه "جوبلز"؛ فمصر لديها د. عبد القادر حاتم ذلك الشخص الي تولي مناصب عديدة علي رأسها؛ المتحدث الرسمي لثورة 1952 ورئيس لجنة العمل العليا لحرب أكتوبر 1973 والمسئول دستوريًا عن رئاسة مجلس الوزراء لإعداد الدولة للحرب ومساعد رئيس الجمهورية للمجالس القومية المتخصصة ووزير الإعلام والثقافة والسياحة الأسبق، وهو في هذا اليوم يتذكر 41 عامًا مرت علي أسمي انتصارته الشخصية قبل أن يكون انتصار وطنًا بأكمله بعد أن استطاع في تحقيق خطة من الخداع والتضليل أركعت أقوي أجهزة المخابرات في العالم وبات جيش العدو الإسرائيلي "لقمة سائغة" في أفواه جنودنا البواسل في حرب العزة والكرامة لتصبح إستراتجيته درسًا يتحاكي به العالم أجمع. أجري الحوار: ماركو عادل منزلٌ عتيقُ بحي الزمالك يفوح منه عبق الماضي ورائحة التاريخ، يسكنه شخصًا غّير مجري التاريخ المصري المعاصر وعاصر أحداثًا شكلت وجدان العالم وأعادت توزيع القوي الإستراتجية علي ظهر البسيطة، لم يكن يعرف د. محمد عبد القادر حاتم ضابط سلاح الحدود – في بداية حياته – أن التاريخ سيهديه قلما ليسجل سطوره بيديه؛ بدءًا من قيام ثورة يوليو 1952 ومرورًا بالجلاء الإنجليزي عن مصر وحتي إعداد الدولة لحرب أكتوبر المجيدة ورئاسة مجلس الوزراء وتولي وزارات الإعلام والثقافة والسياحة في أصعب الأزمنة التي مرت بها البلاد، وها هو اليوم يقبع في هذا المنزل العتيق يعيش علي الصلاة والعبادة منتظرًا قضاء ربه – الذي طالما تمني أن يكون قريبا – ومتنسما خيرًا في دعوات المترددين علي المجمع الخيري الذي أقامه في حي عابدين ويعيش ليراقب أبنائه الأربعة وأحفادهم وهم يترعرعون أمامه، "الأخبار" أنفردت بحوار مع د. عبد القادر حاتم بعد سنوات طويلة قضاها في عزلة ليروي 96 عامًا – هي سنوات عمره – عاصر خلالها رؤساًء وملوكًا تولوا مقاليد الدولة المصرية. في البداية.. كيف كانت مهمة إعداد الدولة للحرب قبل نصر أكتوبر؟ اذكر انه في اوئل عام 1973 دعاني الرئيس انور السادات لمقابلته وقال لي: "انني افكر في اتخاذ قرار الحرب لاسترداد الارض المغتصبة وسيشكك الكثيرون في هذا الامر الا اني جاد فيه وهذا قدري، وانني ساحتاج الي التفرغ التام حتي يتسني لي مباشرة مهام قيادة القوات المسلحة والاعداد العسكري الي جانب مهام السياسة الخارجية".. ثم ابلغني باختياره لي لاكون الي جانب منصبي كوزير للاعلام رئيسا لمجلس الوزراء بالميابة عنه وان اتولي رئاسة الحكومة المكلفة باعداد الدولة للحرب بل وساكون مسئولا دستوريا عن هذه المهمة امامه وامام مجلس الشعب. وهل قبلت تكليف الرئيس دون خوف من المسئولية؟ اعطاني الرئيس السادات مهلة 48 ساعة للتفكير وخرجت عائدا الي منزلي وفكرت في استشارة بعض الاصدقاء واذكر ان اغلب ارائهم ونصائحهم لي بالا اقبل هذا التكليف بل ان البعض شكك في امكانية تحقيق النصر علي اسرائيل التي تعد ولاية من ولايات امريكا، الا ان كبر حجم التحدي وضخامة المسئولية كانا دافعا لقبوله وبالفعل عدت الي السادات واخبرته بموافقتي، ثم اعلن الرئيس تشكيل حكومة جديدة وكلفني بالقاء بيان الحكومة امام مجلس الشعب، وجاء في البيان – الذي كان قصيرا – "ان الرئيس يعتبر ان استرداد الارض المغتصبة قدره وانني اقول معه انه قدرنا جميعا حكومة وشعبا بل وقدر الامة العربية كلها". وكيف تم تنفيذ خطة إعداد الدولة؟ بنيت خطة اعداد الدولة للحرب علي عنصر المفاجاة الاستراتجية بحيث تكون مسالة الاعداد في اطار من السرية الكاملة عن طريق تنفيذ عملية واسعة من الخداع والتضليل المعلوماتي حتي يتم تجهيز القدرات الذاتية في وضع يؤهلنا للحرب وتحقيق النصر، وكنت دائما أضع كلمات النبي عليه الصلاة والسلام "استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان.. والحرب خدعة" – نصب أعينني، وهنا جاءت المفاجاة الاستراتجية وعرضت هذه الفكرة علي الرئيس السادات وكنت اعلم أننا اذا خسرنا حرب 48 و56 و67 فلا يمكن ان يتم اتباع نفس الاسلوب الذي اتبع مع اسرائيل في هذه الحروب ولابد من تغيير الاستراتجية كي نتمكن من هزم اسرائيل. فحينما وقعت هزيمة يونيو 1967 وكنت حينها قد استقلت من وزارة الاعلام، اتصل بي عبد الناصر ليسالني كصديق: "ماذا كان الاعلام يتحدث قبل النكسة؟" فقلت انه كان يسوق ان الجيش المصري لا يقهر ونستطيع رمي اسرائيل في البحر وهذا طبعا لم يحدث ونلنا اشد هزيمة ولهذا قررت تطبيق سياسة جديدة مختلفة بدلا من التباهي وهي خدعة الرضوخ والاستسلام امام اسرائيل. المفاجأة الإستراتجية ما هي عناصر المفاجأة الاستراتجية التي تم تنفيذها؟ تم اعتماد استراتجية التضليل والخداع من خلال تصدير فكرة اننا غير قادرين علي الحرب وقبلنا بالاستسلام مستغلين ما اشيع من معلومات عن خط بارليف الذي لا يقهر والسائل الملتهب الذي يتدفق الي القناة اذا حاول احد المرور منها، كما دعمنا هذه الاستراتجية بانشاء اذاعة سرية تتحدث باللغة العبرية يتم توجيهها الي اليهود لمحاولة التقارب بين العرب وبينهم والتاكيد علي ان هناك قواسم تجمعنا مثلا اجدادنا واننا نريد السلام بحيث نزيل من افكار العدو فكرة اننا اعدائهم، علي ان يتم بالتزامن مع ذلك الاستمرار في التدريب والاعداد للحرب وتدعيم القوات المسلحة المصرية. وكيف أثرت خدع التضليل في إسرائيل؟ لقد تم تكبيد الحكومة الاسرائيلية حوالي 150 مليون دولار خسائر بسبب اساليب الخداع والتمويه التي كنا ننفذها قبل الحرب، فقد كنت اقوم بنشر اخبار تحت مسمي "هام جدا" في احدي الصحف الفرنسية مضمونها ان الجيش المصري اعلن التعبئة العامة استعدادا للحرب، وحينما كان يتطاير الخبر الي جولد مائير رئيس الوزراء الاسرائيلي كانت علي الفور تعلن التعبئة للجنود الاحتياط وكانت هذه التعبئة تكلف اسرائيل حين ذاك حوالي 30 مليون دولار وتستغرق وقت حوالي 72 ساعة والغرض منها تعبئة ما يقرب من 3 ملايين اسرائيلي من المدنيين وارسالهم الي جبهة القتال هذا الي جانب القوة الاساسية لجيشهم والمقدرة ب 3 ملايين ضابط وجندي، وقد قمت بنشر هذا الخبر خمس مرات طوال فترة اعداد الدولة للحرب وبالتالي فقد تكبدت اسرائيل حوالي 150 مليون دولار طوال هذه الفترة، وقد ساعدت هذه الخدعة في اضعاف همم الجيش الاسرائيلي مع استغلال فترة ال 72 ساعة التي تستغرقها التعبئة في عبور القناة يوم 6 اكتوبر. وهل سارت هذه الاستراتجية حسب الخطة؟ بالفعل سارت كما هو متفق عليه مع الرئيس السادات وتاكدت من ذلك حينما ارسلت د. الزيات وزير الخارجية يوم 4 اكتوبر 1973 الي هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي طالبا منه اقناع اسرائيل بعقد معاهدة سلام، فأخبره كيسنجر كيف تطالب بمعاهدة وانتم مهزومين؟ وحينما عاد وزير الخارجية واخبرني بكلام كيسنجر فرحت جدا وكان اسعد يوم في حياتي لان الخطة تسير علي مايرام وانطلت الخدعة علي امريكا صاحبة اقوي اجهزة مخابرات وتحقيقات واقمار الصناعية، وفي يوم 6 اكتوبر وبعد عبور الجيش المصري القناة طلب كيسنجر مقابلة وزير الخارجية المصري مستنكرا منه الخدعة التي سوقوا لها واكد له الزيات انه لم يكن يعرف بموعد الحرب وبالفعل لم يكن يعلم بموعد الحرب الذي كان يعرفه قليلون. وكيف كان رد الفعل العالمي تجاه هذه الخطة وحرب أكتوبر؟ خير من اعترف بذلك اللواء ايلي زعيرا الذي كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية وقت الحرب والذي قال في كتابه (حرب يوم الغفران.. أسطورة في مواجهة واقع): "كانت مفاجاة حرب اكتوبر زلزالا هز اسرائيل هزة نفسية عميقة وادي الي انهيار الدعامات الاساسية لنظرية الامن الاسرائيلي" هذا الي جانب ما كتبه: "لقد تبين لنا فعلا ان كل موضوعات الاعلام المصري كانت حملة خداع من جانب الرئيس المصري او شخص ما بجواره".. كما جاء في تقرير لجنة اجرانات التي تم تشكيلها للتحقيق في اسباب ما حدث في حرب اكتوبر: "ان قيام مصر بشن حرب يوم الغفران فاجا جيش الدفاع الاسرئيلي لانه حتي ساعات الصباح الاولي من ذلك اليوم لم تقدر القيادة العليا لجيش الدفاع والزعامة السياسية ان هناك حربا شاملة علي وشك ان تبدأ".. كما قال موشيه ديان وزير الحربية الاسرائيلي: "لم افكر شخصيا في ان الحرب ستقع ولم اسمع من اي شخص ان الحرب ستقع حقا". وما كان رد الفعل العربي؟ لي صورة احتفظ بها دائنا تجمعني مع الملك فيصل والسادات، وفيها كان الملك قد اخبر الرئيس انه التقي نيسكون وكيسنجر وقالا له ان السادات قام بمفاجاة استراتجية لم تحدث في تاريخ المخابرات الامريكية والاسرائيلية، فابتسم السادات وقال له سوف اعرفك بالشخصية صاحبة الفضل في ذلك وحينها صافحت الملك فيصل بحرارة قائلا: "انك فخر للعرب واستطعت خداع امريكا واسرائيل"، وعندما حضر كيسنجر الي مصر بعد اندلاع الحرب التقي السادات وكنت معه فطلب وزير الخارجية الامريكي من الرئيس صاحب الخدعة التي انطلت عليه رغم حصوله علي جائزة نوبل فاشار اليّ السادات. صدمة في الدماغ كيف بدأت خدمتك في القوات المسلحة؟ بدأت خدمتي كضابط في سلاح الحدود عقب تخرجي من الكلية الحربية، وحدث موقف اثناء فترة الخدمة ان صول في كتيبتي طلب مني احضار طبيب لتوليد زوجته حينما كنت وقتها مقيما بمصر الجديدة وبالفعل ساعدته، وتشاء الاقدار ان في اليوم التالي واثناء حضوري الطابور صدمتني سيارة كان يقودها هذا الصول واصبت بكسور في قدمي وحضر حينها رئيس الاركان بعد ان وصل له ان هناك مجند حاول قتل ضابط وطلب مني رئيس الاركان تحديد عقوبة الصول وخاصة انني سوف اصبح قعيد وسوف اخرج من الخدمة دون معاش لان خدمتي لم تكن قد تجاوزت 15 عاما في الحربية، وكان ردي وقتها ازهل رئيس الاركان فقد طلبت منه ترقية هذا الصول ففوجئ بطلبي وقال لي "من الواضح ان الصدمة اصابت دماغك" فكان ردي عليه ان الصول ظل طوال الليل بجوار زوجته التي كانت تلد وحينما وضعت اطلق علي مولوده اسم "حاتم" علي اسمي كما كان الصول يتمني الحصول علي ترقية، وانا اطلب منك منحه الترقية لانه ليس مذنبا كما انني مخطئ لانني وقفت امام السيارة، وحينها منح رئيس الاركان ترقية للصول وقام بتحيتي علي هذه الرحمة، وبقيت حوالي سنة ونصف في المستشفي وبعد ذلك تم تعيني ضابط في خدمة الجيش. هل أنضممت لتنظيم الضباط الأحرار؟ جمعتني مواقف كثيرة مع تنظيم الضباط الاحرار وخاصة الرئيس عبد الناصر الذي كان زميل مدرسة واحدة في الاسكندريةمسقط راسي قبل ان نكون ضباط في الجيش وقد تشاركنا في المظاهرات ضد الانجليز، واذكر انه في يوم من الايام كان هناك احتفالا سنوي مقام بمدرسة عسكرية كنت اتولي رئاستها وحضره يومها عطالله باشا رئيس اركان الجيش فكانت الموسيقي العسكرية في استقباله وفوجئت باحد الضباط الذي كان يعمل معي يدعي وجدي – وعرفت بعد ذلك انه السكرتير المالي لتنظيم الضباط الاحرار – يستوقف موكب رئيس الاركان ويصرخ بصوت عالي "ازاي تعزف موسيقي واحنا في جيش" فاصيب رئيس الاركان بالزهول من موقف الضابط وقرر محاكمته ومحكامتي باعتباري رئيس المدرسة، وعقب انصراف رئيس الاركان غاضبا دون استكمال الاحتفال عدت الي مكتبي في انتظار المحاكمة الا ان حضر عبد الناصر الذي كان في رئاسة الجيش وقتها واحد تنظيم الضباط الاحرار وقال لي "احمد ربنا علي كده" فاخبرته انه سيتم محاكمتي واقالتي من الخدمة فبادر عبد الناصر قائلا: "يوجد في المدرسة مخزن اسلحة وضعناه امس وكان سيتم استخدامه ضد الانجيليز في القناة واذا اكتشف رئيس الاركان ذلك كان سيتم القبض عليك"، ثم قام بطمأنتي انه لن يتم محاكمتي او اتخاذ اي اجراء ضدي فايقنت وقتها ان وجدي اختلق هذه الازمة لابعاد انظار رئيس الاركان عن هذا المخزن، وعقب ذلك طلب مني عبد الناصر الانضمام للتنظيم ولكني رفضت وطلبت منه اعفائي من ذلك بدعوي اني وحيد ومسئول عن شقيقته الارملة التي تعول خمس بنات فاذا وقع ضرر عليه فسيكون مستقبلهن في مهب الريح. وكيف تم الاعداد لثورة 23 يونيو 1952؟ بعد سنوات من هذه الواقعة كنت ضابط برتبة ملازم وطلب مني رئيس المخابرات وقتها الحضور الي مكتبه واخبرني ان هناك تنظيم من الضباط يسعي لاسقاط الملك وقرر اختياره – نظرا لحب وثقة جميع الضباط فيه – كي اساعده في الارشاد عن هذا التنظيم، فتوجهت الي مكتبي وهاتفت عبد الناصر واخبرته بما حدث ووقتها قرر تبكير موعد الثورة لتتم في 23 يوليو 1952 بعد ان كان مخطط لها وقت لاحق لذلك. وبماذا كافأك عبد الناصر علي هذه الخدمة؟ حينما تولي عبد الناصر رئاسة البلاد اخبرني انه قرر اختياري لاكون مديرا لمكتبه بجانب عملي في المخابرات الذي اسست فيه قسم للصحافة، وقال لي ان النحاس باشا وقع معاهدة مع الانجليز للبقاء في قناة السويس وطلب مني ايجاد طريقة لاجلاء الانجليز فاخبرته انه من الصعب خروجهم من مصر وضباطنا الفدائيين الذين ينفذون عمليات ضد ضباط الاحتلال في القناة ندفعهم بذلك الي الموت، ولكني قدمت له النصيحة للوصول الي المراد لخروج الانجليز من مصر؛ فاخبرته انه يمكن استخدام الالة الاعلامية للتاثير في الراي العام البريطاني، واقترحت عمل محطة اذاعة سرية مستغلا ثقافتي ولغتي الانجيلزية مع عدد من الشباب علي ان يتم توجيه هذه الاذاعة باللغة الانجيليزية لضباط الاحتلال في القناة ويكون اتجاهها العام "ما الفائدة من وجودكم في القناة علي ارض ليست ارضكم ويتم قتلكم علي ايدي الضباط الفدائيين؟؟" مع مطالبتهم بمناشدة رئيس الوزراء الانجيلزي وكان في ذلك الوقت هو ايدن بضرورة تحسين العلاقات مع مصر اقتصاديا وثقافيا والاكتفاء بهذا القدر من الحرب، وكان الهدف من ذلك خلق راي عام في انجلترا وتقوده المعارضة هناك للضغط علي رئيس وزرائهم بالانسحاب من مصر، وبالفعل نجحت الاذاعة في تأليب الراي العام الانجيليزي وحضر ايدن الي مصر وطلب لقاء عبد الناصر واخبره ان مظاهرات عارمة خرجت ضده عارضا عليه الانسحاب من القناة مع الابقاء علي العلاقات بين البلدين وبالفعل وقع ايدن معاهدة الجلاء عن مصر، ثم اتصل بي عبد الناصر بعد منتصف الليل واخبرني ان الاذاعة كان لها صدي كبير ونجحت نجاحا مبهرا وطلب زيارة مقر الاذاعة وبعدها قرر ترقيتي من بكباشي الي قائم مقام. وكيف تعامل عبد الناصر مع العدوان الثلاثي؟ عقب تاميم القناة وبناء السد العالي الذي رفضت امريكا تمويله، شنت اسرائيل وانجلتراوامريكا عدوانا علي مصر والمعروف باسم العدوان الثلاثي وحينها كنت متحدثا رسميا للثورة وطلب مني عبد الناصر انشاء هيئة الاستعلامات وتكوين راي عام عالمي ضد هذا العدوان وبالفعل روجت الي ذلك في الاذاعة والاعلام والصحافة حول العالم وكانت النتيجة انسحاب قوات الدول الثلاثة حتي ان موشي ديان قال: "كيف تم الانسحاب من دون حرب؟؟". أول وزارة للإعلام كان لك الفضل أيضا في إنشاء وزارة للإعلام.. فما قصة تأسيسها؟ كلفني الرئيس عبد الناصر في اوائل الستينات بتأسيس وزارة للارشاد ولكنني طلبت منه تسميتها الاعلام وبالفعل كانت اول وزارة للاعلام في البلاد العربية واخذت الفكرة سوريا والكويت وتونس وساعدتهم في تاسيس وزارات لديهم، وبقيت وزيرا للاعلام حتي 1966 حتي جاءت تجربة 1967 قاسية علي المستويات الاعلامية والسياسية والعسكرية، وعقب انشاء وزارة الاعلام اصابت السيول معبد ابو سمبل وطلب المسئولون في الدولة حين ذاك من اليونسكو تقديم مساعدة الي مصر بقيمة 12 مليون دولار لتمويل عملية انقاذ ابوسمبل الا ان اليونسكو رفض، وفي يوم لاحق لهذه الواقعة كان وزير الخارجية الامريكي في زيارة لوزارة الاعلام وقررت اقامة حفل لاستقباله واخبرته ان روسيا ساعدت مصر في بناء السد العالي فلماذا لا تساعدنا امريكا في انقاذ ابو سمبل؟ وبعد اقناع الوزير تمكن من اقناع الرئيس الامريكي بتقديم 12 مليون دولار لمصر وعقب ذلك كافئني عبد الناصر بتولي منصب وزير الثقافة. وكيف أنشات وزارة السياحة؟ في احد الايام وجدت الرئيس عبد الناصر مهموما فسألته عن السبب فأخبرني ان محصول القطن تضرر بسبب الدودة، فقلت له اذا كان القطن يدر دخلا علي مصر 12 مليون جنيه فهناك فكرة سوف تدر علي مصر اضعاف ذلك، وهذه الفكرة كان قد عرضها عليّ مستر ايلهرت وزير المالية في حكم هتلر والذي كان في زيارة لمصر وقتها وهي "بيع الشمس"، فاستعجب عبد الناصر من ذلك فاخبرته ان مصر لديها هبة من الله وهي الشمس التي تفتقر اليها دول اوربا ومعظمهم مصابين بالروماتزم والروماتويد، وطلب مني ايلهرت تاسيس فنادق وزيادة عدد السياح الوافدين الي مصر وتقديم تذاكر الي الاوربيين للحضور الي مصر بطائرات شارتر كما طالبت الرئيس عبد الناصر بالغاء قرار جامعة الدول العربية بوقف التعامل مع اي دولة اوربية تساعد اسرائيل، وبالفعل اقتنع عبد الناصر بالفكرة وتم تاسيس 45 فندقا في مصر والغاء قرار الجامعة وقال لي: "انت هتبني عمل كبير لامل كبير" ثم طلبت منه اصدار قرار بانشاء وزارة للسياحة. وماذا عن إنشاء إتحاد الإذاعة والتلفزيون؟ طلبت من الرئيس عبد الناصر انشاء مبني للبث التلفزيوني وحينها عارضني الزعيم الراحل وحاولت اقناعه فطلب مني حضور مجلس الوزراء لعرض هذه الفكرة الا انني فوجئت بجميع الوزراء وكان عددهم 20 وزيرا وقد رفضوا الفكرة وقال لي وزير الزراعة ان الفلاحين في القري لا يمكنهم السهر طوال الليل امام التلفزيون ويهملون عملهم الا ان عبد الناصر قال لي "سوف اوفر لك 200 الف جنيه وانشئ التلفزيون". هل مات الرئيس عبد الناصر موتا طبيعيا؟ نعم مات عبد الناصر طبيعيا ولا اعتقد ان هناك شبه جنائية في موته. وكيف بدأت عهدك مع الرئيس السادات؟ عقب وفاة الرئيس عبد الناصر توجهت الي انجلترا وحضرت هناك حفل تابين لعبد الناصر رغم عداوة بريطانيا له، وحينما عدت كان الرئيس السادات قد تولي منصب رئيس الجمهورية واتصل بي وطلب مني الحضور الي مكتبه وقام بادراة تسجيل لمكالمات تتم بين مساعدي عبد الناصر من الناصريين مثل علي صبري وسامي شرف ومحمد فايق والذين كانوا يتأمرون ضده السادات ويحاولون القبض عليه، كما الرئيس السادات انهم قرروا انتظاره اثناء دخوله مبني التليفزيون لالقاء القبض عليه بعد ان ارسل حينها مدير مكتبه الي المبني وقاموا بطرده، فطلب مني السادات التوجه مع ممدوح سالم وزير الداخلية حين ذاك وبقوة من الجيش والقاء القبض عليهم اذا حاولوا منعي واعطاني قرار بالقبض عليهم لاستخدامه اذا عارضوني فرفضت ذلك وقررت التوجه الي التلفزيون بمفردي وتم استقبالي من العاملين هناك بتراحب شديد وهتاف. اغتيال السادات ماذا تذكر عن حادث اغتيال الرئيس السادات؟ يوم اغتيال السادات جمعتني صورة معه قبل الحادث بساعتين وتظهر الصورة قبلة طبعها الرئيس علي جبيني ولكنها لم تكن قبلة بل كانت فضفضة يخبرني بها، وكان قد سبق حادث الاغتيال خلافات نشبت بين الرئيس السادات ونائبه حسني مبارك بعد علم الرئيس ان مبارك يؤلب الجيش ضده ويقربهم منه ومن المشير ابو غزالة وكذلك بعد توجه مبارك الي السعودية واخبر المملكة انه احد رجالها فطلب السادات من مبارك السفر الي الغردقة والبقاء هناك وبالفعل ظل حوالي 15 يوما حتي جاء يوم العرض الذي كان موافقا يوم الخميس وفوجئت بحضور مبارك الاحتفال، كما اذكر ان في ذات يوم الاغتيال قرر السادات منحي بعض سلطات الرئيس لمباشرة اختصاصاته بموجب القرار رقم 220 لسنة 1979. كيف كانت بريطانيا تنظر الي الرئيس عبد الناصر بعد وفاته؟ علي الرغم من أن بريطانيا كانت العدو الأول لعبد الناصر وطالما هاجمت قراراته الثورية ووصفته بالدكتاتور واللص لانه قام بتاميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 – الا انها قامت بتكريمه واقامت حفل كبير لتابينه، وكانت وراء هذا التكريم قصة كنت بطلا فيها. وما هي قصة تأبين عبد الناصر في بريطانيا؟ يرجع تاريخ هذه القصة الي ما بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر وقد كنت حينئذ أعمل استاذ في أحدي الجامعات في انجلترا، وحينما كنت اتحدث عن عبد الناصر لزملائي البريطانيين ودوره في صياغة تاريخ مصر المعاصر الا انهم هاجموني وجاهموا عبد الناصر قائلين انه سرق قناة السويس من بريطانيا ودول اوربا فقمت بالرد عليهم انه لايستحق هذا الهجوم منكم فعبد الناصر رجل شريف وبطل عظيم عاش مهموما بقضايا وطنه وعاش ومات فقيرا لم ياخذ شيئا لنفسه بل عمل علي محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية في مصر ثم انه لم يسرق قناة السويس بل قام بتسديد قيمة اسهمها لمالكيها كما ان القناة هي ملك للمصريين الذين حفروها بعرقهم ودمائهم وكان علي بريطانيا العظمي التي تحترم الحريات ان تنسحب من مصر وتكسب شعبها كصديق. ورغم هذه العداوة الشديدة.. كيف أقام الانجيليز حفل للزعيم بعد وفاته؟ بعد اسبوع من هذا الحوار التقيت مع صديقي مستر ماكملان رئيس وزراء بريطانيا بعد العدوان الثلاثي علي مصر وقال لي: "هل عندك بدلة ورابطة عنق سوداء؟ فاجبت بالنفي!" فباغتني بسؤال اخر "سوف ادلك علي محل يمكنك ان تستاجر منه هذه الاشياء وعليك ان تستاجر رداء اسود لزوجتك ثم تتوجه في الاسبوع المقبل الي مجلس العموم البريطاني لانه سيقام حفلا كبيرا لتابين عبد الناصر".. وبالفعل وفي اليوم المحدد زهبت الي مجلس العموم فوجدت القاعة وقد اتشحت بالسواد وامتلات عن اخرها برجال الدولة والصحفيين ورجال السياسة ثم بدا عدد منهم في القاء كلمات تضمنت اعمال وانجازات الزعيم الراحل وكيف ان الصحافة البرطانية ظلمت عبد الناصر واتهمته اتهامات غير صحيحة، ثم طلب الحضور مني القاء كلمة فدهشت حيث انني لم اكن مستعدا لذلك ثم توجهت الي المنصة وصمت لبضع دقائق حتي ان الحضور ظنوا انني اقف دقيقة حدادا علي روح الزعيم فوقفوا هم جميعا حدادا وبعد ذلك بدات في الحديث ان هذا الموقف ليس بغريب علي دولة عظيمة مثل بريطانيا تحترم العدالة والسلام وتعيد لكل ذي حق حقه ويا ليت روح عبد الناصر ان تكون معنا الان وترفرف في المكان حتي تري اعداء الامس وهم يكرمونه ويقدرونه.