تنسيق الجامعات| خدمة اجتماعية حلوان.. بوابتك للتميز في مجال الخدمة المجتمعية    انطلاق فعاليات بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقييم الدعم الفني في مصر    مصر ثاني أفضل الدول الأفريقية في مؤشر تقديم الخدمات العامة «PSDI»    جهود مكثفة بالمحافظات لتنفيذ المرحلة الثانية من الموجة ال26 لإزالة التعديات    البنك الأهلي المصري: تنفيذ 9.4 مليون عملية سحب عبر الصراف الآلي خلال 9 أيام    وزير الدفاع الإيراني يهدد بضرب القواعد الأمريكية في المنطقة    الكرملين: من غير المرجح تحقيق نتائج سريعة فيما يخص تطبيع العلاقات الروسية الأمريكية    عربية النواب: مصر مستمرة فى دعم ومساندة القضية الفلسطينية ولن تقبل بتصفيتها    الأهلي يشارك في مؤتمر «فيفا» قبل انطلاق بطولة كأس العالم للأندية    منتخبات 13 دولة تضمن التواجد في مونديال 2026 بعد انتهاء التصفيات الصيفية    مانشستر سيتي يعلن تعاقده مع ريندرز    اجتماع طارئ ب«الإسكندرية الأزهرية» لاستئناف امتحانات الشهادة الثانوية 2025 (صور)    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    ضبط 54.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    السكك الحديدية: ضبط مرتكب واقعة اقتلاع لمبة إنارة من أحد القطارات الروسية الجديدة وإحالته للنيابة    ضبط 140 مخالفة خلال حملات تفتيشية تموينية مكبرة على الأسواق والمخابز    مصرع طفل غرقًا في مياه ترعة بالشرقية    النيابة تطلب تحريات المباحث حول "عروس الشرقية".. هل أجبرت على الزواج؟    شاهد| 3 يوليو.. المتحف المصري الكبير على موعد مع العالم.. كل ما تريد معرفته عن 7 آلاف عام من الأسرار    الثلاثاء.. إعلان الفائزين في مسابقة مصر في عيون أبنائها في الخارج    تعاون بين "الرعاية الصحية" وشركة الخدمات الطبية لكهرباء مصر لتعزيز التكامل الصحي    اعتماد وحدة التدريب ب«تمريض الإسكندرية» دوليًا من جمعية القلب الأمريكية (صور)    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات المرافق التي تقوم الوزارة بتنفيذها على مستوى الجمهورية    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    "ولاد العم وقعوا في بعض".. 3 مصابين في معركة بالأسلحة بسوهاج    أبو الغيط يرحب بقرار 5 دول فرض عقوبات على وزيرين إسرائيليين متطرفين    "إسرائيل هيوم" نقلًا عن نتنياهو: من دون تحقيق نصر في غزة لا نملك ما نخوض به الانتخابات    لبنان.. قوتان إسرائيليتان تخترقان الحدود خلال ساعات    يحيى الفخراني: كلية الطب لم تكن شغفي بل كان بسبب مجموع الثانوية العامة    محمد ثروت يدعو لابن تامر حسني بالشفاء: "يارب اشفه وفرّح قلبه"    السعودية تعلن إطلاق موسم العمرة وبدء إصدار تأشيرات معتمري الخارج    وزيرة البيئة: تدابير وطنية طموحة لحماية البحر الأبيض المتوسط    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    فيلم سيكو سيكو الأكثر مشاهدة على إحدى المنصات والثالث في شباك التذاكر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    الهيئة الإنجيلية توقع بروتوكول رباعي جديد لمبادرة "ازرع" لتحقيق الأمن الغذائي المصري    بين احتلال البلدان وقمع السكان الأصليين.. تاريخ الحرس الوطني الأمريكي المستخدم لقمع مظاهرات لوس أنجلوس    منتخب كوستاريكا يفوز على ترينداد وتوباجو في تصفيات أمريكا الشمالية المؤهلة للمونديال    متحدث الحكومة: معدلات الإصابة بالجذام في مصر الأدنى عالميًا    الأوراق المطلوبة للحصول على مساعدات مالية من بيت الزكاة والصدقات    كأس العالم للأندية| تشيلسي يتصدر القيمة التسويقية للمجموعة الرابعة    من موظف أوقاف إلى 'تاجر مخدرات' في لحظة: كيف شرعنت الشرطة القتل برعايةالسيسي؟"    «فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الشرقية وأسوان    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في "فضفضت أوي" الليلة    أبو مسلم: أنا قلق من المدرسة الأمريكية الجنوبية.. وإنتر ميامي فريق عادي    25 شهيدا برصاص قوات الاحتلال قرب مركز توزيع المساعدات وسط قطاع غزة    ارتفاع الأسهم الباكستانية إلى مستوى قياسي جديد بعد إقرار الميزانية الجديدة    حظك ليوم 11 يونيو وتوقعات الأبراج    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل «القرن الحادى والعشرين» (82)
البرجماتية قص ولصق
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 07 - 2015

عنوان هذا المقال ليس من وضعى، إذ هو منقول من كتاب لوليم جيمس (1842- 1910) أشهر فلاسفة البرجماتية فى أمريكا وعنوانه «البرجماتية» ( 1907: ص 169).
وكان جيمس قد أعلن مولد هذا المصطلح فى عام 1898 مع أن تشارلس بيرس ( 1839- 1914) كان قد سبقه فى هذا الاعلان فى بداية السبعينيات من القرن التاسع عشر إلا أن إعلاته ظل مجهولاً إلى أن جاء جيمس وأشاعه وأشاع معه الغاية من البرجماتية وهى البحث عن الحقيقة. والسؤال بعد ذلك:
ما البرجماتية؟ وماذا فعل بها جيمس حتى قال عنها إنها قص ولصق؟
فى الأصل اللغوى الانجليزى اللفظ يعنى كل ما هو عملى، وما هو عملى هو تجريبى بالضرورة. ومقياس الحقيقة فى التجريب هو النفع أو الضرر. ما هو نافع هو حقيقى وواقعى، وما هو ضار فهو ليس كذلك. أما فى الأصل الفلسفى فالبرجماتية ضد اليقين لأنها ضد القول بأن ثمة أسسا يقينية للمعرفة لأن الانسان هو صانع الحقيقة، وهو فى صناعتها لا يقف عند حد معين، إذ هو «فى حالة» صناعة الحقيقة، وهو ملتزم بما تؤديه تلك الصناعة من نتائج مفيدة. فيقال مثلاً عن اعتقاد ما إنه صادق إذا أدى إلى نتائج مفيدة، أما إذا توقف عن أداء هذه النتائج فتغييره أمر لازم. ولكن ليس معنى ذلك أن البرجماتية تدفع إلى الشك فى كل الاعتقادات بسبب تغيرها، إنما المعنى الأدق أن البرجماتية تمنع المطلق عن الاعتقاد بمعنى أن ليس ثمة اعتقاد مطلق. ومع انكار المطلق تسود الكثرة على هيئة وحدات جزئية من المحال إدماجها فى إطار كلى، ويترتب على ذلك أن يكون من حق الانسان التعامل مع هذه الوحدات بالطريقة التى تستهويه.
ثم جاء جون ديوى ( 1859- 1952) وأوضح ما كان غامضاً فى شأن العلاقة بين الانسان والواقع الخارجى فارتأى أن الانسان لا يقف عند حد ادراك الواقع بل يتجاوزه إلى تغييره لأن الواقع مع تطوره يواجه إشكاليات فى حاجة إلى «البحث» عن حل. والانسان بما لديه من عقل ناقد تكون مهمته البحث عن فكرة يكون من شأنها إحداث تغيير فى الواقع من أجل تحقيق الغاية المنشودة. ومع توالى الإشكاليات يتوالى البحث ويتوالى التغيير من غير توقف. ومعنى ذلك أن الفكرة ليست إلا أداة لحل الاشكالية من أجل تغيير الواقع وتغيير الاعتقاد الأمر الذى من شأنه منع الاعتقاد، أيا كان، من أن يكون نهائياً حتى لا يتوقف البحث. ومن هنا فإن ديوى لا ينشغل بالبحث عن الحقيقة إنما بالبحث عن المعرفة الفاعلة والمغيرة. وتبقى الحقيقة مجرد مثال بعيد المنال. ومن هنا تكون وظيفتها المحافظة على أن يظل طريق البحث مفتوحاً. والسؤال بعد ذلك: ما هى النتيجة المترتبة على أن يكون الانسان فى حالة بحث بعيداً عن الوقوع فى براثن الحقيقة المطلقة؟
جاء الجواب من رتشارد رورتى (1931- 2007) على النحو الآتى: عندما تقاعد ديوى عن التدريس فى جامعة كولومبيا فى عام 1929 كان فلاسفة الوضعية المنطقية قد هاجروا من فيينا إلى أمريكا بسبب دكتاتورية هتلر واضطهاده لليهود. وكانت القضية المحورية لدى هؤلاء الفلاسفة أن الفكرة تكون صادقة إذا جاءت متطابقة مع جزء من أجزاء هذا العالم الحسى الخارجى. وعند هذه المرحلة التى فيها تداخلت البرجماتية مع الوضعية المنطقية اندفع رورتى نحو تجديد الفلسفة بوجه عام والبرجماتية بوجه خاص. فقد أخرج الفلسفة من الحصن الأكاديمى إلى الفضاء العام، ثم دفع البرجماتية إلى نتيجتها الحتمية. فإذا كانت البرجماتية تقف فى الوسط بين اليقين والشك فهى اذن محايدة، وحيادها يتجاوز نفى اليقين العقلى إلى نفى اليقين السياسى، وبالتالى تكون البرجماتية محايدة بين الديمقراطية والفاشية. وبناء عليه قيل إن رورتى دفن البرجماتية. وأظن أن الوضع القائم فى أمريكا يدلل على صحة ما انتهى إليه رورتى. والسؤال اذن: ما هو هذا الواقع القائم؟
حزب ديمقراطى برئاسة أصولى هو الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى يحتضن أصولية اسلامية متمثلة فى تيارها الرئيسى وهو حزب الاخوان المسلمين المتغلغل فى مؤسسات الدولة الأمريكية، ويقف فى عداء مع الدول المقاومة لذلك التيار، مفارقة مذهلة ولكنها البرجماتية بالاضافة إلى حزب أصولى مسيحى اسمه حزب الغالبية الأخلاقية الذى يقف ضد الأصولية الاسلامية: قص ولصق. ومع ذلك تزعم أمريكا أنها تقاوم الارهاب. وهذه هى الاشكالية التى فى حاجة إلى حل. والحل ليس ممكناً من غير تصور وضع قادم، وهذا التصور ليس ممكناً فى إطار البرجماتية التى لا تنشغل إلا بما يحدث فى الوضع القائم، وما يحدث فى هذا الوضع ليس فى الامكان رؤيته إلا بعد حدوث تراكم. البرجماتية اذن فى حالة «انتظار» لذلك الحدوث. ولا أدل على ذلك من أحداث 11/9 التى أدت إلى تدمير مركز التجارة العالمى بنيويورك أعلى مراحل الثورة العلمية والتكنولوجية. فبالرغم من تحذير أجهزة الأمن الدولية والمحلية من أن ثمة تدبيراً خفياً لتفجير عملية ارهابية على نطاق واسع إلا أن البرجماتية تُلزم القيادة السياسية بأن تظل فى حالة «انتظار» حتى تحدث الكارثة. وعندئذ يبدأ «البحث» الذى يدعو إليه ديوى، ولكن بعد فوات الأوان. والسؤال عندئذ: هل من بديل عن البرجماتية؟
أظن أن هذا السؤال كان هو الدافع إلى صدور مجلد ضخم عنوانه «الفلسفة الأمريكية» (2008) وهو عبارة عن ستة وعشرين بحثاً لأساتذة فلسفة من دول متباينة، أشرف على تحريره تشرلى ميساك أستاذ الفلسفة بجامعة تورنتو بكندا وطبعته جامعة أكسفورد بانجلترا ونُشر فى أمريكا.
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.