خفف الله عن عباده الصائمين بوجبة السحور، وأيضا جعلها الله بركة للمتسحرين، ولو بشربة ماء، وهذه الوجبة أمرنا بها النبى صلى الله عليه وسلم، وتكون من قبيل قول الله تعالى: (وَما آَتاكُمُ الرسول فَخذوه وَمانهاكم عنه فَانتهوا وَاتقوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شديد العقاب) . وفى السحور استعانة على طاعة الله تعالى أثناء النهار من صلاة وقراءة وذكر، فإن الجائع يتكاسل عن العبادة كما يتكاسل عن عمله اليومى، ولذا أمرنا بها النبى، صلى الله عليه وسلم. ويقول الشيخ إبراهيم حافظ من علماء الأزهر، إن وجبة السحور تأتي في وقت تتنزل فيه الملائكة وتستغفر فيه للصائمين، ومن آداب الصيام تعجيل الفطر وتأخير السحور، والنبي، صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور)، وهناك البركة في السحور، الذي تحدث عنها النبي، صلى الله عليه وسلم، فلا يبخل الإنسان على نفسه ولو بشربة ماء في السحور حتى يلتمس هذه البركة من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن آداب الصيام أيضا عدم الإسراف في الطعام سواء في السحور أو الإفطار، لأن بعض الناس اتخذوا من رمضان شهراً تزداد فيه المصروفات ويرهقون أنفسهم ماديا في هذا الشهر، ونهى الله عن هذا الإسراف والتبذير، وأوصانا النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فقط في رمضان بل في كل الشهور في قوله صلى الله عليه وسلم : (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، وإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) ومن بركة السحور أيضاً أن الإنسان يقوم آخر الليل للذكر والدعاء والصلاة. أفضل الأوقات ويحدد الشيخ عاصم قبيصي إمام مسجد النادي الأهلي ومدير بأوقاف القاهرة أفضل وقت للسحور قائلا: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : » تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً » رواه البخاري ومسلم، وهذا الحديث يدل على أنه يستحب تأخير السحور إلى قبيل الفجر، فقد كان بين فراغ النبي صلى الله عليه وسلم ومعه زيد رضي الله عنه من سحورهما ، ودخولهما في الصلاة قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية من القرآن ، قراءة متوسطة لا سريعة ولا بطيئة ، وهذا يدل على أن وقت الصلاة قريب من وقت الإمساك، والمراد بالأذان هنا الإقامة، سميت أذاناً لأنها إعلام بالقيام إلى الصلاة، وقد ورد في صحيح البخارى أنه قيل لأنس (كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاةِ قَالَ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً)، ويجوز تعجيل السحور من منتصف الليل، لكنه خلاف السُنة، فإن السحور سمي بذلك لأنه يقع في وقت السحر وهو آخر الليل، والمسلم إذا قام بالسحور مبكرا فقد تفوته صلاة الفجر، وتأخيره رحمة بالصائم ونشاط له، لأن من مقاصده تقوية الأبدان على الصيام. ويتحقق السحور ولو بشربة ماء، فمن كان لا يأكل في ذلك الوقت، واكتفى بلقمة صغيرة أو بشربة ماء فإنه يكون قد حقق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنه ينبغي الانتهاء من هذا الطعام قبل الفجر بوقت كاف، حتى لايدخل عليه وقت الفجر فيفسد الصيام، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور) رواه الإمام أحمد.