من رحمة الله بعباده المسلمين وتخفيفا للمشقة عليهم أن أمرنا النبي، «صلى الله عليه وسلم» بوجبة السحور، ولكن هناك من يهمل هذه الوجبة وهناك من يهتم بها، وهذه الوجبة أمرنا بها الرسول «صلى الله عليه وسلم» وتكون من قبيل قول الله تعالى: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). وفي السحور استعانة على طاعة الله تعالى فى أثناء النهار من صلاة وقراءة وذكر ، فإن الجائع يكسل عن العبادة كما يكسل عن عمله اليومي وهذا محسوس ، وأكد علماء الدين أن السحور بركة وتأخيره سُنة عن النبي، «صلى الله عليه وسلم» ويتحقق ولو بشربة ماء. يقول الشيخ محمد الدومي من علماء وزارة الأوقاف: إن وجبة السحور تأتي في وقت تتنزل فيه الملائكة وتستغفر للصائمين، كما أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يتسحروا وحبب إليهم ذلك شفقة بالمسلمين وتيسيراً لأداء فريضة الصيام، فقال سيدنا رسول الله، «صلى الله عليه وسلم» (تسحروا فإن في السحور بركة)، ومن هذه البركات أن يكون الطعام هنيئا للمسلمين ميسراً لأداء الصيام، وفيه قيام ونشاط، ليؤدي المسلم صلاة الفجر، ويتحقق السحور، ولو بشربة ماء، فمن كان لا يأكل في ذلك الوقت، واكتفى بلقمة صغيرة أو بشربة ماء فإنه يكون قد حقق سنة رسول «الله صلى الله عليه وسلم» ومعلوم أنه ينبغي الانتهاء من هذا الطعام قبل الفجر بوقت كاف، حتى لايدخل عليه وقت الفجر فيفسد الصيام، ويقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (البركة في ثلاثة الجماعة، والثريد والسحور) حديث صحيح، رواه الطبراني. موضحاً أن صيام الأمم السابقة الأصل فيه أنه كان مثلما نصوم رمضان، لكن كان عهدهم كما كان في أول الإسلام يحل الطعام والشراب من بعد المغرب إلى الفجر بشرط عدم النوم، فإن نام قبل الفجر فلا يحل له الطعام، ثم يسر الله تعالى علينا وأجاز لنا أن نأكل ونشرب من المغرب إلى قبل صلاة الفجر، ثم قال (ثم أتموا الصيام إلى الليل)، وهذا من رحمة الله تعالى بنا. للسحور فوائد ويقول الشيخ أحمد تميم المراغي، من علماء وزارة الأوقاف، إن من آداب الصيام تعجيل الفطر وتأخير السحور، والنبي، صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور)، وهناك البركة في السحور، الذي تحدث عنها النبي، صلى الله عليه وسلم، فلا يبخل الإنسان على نفسه ولو بشربة ماء في السحور حتى يلتمس هذه البركة من النبي، صلى الله عليه وسلم، ومن آداب الصيام عدم الإسراف في الطعام سواء في السحور أو الإفطار، لأن بعض الناس اتخذوا من رمضان شهراً ليكون له ميزانية خاصة يرهقون فيه الدولة، ويرهقون أنفسهم، حتى أن الإعلام دائماً له دور في تطمين المواطنين في هذا الشهر ويخبرهم بوجود السلع بوفرة، وليس هناك أزمات، ورغم هذا فالمواطن لا يكون مطمئنا، فهو شهر التدبير والخير لا شهر الإسراف، لذلك أوصانا النبي، صلى الله عليه وسلم، بعدم الإسراف ليس فقط في رمضان ولكن في جميع الأحوال، فقال : (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، وإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) ومن بركة السحور أيضاً أن الإنسان يقوم آخر الليل للذكر والدعاء والصلاة وذلك مظنة الإجابة، كل هذا آداب علمها لنا النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، في رمضان وغيره، ومن صار على نهجه في هذا الأمر خاصة، لم يذهب إلى الطبيب، فالمعدة بيت الداء، ونسأل الله أن يشفي جميع مرضانا ومرضى المسلمين. أفضل وقت وأضاف: إن أفضل وقت للسحور عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً » رواه البخاري ومسلم، وهذا الحديث يدل على أنه يستحب تأخير السحور إلى قبيل الفجر، فقد كان بين فراغ النبي صلى الله عليه وسلم ومعه زيد رضي الله عنه من سحورهما ، ودخولهما في الصلاة قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية من القرآن ، قراءة متوسطة لا سريعة ولا بطيئة ، وهذا يدل على أن وقت الصلاة قريب من وقت الإمساك، والمراد بالأذان هنا الإقامة ، سميت أذاناً لأنها إعلام بالقيام إلى الصلاة ، وقد ورد في صحيح البخاري أنه قيل لأنس راوي الحديث - : كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاةِ قَالَ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً »، ويجوز تعجيل السحور من منتصف الليل، لكنه خلاف السُنة، فإن السحور سمي بذلك لأنه يقع في وقت السحر وهو آخر الليل، والمسلم إذا قام بالسحور مبكرا فقد تفوته صلاة الفجر، وتأخيره رحمة بالصائم ونشاط له، لأن من مقاصده تقوية الأبدان على الصيام.